" وقد رخّص قوم من أهل العلم من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم في التّمندل بعد الوضوء، ومن كرهه إنّما كرهه من قِبَل أنّه قيل: إنّ الوضوء يوزن، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب والزهري "اهـ.
واستدلّوا بما رواه البخاري عن مَيْمُونَةُ حين ذكرت وضوء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: ( ثُمَّ أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ فَلَمْ يَنْفُضْ بِهَا ).
والحقّ أنّ هذا ليس بدليل على الكراهة لأمور ثلاثة:
1) فإنّ إتيان ميمونة رضي الله عنها بالمنديل فيه إشعارٌ أنّ التّنشيف كان من عادته صلّى الله عليه وسلّم، وإنّما لم ينشّف حينها لبيان الجواز، أو لأيّ احتمال آخر.
2) أنّه قد ثبت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه نشّف أعضاء الوضوء، روى ابن ماجه بسند حسن عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَقَلَبَ جُبَّةَ صُوفٍ كَانَتْ عَلَيْهِ فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ ).
3) أنّ العبرة في محو السيّئات ليس بأن تسقط القطرات على الأرض، وإنّما العبرة بالقطرات الّتي تنفصل عن أعضاء الوضوء، سواء تركها أو نشّفها فإنّها انفصلت عن أعضاء الوضوء.
والله أعلم وأعزّ وأكرم.