نصّ الجواب:
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته، ونسأل الله عزّ وجلّ أن يفرّج عنّا وعنكم وعن جميع المسلمين، آمين.
· أمّا فيما يخصّ حلق اللّحية فمحرّم بلا شكّ، وعليه المذاهب الأربعة.
قال ابن حزم رحمه الله في " مراتب الإجماع " (ص175): " اتّفقوا أنّ حلق اللّحية مُثلة لا تجوز ". والمثلة هي التّشويه للخِلقة.
وانظر " فتح القدير " (2/347) و" حاشية ابن عابدين " (2/418) في الفقه الحنفيّ.
و" الفواكه الدّواني " (2/402) و" حاشية العدوي " (2/409) في الفقه المالكي.
و" المبدع في شرح المقنع " (1/105) و" الفروع " (1/129) كلاهما لابن مفلح و" كشاف القناع " (1/75) للبهوتي في الفقه الحنبليّ.
و" المجموع " (1/290) و" شرح مسلم " للنّووي (3/149-151) و" فتح الباري " (10/350) لابن حجر في الفقه الشّافعي.
ولم ينقل خلافٌ في تحريم حلقها إلاّ عن بعض المتأخّرين منهم القاضي عياض رحمه الله وعفا عنه، وردّ العلماء هذا القول بشدّة.
· وسبب تحريم حلقها:
- أنّه من تغيير خلق الله عزّ وجلّ، حيث قال تعالى:{وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}.
- وفي حلقها أيضا مشابهةً للمشركين. روى الشّيخان عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( خَالِفُوا الْمُشْرِكِين:َ وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ )).
- وفي حلقها مشابهة للنّساء، وإلاّ فلماذا لم يَخلق الله للمرأة لحيةً كالرّجل ؟ وما أحسن قول أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: زِينَةُ الرَّجُلِ في لِحْيَتِهِ.
- وقد أثبت الطبّ الحديث أنّ الّذين يحلقون لحاهم يعرّضون أنفسهم للأذى، والشّرع يحرّم الإضرار بالنّفس.
· أمّا حلقها من أجل العمل وسؤالك المخرج من ذلك:
فخير مجيبٍ على تساؤلك هو المولى تبارك وتعالى القائل:{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)}
وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلّم: (( لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ )), فعليك أن تثبُت أمام هذه القرارات الجائرة، وتسأل الله الثبات على دينه وطاعته.
ثمّ تنظر من له جاه ومكانة فيُعِينك على البقاء في عملك دون معصية الله عزّ وجلّ.
وتذكّر حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ تَسْتَبْطِئُوا الرِّزْقَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَبْدٌ لِيَمُوتَ حَتَّى يَبْلُغَ آخِرَ رِزْقٍ هُوَ لَهُ، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ: أَخْذُ الحَلاَلِ، وَتَرْكُ الحَرَامِ )).
[رواه ابن حبّان، وهو صحيح كما قال الشّيخ الألباني رحمه الله في " صحيح التّرغيب والتّرهيب" (1697)].
وتذكّر أيضا ما رواه الطّبراني في " الأوسط " بإسناد حسن عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَوْ فَرَّ أَحَدُكُمْ مِنْ رِزْقِهِ، أَدْرَكَهُ كَمَا يُدْرِكُهُ المَوْتُ )).
[" صحيح التّرغيب والتّرهيب " (1704)]
والله الموفّق لا ربّ سواه.