الأربعاء 06 ربيع الأول 1432 هـ الموافق لـ: 09 فيفري 2011 08:20

72- الفرق بين الخسوف والكسوف

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

نصّ السّؤال:

السلام عليكم ورحمة الله، هل صحيح أنّ الكسوف مختصّ بالشّمس، والخسوف مختصّ بالقمر ؟ وهل لهذا التّفريق أصل في اللّغة ؟ أو أنّه تقسيم لا دليل عليه في لغة العرب ؟ أفيدونا بارك الله فيكم.

نصّ الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد: وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.

فالكسوف والخسوف هو ذهاب ضوء أحد النيِّرين: الشّمس والقمر. ويجوز إطلاق كلٍّ من الخسوف والكسوف على الشّمس والقمر، وإليك بيان ذلك بشيء من التّفصيل.

فاعلم أنّ الاختلاف في كون ( الكسوف والخسوف ) مترادفين أو متغايرين قديم، فقد قال البخاري رحمه الله في " صحيحه ":

( باب: هل يقول كَسَفَتْ الشّمسُ أو خَسَفَتْ ؟ وقال الله تعالى:{وَخَسَفَ الْقَمَرُ} ).

· القول الأوّل: إنّهما مترادفان.

وهو قول فريق من أهل اللّغة، حيث قال ابن سيده رحمه الله في " المحكم ":" وخَسَفت الشمسُ تَخْسِف خُسوفا: ذهب ضوءها، وخَسفها الله، وكذلك القمر )، وقال الجوهريّ رحمه الله في " الصّحاح ": ( وخُسوفُ القمرِ كُسوفُه ).

وذلك لأنّ مرجع الكلمتين إلى معنى واحد، وهو التغيّر والاختفاء والنّقصان.

ويُستدلّ لذلك بقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ )) [رواه البخاري ومسلم]، حيث أطلق الكسوف على الشّمس والقمر، والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم أفصح النّاس.

ويؤيّد ذلك أنّه جاء في رواية ابن عمر رضي الله عنه عندهما بلفظ: (( لاَ يُخْسَفَانِ )).

· القول الثّاني:

ذهب فريق آخر إلى أنّ ثمّة فرقا بينهما. ولكنّهم لم يتّفقوا: متى يقال الكسوف ؟ ومتى يقال الخسوف ؟

- ففي صحيح مسلم عن الزّهرِيِّ عن عروةَ رحمهما الله قال:" لَا تَقُلْ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ، وَلَكِنْ قُلْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ ".

- ولكنّ الإمام ثعلبا رحمه الله - كما في " لسان العرب "- يقول: ( كسَفتِ الشمسُ وخسَف القمر، هذا أَجودُ الكلام ).

التّرجيح:

يصحّ إطلاق كلٍّ من الخسوف والكسوف على الشّمس والقمر، وإنّ سبب اختلاف أهل العلم في ذلك مردّه إلى قاعدة مهمّة، وهي: أنّه لا ترادف في اللّغة العربيّة من جميع الوجوه.

- فمن نفى الترّادف بين الكسوف والخسوف، إنّما يقصِد من جميع الوجوه.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" لا شكّ أنّ مدلول الكسوف لغةً غير مدلول الخسوف، لأنّ الكسوف التغير إلى السّواد، والخسوف النّقصان أو الذلّ "اهـ. أي: يقال في الشّمس ( كسفت ) لأنّها تغيرت إلى سواد، وفي القمر ( خسف ) لأنّه نقص.

وهذا هو المشهور في استعمال الفقهاء: أنّ الكسوف للشّمس، والخسوف للقمر.

- ولكن جاءت الأحاديث الصّحيحة - كما مرّ- بجواز إطلاق الكسوف والخسوف على الشّمس والقمر معاً، ممّا يدلّ على جوازه، لا من باب التّرادف، ولكن من باب صدق هذين الوصفين عليهما:

فإذا قيل في الشّمس: ( كسفت ) أي: تغيّرت، و( خسفت ) لأنّه نقص ضوءها.

وإذا قيل في القمر: ( كسف ) لأنّه تغيّر، و( خسف ) لأنّه نقص ضوءه كذلك.

والله أعلم.

أخر تعديل في الخميس 07 ربيع الأول 1432 هـ الموافق لـ: 10 فيفري 2011 13:17
عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي