كيف لا نحزن على فراقه، ونحن لا ندري هل نلقاه بعد عامنا هذا ؟ كيف لا نبكي عليه وهو شهر وأيّ شهر ؟!
أيّ شهر قد تـولّـى يـا عبـاد الله عنّا حُقّ أن نبكي عليه بالدّماء لـو عقـلنا
كيف لا نبكي لشهـر مـرّ بالغفلة عـنّا ثـمّ لا نـعلم أنّا قد قُبِلنا أو طُـرِدنا
كان هذا الشّهـرُ نوراً بيننا يُـزهر حُسنا فاجعل اللّهم عقباه لنا نـورا وحسـنى
إخوة الإسلام .. ما أسرعَ ما تنقضي اللّيالي والأيّام ! وما أعجلَ ما تنصرم الشّهور والأعوام ! وهكذا حال الدّنيا: سريعةُ الزّوال، قريبةُ الاضمحلال، لا يدوم لها حال، ولا يطمئنّ لها بال ..
فإنّنا منذ ساعاتٍ فحسب ودّعنا رمضان شهر الجمال والجلال، وكأنّه طيف خيال .. ما أعجلَ ما انقضى ! وما أسرعَ ما انتهى ! ولله الحمد على ما قضى وأبرم، وله الشّكر على ما أعطى وأنعم.
انطوت صحيفته، وقد ربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر،{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّـاهَا (10)} [الشّمس].
ذهب منتقلاً، وولّى مرتحلاً، فيا تُرى هل رحل حامدًا الصّنيع، أو رحل يذمّ التّفريط والتّضييع ؟
فمن أحسن فعليه بالتّمام، ومن فرَّط فليختم بالحسنى؛ فإنّ العمل بالختام.
رمضان سوق قام ثمّ انفضّ، ربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر، فما أسعد نفوسَ الفائزين ! وما ألذّ عيش المقبولين ! وما أذلّ نفوس العصاة المذنبين ! وما أقبح حال المسيئين المفرّطين !
إنّها فرحات وحسرات .. إنّها فرحات الجادّين العاملين، وحسرات المفرّطين الخاملين، فيا ربّ تقبّل حسنات المحسنين، وتجاوز عن سّيئات المسيئين.
من كان من العاملين المجدّين فهو السّعيد، وحقّ له أن يفرح بالعيد ..
فليس العيد لمن لبس الجديد، ولكنّ العيد لمن طاعته تزيد ..
ليس العيد لمن تجمّل باللّباس والمركوب، ولكنّ العيد لمن غُفِرت له الذّنوب ..
ما عيدك الفخم إلا يومَ يغفر لك *** لا أن تجـرَّ بـه مستكبـراً حُلَلَـك
كم من جديد ثيابٍ دينُـه خلِقٌ *** تكاد تلعنه الأقطار حيث سـلَــك
ومن مرقّـع الأطمـار ذي ورَعٍ *** بكت عليه السّما والأرضُ حين هلك
ولن ينفع المفرِّطَ بكاؤه، فقد عظمت مصيبته وجلّ عزاؤه .. فكم نُصِح المسكين فما قبل النّصح ! ودُعِي إلى أن يصالح ربّه فما أجاب الصّلح !
كم شاهد الوافدين إلى الله وهو متباعد ! كم سمع بكاء الباكين وهو قاعد .. حتّى إذا ضاق به الوقت، وحاق به المقت، ندم حين لا ينفع النّدم، وطلب الاستدراك في العدم.
كان عليّ بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما يَخرُجان ليلة العيد فيناديان في النّاس:" ليت شعري، من هذا المقبول فنهنّيَه ؟! ومن ذا المخذول فنعزّيَه !؟ وزاد ابن مسعود: أيّها المقبول هنيئاً لك ! وأيّها المحروم جبر الله مصيبتك !
أيّها الأحبّة في الله .. إنّ في الجَعبة كثيرا ممّا يقال، ولو سردناه لشقّ عليكم المقام وطال .. ولكن حسبنا اليوم أن ننادي قلوبكم، الّتي نسأل الله تعالى أن يَغمُرها بحبّه، ولذّةِ الأنسِ بقربه، نناديها ونقف معها أمام وصيّة جامعة لعلّها تكون نافعة ألا وهي:
عليكم بشكر الله تعالى .. فإنّ اليوم يوم الشّكر ..
نعم أيّها المؤمنون .. فإنّنا نحمد الله حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه على أن شرع لعباده مواسم الفرح والسّرور .. نحمده سبحانه الّذي دعانا إلى أيّام البهجة والحبور.
ولكنّ الفرح لا يعني أبدا الغفلةَ عن الله، أو نسيان ذكر الله، فإنّ الله ما شرع العيد إلاّ لذكره، وعبادته وشكره ..
وتأمّل قول الله تعالى بعد آيات الصّيام:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: من الآية185].. لذلك لا ينبغي للمسلم أن يغفُل عن أعمال جليلة تكون له ذخرا، وتزيده أجرا، وقد قال تعالى:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرا} [سـبأ: من الآية13].
1- أوّل مظاهر الشّكر: هو الاعتراف بالنّعمة ..
فإذا كان الّذي لا يشكر النّاس لم يشكر الله، فكيف بمن لا يشكر الله تعالى ؟ وهو القائل:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)} [البقرة].
فنحمده سبحانه وتعالى على نعمة الإيمان، وعلى منّة الإسلام .. الحمد لله الّذي تتمّ بنعمته الصّالحات، وبحوله وقوّته يتقرّب إليه بالطّاعات..
الحمد لله على حلاوة الإيمان، وعلى أن وفّق عباده إلى البرّ والإحسان .. فلو اجتمع أهل الأرض جميعُهم على أن يشكروا ذرّةً من آلائه، ومثقالَ حبّةٍ من خردل من نعمائِه، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
فأعظم نعمة على الإطلاق هو أن يوفّقك الله تعالى إلى الإسلام، والإسلام هو: الانقياد إليه، والإقبال عليه، والمثول بين يديه ..
كيف لا {وَللهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ} [الرّعد: 15]..
كيف لا وهو تعالى:{يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} [الحجّ: 18].
ومن محاسن ما يُذكر من أخبار التّائبين الّذين عرفوا معنى الإسلام، وحقيقة الإسلام، ما حكاه عبد الله بن الفرج العابد:
" أنّه كان بالموصِل رجلٌ نصرانيّ يكنّى أبا إسماعيل، فمرّ ذات ليلة برجل وهو يتهجّد على سطحه، وهو يقرأ:{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} ؟!
قال: فصرخ أبو إسماعيل صرخةً غُشِي عليه، فلم يزل على حاله تلك حتّى أصبح، فلمّا أصبح أسلم، ثم أتى فتحاً الموصليّ، فاستأذنه في صُحبته، فكان يصحبه ويخدُمه، قال: فبكى أبو إسماعيل حتّى ذهبت إحدى عينيه وعَشِي من الأخرى ".
ثمّ نحمدُه سبحانه وتعالى على ما أنعم به على كثير من شباب هذه الأمّة بالهداية، وجنّبهم سبل الضّلال والغواية، فعادوا إلى رحاب الله الواحد، وعمّروا الجوامع والمساجد، فحرَصوا على الصّيام والقيام، وتلاوة كلام الرّحمن، ممّا أثلج صدور المؤمنين، وشحذ همم الدّعاة العاملين.
وهذا الّذي أقلق مضاجع الملحدين والمعاندين، وهزّ عروش الكافرين والمنافقين .. فمع كلّ ما يبذلونه ويعرضونه، يَرَوْن أعلامَ الإسلام خفّاقة، ونجوم السنّة برّاقة.
صبحٌ تنفّس بالضّيـاء وأشرقـا *** والصّحـوة الكبـرى تدكُّ الخندقا
وشبيبة الإسـلام تراها فيلقـا *** فـي سـاحة الهيجـاء يتبع فيلَقَـا
وما أمر صحوتهم وشعلة نورهم *** سوى وعـدٍ من الله الجليلِ تحقَّقَـا
فجرٌ تدفّق، من سيحبس نـوره *** أرِني يـدا سـدّت علينا المشرقـا
2- ومن مظاهر الشّكر: ألاّ تبطلوا أعمالكم ! ولا ترتدّوا على أدباركم ..
أيّها المؤمنون..! يا من استجبتم إلى نداء الله تعالى بالتّوبة والإنابة إليه .. يا من أسرعتم إلى الرّحمن بالإقبال عليه .. يا من استجبت إلى الله عزّ وجلّ يوم سمعته يقول:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} [الزّمر:54]..
يا من أجبت دعوته يوم دعاك قائلا:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: من الآية31]..
لقد قلتم وجهرتم بقولكم: ربّنا الله ! فاستقيموا على تقواه، وإليكم وعده وبشراه:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)} [فصّلت].
فاثبتُوا على الطّاعة، واثبتوا على الهداية ..
فإنّكم كلَّكم في هذا الشّهر المبارك - ولله الحمد - صلّى وصام، وقرأ القرآن وقام، وأعطى الفقراء وتصدّق على المساكين والأيتام، وغضّ البصر عن الحرام، وغير ذلك من المعاصي والآثام ..
فليس هذا إلاّ بناءً قد بنيناه، وغزلا قد غزلناه، أفيعقل بعد كلّ هذا أن يُهدم البناء ؟
يقول الله تعالى:{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً} [النّحل من:92]
والمعنى: (لا تكونوا كالّتي نقضت) أي مثل تلك المرأة الحمقاء الّتي يضرب بها المثل في الحمق؛ ذلك لأنّها (نقضت) أي: أفسدت (غزلها) ما غزلته (من بعد قوّة) أي بعد جهد جهيد، وإحكام شديد (أنكاثا) وهي العُقد جعلتها منكوثة أي: محلولة بعد عقد وإحكام.
إنّ عمل المؤمن لا ينقضي أبدا .. بل يسأل الله له عونا ومددا .. فتضرّعوا إلى الله سائلين متوسّلين، وارجوه رجاء المؤمنين المتضرّعين:{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}.
ولا أجد إلاّ أن أذكّرك بأمرين اثنين، كي تثبت على الهداية، وتحرص على الاستقامة:
أوّلهما: أنّ العلماء قرّروا، وفي مصنّفاتهم قد سطّروا، أنّ من علامات قبول الأعمال الصّالحات، الاستمرار والدّوام عليها إلى الممات .. إذ الأعمال بالخواتيم ..
وإليكم هذا الحديث الذي بكى له الصّالحون، وناح له المتّقون، وهو ما رواه البخاري ومسلم عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: حدّثَنَا رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ: (( وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا ! وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا ))..
ثانيا: اعلم أنّه من كان رمضانيّا فإنّ رمضان قد مات .. ومن كان ربّانيا فإنّ الله حيّ لا يموت ..
أقول ذلك أيّها المؤمنون ! لأنّنا كثيرا ما نحفظ نداء الملك كلّ ليلة من ليالي شهر رمضان قائلا: (( يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ ! وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ )).
فاعلموا أنّ الله هو نفسه ينادي كلّ ليلةٍ من ليالي السّنةِ كلِّها عبادَه ليرجعوا إليه، ويقبلوا عليه: روى مسلم عن أبي هريرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ، يَنْزِلُ اللهُ تبارك وتعالى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى ؟! هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ ؟! هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ ؟! حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ ))..
وما أحسن ما ذكره المقدسيّ رحمه الله في " كتاب التوّابين " عن عبد الواحد بن زيد قال:
كنت في مركب، فطرحتنا الرّيح إلى جزيرة، وإذا فيها رجل يعبد صنماً، فقلنا له: يا رجل، من تعبد ؟
فأومأ إلى الصّنم، فقلنا: إنّ معنا في المركب من يصنع مثل هذا، وليس هذا إله يعبد.
قال: فأنتم من تعبدون ؟ قلنا: الله.. قال: وما الله ؟
قلنا: الّذي في السّماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي الأحياء والأموات قضاؤه.
فقال: كيف علمتم به ؟
قلنا: وجّه إلينا هذا الملِك رسولاً كريماً، فأخبر بذلك.
قال: فما فعل الرّسول ؟
قلنا: أدّى الرسالة، ثمّ قبضه الله.
قال: فما ترك عندكم علامة ؟
قلنا: بلى، ترك عندنا كتاب الملك.
فقال: أروني كتاب الملك، فينبغي أن تكون كتب الملوك حساناً.
فأتيناه بالمصحف، فقال: ما أعرف هذا.
فقرأنا عليه سورة من القرآن، فلم نزل نقرأ وهو يبكي، حتّى ختمنا السّورة.
فقال: لا ينبغي لصاحب هذا الكلام أن يُعْصى.
ثمّ أسلم، وحملناه معنا، وعلّمناه شرائع الإسلام، وسوراً من القرآن، وأخذناه معنا في السّفينة، فلمّا سِرنا وأظلم علينا اللّيل، أخذنا مضاجعنا، فقال لنا:
يا قوم، هذا الإله الّذي دللتموني عليه، إذا أظلم اللّيل هل ينام ؟
قلنا: لا يا عبد الله، هو عظيم قيّوم لا ينام.
فقال: بئس العبيد أنتم، تنامون ومولاكم لا ينام ؟! ثمّ أخذ في التعبّد، وتركَنا.
فلمّا وصلنا بلدنا، قلت لأصحابي: هذا قريب عهد بالإسلام وغريب في البلد، فجمعنا له دراهم وأعطيناه، فقال: ما هذا؟
قلنا: تنفقها في حوائجك.
فقال: لا إله إلا الله، أنا كنت في جزائر البحر، أعبد صنماً من دونه ولم يضيّعني، أفيضيّعُني وأنا أعرفه !
ومضى يتكسّب لنفسه، وكان بعدها من كبار الصّالحين.
ومن محاسن القصص أيضا، أنّ رجلا من الصّالحين باع جارية لأحد النّاس .. فلمّا أقبل رمضان أخذ سيّدها الجديدُ يتهيّأ بألوان الطّعام .. فقالت الجارية : لماذا تصنعون ذلك ؟ قالوا : لاستقبال الصّيام في شهر رمضان .. فقالت : وأنتم لا تصومون إلاّ في رمضان ؟! والله لقد جئت من عند قوم السّنة عندهم كلّها رمضان .. لا حاجة لي فيكم .. رُدُّوني إليهم.. ورجعت إلى سيّدِها الأوّل.
3- ومن مظاهر الشّكر أيضا: الصّـلـة بين المتقاطعَين ..
فإنّ الشّيطان إذا أيس من قوم أوقع بينهم العداوة والبغضاء، والحقد والشّحناء، وليس شيء تقرّ به عين الشّيطان بعد الشّرك بالله مثل الهجر والقطيعة ..
- فإلى كلّ قاطع رحم .. استمع ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال:
(( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتْ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ ! قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ ! قَالَ: فَهُوَ لَكِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)} [محمّد].
واستمع إلى ما رواه مسلم عن جبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ )).
- وإلى كلّ متهاجرين: ما رواه مسلم عن أبي هريْرَةَ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا )).
وفي الصّحيحين عن أنسِ بنِ مالِكٍ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ )).
أمّا من هجر أخاه سنة، فإليه:
ما رواه أبو داود عن أبي خرَاشٍ السُّلمِيِّ رضي الله عنه أنّهُ سمعَ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ: (( مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ )).
وإنّ من محاسن العيد أنّه شعيرة تتجلّى فيها مظاهر العبودية لله، وفي الوقت نفسه تراه مظاهر للحبّ والمؤاخاة في الله، فالجميع أيْدٍ تتصافح وقلوب تتآلف، وأرواح تتفادى، ورؤوس تتعانق .. تتألّق على شفاههم الابتسامة الصّادقة، وتلهج ألسنتهم بالكلمة الطيّبة والتّهنئة العطرة، ودّ وصفاء .. أخوّة ووفاء .. لقاءات تغمرها حرارة الشوق والمحبة والنقاء.
إنّ هـذا العيـد جـاء *** ناشـراً فـيـنا الإخـاء
نازعاً أشجـار حـقـد *** مصلحاً مـهـدي الصفاء
فلا تُبطلوا هذه المعاني السّامية، بتفاهات نابية، وقلوب قاسية، ارتفعوا إلى تلكم القمم الشّامخة العالية، التي ترفرف عليها راية:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: من الآية: 54].
أيهجـر مسلم فينا أخاه *** سنيناً لا يـمدّ له يمينه
أيهجره لأجل حطام دنيا *** أيهجره على نتف لعينه
ألا أين السماحة والتآخي *** وأين عرى أُخوتنا المتينه
علام نسد أبواب التآخي *** ونسكن قاع أحقاد دفينه
ألا فاعلموا أنّ الصّلة: صلة الأرحام أو صلة الإخوان من شعائر الإسلام، شرعها الله في كلّ وقت سائر الأيّام، إلاّ أنّ علماءنا الأعلام يستحبّونها في مثل هذه المواسم؛ لأنّ النّفوس تكون مهيّأة للعفو والصّفح، والرّجوع إلى الصّلح، فتذوب كثير من أغلالها، وتلك نفحة لا بدّ من استغلالها.
4- ومن مظاهر الشّكر أيضا: الدّعاء للمسلمين !
اشكروا الله العليّ الغفّار، على ما حباكم به من نعمة الأمن والاستقرار، وتذكّروا ببهجتكم وسروركم في هذا اليوم المبارك المُعوِزِين والمضطهدين في بعض الأقطار، من إخوانكم المسلمين الذين تعلو وجوههم الكآبة والحزن، وترجف قلوبهم من الخوف وقلّة الأمن.
إنّهم في مثل هذا الوقت يعانون من مطاردة أعدائهم أعداء الإسلام بالقنابل المحرقة، والأسلحة الفتّاكة الممزّقة:{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ}.
فهذا شهيد .. وذاك جريح .. وآخر أسير .. فأيّموا النّساء، ويتّموا الأطفال، وشتّتوا الأسر، وفرّقوا بين الأمّهات وأطفالهنّ ؟!
يقول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: (( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ))..
تذكّروا إخوانكم في تلك البقاع لا أقول بجمع التبرّعات لهم فقد أضحت أيدينا مغلولة .. ولا بإعداد جيش فقد أصبحت أيدينا مشلولة .. ولكن بدعوة خالصة عساها تكون مقبولة .. روى الطّبرانيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( أَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِل بِالسَّلاَمِ، وأَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعَاءِ ))..
(( فاللَّهُمَّ إِنَّهُمْ حُفَاةٌ فَاحْمِلْهُمْ .. اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ عُرَاةٌ فَاكْسُهُمْ .. اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ جِيَاعٌ فَأَشْبِعْهُمْ )).
اللّهمّ قد نسيهم الإخوان، وهجرتهم البلدان، وليس لهم إلاّ أنت يا واحد يا ديّان ..
ونختم خطبتنا هذه بـ:
كلمة إلى المرأة ..
فلا ننسى أبدا أخواتنا المسلمات .. اللاّء هُنّ على الجمر قابضات .. لَكُنَّ علينا حقُّ التّواصي بالحقّ، والتّواصي بالصّبر ..
أمّا الحقّ الذي أوصيك به فهو: أن تُكْثِري من الصّدقة هذا اليوم، ولا تنتظري زوجا إن كنت زوجة، ولا أبا إن كنت بنتا، ولا أخا إن كنت أختا، بل عليك أن تتصدّقي من مالك، فهو أصلح لحالك.
فقد كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحضّ النّساء على الصّدقة أيّام العيد، ويقول: (( تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ )) !.
ولم يجد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما يذكره من العيوب إلاّ أنّهن يكفرن العشير، ويُكثِرن اللّعن .. فما بالكنّ بنساء زماننا ؟!
أمّا الصّبر .. فاصبري على العفاف والإِباء.. واثبتي على التّقوى والحياء ..
أختاه يا بنت الجزائـر تحشّـمي *** لا ترفعي عنك الحياء فتندمـي
لا تُعرِضي عن هدي ربّك ساعة *** عَضّي عليه مدى الحياة لتغنمي
ودَعي هراء القائلين سفـاهـة *** إنّ التقدّم في السّفور الأعجميّ
حُلل التبرّج إن أردتِ رخيصـة *** أمّا العفـاف فدونه سفك الدّم
إليك يا بنت الجزائر .. إليك من نبيّك صلّى الله عليه وسلّم أحلى البشائر .. إلى الّتي تصمُد أمام هجمات الملحدين .. إلى الّتي تصفع بالتزامها كلّ يوم المنافقين .. إلى الّتي تعضّ على حيائها وعفّتها بالنّواجذ .. إلى تلكم القلعة الشّامخة أمام طوفان الباطل .. إليها قول نبيّها صلّى الله عليه وسلّم وكأنّه الآن أمامها:
(( إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ )) قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ ؟ قَالَ: (( بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ )) ..
(( بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ! الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ ))..
إلى الصّابرين والصّابرات .. إلى العفيفين والعفيفات .. إلى الحافظين فروجهم والحافظات .. إلى الذّاكرين الله كثيرا والذّاكرات .. تحيّة من الملك العليّ الغفّار ..{سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:24]..
تذكير بأيّام شوّال ..
وأخيرا..ألا فاجبُروا طاعتكم ! فإنّ عبادتنا قد أصابتها الجراح، وما أنزل الله من داء إلاّ وأنزل له الدّواء، ودواء الفرائض ما شرعه الله لنا من النّوافل.
فإنّ نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم قد ندبكم لصيام ستّة أيّام من شوّال، روى مسلم عن أبي أيّوب رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ )).
فبادروا إلى فعل الطّاعات، وتسابقوا إلى الخيرات ..
فما بقي إلاّ أن أنادي من أمرنا بندائه، وحضّنا على دعائه.. رافعا إليه أكفّ الضّراعة، متوسّلا إليه بحبّي واتّباعي سبيل صاحب الوسيلة والشّفاعة:
{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}، {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}.
اللهمّ إنّك تسمع كلامنا، وترى مكاننا، وتعلم سرّنا وعلانيتنا، ولا يخفى عليك شيء من أمرنا .. نحن البؤساء الفقراء .. المستغيثون المستجيرون .. الخائفون المشفقون:
نسألك اللهمّ ربّنا سؤال المساكين، ونبتهل إليك ابتهال المذنبين، وندعوك دعاء المخبتين، دعاء من خضعت لك رقابهم، وذلّت لك أجسامهم، ورغمت لك أنوفهم .. اللهم تقبل في هذا اليوم توبتنا، وامح الله حوبتنا، وثبّت اللهمّ حجّتنا، واهدِ قلوبنا، وسدّد ألسنتنا، واسلل سخيمة صدورنا، واعتق رقابنا من النّار يا عزيز يا غفّار ..
اللهمّ إنّا توجّهنا إليك بضعفنا وفقرنا وحالنا، فارحمنا برحمتك يا أرحم الرّاحمين .. اللهمّ لا نغادر مقامنا هذا إلاّ قلت قوموا مغفورا لكم، أنت وليّ ذلك والقادر عليه..
لبّيك وسعديك .. والخير كلّه في يديك .. والشرّ ليس إليك .. ونحن بك وإليك ..اللهمّ ارفع مقتك وغضبك عنّا..اللهمّ لا تؤاخذنا بما فعل السّفهاء منّا..
لا إله لنا سواك فندعوه .. ولاربّ لنا غيرك فنرجوه .. فيا منقذ الغرقى، ويا منجي الهلكى .. يا سامعا كلّ نجوى.يا عالما بكلّ شكوى .. يا عظيم الإحسان .. يا دائم المعروف .. يا واسع الجود .. يا مغيث أغثنا ..
اللهمّ وفّق ولاة أمورنا لما تحبّه وترضاه، وارزقهم بطانة خير تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر.. اللهمّ خذ بأيديهم إليك ودلّهم بك عليك ..
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين....
اللهم يا كاشفَ كلَ ضرٍ وبلية، ويا عالمَ كلَ سرٍ وخفية، نسألُك فرجا قريبا للمسلمين، وصبرا جميلا للمستضعفين، الَّلهُمَّ ارحَمِ المُستَضْعَفينَ المُسلِمِينَ في كُلِّ مَكَان، الَّلهُمَّ كُنْ نَاصِرَاً لَهُمْ يَوْمَ تَخَلَّى عَنْهُمُ النَّاصِرُ، وكُنْ مُعِينَاً لَهُم يَومَ تَخَلَّى عَنْهُمُ المُعينُ، الَّلهم ارحمِ الأطفالَ اليَتَامى والنِّساءَ الثَّكَالَى، وذِي الشَّيبَةِ الكَبِير.
اللهمّ أنت القائل وقولك الحقّ:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، فها نحن قد دعوناك كما أمرتنا، فاستجب لنا كما وعدتنا.
ألا وصلّوا - عباد الله - على خير البريّة أجمعين، ورسول ربّ العالمين، نبيّ الهدى، والرّسول المجتبى، فقد أمركم مولاكم بذلك في كتابه، ومحكم خطابه،{إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}..
اللّهم صلّ وسلّم على محمّد، وعلى آله الأطهار، وصحابته المهاجرين منهم والأنصار، وارض اللّهم عن الخلفاء الرّاشدين، والأئمّة المهديّين، الّذين قضوا بالحقّ وبه كانوا يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وعن العشرة المفضّلين، وأهل بدر وأصحاب الشّجرة المرضيّين، والتّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدّين.
سُبحَانَكَ الَّلهُمَّ وبحمدِكَ أَشهَدُ ألا إلهَ إَلا أَنتَ أَستَغْفِرُكَ وأَتوبُ إلَيكَ ، وصلّ اللهمّ وسلّم وبارك على محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم .. وتقبّل الله طاعتكم.. وتقبّل الله منّا ومنكم ..
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..