أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]
عبد الحليم توميات

عبد الحليم توميات

الجمعة 15 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 11 نوفمبر 2011 08:46

شرح كتاب الحجّ 18:حلق الرّأس وأحكامه

من سلسلة: شرح كتاب الحجّ من (صحيح التّرغيب والتّرهيب)

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

شرح كتاب الحجّ 18:حلق الرّأس وأحكامه

البـاب الحــادي عـشـر: ( التّرغـيـب فـي حـلق الرّأس بمـنـى ). 

  •  شـرح التّبـويـب: 

- حلق الرّأس: هو إزالة شعر الرّأس، وحذف المضاف – وهو " شعر " – للعلم به، كما يقال: يحرم نتف الوجه وحلق اللّحية، أي: نتف شعر الوجه، وحلق شعر اللّحية. 

- حكمه: والحلق من واجبات الحجّ عند أكثر العلماء، وذهب الشّافعيّة إلى أنّه ركن. والدّليل:

 

أ‌) قوله تعالى:{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: من الآية 27]. 

ووجه الدّلالة أنّ الله كنّى عن العمرة هنا بالحلق والتّقصير ممّا يدلّ على وجوبهما، فتسمية الشّيء ببعضه دليل على وجوبه، كما سمّى الله الفاتحة صلاةً. 

ب‌) عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَُمْ ))، فهو للوجوب، وأفعاله بيان لأقواله. 

ت‌) أنّه أحد الأمور الثّلاثة الّتي يتمّ بها التحلّل.

- اختصاص الحلق بالرّجال: 

ذلك لما رواه أبو داود أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ )).

والقدر الّذي تأخذ منه المرأة من شعرها هو مقدار الأنملة، لما رواه ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عمر رضي الله عنه قال:" المرأة إذا أرادت أن تقصر جمعت شعرها إلى مقدّم رأسها ثمّ أخذت منه أنملة ".  

أمّا الأصلع من الرّجال، فذهب جمهور العلماء إلى أنّه يستحبّ له أن يُمِرّ الموسى على رأسه، وقال أبو حنيفة بالوجوب.

- مستحبّاته: 

أ‌) يستحبّ أن يكون بعد رمْيِ جمرة العقبة: 

لأنّ مراعاة التّرتيب أولى وأفضل، لفعله صلّى الله عليه وسلّم، فقد روى مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَتَى مِنًى، فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: (( خُـذْ )).

ب‌) كما يستحبّ لمن كان عليه هديٌ أن يكون حلقه بعد النّحر للحديث السّابق. 

وأيضا لما رواه البخاري عَنْ الْمِسْوَرِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ. 

ت‌) ومن السّنة أن يبدأ بالشقّ الأيمن، ثمّ الأيسر، لما رواه مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَتَى مِنًى، فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: (( خُذْ ))، وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ. 

والدّليل على أنّ التّرتيب لا يُشترط، هو ما رواه الشّيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: " لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ ؟" فَقَالَ: (( اذْبَـحْ وَلَا حَـرَجَ )) فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ؟ قَالَ: (( ارْمِ وَلَا حَـرَجَ )) قَالَ: فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: (( افْـعَـلْ وَلَا حَـرَجَ )). 

ث‌) ويستحبّ للمعتمر أن يكون تقصيره أو حلقه في المروة، والحاجّ في منى جمعا بين الآثار.

أمّا حلق الحاجّ بمنى: فقد دلّ عليه الأحاديث السّابقة.

أمّا حلق المعتمر أو تقصيره بالمروة: فدلّ على ذلك ما رواه مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه: أَعَلِمْتَ أَنِّي قَصَّرْتُ مِنْ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عِنْدَ الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ ؟

[والمِشقص: سهم بطرف حادّ عريض].

قال النّووي رحمه الله:

" وفيه جواز أن يكون تقصير المعتمر أو حلقه عند المروة، لأنّها موضع تحلّله، كما يستحبّ للحاجّ أن يكون حلقه أو تقصيره في منى لأنّها موضع تحلّله، وحيث حلقا أو قصرا من الحرم كلّه جاز ".

( تـنـبـيـه )

وهذا الحديث يجب حمله على أنّه قصّر صلّى الله عليه وسلّم في عمرة ( الجعرانة )، وليس في حجّته، ولا في عمرة القضاء، كيف ذلك ؟

لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع كان قارنا، فلا يمكنه أن يحلق في المروة.

ولا يصحّ حمله أيضا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع من الهجرة، لأنّ معاوية رضي الله عنه لم يكن يومئذٍ مسلما، إنّما أسلم يوم الفتح سنة ثمان.

ولا يصحّ قول من حمله على حجّة الوداع وزعم أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان متمتّعا، لأنّ هذا غلط فاحش.

والله أعلم.

  • الحـديـث الأوّل:

1158-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ )).

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ! وَلِلْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ )).

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ! وَلِلْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ )).

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ! وَلِلْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ:

(( وَلِلْمُقَصِّرِينَ )).

[رواه البخاري ومسلم وغيرهما].

  • الحـديـث الثّـاني:

1159-وَعَنْ أُمِّ الحُصَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ:

(( دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا، وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً وَاحِدَةً )).

[رواه مسلم].

  • الحـديـث الثّـالث:

1160-وَعَنْ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِين،َ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ ))

قَالَ: يَقُولُ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: وَالْمُقَصِّرِينَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ:

(( وَلِلْمُقَصِّرِينَ )).

ثُمَّ قَالَ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، فَمَا يَسُرُّنِي بِحَلْقِ رَأْسِي حُمْرَ النَّعَمِ.

[رواه أحمد، والطّبراني في "الأوسط" بإسناد حسن].

(قال الحافظ): وتقدّم في حديث ابن عمر رضي الله عنه الصّحيح أنّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْأَنْصَارِيِّ:

(( وَأَمَّا حِلاَقُكَ رَأْسَكَ فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةٌ، وَتُمْحَى عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةٌ )).

وتقدّم أيضا في حديث عبادة بن الصّامت:

(( وَأَمَّا حَلْقُكَ رَأْسَكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَعْرِكَ شَعْرَةٌ تَقَعُ فِي الأَرْضِ إِلاَّ كَانَتْ لَكَ نُورًا يَوْمَ القِيَامَةِ )).

  • شـرح الغريـب:

- قوله: ( فَمَا يَسُرُّنِي بِحَلْقِ رَأْسِي حُمْرَ النَّعَمِ ): الباء هنا هي باء البدليّة أو الثّمنية، وضابطها أن تعوّض بكلمة (بَدَلَ)، فتقول: ما يسرّني بدل الحلق حمر النّعم.

- ( حُمْر النّعم ): بتسكين الميم: جمع حمراء، أمّا ضمّها فهو جمع حمار.

والنّاقة الحمراء أي: الصّهباء الّتي يكون لونها بنّيا ذاهبا إلى الأحمر، وهي من أنفس أموال العرب.

  • الفـوائــد:

- الفائدة الأولى: اتّفق الأئمّة على أنّ الحلق أفضل من التّقصير.

وذلك من أوجه خمسة:

أ‌) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دعا لمن يحلق رأسه بالمغفرة ثلاثا، ولمن قصّر مرّة واحدة.

ب‌) أنّ الله قدّم الحلق في الذّكر على التّقصير، فقال:{ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ }.

ت‌) أنّه بقدر ما يسقط منه من شعر رأس الحاجّ، بقدر ما تُكتب له الأجور والحسنات، وتكفّر عنه الخطايا والسيّئات، كما في حديث ابن عمر الّذي ذكره المصنّف، ففيه: (( فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةٌ، وَتُمْحَى عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةٌ )).

ث‌) وكذلك من يحلق يكون أكثر نورا يوم القيامة من المقصِّر، بدلالة حديث عبادة بن الصّامت رضي الله عنه ، ففيه: (( فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَعْرِكَ شَعْرَةٌ تَقَعُ فِي الأَرْضِ إِلاَّ كَانَتْ لَكَ نُورًا يَوْمَ القِيَامَةِ )).

ج‌) قال كثير من أهل العلم: ووجه تفضيل الحلق على التّقصير أنّه أبلغ في العبادة، وأبين للخضوع والذلّة. أمّا الّذي يقصّر فإنّه يُبقِي على نفسه شيئا ممّا يتزيّن به، بخلاف الحالق، فإنّه يُشعِر بأنّه ترك ذلك لله تعالى.

- الفائدة الثّانية:

أحاديث الباب نصّ في أنّ التّقصير يجزئ عن الحلق، وهو مجمعٌ عليه، إلاّ ما يُروَى عن الحسن البصريّ والنّخعي أنّ الحلق يتعيّن في أوّل حجّة.

وفي حكاية الوجوب عنهما نظر، وذلك، لأمور:

أوّلا: لأنّ من حكاه – وهو الإمام ابن المنذر – إنّما حكاه بصيغة التّمريض.

ثانيا: أنّه قد ثبت عن الحسن خلافه، فقد قال ابن أبي شيبة: حدّثنا عبد الأعلى، عن هشام، عن الحسن قال في الّذي لم يحجّ قط:" إن شاء حلق، وإن شاء قصّر ".

ثالثا: غاية ما اعتمده من نسب ذلك إلى إبراهيم النّخعيّ، هو ما رواه ابن أبي شيبة عن إبراهيم النّخعي قال:

" إذا حجّ الرجل أوّل حجّة حلق، فإن حج أخرى فإن شاء حلق وإن شاء قصر ". ثمّ روي عنه أنه قال:" كانوا يحبّون أن يحلقوا في أوّل حجّة وأوّل عمرة " اهـ.

وهذا يدلّ على الاستحباب لا للّزوم كما لا يخفى.

- الفائدة الثّالثة:

حاول بعض أهل العلم أن يبيّن السّبب في حرص الصّحابة على التّقصير، والأولى ما قاله الخطّابي وغيره:" إنّ عادة العرب أنّها كانت تحبّ توفير الشّعر والتزيّن به، وكان الحلق فيهم قليلا ".

- الفائدة الرّابعة: يستحبّ للمتمتّع أن يجمع بين الحلق والتّقصير.

ربّما توهّم متوهّم أنّ القول باستحباب الحلق يعارض أمره صلّى الله عليه وسلّم للصّحابة في حجّتهم بالتّقصير، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لهم: (( وَلْيُقَصِّرْ ولْيَحْلِلْ )).

والصّواب أنّه لا تعارض، فقد قال الحافظ في " الفتح " (3/449):

" يستحبّ في حقّ المتمتّع أن يقصر في العمرة، ويحلق في الحجّ، إذا كان ما بين النّسكين متقاربا ".اهـ

قال الشّيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء " (3/283): " وهذه فائدة يغفل عنها كثير من المتمتّعين فيحلق بدل التّقصير ".

والله أعلم وأعزّ وأكرم.



الخميس 14 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 10 نوفمبر 2011 08:02

- تسلية المُصاب، بفقد الأهل والأحباب

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لمّا كانت الدّنيا دار بلاء، لا يزال العبد يتقلّب فيها بين السرّاء والضرّاء، والنّعم والنّقم، كان لا بدّ على المؤمن أن يتذكّر الواجب عليه عند حلول المصائب والمعايب؛ ذلك لأنّ الله عزّ وجلّ قد تعبّدنا بالصّبر كما تعبّدنا بالشّكر.

وهذه كلمات لكلّ مُصاب بفقد الأحباب والأصحاب، شعارها ودثارها قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا أَعْطَى اللهُ أَحَدًا مِنْ عَطَاءٍ أَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ )) [رواه أبو داود].

فالصّبر من أوسع أبواب الرّضا عن المولى تبارك وتعالى، ومن أراد أن يفتح الله له هذا الباب، فعليه بمفاتيح الصّبر، وهي:

الخميس 14 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 10 نوفمبر 2011 05:18

ما معنى الشّرك ؟

الأربعاء 13 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 09 نوفمبر 2011 20:52

توحيد الله من أعظم أسباب محبّة الله للعبد

الأربعاء 13 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 09 نوفمبر 2011 19:58

- شرح الأصول الثّلاثة (6) الإقرار بتوحيد الألوهيّة (صوتي)

من سلسلة: شرح الأصول الثّلاثة

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

تحميل الدّرس مكتوبا

- شرح الأصول الثّلاثة (06) الإقرار بتوحيد الألوهيّة

[بعد الحمد، والتّذكير بما سبق]:

  • · قوله تعالى: ( فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ): وأتى بالألف واللاّم هنا، للتّعريف وأنّ فرعون عصى الرّسول المبعوث إليه، ومن قواعد كلام العرب: النّكرة إذا أُعيدت نكرة كانت غيرها، وإذا أعيدت معرفة كانت نفسها.
  • · لذلك لمّا كان ابن عبّاس رضي الله عنه يقرأ قوله تعالى:{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)} [الشّرح] يقول: ولن يغلِب عُسرٌ يُسرين.
  • · ( فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلاً ): قال ابن عبّاس رضي الله عنه: أي: شديدا.
  • · قوله رحمه الله: ( الثّانية: أنَّ اللهَ لا يرضى أن يُشْرك معهُ أحدٌ في عبادتِه لا مَلَكٌ مُقَرَّب ولا نبيٌّ مُرْسَل، والدّليلُ قولُهُ تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن:18]).

وهذه المسألة غايةٌ للمسألة الأولى، فلمّا تضمّنت المسألة الأولى وجوب معرفة ربوبيّة الله تعالى، فكأنّ سائلا يسأل: فما العلّة من خلقِنا ورَزقِنا وإرسال الرّسول إلينا ؟ فيأتي الجواب: إنّما الغاية من ذلك هو عبادة الله وحده لا شريك له. 

فإذا أقرّ العبدُ بربوبيّة الله تعالى كان واجبا عليه أن يُذعِن له بالإخلاص في العبادة.

وقد روى التّرمذي في الحديث الطّويل في وصايا يحيى عليه السّلام الخمس: (( أَوَّلُهُنَّ: أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شيْئًا؛ وَإِنَّ مَثَلَ منْ أَشْرَكَ بِاللهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، فَقَال: هَذِهِ دَارِي وَهَذَا عَمَلِي، فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ، فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ ! فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ ؟)). لذلك قال المصنّف رحمه الله:

- قوله: ( لاَ يَرْضَى ): وصفة الرّضا غير صفة الإرادة؛ فالرّضا نوع من أنواعها؛ ذلك لأنّ إرادة نوعان: 

أ) إرادة كونيّة: فلا يحدُث في كونه سبحانه إلاّ ما يريد، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكُن، وضابطه: أن يُمكِّن العبدُ من الفعل، أي: يستطيع.

ب) إرادة شرعيّة، وضابطها: الأوامر والنّواهي: افعل أو لا تفعل.

والشّرك واقعٌ في الكون بإرادة الله سبحانه؛ ولو شاء الله أن لا يكون ما كان، ولكنّه لا يرضاه، فهو لا يريده الإرادة الشّرعيّة.

قال الله تعالى:{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزّمر من: 7]، وقال:{وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة من:3]، وفي صحيح مسلم والإمام أحمد - واللّفظ له - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ )).

ومن لوازم صفة الرّضا المحبّة، فإذا رضِي الله عن عبده أحبّه، وهو غاية ما تصبو إليه الأنفس والقلوب والأرواح، كما قال بعض السّلف: ليس الشأن أن تُحِبّ ولكن أن تُحَبّ؛ فإنّ محبّة الله يدّعيها كلّ أحد.

  • · قوله رحمه الله: ( أن يُشْرك ) سواء الشّرك الأكبر أو الشّرك الأصغر.

والشّرك مأخوذ من الشّركة، فإذا أزلت الشّريك تكون قد جعلت خالصا، وإنّ من عادة النّاس أن يتّخذوا شركاء ليتكثّروا ويتقوّوا بهم، والله هو الغنيّ القويّ ليس بحاجة إلى شريك يشاركه في العبادة. 

لذلك روى مسلم عن أبى هريرةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( قال اللهُ تبارك وتعالى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ )) وفي نسخة: ( وَشَرِيكَهُ ). أي: يأمر الله المشركَ يوم القيامة بأن يذهب إلى من أشركه مع الله فيلتمس منه الأجر. 

والشّرك ثلاثة أنواع:

1- شرك في الرّبوبيّة: كمن يُثبت للعالم خالقين، أو من يعتقد أنّ هناك مدبّرا للكون مع الله تعالى. وقد وقع طوائف في مثل هذا الشّرك عياذا بالله، فيعتقدون أنّ الوليّ الصّالح قد يخلق ! وقد يرزق ! بل قد يحيِي ويُميت ! وقد يردّ ملك الموت ! ومن جملة الاعتقادات الّتي انتشرت لدى غلاة المتصوّفة ما يُسمّى لديهم بديوان الصّالحين !

2- وشرك في الأسماء والصّفات: كأن يسمّى أحدٌ من الخلق أو يُوصف بما لا يليق إلاّ بالله تعالى.

3- وشرك في الألوهيّة، وهو المقصود بالمسألة الثّانية.

  • · قوله: ( معهُ أحدٌ في عبادتِه ): والعبادة في اللّغة هي غاية التذلّل والخضوع، تقول: هذا طريق معبّد، أي: مذلّل.

وفي الشّرع: هي اسمٌ جامع لما يحبّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظّاهرة. 

فالله لا يرضى أن تُصرف أيّ عبادة لغير الله أيّاً كان؛ لذلك قال:

  • · ( أحدٌ ) نكرةٌ في سياق النّفي فتفيد العموم، فتشمل الملائكة والجنّ والبشر، والجماد والحجر، والشّمس والقمر، وغير ذلك. لذلك أكّد هذا العموم:  
  • · قوله: ( لا مَلَكٌ مُقَرَّب ولا نبيٌّ مُرْسَل ): جملة للتّنبيه والتّحذير فذكر أحبّ وأقرب الخلق إلى الله تعالى، الّذين اصطفاهم على سائر العباد، وخصّهم بما لم يخصّ به غيرهم. 

فإذا كان لا يحلّ صرف شيء من العبادات إلى ملك مقرّبٍ ولو كان جبريل عليه السّلام، ولا إلى نبيّ مرسل ولو كان محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فكيف بغيرهما ؟!  

  • · قال رحمه الله: ( والدّليلُ قولُهُ تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}): 

والمساجد هي مواضع السّجود، أي: مواطن الصّلاة والعبادة، وكأنّ الله تعالى يقول لهم: إذا كنتم تعلمون أنّ المساجد لله، وتسمّونها بيوت الله، فلماذا تصرفون العبادة فيها لغيره، كما يفعل عُبّاد الأوثان، وعبّاد القبور ؟! 

ومنهم من قال: هي أعضاء السّجود؛ وعليه فالمقصود: إنّ هذه الأعضاء إنّما خلقها المولى تبارك وتعالى؛ فلماذا تسجدون بها لغيره ؟! 

و( تدعوا ): يُقصد بالدّعاء هنا العبادة، وفي سنن أبي داود والتّرمذي عن النّعمانِ بنِ بشيرٍ رضي الله عنهما عن النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: ((الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ)) وَقَرَأَ:{وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.

والدّعاء نوعان: دعاء المسألة، ودعاء الثّناء.

فدعاء المسألة: وهو الطّلب.

ودعاء الثّناء: وهو نداء المولى تبارك وتعالى دون ذكر مطلوب، ومنه ما رواه التّرمذي عن عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو رضي الله عنه أنّ النّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )).

وقد استشكل هذا الحسين بن الحسن المروزي، قال: سألت ابنَ عيينة عن دعاء عرفة فقلت: هذا ثناء وليس دعاء ؟! فقال ابن عيينة: قال: قال أميّة بن أبي الصّلت في مدح عبد الله بن جدعان:

أَأَذْكُـرُ حَـاجـَتِـي أَمْ قَـدْ كَفَـانِـي *** حَـيَـاؤُكَ إِنَّ شِـيمَـتَـكَ الحَـيَـاءُ 

إِذَا أَثْـنَـى عَـلَـيْـكَ المَـرْءُ يَـوْمًـا *** كَـفَـاهُ مِـنْ تَـعَـرُّضِـهِ الثَّـنَـاءُ 

قال سفيان: فهذا مخلوق حين نسب إلى الكرم اكتفى بالثّناء عن السّؤال، فكيف بالخالق ؟

فإذا تقرّر وجوب توحيد الله تعالى في ربوبيّته، وألوهيّته، فلازم ذلك أن يُواليَ العبد المؤمنين، وأن يُعاديَ الكافرين، وذلك ما ذكره رحمه الله في المسألة الثّالثة.

 

  

  

 : 

الأربعاء 13 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 09 نوفمبر 2011 08:25

- السّيرة النّبويّة (59) المدينة بين الأفراح والأقراح

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد توقّف بنا المسير في الحديث عن سيرة البشير النّذير عند بنائه للحجرات ملاصقةً لمسجده صلّى الله عليه وسلّم.

وبما أنّه قد تمّ بناؤه للحجرات، فإنّه حان الوقت للبناء بأكمل السيّدات، أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

إنّها رضي الله عنها تتذكّر تلك البداية .. تلكم البداية الّتي كانت بحُلم رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

ففي الصّحيحين أنّ النّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال لها: (( أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ: أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ [أي: قطعة] مِنْ حَرِيرٍ، ويقولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَاكْشِفْ عَنْهَا. فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فأقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ ))..

واليوم ترى ذلك الحلم رأي العين .. وتقصّ علينا قصّتها كما في صحيح البخاري قَالَتْ:

الثلاثاء 12 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 08 نوفمبر 2011 11:10

خطبة عيد الأضحى لعام 1432 هـ/2011 م (مرئي)

الاثنين 11 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 07 نوفمبر 2011 09:21

خطبة عيد الأضحـى لعام 1432 هـ / 2011 م (صوتي)

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

- خطبة عيد الأضحى لعام 1432 هـ/2011 م

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير..

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله .. الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد ..

الله أكبر عدد ما صام صائم وأفطر، الله أكبر عدد ما هَلّل مهلّل وكبّر ..

الله أكبر ما وقف الحجيج بصعيد عرفات، وباتوا بمزدلفة في أحسن مبات، ودفعوا إلى منى فرموا الجمرات ..

الله أكبر كلّما رجع مذنب وتاب .. الله أكبر كلّما آب عبدٌ وأناب .. الله أكبر كلّما وسّد الأموات التّراب ..

الله أكبر ما طاف طائف بالبيت الحرام .. الله أكبر كلّما نطق ناطق بكلمة الإسلام .. الله أكبر عدد اللّيالي والأيّام ..

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله ..

لا إله إلاّ الله، في السّماء ملكه، وفي الأرض سلطانه وعزّه، وفي البحر عظمته، وفي الجنّة رحمته، وفي النّار سطوته، وفي كلّ شيء حكمته وآيته ..

لا إله إلاّ الله .. ولا معبود بحقّ سواه .. يجيب المضطرّ إذا دعاه، ويغفر للمسيء إذا تاب وأتاه، ويجبر المنكسر إذا لاذ بحِمَاه ..

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلاّ الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد ..

لله الحمدُ فهو الكريم المنّان، العزيز ذي السّلطان ..

لله الحمد يعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويصل ويقطع، ويشتّت ويجمع، كلّ يوم هو في شأن ..

الحمد لله الذي هدى أولياءه لدين الإسلام، ووفّقهم لزيارة بيته الحرام، وخصهم بالشوق إلى تلك المشاعر العظام، وحط عن وفده جميع الأوزار والآثام ..

لك الحمد يا ربّ خيرا ممّا نقول، وفوق ما نقول، ومثل ما نقول ...

إِلاَهَنَا مَا أَعـدَلَـك *** مَلِيكُ  كُلِّ مَن مَلَك *** لَبَّيكَ قد لبّيت  لـك *** لبّيك إنّ الحمد لك 

والملك لا شريك لك *** ما خاب عبد سألك *** أنت له حيث سلـك *** لولاك يا ربّ هلك 

وكلّ من أهـلّ  لك *** سبّح أو لبّـى فلك *** يا مخطِئاً، ما أغفلـك *** عجّل، وبادر أجلك 

اُختُم  بخيـر  عملك *** لبّيك، إنّ الحمد لك *** والملك، لا شريك لك *** والحمد والنّعمة لك 

وأشهد أنّ محمّدا عبد ورسوله، وصفيّه وخليله، حامل لواء العزّ في بني لؤيّ، وصاحب الطّود المنيف من بني قصيّ، صاحب الغرّة والتّحجيل، المشهود برسالته في التّوراة والإنجيل، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، واللّواء المعقود، والفضل المشهود ..

اللهمّ صلِّ وسلّم على صاحب اللّواء والكوثر، اللهمّ صلّ وسلّم على من غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، ومع ذلك قام على قدمه الشّريف حتّى تفطّر ..

اللهمّ صلّ وسلّم على من اصطفيته من أهل مضر، وجعلته سيّد البشر، ما اتّصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر ..

اللهمّ صلّ وسلّم على عبدك ورسولك محمّد، وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأتقياء الأبرار .. 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)} [الأحـزاب]..

ألا إنّ أصدق الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدى هدى محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النّار، أمّا بعد:

فإنّ أوّل ما نستهلّ به معكم خطابنا، أن نتضرّع إلى ربّنا ونسأل مولانا وإلهنا، أن يبارك في أعياد المسلمين،  ويظهر نورها للعالمين، ويجعل صداها صاخّة لآذان الكافرين والمعاندين، وأن يجعل ثمراتها شجا في حلوق الملحدين، وأن يبارك في صحوة شبابنا وآبائنا، وبناتنا وأمّهاتنا.

أيّها الأحبّة في الله .. إنّ في الجَعبة لكثيرا ممّا يقال، ولو سردناه لشقّ عليكم المقام وطال .. ولكن حسبنا اليوم أن ننادي قلوبكم، التي نسأل الله تعالى أن يَغمرها بحبّه، ولذّة الأنس بقربه، نناديها بهذه الكلمات ..

كلمات خرجت من فم أطهر وأفضل الخلق وأكرمهم على الله تعالى .. كلمات تكلّم بها أحسن وأصدق وأبلغ النّاس مقالا ..

فاليوم لن تستمعوا إلاّ إلى خطبة صاحب القول المسدّد .. النبيّ المصطفى محمّد صلّى الله عليه وسلّم ..

إنّها ثلاث رسائل في كلمات قالها صلّى الله عليه وسلّم في مثل هذا اليوم المبارك الميمون .. قالها يوم النّحر فإليكموها أيّها المؤمنون ..


الجمعة 12 ذو الحجة 1436 هـ الموافق لـ: 25 سبتمبر 2015 01:19

خطبة عيد الأضحـى لعام 1432 هـ / 2011 م

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير..

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله .. الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد ..

الله أكبر عدد ما صام صائم وأفطر، الله أكبر عدد ما هَلّل مهلّل وكبّر ..

الله أكبر ما وقف الحجيج بصعيد عرفات، وباتوا بمزدلفة في أحسن مبات، ودفعوا إلى منى فرموا الجمرات ..

الله أكبر كلّما رجع مذنب وتاب .. الله أكبر كلّما آب عبدٌ وأناب .. الله أكبر كلّما وسّد الأموات التّراب ..

الله أكبر ما طاف طائف بالبيت الحرام .. الله أكبر كلّما نطق ناطق بكلمة الإسلام .. الله أكبر عدد اللّيالي والأيّام ..

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله ..

لا إله إلاّ الله، في السّماء ملكه، وفي الأرض سلطانه وعزّه، وفي البحر عظمته، وفي الجنّة رحمته، وفي النّار سطوته، وفي كلّ شيء حكمته وآيته ..

لا إله إلاّ الله .. ولا معبود بحقّ سواه .. يجيب المضطرّ إذا دعاه، ويغفر للمسيء إذا تاب وأتاه، ويجبر المنكسر إذا لاذ بحِمَاه ..

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلاّ الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد ..

لله الحمدُ فهو الكريم المنّان، العزيز ذي السّلطان ..

لله الحمد يعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويصل ويقطع، ويشتّت ويجمع، كلّ يوم هو في شأن ..

الحمد لله الذي هدى أولياءه لدين الإسلام، ووفّقهم لزيارة بيته الحرام، وخصهم بالشوق إلى تلك المشاعر العظام، وحط عن وفده جميع الأوزار والآثام ..

لك الحمد يا ربّ خيرا ممّا نقول، وفوق ما نقول، ومثل ما نقول ...

إِلاَهَنَا مَا أَعـدَلَـك *** مَلِيكُ  كُلِّ مَن مَلَك *** لَبَّيكَ قد لبّيت  لـك *** لبّيك إنّ الحمد لك

والملك لا شريك لك *** ما خاب عبد سألك *** أنت له حيث سلـك *** لولاك يا ربّ هلك

وكلّ من أهـلّ  لك *** سبّح أو لبّـى فلك *** يا مخطِئاً، ما أغفلـك *** عجّل، وبادر أجلك

اُختُم  بخيـر  عملك *** لبّيك، إنّ الحمد لك *** والملك، لا شريك لك *** والحمد والنّعمة لك

وأشهد أنّ محمّدا عبد ورسوله، وصفيّه وخليله، حامل لواء العزّ في بني لؤيّ، وصاحب الطّود المنيف من بني قصيّ، صاحب الغرّة والتّحجيل، المشهود برسالته في التّوراة والإنجيل، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، واللّواء المعقود، والفضل المشهود ..

اللهمّ صلِّ وسلّم على صاحب اللّواء والكوثر، اللهمّ صلّ وسلّم على من غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، ومع ذلك قام على قدمه الشّريف حتّى تفطّر ..

اللهمّ صلّ وسلّم على من اصطفيته من أهل مضر، وجعلته سيّد البشر، ما اتّصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر ..

اللهمّ صلّ وسلّم على عبدك ورسولك محمّد، وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأتقياء الأبرار ..

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)} [الأحـزاب]..

ألا إنّ أصدق الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدى هدى محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النّار، أمّا بعد:

فإنّ أوّل ما نستهلّ به معكم خطابنا، أن نتضرّع إلى ربّنا ونسأل مولانا وإلهنا، أن يبارك في أعياد المسلمين،  ويظهر نورها للعالمين، ويجعل صداها صاخّة لآذان الكافرين والمعاندين، وأن يجعل ثمراتها شجا في حلوق الملحدين، وأن يبارك في صحوة شبابنا وآبائنا، وبناتنا وأمّهاتنا.

أيّها الأحبّة في الله .. إنّ في الجَعبة لكثيرا ممّا يقال، ولو سردناه لشقّ عليكم المقام وطال .. ولكن حسبنا اليوم أن ننادي قلوبكم، التي نسأل الله تعالى أن يَغمرها بحبّه، ولذّة الأنس بقربه، نناديها بهذه الكلمات ..

كلمات خرجت من فم أطهر وأفضل الخلق وأكرمهم على الله تعالى .. كلمات تكلّم بها أحسن وأصدق وأبلغ النّاس مقالا ..

فاليوم لن تستمعوا إلاّ إلى خطبة صاحب القول المسدّد .. النبيّ المصطفى محمّد صلّى الله عليه وسلّم ..

إنّها ثلاث رسائل في كلمات قالها صلّى الله عليه وسلّم في مثل هذا اليوم المبارك الميمون .. قالها يوم النّحر فإليكموها أيّها المؤمنون ..

الصفحة 141 من 253

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.