الاثنين 23 شوال 1433 هـ الموافق لـ: 10 سبتمبر 2012 16:16

144- كيف التّوفيق بين حسن معاملة الكافر، والبراءة منه

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

نصّ السّؤال: 

أوّلا: لي أصدقاء في إسبانيا، ليسوا مسلمين، وأنا أبادلهم الصّداقة، فما حكم ذلك ؟ لأنّني رأيت من حرّم ذلك. وأنا أعرف أنّه يجوز الزّواج بالكتابيّات، والزّواج لا بدّ له من حبّ.

ثانيا: حكم تحيّتهم والبشاشة معهم.

نصّ الجواب:

 

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فلا بدّ - أخي الكريم - قبل كلّ شيء، أن نسأل عن حكم مصادقة المسلم الفاسق ؟ وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( المَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ )). وقال صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ تُصَاحِبْ إلاَّ مُؤْمِناً، ولا يأكُل طعامَك إلاًّ تقِيّ )).

فإذا كان الجواب: يجوز معاملة المسلم الفاسق المعاملة الحسنة: التّسليم عليه، وعيادته إذا مرِض لتذكيره بالله، وإعانته في المعروف، دون الاحتكاك به ومخالطته ومصاحبته.

فالجواب هو نفسه فيما يتعلّق بالكافر، فإنّه يُعامل بالحُسْنَى، من ردّ التحيّة عليه، والسّؤال عن حاله، وإعانته في المعروف، ودعوته إلى الحقّ، دون مخالطته بمؤاكلته في البيت، والسّفر معه، ونحو ذلك ممّا قد يؤثّر سلبا على دين المسلم.

- أمّا محبّةُ المسلم لزوجته الكتابيّة، فاعلم أنّ ذلك لا يُعارض وجوب البراءة من أهل الكتاب، وذلك من وجوه:

أ) أنّ المحبّة المنهيّ عنها لأهل الكتاب هي المحبّة الدّينية:

كأن يحبّها لدينها، وعاداتها الّتي تخالف شريعة الإسلام، وربّما فضّلها على المسلمات ! فهذا هو المحرّم.

أمّا الّذي أذِن الله عزّ وجلّ فيه فهو المحبّة الطّبيعية الّتي لا تدخل في المحبّة المنهيّ عنها.

ب) إنّ حكم امرأته الكتابيّة الّتي أحلّها الله له، كحكم أمّه وأبيه وأقاربه المشركين، الّذين قال الله تعالى في شأنهم:{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)} [الممتحنة].

والبرّ هنا هو الصّلة الدنيوية.

ج) ثمّ اعلم أنّ الأصل في المسلم الّذي يتزوّج الكتابية، أن يجتهد في دعوتها إلى الإسلام، لأنّ من أهمّ أهداف إباحتها له: أن يُرغِّبها في الإسلام، لتدخل فيه، كما قال علاء الدين الكاسانيّ رحمه الله:

" فكان في نكاحه إياها رجاء إسلامها، فيجوز نكاحها لهذه العاقبة الحميدة، بخلاف المشركة .. " [بدائع الصنائع (3/1414) وراجع " حاشية منهاج النووي " (3/187)].

والله أعلم وأعزّ وأكرم.

أخر تعديل في الأحد 07 ذو القعدة 1433 هـ الموافق لـ: 23 سبتمبر 2012 11:07
عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي