أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

السبت 29 ربيع الأول 1445 هـ الموافق لـ: 14 أكتوبر 2023 06:51

- المسلمون ضحايا الإرهاب لا صُنَّاعه موضوع مميز

الكاتب:  د. يزيد حمزاوي
أرسل إلى صديق
لسْنا إرهابيّين، ولم نكُن يومًا إرهابيّين، ولن نكون، بل نحن ضحيَّتُه الأولى، وأعداؤُنا أوَّل المستفيدين منْه. 

هذه هي الحقيقة المطْلقة الَّتي يشهد لها الواقع وتُثْبتها الوقائع. 

لَم يخدُم الإرهاب المسلمين في شيءٍ، إنّما خدم الأنظِمة الفاسدة والدكتاتوريَّات الجاثمة على الصّدور، فوطّدت قواعدَها، واستقْوت بالخارج على مواطنيها، لتبْقى مزهوَّة على الكراسي، وتبقى الشّعوب المسلمة والمسالمة تحت الكراسي مسْحوقة مكلومة، تُفرض عليها الإيديولوجيات الغرِيبة عن دينها وهويَّتها، ولا تجرُؤ على أن تطالب بحُكْم الله.

الإرْهاب خدم جيوش الغرْب التي تدخَّلت باسم مكافحته في بلادِنا، فصار لها موْطئُ قدَم في كلّ شبر من الأرض، بعدما أخرجها المجاهدون في الماضي من كلّ شبر بالتَّضحية والشّهادة، وطردوها شرَّ طِردة.

 

ولم يكد الإرهاب يطلّ برأسه حتَّى حطَّ الجيش الأمريكي والحِلْف الأطلنطي والكوري والأسترالي وجيوش أمريكا اللاتينية عندنا وحولنا، فسدّوا النَّوافذ وأغْلقوا المنافذ، واستوْلَوا على المضايِق والموانئ والمطارات والصحاري .. صاروا كالوحش في البلاد الإسلاميَّة الَّذي يزحف برًّا ويعوم بحرًا ويطير جوًّا .. لقد كان الإرهاب دعوة للحضور والإقامة الدَّائمة لأولئِك الّذين سلخوا منَّا أمْننا القومي، وسلبونا مجالَنا الجويَّ وزاحمونا في سيادتِنا على أرضنا.

الإرهاب خدم الصهْيَونيَّة العالميَّة المجرمة التي أَضحت تعطي دروسًا في السَّلام، بل وتشارك في مشاريع حفْظ الأمن مع من تخلَّوا عن الحرّيَّة والأرض والعرض ! ونالوا بدلها تزْكيةً بأن صُنّفوا من المعتدلين والشُّركاء في خيار السَّلام الاستراتيجي ! كما حوّل الإرهابُ الدَّوْلي بإعلامِه الدَّوْلي المقاومين والمجاهدين في سبيل الله حقَّ جهاده، وفق ضوابطه الشَّرعية، إلى متطرّفين وأصوليّين يَمنعهم من أداء الواجب القَريب قبل البعيد.

الإرهاب خدم العلمانيَّة الّتي انتفخت وانتفشت، بعدما كادت تُفارق الحياة في انهِزامات انتِخابيَّة لفظتْها فيها الشعوب المسلمة، فعادتِ الأحزاب العلمانيَّة والإلحاديَّة والتَّابعة للغرب، والَّتي لم تَحصل حتَّى على أصوات أصحابِها، عادت من جديد للواجهة لتقدّم نفسَها بديلا وحيدًا ضدَّ الظلاميّين والمتعصِّبين والمتخلِّفين، الَّذين يُريدون جرَّ البلاد والعباد إلى القرون الوسطى كما يقولون، بعدما أعاد لهم الإرهاب النطق، وقد أخرستْهم لسنواتٍ الجماهيرُ الَّتي نادت بالشَّريعة والشَّريعة وحدها، فأراد الإرهاب أن يُلغي الشَّريعة فشوَّهها بالإرهاب حتَّى انفضَّ عنها بعضُ دعاتها بالأمس.

الإرهاب كان سلاحًا فتَّاكًا بأيدي العلمانيّة، وكان بعضُ السُذَّج من جماعة المغفَّلين والمخْدوعين من المسلمين الطيِّبين، ظنّوا الإرهابَ سلاحاً بأيديهم، يقْضون به على المناوِئِين للشَّريعة، فإذا بكلّ ضربةٍ من ضربات الإرهاب تؤخِّر مشروع الشَّريعة إلى الوراء ثمَّ إلى الوراء، ثمَّ استفاقوا بعد غفلةٍ وقد وجدوا أنَّ بقايا ما كان عندَهم من الشريعة عُطل بالكلّيَّة، بل وأنَّ العلمانيَّة المعطّلة للشَّريعة باتت تهدِّدهم " بتعطيل " شُعَيْرَاتٍ على ذقونهم، وغطاءَ رأس نسائهم وبناتهم.

الإرهاب خدم الحاقدين الغربيّين، فقد كانت قبله عجلة الإسلام في الغرب تدور بسرعة، حيثُ لا تكاد الدَّوائر الإحصائية تستطيع إحصاء مئات الآلاف من النَّصارى والملاحدة واليهود والهندوس الَّذين يعتنقون الإسلام كلَّ ساعة، مع أنَّهم لم يتوقّفوا لحظة عن محاربة وتشويه الإسلام: بفعل أعدائه الَّذين يشنّون عليه حملة دعائيَّة نقديَّة ظالمة لا مثيل لها، وبفعْل كثيرٍ من أبنائه الَّذين يسيئون إليْه بسلوكِهم وأقوالهم صباح مساء، بشعور أو بلا شعور، ومع ذلك ترى الإسلام يرْبح يوميًّا مسلمين جددًا، يدخلون في دين الله أفواجًا، لا طمعًا في رغيف، أو قرص أسبرين، أو دنانير معدودات، أو تأشيرات يقدّمها لهم دعاة الإسلام.

وقد تتبَّعت بحرص موجات اعتِناق الإسلام المتتابعة، فبين يديّ الآن بعضُ قوائم المهْتدين الغربيّين والشَّرقيين من النّخبة، أنظر فيها فأرى الأطبَّاء والمحامين والصحفيّين والباحثين والمفكِّرين والجامعيِّين ومشاهير الفنّ والرّياضة وحتَّى رجال الدّين، وبالطَّبع إلى جانبهم من هو أقلّ من ذلك علمًا ودراية وثقافة ومستوى وشأنًا.

لقد أحزن هذا الحال الغربيِّين من عتاة الأعداء الحاقدين على الإسلام، ففكَّروا ودبَّروا فهداهم شيْطانهم إلى الإرهاب: الوسيلة المثلى التي تصُدّ النَّاس عن الإسلام والمسلمين .. السَّبيل الَّذي يوقف الانبِهار به والإعجاب بمبادئه السَّامية، فقالوا في أنفُسهم: لا يمكن أن نُبْعِدَ النَّاسَ عن هذا الدّين الَّذي يجذبهم كالمغناطيس إلاَّ بأن نعطّل مفعوله، فقالوا: لا حيلة لنا إلى ذلك إلاَّ بأن نخوّف النَّاس ونروّعهم ونهدّدهم في أرواحهم وأرْواح أولادهم وأهاليهم وأرزاقهم !

وليس هذا السبيل الخبيث ابتكارًا حديثًا في دنيا النَّاس، بل هو قديم قِدَم البشريَّة، لكنّ الجديدَ فيه ما يَليه ويتلوه، إنَّه تلك التَّغطية الإعلاميَّة المدروسة المخطّطة عقب كلّ انفجار ودمار، إنَّها تكنولوجيا الصّورة الملوّنة للدماء والأشلاء والدموع، الَّتي تخترق العقول والقلوب كالرّصاص فتحْدث فيها من الأثر السلبي ضدَّ الإسلام والمسلمين ما الله به عليم ! فنجحوا في معارك إعلاميَّة وأخرى سياسيَّة، وسيفْشلون في النّهاية لأنَّ الأرض يرثها المسلمون الموحّدون الصَّادِقون لا الإعلاميّون والسياسيّون الخائنون الكاذبون.

الإرهاب خدم المنصِّرين، بعدما جُمّدت أرْصدة المسلمين المتبرّعين والمزكّين والمتصدِّقين، وحُلَّت أشهر الجمعيَّات الخيريَّة الإسلاميَّة التي تعمل في الميدان لا في المكاتب، وقُيّدت حركة الدّعاة العاملين، فخلا الجو لغِرْبان التَّنصير لتصول وتجول في آسيا وأوربا دون منافس يُحسب له حساب.

بل إنَّ المنصّرين استطاعوا بالإرْهاب المميت الذي مسَّ النَّاس المساكين، أن يُقنعوهم بأن النَّصرانية ستجلب لهم الحياة بدل الموت، والسلم بدل الحرب، والمحبَّة بدل الكراهية، لقد استطاعت أخبار الإرهاب أن تغطّي وتضمد الجراح المتعفّنة للكنيسة التي ألْحقتها بها الفضائح الجنسيَّة في الأبرشيات والكاتدرائيات والأديرة ومدارس الأحد، حتَّى أضحى التعدّي الجنسي على الأطفال في تلك الديانة طقسًا من الطقوس التعبُّديَّة.

لقد خدم الإرهاب الشَّركات الغربيَّة العملاقة، بعدما دُمّرت الاقتِصاديَّات المحلّيَّة الإسلاميَّة، واستنزفت خزائن المال في دولنا التي صرفت المليارات على شراء الأسلحة لتكدّسها أو تستعملها في حربِها على الإرهابيّين .. لقد ضرب الإرهاب المشاريع الإنتاجيَّة والإنجازات الفرديَّة والجماعيَّة، وضرب الاستِقرار المالي والاقتصادي، ففرَّت الاستِثْمارات إلى البِلاد الآمِنة في الغرب، وبقِيَت دولُنا ترزح تحت خطِّ الفقْر، دول أراد لها الإرهاب أن تَعيش تابعةً للصدقات الأجنبيَّة، مرْهونة بالمساعدات الدوليَّة، مستسْلِمة لقرارات الهيْئات الأمميَّة، الَّتي يُسيْطِر عليْها الصهيوني والصَّليبي والملْحِد وكلّ حاقد على الإسلام، الَّذين اهْتبلوا الفرصة فربطوا كلَّ مساعدة بالتدخُّل في خصوصيَّاتنا وثقافتنا وهويَّتنا ودينِنا !

الإرهاب خدم المبتدعة بعدما أُلصق التطرُّف بأهل السنَّة والجماعة، فضُيِّق عليهم دائرة دعوتِهم النقيَّة التَّقيَّة، في حين فُسح المجال لكلّ مبتدع ضالّ متملّق وماسح للجوخ؛ ليعيدوا إلى الوجود بدعًا وضلالات وخرافات وجهالات مظْلمة، أطفأتْها السنَّة ببركة جهود العلماء الربَّانيّين، فبِفضل الإرهاب استنْسَر البغاث بأرضِنا حتَّى طاول العلماء !

وها هم اليوم يَجتمعون على اللَّمز والنَّقد والسَّبّ في الدَّعوة العالمية لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، وما علموا أنَّه لولا الله ثمَّ دعوة الشَّيخ المباركة لكانوا اليوم هم وأتباعهم عبَّاد أصنام وأحلاس قبور ومسبّحين بعظام ورمم أوليائِهم الصَّالحين والطَّالحين.

كان لتِلك الآثار المدمّرة كلِّها بالغُ الألم والضّيق وشظف العيْش على المواطِن المسلِم، لكنَّها كانت أشدَّ على الشَّباب الذي شعر بأنَّه قد دُمّر مستقبله وقوّض طموحه، فأضحى حلْمه الوحيد تأشيرة سفَر تتصدَّق بها عليه إحدى السّفارات الغربيَّة، أمَّا آخرون من اليائِسين فباتوا يلْقون بأنفُسهم في البحر المتوسّط والمحيط الأطلنطي، على قواربَ بلاستيكيَّة أو خشبيَّة، حلمًا في بلوغ شاطئ الأمان والخلاص في الضفة الأخرى؛ حيث يقْطن الذين استعمرونا بالأمس قرونًا ومنحونا الجنسيَّة حينها، فأبى آباؤُنا وأجدادُنا وطردوهم، هم وجنسيَّتهم كالطَّاعون.

إنَّهم فتية يقفزون في البحْر والمحيط فرارًا بأرواحهم من وضعيَّة هم أشبه فيها بالموتى؛ لأنَّ أوطانهم أضحت جحيمًا لا يطاق، غير آبهين بالموت الَّذي ينتظر أكثَرَهم في باطن البحر أو بطْن الحوت، ولسان حالهم ينشد:

أَلا مَوْتٌ يُبَاعُ، فَأَشْتَرِيـهِ *** فَهَذَا العَيْشُ  مَا لا خَيْرَ فِيهِ

أَلا مَوْتٌ لَذِيذُ الطَّعْمِ يَأْتِي *** يُخَلِّصُنِي مِنَ العَيْشِ الكَرِيهِ

إِذَا أَبْصَرْتُ قَبْرًا  مِنْ بَعِيدٍ *** وَدِدْتُ لو  انَّنِي مِمَّا يَلِيـهِ

أَلا رَحِمَ المُهَيْمِنُ نَفْسَ حُرٍّ *** تَصَدَّقَ بِالوَفَـاةِ عَلَى أَخِيهِ

صحيح أنَّ هذا الحال لا يعمّ المنطقة الإسلاميَّة كلَّها، إلاَّ أنَّه لم تسلم دولة مسلِمة من آثار الإرْهاب قلَّ منه أو كثر، ومَن لم تلحقه جَميع الطَّعنات فليعتبر بأخيه قبل أن تدركه بقيَّة الضَّربات.

كما أنَّ هناك أنَّ شبابًا في دول إسلاميَّة أخرى لا يفكِّر بالهرب الجسدي عبر البحار والمحيطات، لكن ما لا يُقرّه كثيرون أنَّ أولئك الشَّباب قد فرّوا بعقولِهم وأرواحهم ونفوسِهم إلى الضفّة الأخرى منذ زمن بعيد، أجسادُهم هنا وعقولهم هناك، عبر الفضائيَّات التي غيَّبتهم عن واقعهم، ومن خلال الشَّبكة العنكبوتيَّة العالمية التي أسرَتْهم بين خيوط العناكب، فطاب لهم المقام في الفضاء الافتِراضي، يُشْبِعون حاجاتهم ورغباتهم بعيدًا عن الواقع المرير الَّذي فرُّوا منْه بسبَب تداعيات الإرهاب بأشكالِها كافَّة.

هذا هو حال الإرهاب معنا - نحن المسلمين - كلَّما رفعنا رؤوسَنا بالَّتي هي أحسن، أو قامتْ لنا قائمة بالَّتي ليستْ هي أخشن، أو أنجزْنا إنجازًا يُحسب لنا ولدينِنا، فجَّروا لنا تفجيرًا مدوِّيا في نيويورك، أو لندن، أو مدريد، أو في عاصمة من عواصم العالم الإسْلامي كالجزائر، والدَّار البيضاء، والقاهرة، والرّياض، وعمان، وإسطنبول، وكراتشي، وكوالا لمبور... والقائمة طويلة.

وبعد كلّ تفجير يذهب ضحيَّتَه الأبرياءُ، تنطلق ألسِنة الصّحف وأصوات الإذاعات وصور الفضائيَّات تتَّهم الإسلام وكلّ مظهر يرتبط به، فلا يسلم العُلماء والهيئات والجمعيَّات، والدّعاة والخِطاب الديني، واللِّحى والجلباب والنِّقاب، والقرآن والسنة، والسّواك وتعدّد الزَّوجات والشَّريعة، والمساجد والمنابر والمنارات والخطباء ... إلخ، كلّ ذلك في خانة الاتّهام ودائرة الرّيبة يجب أن يُحاصر ويضايق ويمنع ويراقب.

نعم، نحن - المسلمين - ضحايا الإرهاب؛ لذلك فربُّنا يُبغضه، وشرعنا لا يقرّه، وتاريخنا لا يعرفه، فلماذا يريدون منَّا أن نتبنَّاه أو ندافع عنه ؟

نبرأ إلى الله منْه، مهْما زيَّنوه أو فبركوا أدلَّة على أنَّنا منفّذوه، أو ارتكبه مَن خدعوه ممَّن يزعُم أنَّه منَّا خرج؛ لأنَّه بفعله الأرْعن عنَّا وعلينا خرج.

لا، لسْنا إرهابيّين، ولم نكن، ولن نكون .. نحن دعاة حياة كريمة .. نريد الخير للبشريَّة جمعاء بأن توحّد الله وتعبده وحده لا شريك له، وتستن بسنَّة نبيّه صلَّى الله عليه وسلَّم بلا إكراه، نتعاون مع الجميع، مسؤولين وغير مسؤولين، لتحقيق ذلك، ننشُر الهداية بين الجميع، وسبيلنا في ذلك الحجَّة البالغة والبرهان القاطع والكلِمة الطيّبة والإعلام النَّظيف، وغيرها من نشاطات الدعوة الحكيمة، لا نظلم مسلمًا ولا كافرًا.

نحن بناة حضارات عريقة، نحن مشيّدو دول نشرت العلوم والمعارف، يوم كان الغرب يرزح تحت إرْهاب القرون الوسطى المظلم، هيهات أن نكون أمثالهم، لأنَّنا نملك ما لا يَملكون: القرآن والسنَّة اللَّذَيْن يبيّنان لنا السَّبيل القويم والطَّريق المستقيم.

إنَّها رسالة من القلب إلى القلوب الواعية التي لا تزال تنبض بالإسلام لتدرك خطر الإرْهاب على المسلمين ودعوتهم، وليكن واجب الجميع دعم الإسلام السنّي النَّقي التَّقي، ضدَّ بلاء الإرهاب الَّذي ابتكره أعداؤنا واختبروه في ساحاتِنا واتَّهمونا بأنَّنا صنَّاعه.

وحتَّى أمثالي من المساكين أصحاب الأقلام، الَّذين ينحون هذا المنحى في التَّحليل لظاهرة الإرهاب الَّذي صنعه أعداء الإسلام واتَّهمونا به، فقد صنعوا لنا إرهابًا فكريًّا معلّبًا آخر ومارسوه ضدَّنا، وهو زعمهم أنَّنا " متورطون " ومُدَانُون بانتِمائِنا إلى جماعة المؤمنين والمصدّقين بنظريَّة المؤامرة، فحسبنا الله ونعم الوكيل، ونسأله تعالى أن يحفظنا من مؤامراتهم.

أخر تعديل في السبت 29 ربيع الأول 1445 هـ الموافق لـ: 14 أكتوبر 2023 11:08

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.