وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالحديث قد أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/331) عنْ أبِي موسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ:
(( ثَلاَثَةٌ يَدْعُونَ اللهَ عزّ وجلّ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ:
رَجُلٌ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الخُلُقِ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا.
وَرَجُلٌ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ.
وَرَجُلٌ آتَى سَفِيهًا مَالَهُ، وقدْ قالَ اللهُ تعالى: {وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ} )).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه"، ووافقه الذّهبي في " التّلخيص "، وصحّحه الشّيخ الألباني في " صحيح الجامع " (1/590 رقم: 3075).
وهو لا يفيد وجوبَ ما ذكرت:
فقد قامت القرينة على عدمِ وجوبِ الإشهاد في التّداين، كما تراه في تفسير قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة من: 282].
وكذلك الرّجل تكون تحته امرأة سيّئة الخلق، لا يجبُ عليه تطليقُها، وإنّما يجبُ عليه تأديبُها إن كان راغِباً في إمساكِها.
وقد جاء رجلٌ إلى النبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم يشكو زوجته، وقال: إِنّ لِي امْرَأَةً لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ ؟ فقالَ النّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( طَلِّقْهَا ))، فقالَ: إِنِّي أُحِبُّها، قالَ: (( فأمسِكْهَا إِذاً )).
فما المراد من الحديث ؟
ليس المقصود عدم إجابة الدّعاء مطلقاً، وإنّما المقصود عدم إجابة الدّعاء لرفع ما هم عليه من نتائج هذه الأعمال:
أمّا الأوّل: فإذا دعا على امرأته لا يستجيب الله له، لأنّه المعذِّب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها.
وأمّا الثّاني: فإذا أنكر الّذي عليه الدّين ما عليه، ثمّ دعا صاحب الحقّ، فإنّه لا يُستجاب له، لأنّه المفرّط المقصّر بعدم امتثال قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}.
وأمّا الثّالث: فقد آتى سفيها مالَه، وهو يعلم أنّه سفيه، فإذا دعا عليه لا يستجاب له، لأنّه المضيّع لماله، فلا عذر له، وقد قطع الله عذره بالآية الّتي تلاها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
والله أعلم.