الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فإنّ هذا الحكم ينبني على معرفة حكم دخول المرأة الحمّام ولو بمفردها، وقد وردت نصوص كثيرة من السنّة تمنع دخولَ المرأة الحمّامَ مطلقاً، سواء مع نساءٍ بإزار، أو وحدَها، من ذلك:
1- ما رواه الحاكم عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( الحَمَّامُ حَرَامٌ عَلَى نِسَاءِ أُمَّتِي )). [حسّنه الشّيخ الألباني رحمه الله في "صحيح التّرغيب والتّرهيب"].
2- وما رواه أحمد عن أمِّ الدّرداءِ رضي الله عنها قالت: خَرَجْتُ مِنَ الحَمَّامِ، فَلَقِيَنِي النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: (( مِنْ أَيْنَ يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ ؟ )) فقالت: مِنَ الحَمَّامِ، فقال: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَنْزِعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّهَاتِهَا، إِلاَّ وَهِيَ هَاتِكَةٌ كُلَّ سِتْرٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّحْمَنِ عزّ وجلّ)).
3- وما رواه أحمد عن عمر رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الحَمَّامَ )) [ورواه ابن حبّان عن أبي أيُّوبَ رضي الله عنه].
غير أنّه إذا ثبت أنّ الحمّام له تأثير - بإذن الله تعالى - في علاج السّقم العالق بالمريضة، فيحلّ لها دخوله بشروط:
أ) بتقرير الثّقات من أهل الخبرة بالطبّ.
ب) وليس لها طريق للعلاج إلاّ به.
ت) أن يكون آمنا من نظر الرّجال إليها عبر الوسائل التّقنية الحديثة.
فإنّه حينها يجوز لها أن تدخله ضرورةً بقصد العلاج.
وقد نقل البغوي رحمه الله عن جبير بن نُفير قال:" قُرِئَ علينا كتابُ عمرَ بنِ الخطّاب رضي الله عنه بالشّام: لاَ يَدْخُل الرّجلُ الحمّامَ إلاّ بمئزر، ولا تدخله المرأةُ إلاّ من سُقْمٍ ".
وهذا المعنى يقويه النّظر في مقاصد الشّريعة، فإذا جاز لها للضّرورة أن تكشف بعض أعضائها في الجراحة أو الولادة أو التّطبيب بصفة عامّة، فإنّه يجوز لها أيضا في مسألتنا هذه.
غير أنّ هذه الضرورة تقدّر بقدرها:
أ) فإذا كانت قادرة على استحمامها بمفردها استغنت عن غيرها.
ب) وإذا احتاجت لإعانة امرأةٍ لعجزها، فلا يجوز لغيرها الدّخول عليها إذا كُفيت بالأولى.
ج) وإذا ارتفع عنها سقمها وعُوفيت من مرضها، أو وجدت وسيلة طبّية أخرى تغنيها عنها، فإنّ حكم المنع يعود؛ لانتفاء الضّرورة والحاجة عملا بقاعدة:" إذا زال الخطر عاد الحظر ".
ففي ما يتعلّق بهذه المسابح وهذه القاعات الرّياضيّة، فأنصحك: أن تبحثي عن مركز للعلاج تتمكّنين من خلاله أن تقومي بممارسة تلك الحركات في جوّ أقلّ فسادا، كأن يكون اللّباس أكثر احتشاما، وعدد الممارسات للرّياضة معك أقلّ.
واحذري من التّساهل في هذا الباب، وتذكّري - أختي الفاضلة - ما رواه البخاري عن عطاءِ بنِ أبي رباحٍ رحمه الله قال:
قال لي ابنُ عبّاسٍ رضي الله عنه: أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟!
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتْ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي. فقالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ )).
فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، ثمّ قَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ ! فَدَعَا لَهَا.
فهذه المرأة هان عليها صرع الجنّ على أن يبدُوَ شيء من عورتها، فكان لها الجنّة.
ومن يتحرّ الحقّ يوفّق إليه, والله الموفّق لا ربّ سواه.