وهو أصل يكاد علماء المسلمين يُجمِعون عليه.[انظر " مقاصد المكلّفين " (ص 255)].
وضابطها: أن تكون العبادة مقصودةً لذاتها.
ومن الأمثلة على ذلك:
أ) صلاة الفريضة: فلا تقبل صلاةُ من صلّى أربع ركعات ينوي بها الظّهر والعصر !
ب) ولا يصوم الشّخص يوما ينوي به القضاء والنّفل.
ت) ولا يُخرج الرّجل ماله ينوي به الزّكاة والكفّارة.
لأنّ كلّ عبادة مقصودة لذاتها، وقِس على ذلك.
2- النّوع الثّاني: أن تندرج عبادة تحت أخرى، فهنا يجوز أداء عملين بنيّة واحدة.
وضابط ذلك: أن يكون أحد العملين غير مقصود لذاته، ولكنّه يندرج تحت الآخر.
وهذا النّوع يكاد العلماء يتّفقون على أصله، ولكنّهم يختلفون في الفروع والجزئيّات. إلاّ ابن حزم رحمه الله فأصله أنّ لكلّ عمل نيّة مهما كان العمل.
ومن الأمثلة على ذلك:
أ) من دخل المسجد وأراد أن يصلّي ركعتي الوضوء، فتقع بهما تحيّة المسجد تبَعاً، لأنّ تحيّة المسجد غير مقصودة لذاتها، فتقع بأيّ صلاة.
ب) والمرأة الحائض إذا كانت على جنابة يلزمها غسلٌ واحد فقط، لأنّ كلاّ من الغسلين يندرج تحت ( رفع الحدث الأكبر )، فيجتمعان في النّيّة. وقد خالف في هذا ابن حزم رحمه الله على أصله – كما في " المحلّى " (4/138) –.
لذلك كان الصّحيح أنّ الجنب يوم الجمعة يجب عليه غسلان: غسل بنيّة رفع الحدث، وغسل هو حقّ اليوم، لأنّ كلاّ من الغسلين مقصود لذاته.
وعلى هذا التّفصيل:
فإنّ الأضحية عبادة مستقلّة، وقربان إلى الله عزّ وجلّ لسبب خاصّ في يوم معيّن بشروط معيّنة.
وكفّارة اليمين عبادة مستقلّة هي الأخرى، تُعطَى وجوبا لسبب خاصّ لأناسٍ مخصوصين. فلا تندرج كفّارة اليمين تحت ما تعطِيه من لحوم الأضاحي، وذلك لأمور:
1- الأصل المقرّر السّابق بيانه.
2- أنّ لحوم الأضاحي تُعطَى للفقراء استحبابا، وكفّارة اليمين تُعطى لهم على سبيل الوجوب، فلكلّ حكمه الخاصّ.
3- ويقاس ذلك على زكاة الفطر، فكما أنّه لا يجوز إخراج زكاة الفطر كفّارة يمين، فلا تتصدّق بلحوم الأضاحي كفّارةً لليمين.
أمّا الّذي أُعطِي من لحوم الأضاحي – وليس هو المضحِّي – وكان عليه كفّارة يمين، جاز له أن يخرج الكفّارة منها، لأنّه ليس هو الّذي ضحّى، فليس له إلاّ عملٌ واحد.
والله أعلم وأعزّ وأكرم.