غزوة ذي أمرّ:
وهي تُعدُّ أكبرَ حملة عسكريّة قام بها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل أحد.
- اسمها: ذو أمرّ، نسبةً إلى مكان وقوعها، وهو ماء معروف بها.
- زمانها ومكانها: كانت في شهر الله المحرّم من السّنة الثّالثة للهجرة، أي بعد غزوة السّويق الّتي كانت في آخر ذي الحجّة.
أمّا مكانها ففي ذي أمرّ بنجد بين غطفان وبني سليم، وتبعُد عن المدينة حوالَيْ مائتي كيلومتر.
- سبب الغزوة: لمّا رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من غزوة السّويق، وأقام بالمدينة بقيّة ذي الحجّة، علم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ جمعا كبيرا من بني ثعلبة ومحارب من غطفان قد تجمّعوا يريدون الإغارة على المدينة، فندب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم المسلمين للخروج إليهم.
وأثناء طريقه صلّى الله عليه وسلّم إليهم قبض المسلمون على رجل يقال له جبّار من بني ثعلبة، فأُدخل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فدعاه إلى الإسلام فأسلم، وصار دليلا لجيش المسلمين إلى أرض العدوّ.
- المستخلف على المدينة: عثمان بن عفّان رضي الله عنه.
- حامل اللّواء: أمّا حامل لواء المسلمين فلم تذكره المصادر، وكان عدد المسلمين أربعمائة وخمسين مقاتلا بين راجل وراكب، وأمّا قائد العدوّ فكان دعثور بن الحارث، على رأس بني ثعلبة ومحارب.
- مدّة مكث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خارج المدينة: خرج في محرّم، وبقي صفرا كلّه، أي ظلّ خارج المدينة شهرا ونيفا.
- نتيجة الغزوة: داهم المسلمون الكفّار في ديارهم، فما كان منهم إلاّ أن تفرّقوا في الجبال، ولم يقع قتال، فبقي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في مائهم المسمّى " ذا أمرّ " صفرا كلّه، فشعر الأعراب بقوّة المسلمين، واستولى عليهم الرّعب، ثمّ رجع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة.
- تصنيف الغزوة: مطـاردة.
تنبيه: يذكر بعض أهل السّير أنّه قد نزل قرآن في هذه الغزوة، وهو قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المائدة:11]، ولكنّ هذا القول ضعيف جدّا؛ إذ لم يُنقل عن أحد من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولا عن أحد ممّن أخذ عنهم، إنّما المنقول أنّها نزلت في محاولة قتل اليهود للنّبي صلّى الله عليه وسلّم في خيبر.
نعم، قد نقل الطّبري رحمه الله عن بعضهم أنّها نزلت في محاولة قتل رجال من بني ثعلبة ومحارب للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولكنّ ذلك في السّنة السّابعة، ومع ذلك لم يصحّ السّند في ذلك، والله أعلم.
- وبعد غزوة ذي أمرّ، لم يمكث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة إلاّ أيّاما، ولم ينقض شهرُ ربيع الأوّل حتّى خرج مرّة أخرى وكانت:
غزوة بُحران.
وهذا ما نراه لاحقا إن شاء الله تعالى.