الأحد 07 رمضان 1432 هـ الموافق لـ: 07 أوت 2011 14:18

143- حكم الخلّ

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

نصّ السّؤال:

السّلام عليكم ورحمة الله ... لقد اختلط عليّ الأمر فيما يخصّ الخلّ وما يجوز منه، فالرّجاء أن توضّحوا لنا حكمه، وجزاكم الله خير الجزاء

نصّ الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته، أمّا بعد:

فقد أجمع العلماء على إباحة الخلّ؛ وذلك لما رواه مسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( نِعْمَ الْأُدُمُ - أَوْ الْإِدَامُ - الْخَلُّ )).

وروى مسلم أيضا عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما أنّ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم سأَلَ أَهْلَهُ الْأُدُمَ، فَقَالُوا: مَا عِنْدَنَا إِلَّا خَلٌّ، فَدَعَا بِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ بِهِ وَيَقُولُ: (( نِعْمَ الْأُدُمُ الْخَلُّ ! نِعْمَ الْأُدُمُ الْخَلُّ )).

قال جابرٌ رضي الله عنه: فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم.

وإنّ العادة أنّ العصير لكي يصير خلاّ فإنّه لا بدّ أن يمرّ بطور الخمر، ولا يمكن للمسلم أن يقتنِي خمرا ليتّخذها خلاّ.

فكيف يمكنه أن يقتنِي الخلّ ؟

فاعلم أنّه يمكنه ذلك بأحد الأوجه التّالية:

الأوّل: شراؤها من الكفّار، لذلك روى أشهب عن مالك رحمه الله: إذا خلّل النّصرانيّ خمرا فلا بأس بأكله.

الثّاني: أن تتخلّل وحدها دون قصد، وهو قول عمر رضي الله عنه، وقبيصة، وابن شهاب، وربيعة، ومالك، والشّافعيّ - في قول -، وهو ما جرى عليه محقّقو الشّافعيّة. بل نقل ابن تيمية رحمه الله اتّفاق العلماء عليه كما سيأتي نقله.

الثّالث: تخليلها بوضْعِ بعض الخلّ أو الملح ونحوهِما عليها، وكذا الموادّ الكيمياويّة الحديثة، فتتحوّل كلّها إلى خلٍّ، وهذه حلال بالإجماع.

أمّا اقتناء الخمر لتخليلها فلا يباح بحال، والأدلّة على تحريم اقتناء الخمر لاتّخاذها خلاّ ما يلي:

- ما رواه مسلم عن أنسٍ رضي الله عنه أنّ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم سُئِلَ عَنْ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا ؟ فَقَالَ: (( لَا )).

- وما رواه أبو داود وأحمد عن أنسٍ رضي الله عنه أنّ أبَا طلْحةَ رضي الله عنه سَأَلَ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا ؟ قَالَ: (( أَهْرِقْهَا )) قَالَ: أَفَلَا أَجْعَلُهَا خَلًّا ؟ قَالَ: (( لَا )).

ووجه الدّلالة من وجهين:

أ) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أطلق الحكم ولم يُرخِّص في اتّخاذها خلاّ، والخلّ مال، وقد نهى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن إضاعة المال.

ب) وأطلق النّهي ولو كانت في ذلك مصلحةٌ لأيتام.

وإذا اقتنَى المسلم خمرا واتّخذها خلاًّ، فإنّ هذا الخلّ لا يباح، وحكمه حكم الخمر في الحرمة، بل من قال بنجاسة الخمر حكم بنجاسة الخلّ في هذه الحالة.

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى - كما في " مجموع الفتاوى " (21/481) -:

" واتّفقوا على أنّ الخمر إذا انقلبت بفعل الله بدون قصد صاحبها، وصارت خلاًّ أنّها تطهر، ولهم فيها إذا قصد التّخليل نزاع و تفصيل، والصّحيح أنّه إذا قصد تخليلها لا تطهر بحال، كما ثبت ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ لما صحّ من نهي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن تخليلها، ولأنّ حبسها معصية، والطّهارة نعمة، والمعصية لا تكون سبباً للنّعمة " اهـ.

والله تعالى أعلم.

أخر تعديل في الأحد 07 رمضان 1432 هـ الموافق لـ: 07 أوت 2011 14:36
عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي