فكلّ استشهادٍ استدلالٌ، وليس العكس.
- نشأة فنّ تنزيل الآيات على الواقع.
- من ص 55 إلى ص 69: تحدّث الكاتب عن نشأة تنزيل الآيات على الواقع في عصر النبوّة والصّحابة والتّابعين، وضرب أمثلةً عديدةً على ذلك.
ثمّ تحدّث عن ضعفِه وتراجعِه لأسبابٍ كثيرة، كطبيعة المصنّفات من اختصارٍ، وتقيّدٍ بالمأثور، وخوف الأذى، والتّرف الفكريّ، والاهتمام بالحواشي، وأنّ المغاربة كانوا أكثر اهتماما بالتّنزيل من غيرهم.
وممّن أحيا تنزيل الآيات على الواقع من المفسّرين: محمّد عبده رحمه الله، حيث أكثر من ذلك، ولكنّ عيْبَه كان عدمَ انضباطه بالمنهج الصّحيح في التّفسير.
وممّن حذا حذوه مُجِيدًا متقِناً: محمّد رشيد رضا، وابنُ باديس، والمراغي رحمهم الله.
- أنواع تنزيل الآيات على الواقع باعتبارات مختلفة.
- من ص 71 إلى ص 78: تحدّث المؤلّف عن أنواع تنزيل الآيات على الواقع باعتبارات مختلفة، فمنها:
النّوع الأوّل: باعتبار التّصريح وعدمه نوعان:
أ) تنزيل التصريح، كقول المفسِّر: كما هو عليه أهلُ زماننا، ونحو ذلك.
ب) تنزيل التّلميح، كتفسير مجاهدٍ رحمه الله لكثير من الآيات، حيثُ يُفهَم منه أنّه ينزّلها على واقعه من ظلم الحجّاج بن يوسفَ.
كقوله في آية:{لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}: ليس للظّالمين عهدٌ، وإذا عاهدته فانقُضْه.
وقولِه في آية:{وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ}: هم السفّاكون للدّماء بغير حقّها.
وقد يلمّح المفسِّر أحيانا لغرض آخر، كما فعل الشّيخ شلتوت رحمه الله في تفسير قوله تعالى:{إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ ...} الآيةَ، فقال:
" أظنّ أنّ أحدا لا يستطيع بعد هذا أن يزعمَ لغير أبي بكر رضي الله عنه مكانةَ أبي بكر ...".
فهو لم يصرّح بذكر الشّيعة؛ لأنّه كان ميّالاً إلى التقريب بين الشيعة والسنّة.
النّوع الثّاني: باعتبار الجزئية والكلّية، وهو ثلاثة أنواع:
أ) تنزيل كلّي: وهو مطابقة الآية للواقع تماما.
من ذلك ما ذكره القرطبيّ رحمه الله عند تفسير قوله تعالى:{وَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً}، وأنّ الله تعالى ستره عن أعينِ العدوّ عند قراءته أوائل يس.
ب) تنزيل جزئي: أن يطابق الواقع جزءا من الآية.
كما فعل الرّازي رحمه الله في تفسير:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} فذكر من واقعه ما يطابق قوله تعالى:{لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} دون بقيّة أجزاء الآية.
ج) تنزيل عكسي: فيذكر المفسّر واقعا والآية تأمر بضدّه أو تنهى عمّا يخالفه.
منه ما ذكره أبو حيّان رحمه الله في تفسير قوله تعالى:{اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}، حيث ذكر ما يفعله المتصوّفة من الجهر بالذّكر، وتركِ الاكتساب، والعيشِ عالةً على النّاس متظاهرين بالصّلاح.
ونتابع ذكرَ الفوائد في حلقة أخرى إن شاء الله تعالى.