أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- معركة العربيّة.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فـ" ما ذلَّت لغةُ شعبٍ إلاّ ذَلَّ، ولا انحطّت إلاّ كان أمرُه في ذَهابٍ وإدبار، ومن هذا يفرض الأجنبي المستعمِر لغته فرضًا على الأمة المستعمَرة ... فيحكم عليهم أحكامًا ثلاثةً في عملٍ واحد:

أمّا الأوّل: فحبسُ لغتِهم في لغته سجنًا مؤبّدًا.

وأمّا الثّاني: فالحكم على ماضيهم بالقتل محوًا ونسيانًا.

وأمّا الثّالث: فتقييدُ مستقبلِهم في الأغلال الّتي يصنعها، فأمرهم من بعدها لأمره تَبَع ".

[" من وحي القلم " (2/23) للرّافعي رحمه الله].

ومن مظاهر إذلال اللّغة العربيّة هجرُها، واتّخاذ العامّية خدناً بدلها.

- التّقويم الميلاديّ، وزمن مولد المسيح عليه السّلام.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد: وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.

فقد أجمع أهل العلم على أنّ الأولى هو استخدامُ التّأريخ والتّقويم الهجريّ، وإنّما اختلفوا في وجوبه، وفي حكم من قوّم وعدّ الأيّام، والشّهور والأعوام بغيره.

وأوسط الأقوال وأعدلها إن شاء الله، هو: المنع من إفراد التّاريخ الميلادي بالذّكر، بل يجب أن يذكر قبله التّاريخ الهجريّ، ثمّ يُذكر التّاريخ الميلادي بعده بحسب الحاجة والاضطرار إليه، كما هو حال كثير من بلاد الإسلام ردّها الله إلى دينه ردّا جميلا -.

ووجوه المنع من الاقتصار على التّأريخ الميلادي ما يلي:

- التّرهيب من الاِحتفَال بِأعْيادِ أهْلِ الصّلِيب.

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذه نصيحةٌ ونداءٌ، إلى المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الّذين نأمل أن يكونوا كما وصفهم ربّ الأرض والسّماوات:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب:36]..

والّذين نرجو أن يكون شعارهم ودثارهم:{وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: من الآية285].

- شهر رجب في سطور ...

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على محمّد وعلى آله أجمعين، أمّا بعد:

فقد قال أهل العلم:" إنّ لله تبارك وتعالى خواصّ، في الأزمنة والأمكنة والأشخاص "؛ وإنّ من الأزمنة الّتي خُصّت بالفضيلة: شهر رجب، ولا أدلّ على تعظيمه من تسميته بذلك، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

ولكن كشأن كلّ فضيل، فقد نُسجت حوله الأقاويل والأباطيل، وعلقت بأذهان كثير من المسلمين اعتقادات في شهر رجب ما عليها من دليل، فرغبت في بيان أهمّها في شكل سؤال وجواب، سائلا المولى تعالى التّوفيق إلى الصّواب.

- لماذا يحتفل المسلمون بأعياد الكفّار والمشركين ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اتبع سبيله واستنّ بسنّته واهتدى بهداه، أمّا بعد:

فلك أن تتساءل - أخي الكريم - عن أسباب انتشار هذه المظاهر في بلادنا ؟ .. وما سبب ضياع شخصيّتنا ؟ وما سبب ذهاب نور معالمنا ومبادئنا ومناهجنا ؟ ..

فاعلم أنّ هناك أسبابا كثيرة، وإنّنا نذكر منها ثمانية:

- Mise en garde contre la célébration des fêtes des impies

Louange à Allah le Seigneur de tous, et que le salut et la bénédiction soient sur son prophète Mohammed صلى الله عليه وسلّم, et sur ses proches et ses compagnons.

Ceci est un appel à tous les musulmans, hommes et femmes, aux croyants et aux croyantes en cette foi qui est l'Islam.

Ceci est un conseil à ceux et à celles qu'Allah a adressé la parole dans Son saint Coran en disant :

- تذكير أهل الإيمان بتعظيم لغة القرآن

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فهذه نصيحة إلى إخواننا وأخواتنا الّذين رضُوا بالله ربّا، وبالإسلام دينا، وبمحمّد نبيّا ورسولا، ثمّ بالعربيّة لغةً ولسانا.

لغة نزل بها القرآن العظيم، ونطق بها النبيّ المصطفى الأمين صلّى الله عليه وسلّم ..

نصيحة إليهم كي يجتنبوا التّحدّث بغير اللّغة العربيّة فصيحها أو عامّيتها قدر الإمكان، فيكفي أنّ الحاجة والضّرورة تقودنا إلى التحدّث بغيرها في كلّ مكان.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

Previous
التالي
عبد الحليم توميات

عبد الحليم توميات

الاثنين 18 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 14 نوفمبر 2011 07:42

شرح الأصول الثّلاثة (07) الولاء والبراء من أصول الدّين (صوتي)

من سلسلة: شرح الأصول الثّلاثة

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

تحميل الدّرس مكتوبا

- شرح الأصول الثّلاثة (07) الولاء والبراء من أصول الدّين

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد تقرّر في المجالس السّابقة وجوب توحيد الله تعالى في ربوبيّته، وألوهيّته، فلازم ذلك أن يُواليَ العبد المؤمنين، وأن يُعاديَ الكافرين، وذلك ما ذكره رحمه الله في المسألة الثّالثة. 

  • · قال رحمه الله: ( الثّالثة: أنَّ مَنْ أطاعَ الرّسولَ ووحَّدَ اللهَ لا يجوزُ لهُ مُوالاةُ مَنْ حادَّ اللهَ ورسولَهُ ولو كان أقْرَبَ قريبٍ. والدّليلُ قوله تَعَالىٰ: {لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة:22].  

تضمّنت المسألة الثّالثة أصلاً من أصول العقيدة الإسلاميّة، ألا وهو: الولاء والبراء، وبيّن التّلازم بين هذه المسألة والمسألتين قبلها بـ: 

  • · قوله رحمه الله: ( الثّالثة: أنَّ مَنْ أطاعَ الرّسولَ ووحَّدَ اللهَ لا يجوزُ لهُ مُوالاةُ مَنْ حادَّ اللهَ ورسولَهُ ولو كان أقْرَبَ قريبٍ ):

فقوله: ( من أطاع الرّسول ) وطاعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هي أن يوافقه ويتابعه وهو مختار. 

قال: ( ووحّد الله ): أي أفرده بالعبادة، ولم يُشرِك به أحدا كما سبق بيانه.

فالمصنّف رحمه الله يشترط هذه الأصلَ زيادةً على الشّهادتين، وأنّ الشّهادتين لا قيام لهما إلاّ بالأصل الثّالث.

قوله: ( لا يجوزُ لهُ مُوالاةُ ): أي: يحرُم.

- والولاء والموالاة: من ( الوَلْي )، وهو: القرب والدنوّ -كما في "لسان العرب"-، فتقول: هذا يلِي هذا، أي: يقرب منه، ومنه قولك: هذا أولى، أي: أقرب.

وأُطلق على المحبوب لقربه من المحِبّ، فأطلقته العرب على جماعة كثيرة: الربّ، والمالك، والسّيد، والمعتق، والمعتَق، والنّاصر، والتّابع، والجار، وابن العمّ، والحليف، والصّهر، والعبد.

قال ابن منظور رحمه الله:" ويلاحظ في هذه المعاني أنّها تقوم على النّصرة والمحبّة ".

أمّا الولاء شرعا: فهو النّصرة والمحبّة، وأن يكون المرء مع من يحبّ ظاهرا وباطنا.

- ويقابله البراء: وهو في اللّغة من الخلاص والتنزه والابتعاد، ومنه الاستبراء من البول أي التخلّص والتنزّه.

شرعا: هو البُعدُ والخلاص والعداوة.

  • · قال: ( من حادّ الله الله ورسوله ): والمحادّة: وقوع هذا في حدّ، وذاك في حدّ، كالمشاقّة، يقال: حادّ فلانٌ فلاناً، أي: صار في جانب والآخر في جانب آخر.

فالولاء للمؤمنين، والبراء من الكفّار والمشركين: من التّوحيد العمليّ الطلبيّ الّذي تضمّنته سورة الكافرون، فهو أصل من أصول الإسلام، وقد روى الطّبراني بسند حسن والبغويّ عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأبي ذرّ رضي الله عنه: (( أَيُّ عُرَى الإِيمَانِ أَوْثَقُ ؟)) قال: الله ورسوله أعلم. قال صلّى الله عليه وسلّم: (( أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ المُوَالاَةُ فِي اللهِ وَالمُعَادَاةُ فِي اللهِ، وَالحُبُّ فِي اللهِ وَالبُغْضُ فِي اللهِ )). 

فقرابة الدّين أولى وأعظم وأوجب من قرابة النّسب؛ بدليل أنّه لا يرثُ المسلم الكافر ولو كان ولدَه، أو والدَه.

وقد أدرك الأعداءُ أنّهم لا يقدِرون على زعزعة الإيمان في قلوب المسلمين بالغزو والاستدمار، فراحوا يشنّون الغارة تلو الغارة على أصول الإيمان، ومن أخطر مخطّطاتهم تمييع قضيّة الولاء والبراء في قلوب المسلمين، بدءاً بطمس برامج تعليم الصّبيان، إلى الدّعوة إلى خلط الأديان.

ولكن هيهات .. فإنّهم إن استطاعوا طمس البرامج والمناهج، فهل يستطيعون طمس آيات الله الكثيرة، وأحاديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الوفيرة ؟ قال الشّيخ عبد العزيز بن عتيق رحمه الله:" أكثر النّصوص بعد الأمر بالتّوحيد هي نصوص الولاء والبراء ".

1- من ذلك:قوله تعالى:{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران:28]، فقد تبرّأ الله تعالى في هذه الآية ممّن يوالي الكفرة، وتأمّل كيف عبّر بالفعل {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} لاستهجانه، وتأمّل وجه تبرّؤ الله من الموالي للكفّار بقوله:{فَلَيْسَ مِنَ اللهِ}: أي إنّ الله بريء منه كقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا )).

فإذ لم يكن من الله فممّن هو ؟ جاء الجواب في:

2- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51].

وذكر ابن الجوزيّ رحمه الله في ذلك قولين:

أحدهما: من يتولّهم في الدّين، فإنّه منهم في الكفر.

والثّاني: من يتولّهم في العهد فإنّه منهم في مخالفة الأمر.

لذلك كانت الموالاة منها ما هو كفرٌ، ومنها ما هو فجور وفسق.

فالّتي تُعدّ كفرا: موالاتُهم في الدّين، والرّضا عن دينهم، وتفضيلهم على المؤمنين، ونشر دينهم أو تمكينهم من ذلك، وإعانتهم على قتل المسلمين.

والّتي تعدّ فجورا ما دون ذلك، كتقليدهم.

3- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} [آل عمران: من الآية118]. وبطانة الرّجل هم: خاصّته الّذين يستبطنون أمره، ويطّلعون على باطن أمره، ورحم الله القائل:

كلّ العداوات ترجى مودّتها *** إلاّ عداوة من عاداك في الدّين 

ثمّ بيّن تعالى المعنى الّذي لأجله نهى عن المواصلة فقال:{لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} يعني: لا يُقصّرون السّعي في إفسادكم؛ فإنّهم وإن لم يقاتلوكم في الظّاهر، فإنّهم لا يتركون الجهد في المكر والخديعة.

4- قوله عزّ وجلّ:{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} [النساء:139]. فبيّن الله تعالى أنّ موالاة الكافرين من أبرز صفات المنافقين، وما ذلك إلاّ لانعدام يقينهم في الله عزّ وجلّ؛ لذلك قال:{أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ} أي: المنعة وشدّة الغلبة.

5- قوله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً} [النساء:144]، أي: إن تولّيتموهم جعلتم لله حجّة لتعذيبكم ومعاقبتكم.

6- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة:57].

7- قوله عزّ وجلّ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة:23].

8- قوله جلّ جلاله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة من:1].

9- قوله تعالى:{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52].

10- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} [الممتحنة:13].

ومن الآيات ما ذكره المصنّف رحمه الله، فقال:

  • · قوله: ( والدّليل قوله تعالى:" لاَ تَجِدُ ": وعبّر بالخبر دون النّهي لتوكيد القيام بهذا الأصل، فلا يكون ولن يكون ذلك.
  • · ( قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ): أي: لا يجتمع الإيمان وحبّ أهل الكفر والشّرك في قلب عبدٍ أبداً. 
  • · ( يُوَادُّونَ ) من المودّة وهي شدّة الحبّ ( مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ): أي: حاربهما. وأكّد ذلك بضرب الأمثلة بأقرب قريب: 
  • · ( وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ ) فبدأ بالأصول لشرف المرتبة وتعظيمها ( أَوْ أَبْنَاءَهُمْ ) وثنّى بالفروع لشدّة حبّهم والميل إلى الرّحمة بهم ( أَوْ إِخْوَانَهُمْ ) وهم الحواشي الّذين تربط العبدَ بهم رابطة المحبّة والتّعاطف ( أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ): وهم القبيلة الّتي يتكثّر بها.
  • · ( أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ ) أي: هؤلاء الّذين لا يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم، أو أبناءهم، أو إخوانهم، أو عشيرتهم {كَتَبَ اللهُ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ} أي: نقشه في قلوبهم فلا يُمحَى {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} ثبّتهم وقوّاهم ببرهان منه ونور وهدى.
  • · ( وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ): أي يُدخلهم درا كرامته والنّعيم الأبديّ؛ لأنّهم تركوا النّعيم الّذي وعدهم به الأعداء، ويقرّبهم منه لطمعهم في قربه.
  • · ( رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ): وهذا من باب الجزاء من جنس العمل، فكما أنّهم قدّموا رضا الله على رضا غيره، أثابهم الله برضوانٍ منه.

روى التّرمذي أنّ معاويةَ رضي الله عنه كتب إلى عائشةَ رضي الله عنها أنْ: اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ ولا تكْثِرِي عليَّ، فكتبتْ عائشةُ رضي الله عنها إليه: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أمّا بعدُ، فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ )) وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ.

  • · ( أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ): الفلاح كلمة جامعة للخير كلّه، مأخوذ من فلح الأرض؛ لأنّ الفلاّح يغرس ثمرة واحدة فيجني ثمارًا كثيرة طيبّة، فكذلك المؤمن يعمل حسنات قليلة فيجني الفوز في الدنيا والآخرة.

فمعنى ( الفلاح ): الفوز بالجنّة والبقاء بها. قال ابن أبي إسحاق:" المفلحون هم الّذين أدركوا ما طلبوا، ونجوا من شرّ ما منه هربوا "، وقال آخر: " الفلاح هو الظّفر بالمطلوب، والنّجاة من المرهوب ".

ولمّا وقع المسلمون فيما نهاهم الله عنه وصاروا يوالون الكفّار والفجّار، ويعادون الأطهار والأبرار، أذاقهم الله تعالى ما ذاقوه من الذلّ والهوان، والخزي والحرمان، مصداقا لقوله تعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، وفي " المسند" عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: ((.. وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ )).

وما أعظم كلمةَ الإمام أبي الوفاء بن عقيل رحمه الله وهو يبيّن أنّ هذا الأصل هو معيارُ للإيمان:" إذا أردت أن تعلمَ محلّ الإسلام من أهل الزّمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبّيك، وإنّما انظر إلى مواطأتهم أعداءَ الشّريعة، عاش ابن الرّاوندي والمعرّي عليهما لعائن الله ينظُمون وينثُرون، هذا يقول حديث خرافة، والمعرّي يقول تلوا باطلا وجلوا صارما، وعاشوا سنين، وعُظِّمت قبورُهم، واشتُرِيت تصانيفُهم، وهذا يدلّ على برودة الدّين في القلب " [" الآداب الشّرعيّة " لابن مفلح رحمه الله].

[يُتبع إن شاء الله].

 

  

  

 : 

 

الاثنين 18 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 14 نوفمبر 2011 06:14

- شرح الأصول الثّلاثة (7) الولاء والبراء من أصول الدّين

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد تقرّر في المجالس السّابقة وجوب توحيد الله تعالى في ربوبيّته، وألوهيّته، فلازم ذلك أن يُواليَ العبد المؤمنين، وأن يُعاديَ الكافرين، وذلك ما ذكره رحمه الله في المسألة الثّالثة.

  • · قال رحمه الله: ( الثّالثة: أنَّ مَنْ أطاعَ الرّسولَ ووحَّدَ اللهَ لا يجوزُ لهُ مُوالاةُ مَنْ حادَّ اللهَ ورسولَهُ ولو كان أقْرَبَ قريبٍ. والدّليلُ قوله تَعَالىٰ: {لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة:22].
السبت 16 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 12 نوفمبر 2011 18:06

- زكاة مِائَتَيْ حديث من أحاديث المصطفى صلّى الله عليه وسلّم

" كان شيخنا الجليل المحدِّث عبد القادر الأرناؤوط رحمه الله تعالى (1347- 1425 هـ/ 1928- 2004 م) محدِّثًا جِهبذًا، وإمامًا قدوة، جمع بين العلم والعمل، مع الدَّعوة إلى الله على بصيرة، بأسلوب حكيم يفيض رقَّة ولطفًا.

وقد غلب عليه في مجالسه العامَّة والخاصَّة روايةُ ما صحَّ من أحاديث النبيِّ المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، يختارها بعناية فائقة، لا سيَّما ما كان من جوامع كلمه صلّى الله عليه وسلّم؛ رغبةً منه في نشر السنَّة وتبصير المسلمين بها، وتوثيق صلتهم بأحاديث نبيِّهم الّتي هي وحيٌ من الله وشرع قويم.

ومن هنا كانت مجالسه مجالسَ علم وخير وبركة وأُنس, ومن الأحاديث التي كان الشّيخ لا يفتأ يردِّدها، ويشرحها، ويبثُّ معانيَها، ويحثُّ على العمل بها، والتمسُّك بهديها، خمسةُ أحاديثَ جامعةٌ لأصول الدِّين وآدابه، كان يرويها زكاةً عن مائتي حديث ممّا يحفظ من أحاديث النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم.

السبت 16 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 12 نوفمبر 2011 15:33

من آداب الطّريق وحقوقه (مرئي)

السبت 16 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 12 نوفمبر 2011 14:48

175- ما حكم الذّكر بين السّجدتين ؟

السّؤال الأوّل:

ما حكم قول "رَبِّ اغْفِرْ لِي " بين السّجدتين في الصّلاة، هل هو واجب أو لا ؟ وما حكم من لم يأتِ بذلك متعمّدا، أو ناسيا، أو جاهلا بحكمها ؟ وبارك الله فيكم.

السبت 16 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 12 نوفمبر 2011 07:17

مراتب النّاس في دخول الجنّة

السبت 16 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 12 نوفمبر 2011 05:06

من آداب الطّريق وحقوقه (صوتي)

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

 من آداب الطّريق وحقوقه

الجمعة 16 ذو الحجّة 1432 هـ/ 11 نوفمبر 2011 م 

الخطبة الأولى:[بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ من أعظم الآيات التي أنزلها الله في كتابه، وضمّنها محكم خطابه، قوله عزّ وجلّ في سورة النّحل:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90].

قال ابن مسعود:" هذه أجمع آية في القرآن لخير يمتثل ولشر يجتنب "، كأنّه يقول: إنّه إذا اختلطت عليك الأمور، والتبست عليك الطيّبات بالشّرور، فضعها على هذا الميزان، فإن كان يؤدّي إلى العدل والإحسان فاعلم أنّ الله أمر به، وإن كان فيه إثم وبغي ومنكر فاعلم أنّ الله قد نهى عنه.

وممّا يَلفت النّظر: أنّ الله ذكر هذه الآية في سورة تسمّى سورة النّعم، وأعظم نعمة هي أن تكون مأمورا بالعدل والإحسان، منهيّا عن كلّ ما يُبعد عن الرّحمن. 

وإنّ العدل والإحسان قد قرّبه إليك النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أوجز عبارة، وأناخه ببابك في أحسن إشارة، وذلك فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي جحيفة السّوائي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( أَعْطِ كُلّ ذِي حَقِّ حَقَّهُ )). فحقّ الله على العبيد توحيده وإخلاص العبادة له، وحقّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تعظيمه وإخلاص المتابعة له، وحقّ القرآن العمل به والدّعوة إليه، وحقّ الخلق الإحسان إليهم واجتناب إيذاءهم.

ولكنّني لن أحدّثكم اليوم عن هذه الحقوق، إنّما سأحدّثكم عن حقّ يكاد أن تذهب به رياح النّسيان، شاب عليه الكبار وشبّ عليه الولدان، ولسان صاحب الحقّ يقول: لو أنّ لي بكم قوّة أو آوي إلى ركن شديد، أليس منكم رجل رشيد !؟

إنّه حقّ الطّريق معاشر المسلمين .. الطّريق الّذي تطرقه أقدام الصّغير والكبير، الغنيّ والفقير، العظيم والحقير، الرجال والنّساء، في كلّ يوم عشرات المرّات، ما هي حقوقه ؟ وما هي آدابه ؟

الجمعة 15 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 11 نوفمبر 2011 19:11

- من آداب الطّريق وحقوقه

الجمعة 16 ذو الحجّة 1432 هـ/ 11 نوفمبر 2011 م

الخطبة الأولى:[بعد الحمد والثّناء]

فإنّ من أعظم الآيات التي أنزلها الله في كتابه، وضمّنها محكم خطابه، قوله عزّ وجلّ في سورة النّحل:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90].

قال ابن مسعود:" هذه أجمع آية في القرآن لخير يمتثل ولشر يجتنب "، كأنّه يقول: إنّه إذا اختلطت عليك الأمور، والتبست عليك الطيّبات بالشّرور، فضعها على هذا الميزان، فإن كان يؤدّي إلى العدل والإحسان فاعلم أنّ الله أمر به، وإن كان فيه إثم وبغي ومنكر فاعلم أنّ الله قد نهى عنه.

وممّا يَلفت النّظر: أنّ الله ذكر هذه الآية في سورة تسمّى سورة النّعم، وأعظم نعمة هي أن تكون مأمورا بالعدل والإحسان، منهيّا عن كلّ ما يُبعد عن الرّحمن.

الجمعة 15 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 11 نوفمبر 2011 08:46

شرح كتاب الحجّ 18:حلق الرّأس وأحكامه

من سلسلة: شرح كتاب الحجّ من (صحيح التّرغيب والتّرهيب)

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

شرح كتاب الحجّ 18:حلق الرّأس وأحكامه

البـاب الحــادي عـشـر: ( التّرغـيـب فـي حـلق الرّأس بمـنـى ). 

  •  شـرح التّبـويـب: 

- حلق الرّأس: هو إزالة شعر الرّأس، وحذف المضاف – وهو " شعر " – للعلم به، كما يقال: يحرم نتف الوجه وحلق اللّحية، أي: نتف شعر الوجه، وحلق شعر اللّحية. 

- حكمه: والحلق من واجبات الحجّ عند أكثر العلماء، وذهب الشّافعيّة إلى أنّه ركن. والدّليل:

 

أ‌) قوله تعالى:{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: من الآية 27]. 

ووجه الدّلالة أنّ الله كنّى عن العمرة هنا بالحلق والتّقصير ممّا يدلّ على وجوبهما، فتسمية الشّيء ببعضه دليل على وجوبه، كما سمّى الله الفاتحة صلاةً. 

ب‌) عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَُمْ ))، فهو للوجوب، وأفعاله بيان لأقواله. 

ت‌) أنّه أحد الأمور الثّلاثة الّتي يتمّ بها التحلّل.

- اختصاص الحلق بالرّجال: 

ذلك لما رواه أبو داود أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ )).

والقدر الّذي تأخذ منه المرأة من شعرها هو مقدار الأنملة، لما رواه ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عمر رضي الله عنه قال:" المرأة إذا أرادت أن تقصر جمعت شعرها إلى مقدّم رأسها ثمّ أخذت منه أنملة ".  

أمّا الأصلع من الرّجال، فذهب جمهور العلماء إلى أنّه يستحبّ له أن يُمِرّ الموسى على رأسه، وقال أبو حنيفة بالوجوب.

- مستحبّاته: 

أ‌) يستحبّ أن يكون بعد رمْيِ جمرة العقبة: 

لأنّ مراعاة التّرتيب أولى وأفضل، لفعله صلّى الله عليه وسلّم، فقد روى مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَتَى مِنًى، فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: (( خُـذْ )).

ب‌) كما يستحبّ لمن كان عليه هديٌ أن يكون حلقه بعد النّحر للحديث السّابق. 

وأيضا لما رواه البخاري عَنْ الْمِسْوَرِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ. 

ت‌) ومن السّنة أن يبدأ بالشقّ الأيمن، ثمّ الأيسر، لما رواه مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَتَى مِنًى، فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: (( خُذْ ))، وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ. 

والدّليل على أنّ التّرتيب لا يُشترط، هو ما رواه الشّيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: " لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ ؟" فَقَالَ: (( اذْبَـحْ وَلَا حَـرَجَ )) فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ؟ قَالَ: (( ارْمِ وَلَا حَـرَجَ )) قَالَ: فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: (( افْـعَـلْ وَلَا حَـرَجَ )). 

ث‌) ويستحبّ للمعتمر أن يكون تقصيره أو حلقه في المروة، والحاجّ في منى جمعا بين الآثار.

أمّا حلق الحاجّ بمنى: فقد دلّ عليه الأحاديث السّابقة.

أمّا حلق المعتمر أو تقصيره بالمروة: فدلّ على ذلك ما رواه مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه: أَعَلِمْتَ أَنِّي قَصَّرْتُ مِنْ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عِنْدَ الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ ؟

[والمِشقص: سهم بطرف حادّ عريض].

قال النّووي رحمه الله:

" وفيه جواز أن يكون تقصير المعتمر أو حلقه عند المروة، لأنّها موضع تحلّله، كما يستحبّ للحاجّ أن يكون حلقه أو تقصيره في منى لأنّها موضع تحلّله، وحيث حلقا أو قصرا من الحرم كلّه جاز ".

( تـنـبـيـه )

وهذا الحديث يجب حمله على أنّه قصّر صلّى الله عليه وسلّم في عمرة ( الجعرانة )، وليس في حجّته، ولا في عمرة القضاء، كيف ذلك ؟

لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع كان قارنا، فلا يمكنه أن يحلق في المروة.

ولا يصحّ حمله أيضا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع من الهجرة، لأنّ معاوية رضي الله عنه لم يكن يومئذٍ مسلما، إنّما أسلم يوم الفتح سنة ثمان.

ولا يصحّ قول من حمله على حجّة الوداع وزعم أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان متمتّعا، لأنّ هذا غلط فاحش.

والله أعلم.

  • الحـديـث الأوّل:

1158-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ )).

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ! وَلِلْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ )).

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ! وَلِلْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ )).

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ! وَلِلْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ:

(( وَلِلْمُقَصِّرِينَ )).

[رواه البخاري ومسلم وغيرهما].

  • الحـديـث الثّـاني:

1159-وَعَنْ أُمِّ الحُصَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ:

(( دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا، وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً وَاحِدَةً )).

[رواه مسلم].

  • الحـديـث الثّـالث:

1160-وَعَنْ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِين،َ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ ))

قَالَ: يَقُولُ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: وَالْمُقَصِّرِينَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ:

(( وَلِلْمُقَصِّرِينَ )).

ثُمَّ قَالَ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، فَمَا يَسُرُّنِي بِحَلْقِ رَأْسِي حُمْرَ النَّعَمِ.

[رواه أحمد، والطّبراني في "الأوسط" بإسناد حسن].

(قال الحافظ): وتقدّم في حديث ابن عمر رضي الله عنه الصّحيح أنّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْأَنْصَارِيِّ:

(( وَأَمَّا حِلاَقُكَ رَأْسَكَ فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةٌ، وَتُمْحَى عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةٌ )).

وتقدّم أيضا في حديث عبادة بن الصّامت:

(( وَأَمَّا حَلْقُكَ رَأْسَكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَعْرِكَ شَعْرَةٌ تَقَعُ فِي الأَرْضِ إِلاَّ كَانَتْ لَكَ نُورًا يَوْمَ القِيَامَةِ )).

  • شـرح الغريـب:

- قوله: ( فَمَا يَسُرُّنِي بِحَلْقِ رَأْسِي حُمْرَ النَّعَمِ ): الباء هنا هي باء البدليّة أو الثّمنية، وضابطها أن تعوّض بكلمة (بَدَلَ)، فتقول: ما يسرّني بدل الحلق حمر النّعم.

- ( حُمْر النّعم ): بتسكين الميم: جمع حمراء، أمّا ضمّها فهو جمع حمار.

والنّاقة الحمراء أي: الصّهباء الّتي يكون لونها بنّيا ذاهبا إلى الأحمر، وهي من أنفس أموال العرب.

  • الفـوائــد:

- الفائدة الأولى: اتّفق الأئمّة على أنّ الحلق أفضل من التّقصير.

وذلك من أوجه خمسة:

أ‌) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دعا لمن يحلق رأسه بالمغفرة ثلاثا، ولمن قصّر مرّة واحدة.

ب‌) أنّ الله قدّم الحلق في الذّكر على التّقصير، فقال:{ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ }.

ت‌) أنّه بقدر ما يسقط منه من شعر رأس الحاجّ، بقدر ما تُكتب له الأجور والحسنات، وتكفّر عنه الخطايا والسيّئات، كما في حديث ابن عمر الّذي ذكره المصنّف، ففيه: (( فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةٌ، وَتُمْحَى عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةٌ )).

ث‌) وكذلك من يحلق يكون أكثر نورا يوم القيامة من المقصِّر، بدلالة حديث عبادة بن الصّامت رضي الله عنه ، ففيه: (( فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَعْرِكَ شَعْرَةٌ تَقَعُ فِي الأَرْضِ إِلاَّ كَانَتْ لَكَ نُورًا يَوْمَ القِيَامَةِ )).

ج‌) قال كثير من أهل العلم: ووجه تفضيل الحلق على التّقصير أنّه أبلغ في العبادة، وأبين للخضوع والذلّة. أمّا الّذي يقصّر فإنّه يُبقِي على نفسه شيئا ممّا يتزيّن به، بخلاف الحالق، فإنّه يُشعِر بأنّه ترك ذلك لله تعالى.

- الفائدة الثّانية:

أحاديث الباب نصّ في أنّ التّقصير يجزئ عن الحلق، وهو مجمعٌ عليه، إلاّ ما يُروَى عن الحسن البصريّ والنّخعي أنّ الحلق يتعيّن في أوّل حجّة.

وفي حكاية الوجوب عنهما نظر، وذلك، لأمور:

أوّلا: لأنّ من حكاه – وهو الإمام ابن المنذر – إنّما حكاه بصيغة التّمريض.

ثانيا: أنّه قد ثبت عن الحسن خلافه، فقد قال ابن أبي شيبة: حدّثنا عبد الأعلى، عن هشام، عن الحسن قال في الّذي لم يحجّ قط:" إن شاء حلق، وإن شاء قصّر ".

ثالثا: غاية ما اعتمده من نسب ذلك إلى إبراهيم النّخعيّ، هو ما رواه ابن أبي شيبة عن إبراهيم النّخعي قال:

" إذا حجّ الرجل أوّل حجّة حلق، فإن حج أخرى فإن شاء حلق وإن شاء قصر ". ثمّ روي عنه أنه قال:" كانوا يحبّون أن يحلقوا في أوّل حجّة وأوّل عمرة " اهـ.

وهذا يدلّ على الاستحباب لا للّزوم كما لا يخفى.

- الفائدة الثّالثة:

حاول بعض أهل العلم أن يبيّن السّبب في حرص الصّحابة على التّقصير، والأولى ما قاله الخطّابي وغيره:" إنّ عادة العرب أنّها كانت تحبّ توفير الشّعر والتزيّن به، وكان الحلق فيهم قليلا ".

- الفائدة الرّابعة: يستحبّ للمتمتّع أن يجمع بين الحلق والتّقصير.

ربّما توهّم متوهّم أنّ القول باستحباب الحلق يعارض أمره صلّى الله عليه وسلّم للصّحابة في حجّتهم بالتّقصير، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لهم: (( وَلْيُقَصِّرْ ولْيَحْلِلْ )).

والصّواب أنّه لا تعارض، فقد قال الحافظ في " الفتح " (3/449):

" يستحبّ في حقّ المتمتّع أن يقصر في العمرة، ويحلق في الحجّ، إذا كان ما بين النّسكين متقاربا ".اهـ

قال الشّيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء " (3/283): " وهذه فائدة يغفل عنها كثير من المتمتّعين فيحلق بدل التّقصير ".

والله أعلم وأعزّ وأكرم.



الخميس 14 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 10 نوفمبر 2011 08:02

- تسلية المُصاب، بفقد الأهل والأحباب

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لمّا كانت الدّنيا دار بلاء، لا يزال العبد يتقلّب فيها بين السرّاء والضرّاء، والنّعم والنّقم، كان لا بدّ على المؤمن أن يتذكّر الواجب عليه عند حلول المصائب والمعايب؛ ذلك لأنّ الله عزّ وجلّ قد تعبّدنا بالصّبر كما تعبّدنا بالشّكر.

وهذه كلمات لكلّ مُصاب بفقد الأحباب والأصحاب، شعارها ودثارها قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا أَعْطَى اللهُ أَحَدًا مِنْ عَطَاءٍ أَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ )) [رواه أبو داود].

فالصّبر من أوسع أبواب الرّضا عن المولى تبارك وتعالى، ومن أراد أن يفتح الله له هذا الباب، فعليه بمفاتيح الصّبر، وهي:

الصفحة 148 من 253

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.