أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]
عبد الحليم توميات

عبد الحليم توميات

الخميس 30 ذو القعدة 1432 هـ الموافق لـ: 27 أكتوبر 2011 07:35

- شرح كتاب الذّكر (24) حديث البطاقة

الحديث الرّابع عشر:

عنْ عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصِ رضي الله عنه أنّ رسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال:

(( إِنَّ اللهَ يَسْتَخْلِصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا ؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ ؟

فيقُولُ: لَا يَا رَبِّ.

فيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ ؟

فيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ.

فَيَقُولُ اللهُ تعالى: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ.

الثلاثاء 27 ذو القعدة 1432 هـ الموافق لـ: 25 أكتوبر 2011 07:11

- شرح الأصول الثّلاثة (3) منزلة العمل والدّعوة والصّبر.

من سلسلة: شرح الأصول الثّلاثة

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

تحميل الدّرس مكتوبا

- شرح الأصول الثّلاثة (03) منزلة العمل والدّعوة والصّبر

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

قوله رحمه الله: ( بالأدلّةِ ).

والأدلّة جمع دليل، وهو المرشِد إلى المطلوب، ومنه الدّليل الّذي يدلّ على الطّريق.

ودين الإسلام مبنيّ على الدّليل كما سبق ذكره من كلام شيخ الإسلام رحمه الله، فالدّليل هو المرشد إلى الصّراط المستقيم، المبنيّ على العمل بعلم، خلافا للنّصارى الّذين عبدوا دون علم، فضلّوا وأضلّوا كثيرا، وضلّوا عن سواء السّبيل.

أمّا من علم ولم يعلم فسيأتي بيانه عند ذكر الشّيخ للأصل الثّاني، وهو: العمل بالعلم.

وقفة مع اشتراط معرفة الدّليل في العقائد:

واشتراط المعرفة بالأدلّة هو الأصل، وذلك على القادر على طلبها وفهمِها، أمّا العاميّ فيكفيه التّقليد لعجزه، قال الله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}.

وهذا خلافا لظاهر ما ذهب إليه بعضُ الشرّاح، الّذين أطلقوا عدم جواز التّقليد، ومنهم من قيّد بما ذكرناه، منهم الشيخ مفتي البلاد النجدية في وقته عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله حيث قال:

" وفرضٌ على كلّ أحدٍ معرفة التّوحيد، وأركان الإسلام بالدّليل، ولا يجوز التّقليد في ذلك، لكن العامّي الّذي لا يعرف الأدلّة إذا كان يعتقد وحدانية الرّبّ، ورسالة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ويؤمن بالبعث بعد الموت، والجنة والنّار، ويعتقد أنّ هذه الأمور الشّركية التي تُفعَل عند هذه المشاهد باطل وضلال؛ فإذا كان يعتقد ذلك اعتقاداً جازماً لا شكّ فيه فهو مسلم، وإن لم يترجم بالدّليل؛ لأنّ عامّة المسلمين ولو لُقِّنوا الدّليل فإنّهم لا يفهمون المعنى غالباً "اهـ.

وإنّما قال بعدم صحّة إيمان المقلّد المعتزلة وجمهور الأشاعرة ! قال العدويّ رحمه الله في " حاشيته "(1/152):" والمقلّد يجب عليه اتّباع أهل العلم، غيرَ أنّه لا يجوز له التّقليد في العقائد "!.

وخالف في ذلك المحقّقون منهم، فقد نقل الحافظ رحمه الله في "الفتح" (13/354) عن صلاح الدّين العلائيّ أنّه قال:" وأمّا من غلا فقال: لا يكفي إيمان المقلّد، فلا يُلتفتُ إليه؛ لما يلزم منه من القول بعدم إيمان أكثر المسلمين "اهـ.

ونقل النّوويّ رحمه الله (1/171) عن ابن الصلاح رحمه الله أنّه قال عن حديث ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه:

" وفيه دلالة لصحّة ما ذهب إليه أئمّة العلماء من أنّ العوام المقلِّدين مؤمنون، وأنّه يُكتَفَى منهم بمجرّد اعتقاد الحقّ جزماً من غير شكّ وتزلزُلٍ، خلافا لمن أنكر ذلك من المعتزلة "اهـ.

ونقل ابن حزم رحمه الله في " الفصل " (4/35) الإجماع على صحّة إيمان المقلّد مع اليقين.

ومن عجيب ما نقله الحافظ رحمه الله عنهم في (13/350):" قول جماعة منهم: إنّ من لم يعرف اللهَ بالطّرق الّتي رتّبوها، والأبحاث الّتي حرّروها لم يصحّ ايمانه ! حتّى لقد أُورِد على بعضِهم أنّ هذا يلزم منه تكفير أبيك وأسلافك وجيرانك ! فقال: لا تشنِّعْ عليّ بكثرةِ أهل النّار !".

والصّواب: أنّ إيمان المقلّد العاجز عن النّظر في الأدلّة صحيح، بشرط أن يكون إيمانه يقينيّا، لا يعترِيه شكّ أو ريب. فليس الأمر مبنيّا على التّخمين، ومجرّد الظنّ، كما نُقِل عن أحدهم قوله:

قال الطّبيب والمنجـّم كـلاهمـا   ***   لا تبعث الأموات، قلت: إليكما

إن كان حقّا ما قلتما فلست بخاسر   ***   وإن كان كِذْبا  فالخسار عليكما

  • · قوله رحمه الله:" الثّانيةُ: العَمَلُ بِهِ ".

فالعمل هو ثمرة العلم، والعلم مقصودٌ لغيره، فهو بمنزلة الشّجرة والعمل بمنزلة الثّمرة، وقد قالوا: علم بلا عمل كشجرة بلا ثمر.

وإنّ الّذي يعلم ولا يعملُ شرّ من الجاهل، وفي حديث مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:

(( إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ [فذكر الشّهيد والمتصدّق بماله، ثمّ قال]: وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ ! وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ )).

وروى الدّرامي أنّ عمرَ بنَ الخطّابِ رضي الله عنه قال لعبدِ اللهِ بنِ سلامٍ رضي الله عنه: من أربابُ العلمِ ؟ قال: الّذينَ يعملونَ بما يعلمونَ. قال: فما يَنْفِى العلمَ منْ صدورِ الرّجالِ ؟ قال: الطّمعُ.

حسبي بعلمي إن نفع *** ما العيب إلاّ في الطّمع 

ما طـار طير وارتفع *** إلاّ كما طـار وقـع 

فإنّ تقوى الله عزّ وجلّ ما كانت في قليل إلاّ كثّرته، ولا في يسير إلاّ باركته، فهي وصيّة الله تعالى للأوّلين والآخرين، وموعظة الله لعباده أجمعين.

فالعلم الذي تُحصّله مع الأيّام، يجب أن يظهر على قلبك ولسانك وجوارحك، وما أقبح بالمسلم أن لا يحاسب نفسه فيما يتعلّمه: ما الّذي جناه واستثمره ؟ ما أقبح بمن يتعلّم أن تكون فيه خصلة من خصال الجاهليّة ! 

فيا طالب العلم، إنّك إن اتّقيت الله عزّ وجلّ قَبِل منك أعمالك، وهو القائل:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ}. 

فإذا خرجت وأنت تحمل كتابا، ورمقتك الأنظار والأبصار، فاستشْعِر وأنت على ذلك الحال أنّك ذاهب إلى معرفة ما يقرّبك إلى الله، ويبعدك من الشّيطان .. تذهب إلى ما يخرجك من الظّلمات إلى النّور، فاحذر ألاّ تحاسب نفسك فيكون العلم عليك لا لك. 

قال الإمام أبو بكر الآجرّي رحمه الله تعالى في " أخلاق العلماء " (ص 54) وهو يتكلّم عمّا يجب أن يهتمّ له المتعلّم:

" .. ولأن يتأدّب بالعلم .. إن ازداد علما خاف من ثبات الحجّة، فهو مشفق في علمه، كلّما ازداد علما ازداد إشفاقا، إن فاته سماع علم قد سمعه غيره فحزن على فوته لم يكن حزنه بغفلة حتّى يواقِفَ نفسه، ويحاسبها على الحزن، فيقول:

لم حزنتِ ؟ احذري يا نفس أن يكون الحزنُ عليك لا لك إذ سمعه غيرك فلم تسمعيه أنت !.. فكان أولى بك أن تحزني على علم قد قرع السّمع، وقد ثبتت عليك الحجّة، فلم تعملي به، فكان حزنك على ذلك أولى من حزنك على علم لم تسمعيه ولعلّك لو قدّر لك سماعه كانت الحجّة عليك أوكد .. فاستغفر الله من حزنه، وسأل مولاه الكريم أن ينفعه بما قد سمع " اهـ.

وكم يشكو الواحد منّا قلّة التّوفيق ؟ 

كم منّا من يشكو من الملل والكلل بمجرّد فتح كتاب !؟ .. كم منّا من يقول: أدرس وأحفظ، وأحفظ ثمّ أنسى ؟! 

فليعلم أنّه لو نقّب عن خبايا نفسه، وإلى أمثلة من أعماله لوجد الدّاء هو إصراره على الغيبة .. إصراره على الكذب .. إصراره على أكل المال بالباطل .. إصراره على إضاعة الأوقات .. وقوعه في عصيان والديه، وغير ذلك ممّا يجده بين يديه. 

وقد جاء الإمامُ الشّافعي رحمه الله يوما إلى الإمام مالك رحمه الله، وقرأ عليه " الموطّأ "، فأُعجب الإمام مالك بعلم الشّافعي، فقال له: "اعلم يا هذا أنّ الله قد ألقى في قلبك نورا، فلا تطفئه بظلمة المعصية ".

وقد قال أحدهم - وينسبونه إلى الشّافعيّ وهو ليس له -: 

شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي 

وقـال لي بأنّ العـلم نـور *** ونور الله لا يهدى لعاصي

وقال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه:" لا يغرُرْكم من قرأ القرآن، ولكن انظُروا إلى مَن يعمل به ".

وقال مالك بن دينار رحمه الله:" تلقى الرّجلَ ما يلحن حرفاً، وعملُه لحنٌ كلّه !".

وقال ابن جماعة رحمه الله في هذا الشّأن:

" واعلم أنّ جميع ما ذُكر من فضيلة العلم والعلماء إنّما هو في حقّ العلماء العاملين الأبرار المتقين، الّذين قصدوا به وجه الله الكريم، والزّلفى لديه في جنّات النّعيم، لا مَن طلبه لسوء نيّة، أو خُبث طويَّة، أو لأغراض دنيوية من جاه أو مال، أو مكاثرة في الأتباع والطُلاّب " [" تذكرة السّامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلّم " (ص 9)].

قال ابن رجب رحمه الله في "فضل علم السّلف على الخلف " (ص 69) وهو يشرح حديث (( اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا )):

" كان الإمام أحمد رحمه الله يقول عن معروف:" معه أصل العلم: خشية الله "، فأصل العلم بالله [هو] الّذي يوجب خشيته، ومحبّته، والقرب منه، والأنس به، والشّوق إليه.

ثمّ يتلوه العلمُ بأحكام الله، وما يحبّه ويرضاه من العبد من قولٍ أو عملٍ أو حالٍ أو اعتقادٍ.

فمن تحقّق بهذين العلمين كان علمه نافعاً، وحصل له العلم النّافع، والقلب الخاشع، والنّفس القانعة، والدّعاء المسموع.

ومن فاته هذا العلم النّافع، وقع في الأربع التي استعاذ منها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وصار علمه وبالاً وحجّة عليه، فلم ينتفع به؛ لأنّه لم يخشع قلبه لربّه، ولم تشبع نفسه من الدّنيا، بل ازداد عليها حرصاً ولها طلباً ولم يُسمع دعاؤه؛ لعدم امتثاله لأوامر ربّه وعدم اجتنابه لما يسخطه ويكرهه ...".

  • · قوله رحمه الله: ( الثّالثةُ: الدَّعْوَةُ إِلَيْهِ ).

فأشرف المنازل العلم، وزينته العمل، وزكاته الدّعوة إليه، وهو منهج الأنبياء والمرسلين، يقول الله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ}، وقال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ}.

  • · قوله رحمه الله: ( الرّابعةُ: الصَّبْرُ عَلَى الأَذَى فِيهِ ):

لأنّ من دعا النّاس إلى الهدى، وحذّرهم من مزلاّت الرّدى، يحولُ بين النّاس وشهواتهم، ويعيقُهم عن نشر فسادهم، فهو بذلك قد خلف الرّسل في مهمّتهم،{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فصّلت من: 43]، فلا بدّ أن يُصادف المشاقّ، وتعترض طريقَه الأشواك، حتّى يتلطّخ جسده بدماء النّصب والتّعب، فيكونَ ذلك دليلا على صدقه.

وإذا صدق العبدُ ربّه صدقه بالنّصر العزيز والفتح المبين، قال تعالى:{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام: 34].

وقد سُئل الشّافعيّ رحمه الله: يا أبا عبد الله، أيّما أفضل للرّجل: أن يُمكّن أو يُبتلَى ؟ فقال الشّافعيّ رحمه الله: لا يُمَكَّنُ حتّى يُبتلَى، فإنّ الله ابتلى نوحاً، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّداً صلواتُ الله وسلامُه عليهم أجمعين فلمّا صبروا مكّنهم.

قال تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السّجدة: 24]، فبالصّبر واليقين تُنال الإمامة في الدّين.

قال ابن القيّم رحمه الله في " الفوائد ":" وهذا أصلٌ عظيمٌ، فينبغي للعاقل أن يعرِفه، وهذا يحصل لكلّ أحدٍ؛ فإنّ الإنسان مدنيّ بالطّبع، لا بدّ له من أن يعيش مع النّاس، والنّاس لهم إراداتٌ وتصوّراتٌ يطلبون منه أن يوافقَهم عليها؟، وإن لم يوافقهم آذوه وعذّبوه ...".

وقال في موضعٍ آخر من " الفوائد ":

" يا مخنّث العزم، أين أنت والطّريق طريقٌ تعِب فيه آدمُ، وناح لأجله نوحٌ، ورُمِي في النّار الخليل، وأُضجِع للذّبح إسماعيل، وبِيعَ يوسفُ بثمنٍ بخسٍ، ولبِث في السّجن بضعَ سنين، ونُشِر بالمنشار زكريّا، وذُبِح السيّد الحصورُ يحيى، وقاسى الضرَّ أيّوب، وزاد على المقدار بكاءُ داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقرَ وأنواعَ الأذى محمّد، تزها أنت باللّهو واللّعب ؟!

فيا دارها بالحزن إنّ مزارها *** قريب، ولكنْ دون ذلك أهوال "اهـ.

ونُكمل إن شاء الله ما جاء في تفسير سورة العصر لاحقا إن شاء الله.

:

الاثنين 26 ذو القعدة 1432 هـ الموافق لـ: 24 أكتوبر 2011 21:26

شرح كتاب الحجّ 13: الطّواف وما يتعلّق به

من سلسلة: شرح كتاب الحجّ من (صحيح التّرغيب والتّرهيب)

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

شرح كتاب الحجّ 13: الطّواف وما يتعلّق به.

البـاب السّـابع: ) التّرغيب في الطّواف، واستلام الحجر الأسود، والرّكن اليمانيّ، وما جاء في فضلهما، وفضل المقام، ودخول البيت ) 

أنواع الطّواف: 

1-طواف القدوم

2-طواف الإفاضة 

3-طواف الوداع

4-طواف التّطوّع 

شروط الطّواف 

أوّلا: الطّهارة من الحدث 

ثانيا: ستر العورة. 

ثالثا: أن يكون سبعة أشواط كاملة. 

رابعا: أن يبدأ الطّواف من الحجر الأسود وينتهي إليه، ويجعله عن يساره. 

خامسا: أن يكون الطّواف خارج البيت. 

سادسا: الموالاة بين الأشواط.

  • الحديث الأوّل:

1139-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه:

مَا لِي لَا أَرَاكَ تَسْتَلِمُ إِلَّا هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ: الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَ ؟. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه:

" إِنْ أَفْعَلْ فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:(( إِنَّ اسْتِلَامَهُمَا يَحُطُّ الْخَطَايَا ))".

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (( وَمَنْ طَافَ أُسْبُوعًا يُحْصِيهِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ ))

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: ((مَا رَفَعَ رَجُلٌ قَدَمًا وَلاَ وَضَعَهَا، إِلاَّ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ )).

رواه أحمد، وهذا لفظه، والتّرمذي، ولفظه:

إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (( إِنَّ مَسْحَهُمَا كَفَّارَةٌ لِلْخَطَايَا )).

وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (( لَا يَضَعُ قَدَمًا وَلَا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطِيئَةً وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً )).

[ورواه الحاكم، وقال: "صحيح الإسناد" وابن خزيمة في "صحيحه" ولفظه: قال:

إِنْ أَفْعَلْ فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (( مَسْحُهَا يَحُطُّ الخَطَايَا )).

وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (( مَنْ طَافَ بِالبَيْتِ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمًا وَلم يَضَعْ قَدَمًا إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَهُ حَسَنَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، وَكَتَبَ لَهُ دَرَجَةً )).

وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (( مَنْ أَحْصَى أُسْبُوعًا كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ )).

[ورواه ابن حبّان في "صحيحه" مختصرا أنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( مَسْحُ الحَجَرِ وَالرُّكْنِ اليَمَانِيِّ يَحُطُّ الخَطَايَا حَطًّا )).

  • الحديث الثّاني:

1140-وعن محمّد بن المنكدر عن أبيه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( مَنْ طَافَ بِالبَيْتِ أُسْبُوعًا لاَ يَلْغُو فِيهِ كَانَ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ يَعْتِقُهَا )).

[رواه الطّبراني في "الكبير" ورواته ثقات].

  • الحديث الثّالث:

1142-وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ:

(( مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ )).

[رواه ابن ماجة، وابن خزيمة في "صحيحه" وتقدّم-في الحديث الأوّل في الباب-].

  • الحديث الرّابع:

1143-وَعَنْهُ أيضاً رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ:

(( مَنْ طَافَ بِالبَيْتِ أُسْبُوعًا لاَ يَضَعُ قَدَمًا وَلاَ يَرْفَعُ أُخْرَى إِلاَّ حَطَّ اللهُ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً )).

[رواه ابن خزيمة في صحيحه وابن حبان واللّفظ له].

  • الحديث الخامس:

قال رحمه الله:

1141-وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ صَلَاةٌ، إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِخَيْرٍ ))

.


الأحد 25 ذو القعدة 1432 هـ الموافق لـ: 23 أكتوبر 2011 14:38

- الآداب الشّرعيّة (34) آداب الزّيارة في الإسلام

الزّيارة بين الإفراط والتّفريط

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقبل الشّروع في الحديث عن هذه الآداب الطيّبة، فإنّه لا بدّ من أن نقف قليلا عند الزّيارة بين الإفراط والتّفريط.

جانب الإفراط:

أمّا جانب الإفراط فيمكن تفاديه ببيان أمورٍ خمسة، هي مفاسدُ ومضارٌّ على الزّائر والمزور، هي:

السبت 21 ذو القعدة 1436 هـ الموافق لـ: 05 سبتمبر 2015 03:18

وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات (مرئي)

الجمعة 19 ذو القعدة 1433 هـ الموافق لـ: 05 أكتوبر 2012 08:51

وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

 

السبت 24 ذو القعدة 1432 هـ الموافق لـ: 22 أكتوبر 2011 12:15

- شرح الأصول الثّلاثة (2) أهمّية العلم بالله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم

من سلسلة: شرح الأصول الثّلاثة

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

تحميل الدّرس مكتوبا

- شرح الأصول الثّلاثة (02) أهمّية العلم بالله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

قوله: ( يجب ) والواجب هو ما أمر الله به على وجه الإلزام، وحكمه: أنّه يُثاب فاعله امتثالا، ويستحقّ تاركه العقاب. 

وقولنا: (امتثالا) قيدٌ يخرج به من عمل الوادب دون نيّة التقرّب إلى الله، فلا يُثاب.

وقولنا: (يستحقّ تاركه العقاب)؛ لأنّ العاصِي داخل تحت المشيئة كما هو مقرّر.

قوله: ( علينا ): إشارة إلى أنّ تعلّم هذه المسائل واجب وجوبا عينيّا.

والواجب العينيّ ( فرض العين ) هو: ما يطلب من كلّ واحد بذاته، فيجب على كلّ مكلف فعله، و يأثم بتركه.

والواجب الكفائيّ ( فرض الكفاية ) هو: ما يُطلب لا من كلّ واحد بذاته، فإذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وإن لم يقم به أحد أثِم القادر عليه. من ذلك تعلّم علوم الآلة من لغة وحديث، وأصول، والطبّ والصّناعات.

ومن الجدير بالتّنبيه عليه والتّذكير به أنّ طلب العلم منه ما هو فرض عين، ومنه ما هو فرض كفاية:

وفرض العين نوعان:

أ) ما يجب على جميع المكلّفين في كلّ حال، كعلم التّوحيد، وأغلب التّكاليف.

ب) ما يجب على جميع المكلّفين في بعض الأحوال، فالغنيّ يجب عليه تعلّم أحكام الزّكاة، والتّاجر يجب عليه تعلّم أحكام البيع، ومن كان على أبواب الزّواج وجب عليه تعلّم أحكام الزّواج وهكذا.

أمّا فرض الكفاية: فضابطه أن يكون هناك عددٌ كافٍ في طلبه وتحصيله، وإلاّ أثِم القادر عليه التّارك له.

قال القرافيّ رحمه الله في " الفروق " (1/266):

" قال أبو الوليد الطّرطوشيّ: أمّا مخالفتهما - أي: الوالدين- في طلب العلم، فإن كان في بلده يجد مدارسة المسائل، والتفقّه على طريق التّقليد، وحفظ نصوص العلماء، فأراد أن يظعَن إلى بلد آخر فيتفقّه فيه على مثل طريقته، لم يجُزْ إلاّ بإذنهما؛ لأنّ خروجَه إذاية لهما بغير فائدة.

وإن أراد الخروج للتفقّه في الكتاب والسنّة، ومعرفة الإجماع، ومواضع الخلاف، ومراتب القياس، فإن وُجِد في بلده ذلك لم يخرج إلاّ بإذنهما، وإلاّ خرج ولا طاعة لهما في منعِه؛ لأنّ تحصيل درجة المجتهدين فرض على الكفاية "اهـ.

قال رحمه الله:

( الأُولى: العِلْمُ؛ وهوَ معرفةُ اللهِ، ومعرفةُ نبيِّهِ، ومعرفةُ دينِ الإسلامِ بالأدلّةِ.

الثّانيةُ: العملُ بهِ. 

الثّالثةُ: الدّعوةُ إليهِ.

الرّابعةُ: الصّبرُ علَى الأَذى فيهِ. 

الشّرح:

هذه المسائل الأربع قد ذكرها ابن القيّم رحمه الله في " زاد المعاد " (3/5)، فقال:

" فجهاد النفس أربعُ مراتب أيضاً:

إحداها: أَنْ يُجاهِدَها على تعلُّم الهُدى ودين الحقّ الّذي لا فلاح لها، ولا سعادة فى معاشها ومعادها إلاّ به، ومتى فاتها عِلمُه، شقيت في الدَّارين.

الثّانية: أن يُجاهِدَها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرَّدُ العلم بلا عمل إن لم يَضُرَّها لم ينفعْها.

الثّالثة: أن يُجاهدها على الدّعوة إليه، وتعليمِهِ مَنْ لا يعلمهُ، وإلاّ كان مِن الّذين يكتُمون ما أنزل الله مِن الهُدى والبيّنات، ولا ينفعُهُ علمُهُ، ولا يُنجِيه مِن عذاب الله.

الرّابعة: أن يُجاهِدَها على الصّبر على مشاقِّ الدّعوة إلى الله، وأذى الخلق، ويتحمَّل ذلك كلّه لله.

فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربَّانِيينَ "اهـ.

قوله رحمه الله: ( الأُولى ) أي: من هذه المسائل الأربع ( العِلْمُ؛ وهوَ معرفةُ اللهِ ):

ومعرفة الله تعالى أوّل واجب على المكلّف: أن يعرف أسماءه عزّ وجلّ وصفاته، ومعرفة الله الصّحيحة لا تكون إلاّ بالنّظر في كتابه، وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم. فإنّه قد تجلّى لعباده في كتابه بصفاته ليحبّوه، ويخافوه، ويرجوه، ويعظّموه.

قال ابن رجب الحنبليّ رحمه الله في "فضل علم السّلف على الخلف" (ص 67):" العلم النّافع ما عرَّف العبدَ بربّه، ودلَّه عليه حتّى عرفه ووحَّده وأنِس به، واستحى من قربه، وعَبَده كأنّه يراه ". حتّى قال:" فإن كان - أي: العلم - مُتلقّى عن غير ذلك فهو غير نافع في نفسه، ولا يمكن الانتفاع به، بل ضرّه أكثر من نفعه ".

ويقول ابن القيم رحمه الله في " الصّواعق المرسلة ":

" مفتاح دعوة الرّسل، وزبدة رسالتهم، معرفة المعبود بأسمائه وصفاته وأفعاله؛ إذ على هذه المعرفة تُبْنَى مطالب الرّسالة كلّها من أوّلها إلى آخرها " [" الصّواعق المرسلة " لابن القيّم (1/150-151].

وثمرات معرفة الله عزّ وجلّ لا تُحصى، منها:

- أنّ الاشتغال بمعرفة الله، اشتغال بما خلق له العبد، وتركه وتضييعه إهمال لما خلق له.

- أن معرفة الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى من أعظم أسباب زيادة الإيمان [" التّوضيح والبيان لشجرة الإيمان " للسّعدي ص (41)].

- إجلاله سبحانه، وتعظيمه، وخشيته، ومهابته، ومحبّته، ورجاءه، والتوكّل عليه، والرّضا بقضائه، والصّبر على بلائه:

فإذا تعرّف العبد إلى ربّه بصفات الكمال الدالّة على سعة علمه وإحاطته كصفات العلم، والسّمع، والبصر، والمعيّة، وغيرها، أورثه ذلك كلّه الخوف منه تعالى وتعظيمه.

وإذا عرف العبد ربّه بصفات الجمال كاللّطف، والرّحمة، والعفو، والمغفرة، والتّوب، والسّتر فإنّه لا ييأس من روح الله.

كما أنّه إذا تعرّف على صفات الجلال كالغضب، والمقت، والأسف، واللّعن، والسّخط، لم يأمن مكر الله تعالى، وحينئذ يعبد العبد ربّه على جناحي الخوف والرّجاء، وهما جناحا طائر السّلامة.

وإذا تعرّف العبد على صفات الله الدالّة على قهره وقدرته وجبروته وهيمنته وسلطانه علم أنّ الله ما كان ليُعجزه شيء أبدا، فيحسن الظنّ به، ويعلم أنّه ما من شيء إلاّ ومن ورائه حكمة، لذلك يحسن بنا أن نتذكّر هذه الصّفات في أيّام محنتنا، وساعات كربتنا، حتى نحسِن الظنّ بربّنا، وأنّه تعالى عند وعده ولكنّ العبد ليس عند شرطه.

- ثمّ إنّ من المعلوم لدى أرباب الفطر السّليمة والقلوب القويمة، أنّ المحبّ يحبّ أن يتّصف بصفات محبوبه، كما أنّ المحبوب يحبّ أن يتصف محِبّه بصفاته .. لذلك كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحثّ على الأحسن والأفضل ويذكّر النّاس أنّ الله يحبّها بقوله: (( إِنَّ اللهَ عَفُوٌّ يُحِبُّ العَفْوَ )).. (( جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ )) .. (( طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّباً )).

وما أحسن ما ذكره المقدسيّ رحمه الله في " كتاب التوّابين " عن عبد الواحد بن زيد قال:

كنت في مركب، فطرحتنا الرّيح إلى جزيرة، وإذا فيها رجل يعبد صنماً، فقلنا له: يا رجل، من تعبد ؟

فأومأ إلى الصّنم، فقلنا: إنّ معنا في المركب من يصنع مثل هذا، وليس هذا إله يعبد.

قال: فأنتم من تعبدون ؟ قلنا: الله.. قال: وما الله ؟ قلنا: الّذي في السّماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي الأحياء والأموات قضاؤه.

فقال: كيف علمتم به ؟ قلنا: وجّه إلينا هذا الملِك رسولاً كريماً، فأخبر بذلك.

قال: فما فعل الرّسول ؟ قلنا: أدّى الرسالة، ثمّ قبضه الله.

قال: فما ترك عندكم علامة ؟ قلنا: بلى، ترك عندنا كتاب الملك.

فقال: أروني كتاب الملك، فينبغي أن تكون كتب الملوك حساناً.

فأتيناه بالمصحف، فقال: ما أعرف هذا ! فقرأنا عليه سورةً من القرآن، فلم نزل نقرأ وهو يبكي، حتّى ختمنا السّورة.

فقال: لا ينبغي لصاحب هذا الكلام أن يُعْصى !

ثمّ أسلم، وحملناه معنا، وعلّمناه شرائع الإسلام، وسوراً من القرآن، وأخذناه معنا في السّفينة، فلمّا سِرنا وأظلم علينا اللّيل، أخذنا مضاجعنا، فقال لنا:

يا قوم، هذا الإله الّذي دللتموني عليه، إذا أظلم اللّيل هل ينام ؟ قلنا: لا يا عبد الله، هو عظيم قيّوم لا ينام.

فقال: بئس العبيد أنتم، تنامون ومولاكم لا ينام ؟! ثمّ أخذ في التعبّد، وتركَنا.

فلمّا وصلنا بلدنا، قلت لأصحابي: هذا قريب عهد بالإسلام وغريب في البلد، فجمعنا له دراهم وأعطيناه، فقال: ما هذا ؟

قلنا: تنفقها في حوائجك.

فقال: لا إله إلا الله ! أنا كنت في جزائر البحر، أعبد صنماً من دونه ولم يضيّعني، أفيضيّعُني وأنا أعرفه

ومضى يتكسّب لنفسه، وكان بعدها من كبار الصّالحين.

قوله رحمه الله: ( ومعرفةُ نبيِّهِ ).

وذلك لأنّه صلّى الله عليه وسلّم أعرف الخلق بالله تعالى، فلا يُعرَف الله إلاّ من طريقه.

أنت باب الله، كلّ امرئٍ *** أتـاه من غيرك لا يدخل 

والتعرّف على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنّما يكون بالتعرّف على هديِه، وسمتِه، وأقواله، وأفعاله، وتقريراته.

قوله رحمه الله: ( ومعرفةُ دينِ الإسلامِ )

أي: ما جاء من الأحكام العمليّة، وهو ما عبّر عنه شيخا الإسلام في الأصول الثّلاثة بالعمل الصّالح.

وقد أشار ابن القيّم رحمه الله في " نونيّته " إلى هذه الأصول، فقال:

والجهل  داء  قاتل، وشفـاؤه *** أمران في التّركيب  متّفقان

نصّ من القرآن، أو من سنّـة *** وطبيب ذاك العالم الربّانـي

والعلمُ  أقسامٌ ثلاثٌ  ما لـها *** من رابعٍ، والحقّ ذو تبيـان

علم  بأوصـاف الإله، وفعلِه *** وكذلك  الأسمـاء  للرّحمن

والأمر  والنّهي الّذي هو  دينه *** وجزاؤه  يوم  المعـاد الثّاني

والكل في القرآن والسّنن التي *** جاءت عن المبعوث بالفرقان

والله ما قـال امـرؤ متحذلق *** بسـواهما إلاّ من الهذيـان

[يُتبع إن شاء الله]

:

الأحد 18 ذو القعدة 1432 هـ الموافق لـ: 16 أكتوبر 2011 13:58

شرح رسالة الأصول الثّلاثة وأدّلتها

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:فيسرّنا أن نعلِم الإخوة الكرام والأخوات الكريمات بأنّ الشّيخ أبا جابر يشرح رسالة الأصول الثّلاثة وأدّلتها للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بمسجد الغزالي "بلدية الحمّامات (باينام)" .وذلك كلّ يوم أحد وأربعاء، بين المغرب والعشاء.

الرقم

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

تحميل الدّرس مكتوبا

01 الشريط الأول :(مقدّمة مهمّة)
02 الشريط الثاني :( أهمّية العلم بالله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم)
03 الشّريط الثّالث (منزلة العمل والدّعوة والصّبر.)
04
الشّريط الرّابع : (تفسير سورة العصر وأدّلة المسائل الأربع)
05 الشّريط الخامس : (الإقرار بالرّبوبيّة وبعثة الرّسل )
06
الشّريط السّادس : (الإقرار بتوحيد الألوهيّة)
07 الشّريط السّابع : (الولاء والبراء من أصول الدّين)
08
الشّريط الثّامن : (مسائل في الولاء والبراء)
09 الشّريط التّاسع: (ملّة إبراهيم عليه السّلام)
10
(الشّريط العاشر : لماذا التّذكير بتوحيد الألوهيّة)
11 (الشّريط الحادي عشر: الأصل الأوّل:معرفة الله عزّ وجلّ)
12
(الشّريط الثّاني عشر: السّبيل إلى معرفة الله عزّ وجلّ)
13 (الشّريط الثّالث عشر: توحيد الرّبوبيّة يدعو إلى توحيد الألوهيّة)
14
(الشّريط الرّابع عشر: معنى الكفر وموانع التّكفير)
15 (الشّريط الخامس عشر: الدّعاء هو العبادة)
16
(الشّريط السّادس عشر: منزلة الخوف من الله تعالى)
الأربعاء 01 ذو الحجة 1446 هـ الموافق لـ: 28 ماي 2025 07:00

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

الصفحة 145 من 253

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.