أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: htoumiat@nebrasselhaq.com

السبت 05 شوال 1432 هـ الموافق لـ: 03 سبتمبر 2011 09:16

- الآداب الشّرعيّة (32) اجتناب رفع الأصوات

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ رفع الصّوت في المجالس بالحديث أو الضّحك من مساوئ الأخلاق، وقد ذكر الله تعالى ضمن وصيّة لقمان لابنه قوله:{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان:19].

قال ابن كثير رحمه الله:" أي لا تبالغ في الكلام، ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه ولهذا قال:{إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} ... أي: غايةُ من رفع صوتَه: أنّه يشبّه بالحمير في علوّه ورفعه، وهو مع هذا بغيض إلى الله.

وهذا التّشبيه بالحمير يقتضي تحريمَه، وذمّه غاية الذمّ "اهـ.

وقال القرطبيّ رحمه الله:" وهذه الآية أدبٌ من الله تعالى بتركِ الصّياح في وجوه النّاس تهاونا بهم، أو بترك الصّياح جملةً، وكانت العرب تفخر بجهارة الصّوت الجهير وغير ذلك، فمن كان منهم أشدَّ صوتاً كان أعزّ، ومن كان أخفض صوتاً كان أذلّ، حتى قال شاعرهم:

جهِيرُ الكلام، جهيرُ العُطاس *** جهِيرُ الرَّواء، جهِيرُ النِّغم 

فنهى الله سبحانه وتعالى عن هذه الخلق الجاهلية بقوله:{إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ}، أي: لو أنّ شيئا يُهَابُ لصوتِه لكان الحمارَ، فجعلهم في المثل سواء ..".

أمّا رفع الصّوت لفائدة: كنداء البعيد، أو كإعلان المعلنين، أو بيع البائعين - إذا خلا من الأذى - فلا يدخل تحت الذمّ، وإنّما المقصود هو النّهي عن رفع الصّوت لغير حاجة.

ويزداد الأمر قُبحاً في ثلاثة أحوال:

1- إذا كان رفع الصّوت في بيوت الله عزّ وجلّ:

فقد كره السّلف رفعَ الصّوت فيها، حتّى بالغ الإمام مالك رحمه الله فلم يُجِز رفعَ الصّوت في دروس العلم !

روى البخاري ومسلم عن كَعْب بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أنّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ رضي الله عنه دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَهُوَ فِي بَيْتِهِ.

فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ وَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: (( يَا كَعْبُ ))، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ: ضَعْ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ.

قَالَ كَعْبٌ رضي الله عنه: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( قُمْ فَاقْضِهِ )).

والشّاهد من هذه الحادثة: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم رضي بإسقاط شطر الدَّين على أن يُرفع صوتهما في المسجد.

2- مع أهل العلم:

روى أحمد عن النُّعمَانِ بنِ بشِيرٍ رضي الله عنه قال: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِيَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ ! - وَتَنَاوَلَهَا - أَتَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ؟.

وزاد القرطبيّ فقال:" وكره بعض العلماء رفعَ الصّوت في مجالس العلماء تشريفا لهم إذ هم ورثة الأنبياء " اهـ، فينبغي مراعاة حرمتهم، ومعرفة قدرهم.

قال الله عزّ وجلّ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ}.

وروى البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن أَنَسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال:

لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، جَلَسَ ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ في بَيْتِهِ [ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ ]، وقال: أَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ !

وَاحْتَبَسَ عن النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم سَعْدَ بنَ معاذٍ رضي الله عنه فقال:

(( يَا أَبَا عَمْرٍو ! مَا شَأْنُ ثَابِتٍ ؟ اشْتَكَى ؟ )) قَالَ سَعْدٌ: إِنَّهُ لَجَارِي، وَمَا عَلِمْتُ لَهُ بِشَكْوَى.

فأَتَاهُ سَعْدٌ، فذكَرَ لَهُ قَوْلَ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فقالَ ثَابِتٌ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْفَعِكُمْ صَوْتًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ !

فَذَكَرَ ذلكَ سَعْدٌ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فقالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( اذْهَبْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ )).

ولقد كان هذا حال الصّحابة في جلّ أحوالهم، فحين جاء عُرْوَةُ بنُ مسعودٍ ليُبْرِم مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم صلح الحديبية أدهشه حالهم رضي الله عنهم، فكان من وصفِه لهم: ( وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ ).

3- عند قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

فقد ذكر ابن كثير رحمه الله في " تفسيره " أنّه يحرُم رفعُ الصّوت أيضا عند قبره صلّى الله عليه وسلّم، كما كان يُكره في حياته صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّه محترم معظّم حيّا وميتا "اهـ.

وقال القرطبيّ رحمه الله:" وقد كره بعض العلماء رفعَ الصَّوت عند قبره صلّى الله عليه وسلّم ".

والله الموفّق لا ربّ سواه.

أخر تعديل في السبت 05 شوال 1432 هـ الموافق لـ: 03 سبتمبر 2011 09:19

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.