الاثنين 25 ربيع الأول 1432 هـ الموافق لـ: 28 فيفري 2011 12:57

80- هل تثبت صفة التردّد لله سبحانه ؟

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

نصّ السّؤال:

جاء في صحيح البخاري في الحديث القدسي: (( وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ ))، كيف يوصف الله بالتردّد ؟

نصّ الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فهذا الحديث العظيم كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" أشرف حديث روي في صفة الأولياء "، وللأسف الشّديد ردّه بعضهم، بحجّة أنّ الله تعالى لا يوصف بالتردّد، وقالوا: إنّ الذي يوصف بالتردّد إنّما هو من لا يعلم العواقب، والله تعالى منزّه عن ذلك.

والجواب عن هذا من وجهين اثنين:

- الأوّل: لا يكون ما وصف الله سبحانه به نفسه، بمنزلة ما يوصف به المخلوق، ونظائر ذلك كثيرة في الكتاب والسنّة. فصفة التكبّر تثبت لله تعالى وتكون كمالا في حقّه، وهي في المخلوق نقص وذمّ، فليُقَس على هذا نصوص الصّفات جميعها.

وما تطرّق الوهم والخطأ لدى كثير من المتكلّمين إلاّ من قياسهم الخالق على المخلوق، فما وقعوا في التّعطيل حتّى وقعوا في التّشبيه والتّمثيل.

- الثّاني: التردّد لا يكون دائما لعدم العلم بالعواقب، بل يكون أحيانا لما في الفعلين من المصالح والمفاسد، وهو ما يسمّى بتقابل الإرادتين.

فالله سبحانه وتعالى قد قضى بالموت، فكلّ ما قضى به فقد أراده، ومع ذلك هو كاره لمساءة عبده، ولا يريد له المساءة، فتقابلت الإرادتان، ويعبّر عنها بالتردّد.

[انظر " الرّسالة المدنيّة " لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، و"مجموع الفتاوى" (18/129)].

والله تعالى أعلم وأعزّ وأكرم.

أخر تعديل في الاثنين 25 ربيع الأول 1432 هـ الموافق لـ: 28 فيفري 2011 12:59
عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي