من أين جاءوا بعيد السّنة، واخترعوا *** عيد المعلّم، أو عيد الشّجـيرات ؟
في كلّ يـوم لهم عيـد ومـحتفـل *** يضيّعون بـه بعـض السّويعـات
هذي التّقاليد جاءت من كنائسـهم *** ومن صوامـع قسّيـس وبيعـات
والنّاس أسرى تقاليـد، وما علمـوا *** أنّ التّقاليد قـد تـأتـي بويـلات
وشأن من غُلبـوا: تقليـد غالبـهم *** في مأكـل أو لبـاس أو بعـادات
وصـار تقليدهم فرضـا على أمّـة *** مغلوبة نسيت أزهى الـحضـارات
2- إظهار الفرح فيهما.
ففي الصّحيحين عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم ؟!
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: (( دَعْهُمَا ))...
وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم وَإِمَّا قَالَ: (( تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ ؟))، فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ خَدِّي عَلَى خَدِّهِ وَهُوَ يَقُولُ: (( دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ !))[1].
حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ: (( حَسْبُكِ )) قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: (( فَاذْهَبِي )).
وعليه، فإنّ من أخطاء النّاس اليوم زيارتهم المقابر في هذين اليومين، فيستبدلون الحزن والتّرح بالسّرور والفرح.
3- حكم صلاة العيدين.
الصّحيح من أقوال أهل العلم أنّها واجبة، وهو قول أبي حنيفة والشّافعي في قول، وأحمد في رواية.
قال ابن تيمية رحمه الله – كما في " مجموع الفتاوى " (23/161)-:
" وقول من قال لا تجب في غاية البعد، فإنّها من أعظم شعائر الإسلام، والنّاس يجتمعون لها أعظم من الجمعة، وقد شرع فيها التكبير، وقول من قال: هي فرض على الكفاية لا ينضبط .."اهـ.
ويدلّ لمن قال بوجوبها ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ لمسلم - عن أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
أَمَرَنَا - تَعْنِي النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم - أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ.
وما يؤيّد ذلك: أنّ صلاة العيد مُسقِطة لصلاة الجمعة حال الاجتماع، جاء في سنن أبي داود وابن ماجه بسند صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ قَالَ:
(( قَدْ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ )).
ولا يُسقط الفرض إلاّ فرض كما لا يخفى.
4- وقتها.
علّق البخاري رحمه الله - ووصله أبو داود وابن ماجه – أنّه: خَرَجَ عَبْدُ الله بْنُ بُسْرٍ رضي الله عنه صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم مَعَ النَّاسِ فِي يَوْمِ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، فَأَنْكَرَ إِبْطَاءَ الْإِمَامِ، فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا قَدْ فَرَغْنَا سَاعَتَنَا هَذِهِ، وَذَلِكَ حِينَ التَّسْبِيحِ.
أي: حين تُصلّى صلاة الضّحى.
قال أهل العلم:
- فوقتها: عند ارتفاع الشّمس قِيد رمح، وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يؤخّر الفطر ويعجّل الأضحى كما حقّقه ابن القيّم في " الزّاد " (1/442).
- وإذا التبس الأمر على النّاس ففاتهم هلال العيد إلى في وقت متأخّر، صُلِّيت من الغد ذلك الوقت.
فقد روى أبو داود والنّسائي عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:
أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ: أَنْ يُفْطِرُوا، وَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ.
- وقد أجمعت الأمّة أنّه لا أذان ولا إقامة في صلاة العيدين، فقد روى مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم الْعِيدَيْنِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ.
وعند البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لم يكن يُؤذّن يوم الفطر ولا يوم الأضحى.
5- صفة صلاة العيد:
- هي ركعتان، كما في مسند أحمد والنّسائي عن عُمَرَ قال: ( صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ).
- يكبّر في الأولى سبع تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام، وفي الثّانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة الانتقال.
روى أبو داود وأحمد والبيهقي عن عائشةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى فِي الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا سِوَى تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ.
- وليس من السنّة رفع اليدين مع تكبيرات العيدين، وما جاء عن عمر وابنه رضي الله عنهما ضعيف لا يصحّ.
- ولم يثبت ما يقال بين التّكبيرتين إلاّ ما رواه البيهقي بسند جيّد كما في " الإرواء " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
( بين كلّ تكبيرتين حمدٌ لله عزّ وجلّ، وثناء على الله ).
- وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقرأ فيهما بسورتي ( ق ) و( القمر )، كما في صحيح مسلم عن أبي واقد اللّيثي رضي الله عنه.
- أو بـ( الأعلى ) و( الغاشية ) كما في صحيح مسلم عن النّعمان بن بشير رضي الله عنهما.
- ومن فاتته صلاة العيد لعذر وجب عليه استدراكها وقضاؤها ركعتين، قال البخاري: ( باب إذا فاته العيد صلّى ركعتين ).
وهو مذهب الإمام مالك، والشّافعي، وأحمد، خلافا لأبي حنيفة رحمهم الله جميعا.
6- سنن العيد.
- التجمّل والتزيّن: فقد روى الشّيخان عن ابن عمرَ رضي الله عنه قال:
أَخَذَ عُمَرُ رضي الله عنه جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ، فَأَخَذَهَا، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ ! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ )).
قال السّندي رحمه الله:" منه عُلم أنّ التجمّل يوم العيد كان عادة متقرّرة بينهم، ولم ينكرها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فعلم بقاؤها "اهـ.
وروى ابن أبي الدّنيا بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنه أنّه كان يلبس يوم العيد أحسن ثيابه.
- التطيّب: ففي سنن النسائي قالت عائشةُ رضي الله عنها: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ.
- الغسل: فقد روى الإمام مالك عن نافعٍ أَنَّ عبد الله بنَ عمرَ رضي الله عنهما: كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى.
وروي ذلك أيضا عن عليّ رضي الله عنه، وعلقمة، وعروة، وعطاء، والنّخعي، والشّعبي، وقتادة، وغيرهم.
لذلك كان سعيد بن المسيّب يقول:" ثلاث من سنّة الفطر: المشي إلى المصلّى، والأكل قبل الخروج، والاغتسال ".
والأضحى مثل الفطر في غالب الأحكام.
- متى يستحب الأكل صبيحة العيدين ؟
أ) أمّا عيد الفطر، فالسنّة الأكل قبل الخروج إلى المصلّى:
ففي صحيح البخاري وسنن التّرمذي – واللّفظ له – عن أنس رضي الله عنه قال:
(أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُفْطِرُ عَلَى تَمَرَاتٍ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمُصَلَّى ).
ب) وأمّا عيد الأضحى، فالسنّة أن يظلّ ممسكا حتّى يأكل من لحم أضحيته.
وهذا يشمل المضحِّي والمضحَّى عنه.
- الخروج إلى المصلّى: وهذا متواتر عنه صلّى الله عليه وسلّم.
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ.
- الخروج مشيا: فقد روى التّرمذي وغيره عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ:
" مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا ...".
قال الترمذي رحمه الله:" والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم، يستحبّون أن يخرج الرّجل إلى العيد ماشيا، وأن يأكل شيئا قبل أن يخرج لصلاة الفطر، قال أبو عيسى: ويستحبّ أن لا يركب إلا من عذر "اهـ.
- التّكبير للنّساء والرّجال، من بعد الفجر إلى قدوم الإمام:
قال تعالى:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: من الآية185].
وفي صحيح البخاري عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ حَتَّى نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الْحُيَّضَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ، يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ.
وفي عيد الأضحى يستأنف المسلم التّكبير إلى عصر آخر أيّام التّشريق، لأنّ ذلك ما جرى عليه عمل الصّحابة رضي الله عنهم.
وأصحّ صيغ التّكبير هو أن يقول: ( الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد ).
- ترك الصّلاة قبلها: فلم يكن من هديه الصّلاة قبل صلاة العيد كما سيأتي في حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
أمّا الصّلاة بعدها: فهي سنّة ثابتة، فقد روى ابن ماجه وأحمد والحاكم عن أبي سعيد رضي الله عنه قال:" كَانَ صلّى الله عليه وسلّم لاَ يُصَلِّي قَبْلَ العِيدِ شَيْئاً، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ " [انظر " الإرواء " (3/100)].
- مخالفة الطّريق عند الرّجوع:
روى البخاري عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنه قالَ:" كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ ".
وفي رواية لأحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:" كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا خَرَجَ إِلَى الْعِيدَيْنِ رَجَعَ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ ".
والحِكَم من ذلك كثيرة منها:
1- إظهار قوّة الإسلام والمسلمين في كلّ مكان.
2- أنّك تمرّ على أكبر عدد من المسلمين فتسلّم عليهم، وتصافحهم، وتصالح من كان بينك وبينه شحناء.
3- إغاظة أعداء الإسلام.
4- قضاء حوائج من له حاجة.
5- أن يشهد لك الملائكة الّذين يقفون على الطّرق.
7- احذر البدع والمعاصي.
يقول علماء الاجتماع: إنّما تظهر حضارات وفكر الأمم يوم أعيادها.
من أجل ذلك ينبغي للمسلم أن يكون في مستوى اليوم الّذي يعظّمه، وأيّام العيد أيّام شكرٍ لله تعالى، فلا ينبغي الوقوع في مخالفة أمره.
وإنّ من جملة المعاصي والبدع الّتي تطفو على سطح المجتمعات هذين اليومين:
1- التزيّن بحلق اللِّحى.
2- مصافحة النّساء الأجنبيّات.
3- التشبّه بالكافرين في زيّهم ولهوهم.
4- الدّخول على النّساء، والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( اتّقوا الدّخول على النّساء )) [متّفق عليه].
5- زيارة القبور، وقد بيّنا ذلك آنفا.
6- الإسراف والتّبذير.
7- التّسامح مع الأطفال في فعل المحرّمات بحجّة أنّه يوم فرح !
8- تعمّد التوّافق في التّكبير، وتلحينه.
9- ترك المصافحة عند الّلقاء واستبداله بالمعانقة:
فالمصافحة من أعظم المستحبّات، فقد روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه والتّرمذي عن أبي أمامة رضي الله عنه أنّهما قالا: ( من تمام التحيّة أن تُصافحَ أخاك- أو: الأَخْذُ بِاليَدِ ). وذلك لما جاء في المصافحة من الفضل:
روى أصحاب السّنن - إلاّ النّسائي - عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:
(( مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا )).
أمّا التّقبيل على الوجنتين فلا ينبغي إلاّ أن يفعله الوالدان مع أولادهما، والمحارم بعضهم مع بعض، والزّوج مع زوجته.
وأمّا المعانقة فلا تنبغي كذلك، إلاّ لشخصين:
1- من طالت غيبته.
2- أو طال جفاؤك له.
أمّا أن لا يكون بينك وبينه فراق ولا شقاق فإنّه يُكره حينئذ.
روى التّرمذي وغيره عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ، أَيَنْحَنِي لَهُ ؟ قَالَ: (( لَا )) قَالَ: أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ ؟ قَالَ: (( لَا )) قَالَ: أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ ؟ قَالَ: (( نَعَمْ )).
ولكن، ينبغي للمسلم أن يعلّم النّاس هذا الحكم، ويكتفي بالتّرغيب في السنّة والهدي النّبويّ، برفق ولين.
فإذا أراد أخوه في الله أن يُعانقه فليس له أن يمانع من ذلك ويردّه، فإنّه حينئذ يكون قد اتّصف بالجفاء.
وليعلم المسلم أنّ المحافظة على المودّة، وأسباب المحبّة أعظم بكثير من أن يقع في مكروه.
ولتكن مهمّة المسلم هي: التّعليم ونشر الفقه بين الأنام، دون أن يغفل عن الأخوّة والمودّة الّذين هما من أصول الإسلام.
والله أعلم، وأعزّ وأكرم، وهو الهادي للّتي هي أقوم.