تفسير سورة الأنعام 21:
قال تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)}
- بعد تذكيرهم بآيات الله عزّ وجلّ، وأنذرهم بتوقع العذاب، ذكر لهم ألوانا من العذاب حلّت بالأمم قبلهم (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) .
- قال تعالى: (وَلَقَدْ) للتوكيد، كأنّهم ينكرون أنّ الله أرسل العذاب على من كذّب من الأمم من قبلهم، فأنزلهم منزلة المُنكِر لأنّهم أنكروا ذلك بأفعالهم.
- أتى بالفاء في قوله تعالى (فَأَخَذْنَاهُمْ) ليدّل على أنّ الرّسل شهدوا عذاب من كذّبهم من أقوامهم.
- (فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ) أي الجوع، ويطلق على الحرب(وَالضَّرَّاءِ) أي الأمراض (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) أي لعلهم يرجعون إلى الله ويتوبون إليه.
- (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) لم يعد فيها شيء يدعوهم للاستجابة.
- لماذا ؟ (وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) يوحي إليهم بالتأويلات الفاسدة، وبهذا لا يرجعون إلى أنفسهم فيصلحونها.
- من كان هذا حاله فإنه يعاقب بعقاب أشدّ: الاستدراج: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ) أي أعرضوا ( فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ) تصوير بليغ لما يتدفق عليهم من الخيرات (حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) تحيّروا أين المفرّ ويئسوا من النّجاة.
- (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ) أي أخذناهم أخذ استئصال فلم نُبق أحدا، والمراد بالظلم هنا الشرك. ( وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) تلقينا للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه على أن يحمدوا نعمة الله عزّ وجلّ أن نصر أولياءه، وفيه إشارة أنّ أخذ الظالمين من أعظم النعم على العباد.
|