1119-عَنْ أُمِّ مَعْقَلٍ رضي الله عنها قَالَتْ:
لَمَّا حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، وَكَانَ لَنَا جَمَلٌ، فَجَعَلَهُ أَبُو مَعْقِلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَتْ: وَأَصَابَنَا مَرَضٌ، وَهَلَكَ أَبُو مَعْقِلٍ، قَالَتْ: فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم مِنْ حَجِّةِ الوَدَاعِ-حَسِبْنَاهُ-قَالَ:
(( يَا أُمَّ مَعْقِلٍ ! مَا مَنَعَكِ أَنْ تَخْرُجِي مَعَنَا ؟ ))
قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ! لَقَدْ تَهَيَّأْنَا، فَهَلَكَ أَبُو مَعْقِلٍ، وَكَانَ لَنَا جَمَلٌ هُوَ الَّذِي نَحُجُّ عَلَيْهِ، فَأَوْصَى بِهِ أَبُو مَعْقِلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ:
(( فَهَلَّا خَرَجْتِ عَلَيْه،ِ فَإِنَّ الْحَجَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَمَّا إِذْ فَاتَتْكِ هَذِهِ الْحَجَّةُ [مَعَنَا] فَاعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّهَا كَحَجَّةٍ )).
[رواه أبو داود والتّرمذي مختصرا عنها، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:
(( عمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً )).
وقال: "حديث حسن غريب"، وابن خزيمة باختصار إلاّ أنّه قال:
(( إِنَّ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً أَوْ تَجْزِي حَجَّةً )).
[وفي رواية لأبي داود والنّسائي عنها أنّها قالت]:
يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي امْرَأَةٌ قَدْ كَبِرْتُ وَسَقِمْتُ، فَهَلْ مِنْ عَمَلٍ يُجْزِئُ عَنِّي مِنْ حَجَّتِي ؟ قَالَ:
(( عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تُجْزِئُ حَجَّةً )).
* شرح الحديث:
- قوله: ( إِنَّ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ فِي سَبِيلِ اللهِ ): هذا يدلّ على أنّ العمرة كالحجّ، يُعطَى من أرادها وهو ليس له ما يعتمر به من مال الزّكاة.
ويؤيّده ما رواه الإمام أحمد عَنْ أُمِّ مَعْقِلٍ الْأَسَدِيَّةِ أَنَّ زَوْجَهَا جَعَلَ بَكْرًا لَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَنَّهَا أَرَادَتْ الْعُمْرَةَ، فَسَأَلَتْ زَوْجَهَا الْبَكْرَ، فَأَبَى، فَأَتَتْ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا، وَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:
(( الْحَجُّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ )). [صحيح كما " الإرواء " (3/372)].
فنرى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سمّى العمرة حجّا، ويجمع بينهما:
المعنى اللّغوي: وهو قصد بيت الله الحرام.
والحكم الشّرعي: الوجوب.
- قولها: ( فَهَلْ مِنْ عَمَلٍ يُجْزِئُ عَنِّي مِنْ حَجَّتِي ؟ ): قد يفهم من ذلك أنّ العمرة في رمضان تُجْزِئ عن حجّ الفريضة، لأنّها قالت: ( يُجْزِئُ عَنِّي مِنْ حَجَّتِي ).
ولكنّ الظّاهر غير مراد، وإنّما المقصود به حجّتها مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الّتي تعلم أنّها لا يعوّضها شيء.
بدليل رواية النّسائي بلفظ: إِنَّ أُمَّ مَعْقِلٍ جَعَلَتْ عَلَيْهَا حَجَّةً مَعَكَ، وعند ابن منده:" جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا حَجَّةً مَعَكَ ".
فلا يدلّ الحديث على إجزاء العمرة في رمضان عن الحجّ، وأنّه يسقط بها الفرض عن الذمّة، بل المراد أنّ ثواب العمرة في رمضان كثواب الحجّ مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهذا التّأويل هو المتعيّن.
*** *** ***
*الحديث الرّابع:
1120-وَعَنْ أَبِي مَعْقِلٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:
(( عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً )).
[رواه ابن ماجه].
1121-ورواه البزار والطّبراني في "الكبير" في حديث طويل بإسناد جيّد عن أبي طليق رضي الله عنه أنّه قال للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
فَمَا يَعْدِلُ الحَجَّ مَعَكَ ؟
قَالَ: (( عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ )).
(قال المملي) رضي الله عنه:" أبو طليق هو أبو معقل، وكذلك زوجته أمّ معقل تكنّى أمَّ طليق أيضا، ذكره ابن عبد البرّ النّمري ".