الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فقبل كلّ شيء، فلا بدّ - أخي الكريم - من أن تزَكّي نفسك في هذا الباب، وذلك بأن تهجر أصلَ الحلِف، حتّى لا تقع في كثيره، والله تبارك وتعالى قد قال:{وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}.
وقال عزّ وجلّ:{وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ} [القلم: 10]، والحلاّف: هو كثير الحلف في الحقّ والباطل، وفيه زجر عن الإكثار من الحلف.
ولقد كانت العرب قديما يمدحون الإنسان بالإقلال من الأيمَان، كما قال كثير:
( قليـلُ الأَلاَيـا حافـظٌ ليميـنِـه *** وإن سبـقـت منـه الأليّـة بُـرّتِ )
والألايا جمع أليّة، وهي الحلف.
والحكمة من الأمر بتقليل الأيمان: أنّ من حلف في كلّ قليل وكثير بالله تعالى، انطلق لسانه بذلك، ولا يبقى لهيبة اليمين في قلبه وَقْع، فلا يُؤْمَن إقدامه على اليمين الكاذبة.
وتزداد الكراهة إذا كانت الأيمان في البيوع.
أمّا وأنت تجهل عدد الأيمان الّتي حنثت فيها ولم تُكفّر عنها، فالعِبرة بأن تأخذ بما غلب على ظنّك، ولم تُكلّف بالتيقّن من ذلك.
فإن غلب على ظنّك أنّها عشرة أيمان، فتخرج كفّارة عشرة، وذلك بأن تطعم عن كلّ يمين عشرة مساكين، أو تَكسُوَهم، فإن لم تجد، فتصوم عن كلّ يمين ثلاثة أيّام.
والله أعلم.