أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

الجمعة 27 ربيع الثاني 1432 هـ الموافق لـ: 01 أفريل 2011 20:15

- السّيرة النّبويّة (38) ما الّذي أوتيه النبيّ ورآه عند سدرة المنتهى ؟

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد توقّف بنا المطاف في الحديث عن الإسراء والمعرج عند قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى )).

وما أدراك ما سدرة المنتهى ؟!

وقد جاء في صحيح مسلم بيان سبب تسميتها بذلك، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:

لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ[1]، إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرَجُ بِهِ مِنْ الْأَرْضِ، فَيُقْبَضُ مِنْهَا، وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا، قال:{إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} قال: فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ.

ويكمل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لنا حديثه، ويصف لنا سدرة المنتهى، فقال:

(( وَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلَالِ، قال: فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا غَشِيَ، تَغَيَّرَتْ، فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا !)).

إنّه جمال، وألوان، وثمار، تقف لغات الدّنيا كلّها ملجمةً أمامها ! لا تستطيع مهما أوتيت من البلاغة في وصفها .. هذا وصف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الّذي أوتِي جوامع الكلم، يقول: (( فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا ))، فماذا عن جمال الجنّة !

وفي الصّحيحين عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنه أنّ رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهَرَانِ بَاطِنَانِ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ، وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ )).

وهناك أوحى الله إليه ما أوحى ! حتّى سمع صريف الأقلام، ففي الصّحيحين من رواية لابن عبّاسٍ وأبي حَبَّةَ الأنصاريٍّ رضي الله عنهما: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ )).

وهناك، شاهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حال جبريل عليه السّلام وهو على غير ما عهده عليه !

فقد روى الطّبراني في "الأوسط" أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِالمَلَإِ الأَعْلَى، وَجِبْرِيلُ كَالحِلْسِ البَالِي مِنْ خَشْيَةِ اللهِ )) [الحلس: بساط يجلس عليه].[2]

فما الّذي أعطِيه هناك ؟

روى مسلم عن ابنِ مسعُودٍ رضي الله عنه قال:" فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ثَلَاثًا: أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا الْمُقْحِمَاتُ )).

أمّا الصّلوات الخمس فتوضيح ذلك في تتمّة حديث المعراج في الصّحيحين حيث قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً.

فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى عليه السّلام، فَقَالَ: " مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ ؟ " قُلْتُ:

(( خَمْسِينَ صَلَاةً )) قَالَ: " ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ ".

قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي، فَقُلْتُ: (( يَا رَبِّ ! خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِي )) فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقُلْتُ:

(( حَطَّ عَنِّي خَمْسًا )). قَالَ:

" إِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ". قَالَ:

فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى عليه السّلام حَتَّى قَالَ:

( يَا مُحَمَّدُ ! إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً )

قَالَ: فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى عليه السّلام فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:

" ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ. فقال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ )).

أمّا خواتيم سورة البقرة: فقد روى أحمد والطّبراني عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أُعْطِيتُ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ وَلَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي )).[3]

ومن أعظم الفضل والعطاء الرّحمة والمغفرة: فقد غفر الله لمن لم يُشرك به من أمّته شيئا المقحمات، وهي الكبائر، والذّنوب العِظام؛ لأنّها تُقحِم العبد في النّار، فلله الحمد والمنّة.

هل رأى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ربّه ؟

كلّ هذا الفضل، هل أُعطيه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بوحي يسمعه من ربّه، أم بوساطة، أم برؤية ؟

الصّحيح الّذي ينبغي الجزمُ به أنّه صلّى الله عليه وسلّم تلقّى كلّ ذلك سماعا من الله تعالى، كما سمعه موسى عليه السّلام كليم الله.

أمّا الرّؤية فقد كفانا أبو ذرّ رضي الله عنه تحمّل الجواب عن ذلك:

فقد روى مسلم عن عبدِ اللهِ بن شقيقٍ قال: قلتُ لأبي ذرٍّ رضي الله عنه: لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم لَسَأَلْتُهُ. فقال: عَنْ أَيِّ شَيْءٍ كُنْتَ تَسْأَلُهُ ؟. قال: كُنْتُ أَسْأَلُهُ: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ ؟

قَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: قَدْ سَأَلْتُ، فَقَالَ: (( رَأَيْتُ نُورًا )).

وفي رواية لمسلم أيضا عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: سَأَلْتُ رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قال: (( نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ )).

و كانت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها تشدّد النّكير على من ادّعى رؤية النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لربّه عزّ وجلّ.

روى البخاري ومسلم عن مسروقٍ قال: قلت لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: يَا أُمَّتَاهْ، هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صلّى الله عليه وسلّم رَبَّهُ ؟ فَقَالَتْ:

لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ ! أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلَاثٍ: مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ ؟

مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صلّى الله عليه وسلّم رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}.

وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا}.

وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} الْآيَةَ، وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عليه السّلام فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ.

تقصد بذلك قوله تعالى:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14)}؛ فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قال:" رَأَى جِبْرِيلَ عليه السّلام ".

وقد يقول قائل: إنّما هذا قول أبي هريرة رضي الله عنه، فالجواب: أنّه جاء في صحيح مسلم أيضا عن عائشة قالت: ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ:

مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صلّى الله عليه وسلّم رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ !

قَالَ مسروق: وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ! أَنْظِرِينِي، وَلَا تَعْجَلِينِي، أَلَمْ يَقُلْ اللهُ عزّ وجلّ:{وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ؟ فقالت:

أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: (( إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ عليه السّلام، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ )).

أمّا ابن عبّاس رضي الله عنه فقد نُسب إليه أنّه قال: إنّه صلّى الله عليه وسلّم رأى ربّه سبحانه مطلقا، والصّحيح أن يقال:

إنّه لا خلاف بين قول ابن عبّاس رضي الله عنه وجمهور الصّحابة، لأنّه يقصد أنّه رأى ربّه بقلبه، روى مسلم عن أبي العاليةِ عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنه قال:{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)}قَالَ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ. أي: رؤيا قلبيّة، وذلك في الحلم، ولا أحد يمكن أن يدّعي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم رأى ربّه على صورته، وإنّما نور كما صرّحت به الرّوايات الأخرى.

قال ابن القيّم في "أقسام القرآن" (ص 162):

" وأمّا قول ابن عبّاس رضي الله عنه رأى محمّد صلّى الله عليه وسلّم ربّه بفؤاده مرّتين، فالظّاهر أنّ مستنده هذه الآية، وقد تبيّن أنّ المرئيّ فيها جبريل عليه السّلام، فلا دلالة فيها على ما قاله ابن عبّاس رضي الله عنه، وقد حكى عثمان بن سعيد الدّارمي الإجماع على ما قالته عائشة ".

ولكنّه صلّى الله عليه وسلّم رأى الجنّة، وهذا ما سنراه لاحقا إن شاء الله.



[1] في الأصل: ( فِي السَّادِسَةِ )، فهو إمّا وهم، أو يؤوّل بأنّ أصلها في السّادسة ومعظمها في السّابعة.

[2] والحديث في "صحيح الجامع" (5/206).

[3] وهو في "صحيح الجامع" (1/350).

أخر تعديل في الجمعة 27 ربيع الثاني 1432 هـ الموافق لـ: 01 أفريل 2011 20:22

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.