الأحد 07 رمضان 1432 هـ الموافق لـ: 07 أوت 2011 13:00

- حكم اللّحوم المستوردة من بلاد الكفر.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ المستورد من الأطعمة من بلاد الكفر نوعان:

- ما لا يحتاج إلى ذكاة. وهذا أيضا ينقسم إلى نوعين:

أ‌) ما لا صنعة لهم فيه: كالحبوب والفواكه ونحوها. وهذا حلال بالإجماع.

ب‌) ما لهم فيه صناعة، فهو أيضا حلال بشرط خلوّه من المحرّمات: كشحم الميتة، والخنزير.

- ما يحتاج إلى ذكاة: وهو أيضا نوعان:

أ‌) أن يكون مستوردا من غير أهل الكتاب. فهذا محرّم بالإجماع أيضا، لأنّ الأصل هو أنّهم لا يذبحون.

ب‌) أن يكون مستوردا من بلاد أهل الكتاب:

فهذا النّوع هو الّذي يكثر التّساؤل عنه:

· فإن عُلِم أنّهم ذبحوه بمشاهدة، أو بتصريح لجان مراقبة إسلاميّة موثوقة، فهو حلال لا شكّ فيه.

· وإن علمّ أنّه لم يُذكَّ فهو حرام، لا خلاف في ذلك.

وقد أرسل أحد الباحثين وهو ( سيّد عبد الله عليّ حسين ) من علماء الأزهر، أسئلة بهذا الشّأن إلى أربعة عشر قنصليّة للدّول الأجنبيّة: انكلترا، وفرنسا، وإيطاليا، وجنوب إفريقيا، والولايات المتّحدة، والبرازيل، واستراليا، وتركيا، واليونان، وهولندا، وإسبانيا، والدّانمارك، وغيرها.

فلم تجبه إلاّ خمس قنصليّات فقط !

وكان مفاد التّقرير: أنّ كلّ الدّول غير الإسلاميّة لا تذبح، بل يستعملون الوسائل الّتي تفقد الحيوان وعيه كما في هولندا، أو الصّعق كما في الدّانمارك، أو الضّرب في الرّأس كما في أمريكا، أو بالرّصاص كما في الدّول الأخرى..

وقد نشرت مجلّة " المجتمع " الكويتيّة في عددها 364 الصّادر في رمضان 1397/ الموافق لعام 1980م بيانا أرسله المبعوث الرّسمي لرابطة العالم الإسلاميّ بالبرازيل، فقال:

" أرفع إلى فضيلتكم ما يلي:

( شاء الله سبحانه أن يكون عملي بالمركز الإسلاميّ في البرازيل.. فزرت بعض المذابح الخاصّة بالأبقار، وأخرى خاصّة بالأغنام، وإلى جوارها-أعاذنا الله وإيّاكم- الخنازير، وثالثة تتخصّص في الدّواجن.

وقطعت الشكّ باليقين حيث ألفيتها بعين المشاهدة عبارةً عن ضربات تؤدّى أوّلا على رأس الحيوان في عنف عنيف، تصرعه لساعته بمرزبّة ثقيلة من الحديد، تنزل على المخّ بين قرون الثّور، فتُرديه ميتا يتدلّى لسانه من فمه ولا يُحدث حراكا.

وبعد هذه الإماتة العاجلة بطريق الوقذ، يتناولونه بالسّلخ، حتّى يخرج لحما يوزّع إلى المتاجر للبيع... )اهـ.

ثمّ وجّه – حفظّه الله – نداءً إلى الدّول الإسلاميّة بأنّ عليها الحذر من استيراد اللّحوم من الدّول الأجنبيّة، وبخاصّة البرازيل.

وحتّى لا يتشتّت ذهن القارئ، فإنّي أذكّره بأنّ هذا تفصيلٌ للحالة الثّانية، وهي: إن عُلِم أنّهم لم يذبحوا.

· أمّا إن جُهِل حال هذه اللّحوم، هل ذُبِحت أو لا ؟

فهناك قولان لأهل العلم:

- القول الأوّل: الإباحة.

وهي فتوى للشّيخ ابن باز رحمه الله كما في " مجلّة الجامعة الإسلاميّة " العدد الثّالث من السّنة الثّامنة شهر ذي الحجّة ص (156)، حيث قال رحمه الله:

" إذا لم نعلم الواقع فذبيحتهم حلّ لنا ".

وبمثل ذلك قال علماء الأزهر كما جاء في مجلّة الأزهر " نور الإسلام " المجلّد 4 ص 26.

- القول الثّاني: التّحريم، وهو قول الشّيخ عبد الله بن محمّد بن حميّد رئيس المجلس الأعلى للقضاء بالمملكة العربيّة السّعوديّة، وهو اختيار الشّيخ الفوزان حفظه الله.

التّرجيح:

قد كان يكفينا قديما أن تصرّح الدّول الأجنبيّة بأنّ اللّحوم الّتي تصدرها للدّول الإسلاميّة مذبوحة.

وقد كان يكفينا أيضا تقرير اللّجان الرّسميّة المبعوثة للمراقبة، فالأصل هو حلّ ذبائحهم.

ولكنّ هذا الأصلَ يُترك لما يلي:

أوّلا: أنّ أهل الكتاب المقصود بالأخذ بقولهم هم الثّقات في دينهم، أمّا وقد انحرفوا كلّ هذا الانحراف، فلا يمكن الوثوق بخبرهم.

وإذا كان المسلم غير الموثوق بخبره يُتوقّف فيه، فكيف بمن كفر بالله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم ؟!

وقد رأينا كيف كان الصّحابة يحلّفون من يشكّون في تسميتهم، فكيف بمن شُكَّ في أصل ذبحهم ؟!.

والجميع يعلم أنّ في كثير من البلدان الإسلاميّة بِيعَ لحمُ الحمير على أنّه لحم ضأن وبقر !

وبِيعَت الدّواجن الّتي تُطعم خليطا من النّخالة ولحم الكلاب المفريِّ ! يريدون من ذلك تسمينها !

بل إنّ في بعض المذابح هناك من يسبّ الله والرّسول صلّى الله عليه وسلّم !

فكيف يقبل قول غير المسلمين ؟!

ثانيا: أنّه ثبت من طريق الاستفاضة أنّهم لا يذبحون:

فقد وُجِد مئات الدّجاج سليمَ الرّقاب لم يذبح منه شيء، كما صرّح بذلك محمّد بكر إسماعيل في " الفقه الواضح " (2/390).

وثبت بالمشاهدة وجود ضربات بالنّار في لحوم البقر المستورد من البرازيل وغيرها.

ثالثا: أنّ الأصل إذا عُورض بالغالب حُكِم بالغالب.

والله تعالى أعلم، وأعزّ وأكرم، وهو الهادي للّتي هي أقوم.

أخر تعديل في الأحد 07 رمضان 1432 هـ الموافق لـ: 07 أوت 2011 13:38
عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي