الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فإنّه بعد البحث والتّنقيب في أرض الواقع عمّا يعرف اليوم بـ" التّسويق الشّبكيّ "، تبيّن لي جليّا أنّه قائم على الاحتيال والخداع والغشّ لعموم المسلمين، وأكل أموالهم بالباطل، وأنّ ظاهر عقودهم ومعاملاتهم الرّحمة، وباطنها النّقمة.
وقد أجريْتُ جلسةً قبل سنوات مع أحدِ مسؤولِي مكتب من مكاتبهم بالعاصمة، بحضور بعض الإخوة، ودامت الجلسة ما يقارب السّاعتين، ذكر لي فيها معاملاتٍ وعقوداً عدّةً، فبيّنت له – ولله الحمد – ما يصحّ ويجوز من هذه العقود ممّا لا يصحّ ولا يجوز.
وأبدى قبولَ النّصح والتّوجيه، وختمنا جلستنا بأنّ العُهدةَ عليه إن كان أخفى شيئا ممّا يجب ذكره، لبيان الحكم الشّرعيّ في هذه المسألة.
ولكن – وكنت أتوقّع ذلك – تبيّن لي من بعدُ أنّه لم يذكر كلّ ما كان ينبغي بيانه، ممّا جعلني أجزم بحرمة التّعامل مع هذه المؤسّسات أينما كانت.
فأرسلت إليه عددا ممّن يعرفهم أو عاملهم، ليُخبِروه بأنّي قد اكتشفت خُدعَهم، وأنّه لا يحلّ له استعمال أسماء الدّعاة والمشايخ لتسويغ هذه المعاملات. ولكنّه ظلّ عاكفاً على التّدليس على النّاس وخداعهم.
وإنّ المحاذير في التّعامل مع هذه المؤسّسات - زيادةً على ما ذكره المانعون لهذه التّجارة - كثيرة جدّا، وهي مذكورة في أبحاثهم ومقالاتهم، ولكنّ جُلَّ المخالفات لا يُدرَك إلاّ من بعد الدّخول معهم في مستنقع معاملتهم، منها:
* أنهّم لا يخبرون العميل بطريقة البيع والشّراء وتفاصيل ذلك حتّى يُمضي العقد ! فيجد العميلُ حينها نفسَه بين المطرقة والسّندان: إمّا المُضيّ معهم في معاملات محرّمة، أو فسخ العقد وفقدان قسط كبير من ماله الّذي وضعه !
وكان الواجب أن تُذكر كلّ الشّروط في مجلس العقد.
* أنّهم يُجبِرون العميل على كسب زبائنَ خلال مدّة معيّنة، وإلاّ فقد عضويّته معهم في الشّبكة وخسِر مالَه.
* إغراء العملاء بأرباح وهميّة، والغرض من ذلك هو انضمامهم بدفع مبالغ كبيرة.
* المعاملات جلّها مبنيّة على الغرر والمخاطر، وقد (( نَهَى رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم عَنِ الغَرَرِ )).
* بيع سلع - وغالبا ما تأتي من دول شرق آسيا - غير صالحة لما يُصرّحون به.
وغير ذلك من المخالفات.
وإنّ الخبراء بالاقتصاد الإسلاميّ ما زالوا ينبّهون على مخالفات كثيرة ترجع بالبوار على العملاء خصوصا وعلى المجتمع عموما.
والله تعالى الموفّق لا ربّ سواه.