الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سؤالك - أخي الكريم - عن دور عامّة النّاس في محاربة الإلحاد ودعاة الإفساد، فاعلم:
أنّ دورَهم تابعٌ لدور علمائِهم ودعاتِهم.
فليس ثمّةَ من طريقة أفضلُ ممّا تخلّينا عنه، وقصّرنا في القيام به، وهو:
أن يقوم الأئمّة في المساجد بدورهم - لا في محاربة الإلحاد صراحةً - ولكن بنشاطهم الواجب عليهم من: تدريس التّوحيد، والأخلاق الإسلاميّة والآداب المرعيّة، والفقه المبنيّ على الوحي: الكتاب والسنّة.
ذلك؛ لأنّ الفراغ الرّوحي هو الّذي يتسلّل منه الإلحاد، وينتشر بسببه بين العباد.
- فإذا قام النّخبة من دعاةٍ وأئمّةٍ بواجبهم، جاء دور عامّة النّاس، وهو ما يمكنُ تسميتُه بـ:
( تعبئة الجماهير للدعوة ).
لأنّ الدّعوة لا تنتشر بمجرّد تبنّي النّخبة لها، ولكن لا بدّ من أن يحملَها العامّة على عواتقهم، ويرفعوها على كواهلهم.
وهذا ما حرص عليه الأنبياء والأتقياء:
فكان شعار الأنبياء عليهم السّلام: خلُّوا بيننا وبين النّاس، وهذا نبيّ الله موسى عليه السّلام يقول:{فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}، وحرص يوم المناظرة على ذلك، فقال عليه السّلام:{مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى}.
وكانت طريقة الأتقياء - كما في قصّة أصحاب الأخدود -: ( تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ).
فعامّة النّاس إذا سمعوا، وتعلّموا، نشروا ذلك عفويّا في أوساطهم، وفي مجالسهم، إذ الإنسان مجبول على طلب الموافقة.
ولمّا تفطّن اللأعداء لهذه القوّة، تراهم حوّلوها ضدّنا، فظهر على السّاحة:
( تعبئة الجماهير لضرب الدّعوة ) !
ففرقٌ شاسع، وبونٌ واسعٌ بين: أن يلقاك أخوك في الحيّ أو الطّريق قائلا: ألم تحضر الدّرس هداك الله ؟! فقد أفادنا المدرّس كذا وكذا ...
وآخر يقول لك: إيّاك إيّاك أن تحضر الدّرس ! فالمدرّس فيه كذا وكذا ...
الحاصل:
على العامّة أن يبثّوا في النّاس حبّ الله تعالى، وتعظيم رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وأن يحرِصُوا على دعوة النّاس إلى الصّلاة؛ لأنّه إذا دخل النّاس إلى محراب الصّلاة، استمعوا إلى الحقّ، فتنشرح صدورُهم بذكر الله، وتستنير عقولهم بشريعة الله.
وإلاّ، فإنّ الزّجاجة الفارغة إن لم تُملأْ بالماء، مُلِئت بالهواء.
والله المستعان، وعليه التّكلان.