أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

السبت 25 جمادى الثانية 1432 هـ الموافق لـ: 28 ماي 2011 08:59

- شرح كتاب الذّكر (6) ذكر الله حصن حصين من الشّيطان الرّجيم

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد رأينا من فضائل ذكر الله عزّ وجلّ أنّه: أ) أفضل عبادةٍ على الإطلاق، ب) وأنّه العبادة الوحيدة الّتي أمر الله تعالى بالإكثار منها، ج) وأنّه سببٌ لمعيّة الله تعالى، د) وأنّه غاية العبادات جميعها، هـ) وأنّه بديلٌ عن كثير منها.

والحديث الآتي يدلّ على أنّ ذكر الله تبارك وتعالى حصن حصين من الشّيطان الرّجيم.

- الحديث الثّاني عشر:

وعن الحَارِثِ الأَشعَرِيِّ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال:

(( إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عليه السّلام بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ، وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ. فَكَأَنَّهُ أَبْطَأَ بِهِنَّ.

فَأَتَاهُ عِيسَى عليه السّلام، فقالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ تَعْمَلَ بِهِنَّ، وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَإِمَّا أَنْ تُخْبِرَهُمْ، وَإِمَّا أَنْ أُخْبِرَهُم.

فَقَالَ: يَا أَخِي ! لاَ تَفْعَلْ، فَإِنِّي أَخَافُ إِنْ سَبَقْتَنِي بِهِنَّ أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ.

فَجَمَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ، وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرُفَاتِ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَقَالَ:

إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ، وَآمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ:

1- أوَّلُهُنَّ أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، فَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، ثُمَّ أَسْكَنَهُ دَارًا فَقَالَ: اعْمَلْ وَارْفَعْ إِلَيَّ. فَجَعَلَ يَعْمَلُ وَيَرْفَعُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ ! فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ ؟ فَإِنَّ اللهَ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، فَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً.

2- وَإِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَلَا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللَّهَ يُقْبِلُ بِوَجْهِهُ إِلَى وَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ.

3- وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ مِنْ مِسْكٍ، كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ رِيحَهَا، وَإِنَّ الصِّيامَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.

4- وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِي مِنْكُمْ، وَجَعَلَ يُعْطِي الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، حَتَّى فَدَى نَفْسَهُ.

5- وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، حَتَّى أَتَى حِصْناً حَصِيناً فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يَنْجُو مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ ...)) الحديث.

[رواه التّرمذي، والنّسائي ببعضه، وابن خزيمة في "صحيحه"-واللّفظ له-، وابن حبّان في "صحيحه"، والحاكم، وقال: "صحيح على شرط البخاري ومسلم"، وقال التّرمذي: " حديث حسن صحيح "].

شرح الحديث:

-قوله: ( إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عليه السّلام بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ ): المراد بالكلمات هنا الأوامر، مثل قوله تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ}.

-قوله: ( أوَّلُهُنَّ أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا )، وفيه بيان اتّفاق الرّسل جميعا على أنّ أوّل الأمر وآخره هو تذكير العباد بتوحيد الله تعالى، واجتناب الإشراك به، وبيّن فظاعة الشّرك بمثلٍ عظيم، فقال:

( فَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ) أي: فضّة، ( ثُمَّ أَسْكَنَهُ دَارًا فَقَالَ: اعْمَلْ وَارْفَعْ إِلَيَّ ) فالله تعالى خلق العباد، ورزقهم من الطيّبات، على أن يعبُدوه وحده، ولكن: ( فَجَعَلَ يَعْمَلُ وَيَرْفَعُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ !) لذلك قال تعالى:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}؛ لأنّ الظّلم هو وضع الشّيء في غير موضعه، والمشرك يضع العبادة في غير محلّها، ومحلّها هو خالقه ورازقه ومدبّر أموره.

-قوله: ( وَإِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَلَا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللَّهَ يُقْبِلُ بِوَجْهِهُ إِلَى وَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ ) وفي رواية: (( فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا ! فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ )).

وفي هذا ترهيب شديد من الالتفات في الصّلاة، من وجوه:

الأوّل: أنّه صلّى الله عليه وسلّم جعله من الوصايا الّتي تقرن بالأمر بالتّوحيد، والصّدقات، وغير ذلك.

الثّاني: أنّه من الأمور الّتي عظّمها الله حتّى جعلها ممّا اتّفقت عليه الشّرائع على منعه.

الثّالث: أنّه فيه انصراف عن الله الّذي أقبل عليه بوجهه سبحانه. وهذا بيان صريح لعلّة التّحريم، وليس كما يذكره بعضهم أنّ العلّة هي كراهة الحركة، أو ترك استقبال القبلة ببعض البدن.

الرّابع: أنّه من الاستجابة للشّيطان، ففي الصّحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الالتفات في الصّلاة ؟ فقال: (( هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ العَبْدِ )).

ومع كلّ ذلك ترى كثيرا من الفقهاء يصرّحون بكراهة الالتفات في الصّلاة، بل ادّعى الحافظ الإجماع على ذلك، مع أنّه نقل بعد ذلك خلاف بعض العلماء كالمتولّي، وأهل الظّاهر الّذين قالوا بالتحريم إلاّ لضرورة، كما حدث للصّحابة يوم خرج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عليهم في أيّام مرضه، ونحو ذلك.

ويؤيّد القولَ بالتّحريم أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذكر وعيدا شديدا فيمن رفع بصره في الصّلاة، فكيف بالالتفات ؟!

ففي الصّحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ )) فاشتدّ قوله في ذلك، حتىّ قال: (( لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ )).

-قوله: ( وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ )، وبيّن أنّ خلوف فم الصّائم أطيب عند الله من ريح المسك.

-قوله: ( وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ )

قال ابن القيّم رحمه الله في "الوابل الصيّب"(49-50) عن هذا الحديث:

" هذا أيضا من الكلام الّذي برهانه وجوده، ودليله وقوعه، فإنّ للصّدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو من ظالم، بل من كافر، فإنّ الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند النّاس، خاصّتهم وعامّتهم، وأهلُ الأرض كلّهم مقرّون به لأنّهم جرّبوه ...

وفي تمثيل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لذلك بمن قُدِّم ليضرب عنقه، فافتدى نفسه منهم بماله كفايةٌ، فإنّ الصّدقة تَفدي العبد من عذاب الله تعالى، فإنّ ذنوبه وخطاياه تقتضي هلاكه، فتجيئ الصّدقة تفديه من العذاب، وتفكّه منه، ولهذا قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الصحيح لما خطب النساء يوم العيد: (( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ! )) وكأنّه حثّهنّ ورغّبهنّ على ما يفدين به أنفسهنّ من النّار، وفي الصّحيحين عن عديّ بن حاتم ... - وذكر حديث -: (( فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ )).

-قوله: ( وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراًوهو الشّاهد من الحديث:

وتأمّل أخي القارئ كيف يأمر الله عزّ وجلّ بالإكثار من الذّكر.

ومن مظاهر جعل الذّكر حصنا:

أ‌) الإكثار من قراءة القرآن الكريم، فقد قال الله تعالى:{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45].

ب‌) والإكثار من الاستعاذة من الشّيطان الرّجيم، فهي أعظم ما يُجير من الشّيطان.

ت‌) والبسملة، حتّى إنّ الشّيطان يصير أصغرَ ما يكون، ففي سنن أبي داود وغيره عن أبي المَلِيح عن رجل قال: كنت رَدِيفَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فعثرت دابّته، فقلت: تعس الشّيطان ! فقال: (( لاَ تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ البَيْتِ، وَيَقُولُ بِقُوَّتِي، وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللهِ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ )).

ث‌) بل إنّ البسملة جعلها الله تعالى حاجبا يمنع الشّيطان من المبيت، والأكل، كما في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَال الشَّيْطَانُ: لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قاَلَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمْ المَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ وَالعَشَاءَ )).

وغير ذلك ممّا لا يخفى، والله الموفّق لا ربّ سواه.

أخر تعديل في السبت 25 جمادى الثانية 1432 هـ الموافق لـ: 28 ماي 2011 09:05

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.