الثلاثاء 23 ربيع الثاني 1434 هـ الموافق لـ: 05 مارس 2013 10:38

- شرح كتاب الذّكر (38) ذكرُ الله تعالى جنّةٌ وحِصْنٌ من العذاب.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

تابع الباب السّابع:" التّرغيب في التّسبيح، والتّكبير، والتّهليل، والتّحميد على اختلاف أنواعه ".

الحديث 31:

- عنْ أَبي هريرَةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قالَ:

(( خُذُوا جُنَّتَكُمْ )).

قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ عَدُوٍّ قَدْ حَضَرَ ؟! قالَ:

(( لاَ، وَلَكِنْ جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ، قُولُوا:" سُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ للهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُفَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ مُجَنَّبَاتٍ، وَمُعَقِّبَاتٍ، وَهُنَّ البَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ )).

رواه النّسائي - واللّفظ له -، والحاكم، والبيهقيّ، وقال الحاكم:" صحيح على شرط مسلم " ، وكذا رواه الطّبرانيّ في "الأوسط"، وزاد:

(( وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ )).

ورواه في "الصّغير"، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه فجمع بين اللّفظين، فقال:

(( وَمُنْجِيَاتٌ وَمُجَنَّبَاتٌ )).

وإسناده جيّد قويّ.

الشّرح:

- قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( جُنَّتَكم ): الجُنّة - بضمّ الجيم وتشديد النّون هي: السِّتر والوقاية، أي: خذوا ما يستركم ويقيكم؛ لأنّ المؤمن في حربٍ مع الشّيطان وهوى النّفس الّذين يقودان إلى النّار.

ومنه " المِجنّ " للدّرع من الحديد يلبسه المقاتل؛ لأنّه يستره من ضربات السّيف.

فذكر الله عزّ وجلّ ساتِر واقٍ من الوقوع في الشّهوات، ومن أهوال يوم القيامة، ومن دخول النّار.

- ( مجنّبات ): هذا من أوصاف الجيش، قال في "لسان العرب":" والمجنّبتان من الجيش: الميمنة والميسرة، والمجنّبة - بفتح النّون -: المقدّمة، ويقال: أرسلوا مجنّبتين: أي كتيبتين أخذتا ناحيتي الطّريق ".

فذكر الله تعالى يُجنِّب أي: يُباعد بين المسلم وما يعترض طريقَه إلى الله جلّ جلاله.

- وأمّا قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( معقّبات )، فجمع معقّب، وهو كلّ ما جاء بعد ما قبله.

ومنه ما رواه مسلم عن كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه عنْ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ، أَوْ فَاعِلُهُنَّ، دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً )).

وسمّيت هذه الأذكار في هذا الحديث بذلك؛ لأنّها تأتي خلف المؤمن لتحفظَه، كما قال تعالى عن الملائكة:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ} [الرّعد: من الآية11].

الحديث 32:

وعنِ النُّعْمَانِ بنِ بشيرٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُونَ مِنْ جَلاَلِ اللهِ: التَّسْبِيحُ، وَالتَّهْلِيلُ، وَالتَّحْمِيدُ، يَنْعَطِفْنَ حَوْلَ العَرْشِ لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهَا. أَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ - أَوْ لَا يَزَالُ لَهُ - مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ )).

[رواه ابن أبي الدّنيا، وابن ماجه - واللّفظ له -، والحاكم، وقال:" صحيح على شرط مسلم "].

الشّرح:

- في هذا الحديث أنّ هذه الأذكار من أفضل ما يُذكر به الله، ومن أفضل ما ُذكر به العبدُ عند الله تعالى، مصداقا لوعده سبحانه: (( فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ )). 

فمن أراد أن يذكر عند ربّه على الدّوام فليُواظب عليها.

- وفيه أنّ هذه الأذكار من إجلال الله تعالى، أي: تعظيمه، فمن أتى بذكرٍ من عنده فهو يزعم أنّه يُجِلّ الله تعالى بأفضل ممّا أتى به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ! 

أخر تعديل في الثلاثاء 23 ربيع الثاني 1434 هـ الموافق لـ: 05 مارس 2013 10:42
عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي