الاثنين 07 شوال 1432 هـ الموافق لـ: 05 سبتمبر 2011 10:26

155- هل تتزوّج منه دون رضا والدته ؟

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

نصّ السّؤال:

تقدّم شخص إلى خطبتي، ولقد رضي كلّ منّا بدين وخلق الآخر، وتمّ إجراءُ العقد بيننا، غيرَ أنّ والدتَه لم توافِق على هذا الزّواج إلاّ بشرطِ أن يقَامَ العرسُ على الغناء والمعازف ! والتّصوير وغير ذلك ... وهي مصرّة على موقفها، وقد حاولنا إقناعها بخطئها، ولكن دون جدوى.

وهي مريضة نخشى أن يصيبها مكروه إن ظلّت على حزنها وغضبها ! وفي الوقت نفسه لقد أعلنّا وقت الزّفاف، وقمنا بدعوة النّاس !

فما العمل جزاكم الله خيرا ؟

نصّ الجواب:

 

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فجوابي - حفظني الله وإيّاك - عن سؤالك من ناحيتين: من النّاحية الفقهيّة البحتة، ثمّ من النّاحية الواقعيّة.

أوّلا: أمّا من النّاحية الفقهيّة: 

فهذه الأمّ لا بدّ من اتّباع الخطوات التّالية معها:

1- الدّعاء لها بالهداية في كلّ صلاة، مع اغتنام أوقات الإجابة.

فإنّ الله تعالى هو القائل:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ اللهَ حَيِىٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحِى إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ )). وقال: (( إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أَصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ )).  

2- لا بدّ من إقناعها بالحكمة والموعظة الحسنة، فيُؤتَى إليها بالحُكماء من أهلها، أو ممّن لكلمتهم أثرٌ على النّفوس، فيُقنعوها بالصّواب، ويبيِّنوا لها خطأها في هذا الباب.

3- فإن اقتنعت واهتَدَت إلى الصّواب، فـ:{ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ}، وإلاّ فليس للابنِ طاعتُها في تأخير زواجِه من أجل تحقيق شهواتِها ونزواتِها، وليَجعَل شعارَه ودِثارَه قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ طَاعَةَ لِمَخْلوقٍ في مَعْصِيَةِ الخَالِقِ )).

وقد روى التّرمذي عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالت: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ: (( مَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ )).

4- فإن ازداد مرضُها أو تسبّب حزنها في حدوث مكروه، فإنّكما لن تكونا أنتما السّببَ في ذلك، بل هي الجانيةُ على نفسها، {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الأنعام:164].

5- وإن رغِب زوجُك في أن يطلّق بفسخ العقد، لئلاّ يقع بين المطرقة والسّندان، فكِلِي أمرَك إلى الله عزّ وجلّ.

وأظنّك قد استخَرتِ الله تعالى في زواجك منه، فاعلمي أنّ هذا التّعسير من ثمرات الاستخارة؛ إذْ كان من دعائك فيها: (( وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ )).

أمّا تحضيرك للوازِم العُرس، وإعلانُك للنّاس بموعد زفافك، فهي مفسدة خفيفة، لا تزِنُ شيئا أمام المفاسد الّتي تحدُث من زواجك على شروط الوالدة.

ثانيا: من النّاحية الواقعيّة ( فهي مجرّد نصيحة ):

فإذا ثبّتك الله على طاعته، وعزم زوجك على عدم الاعتداد برضا والدته، فأنصحك أن لا تتزوّجي من غير رضاها، وخاصّةً إذا كنتِ ستعيشين معها تحت سقفِ بيتٍ واحد؛ لما في ذلك من المفاسد الّتي لا تخفى على أحد، منها:

أ) ضياع الحكمة من الزّواج، ألا وهو تحقيق السّكينة، فتتحوّل حياتك إلى لهيب مستعر.

ب) حتّى لو كنتِ ستعيشين مع زوجك ببيتٍ مستقلّ عن والدته، فإنّ عدم رضا والدته سيبْقَى غصّةً في حلقِك وحلقِه.

ج) إنّه ستمرّ بالرّجل حالةَ ضعْف، فكثيرا ما يصبّ الزوج جامَّ غضبه على المرأة الّتي كانت سببا في بُعده عن والدته !

د) وإنّ ذلك ممّا يسبّب قطعَ الرّحم الّتي أمر الله بوصلها.

لذلك، إمّا أن تُصلِحي الأمر من الآن مع والدته، أو تطلبي الخير من باب آخر.

والله تعالى الموفّق لا ربّ سواه.

أخر تعديل في الاثنين 07 شوال 1432 هـ الموافق لـ: 05 سبتمبر 2011 11:54
عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي