الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد: وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
فإنّ الرّبا أنواع ثلاثة: ربا النّسيئة، وربا اليد، وربا الفضل.
1- ربا النّسيئة هو: قرض إلى أجل مع زيادة، أو بيع إلى أجل مع زيادة عند تعذّر السّداد.
وهذا يسمّى الرّبا الجليّ الواضح، وهو المحرّم لذاته لما فيه من الظّلم والضّرر، وهو الّذي شنّ الله الحرب عليه وعلى متعاطيه، فقال تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ... (279)} [البقرة].
2- وربا الفضل هو: بيع صنف ربويّ بمثله متفاضلا.
كأن تبيعه 1 كغ من القمح المتوسّط برطل من القمح الجيّد، كما جاء ذكره في سؤالك، فلا يقع التّماثل.
3- وربا اليد: بيع صنف ربويّ بمثله مؤجّلا.
كأن تبيعه 1 كغ من القمح المتوسّط بمثله من القمح الجيّد، ولكن إلى أجل، فلا يقع التّقابض.
وهذان النّوعان من الرّبا الخفيّ، وهو محرّم لغيره، لأنّه ذريعة إلى ربا النّسيئة، فالأوّل حُرِّم قصدا، وهذان حرّما وسيلة.
فكيف يفضي ربا الفضل واليد إلى ربا النّسيئة ؟
فاعلم أنّ الّذي يبيع ربويّا بربويّ فإنّه لا يفعل ذلك إلاّ للتّفاوت الّذي بينهما في الجودة، فإن جوّزنا التّفاضل بين ربويّين من أجل الجودة، فقد يأتي من يجيز التّفاضل لأجل المدّة. فسدّ الله عزّ وجلّ هذا الباب.
وهذه العلّة منصوص عليها فيما رواه الإمام أحمد عن نافعٍ قال: قال عمرُ رضي الله عنه: ( لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقَ بِالْوَرِقِ، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا شَيْئًا غَائِبًا مِنْهَا بِنَاجِزٍ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ الرَّمَاءَ ) وَالرَّمَاءُ: الرِّبَا.
وكذلك يشترط التّقابض؛ لأنّه ربّما غلت السّلعة أو رخصت بعد ذلك فيحدث الشّقاق، أو جعلها البائع حيلةً يتوصّل بها إلى أخذ الرّبا بأن يشترط عليه دفع المقابل وقت الغلاء.
( تنبيه ): من كان لديه الصّنف الرّبويّ الرّديء أو المتوسّط، ورغب في الحصول على الجيّد، فما عليه إلاّ يبيع ما لديه بالنّقود، ثمّ يشتري بذلك ما يرغب في شرائه.
والله أعلم، وأعزّ وأكرم، وهو الهادي للّتي هي أقوم.