أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الأحد 24 رجب 1432 هـ الموافق لـ: 26 جوان 2011 06:50

- شرح كتاب الذّكر (9) مجالس الذّكر والعلم مجالس المغفرة

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الباب الثّاني: ( التّرغيب في حضور مجالس الذّكر، والاجتماع على ذكر الله تعالى ).

شرح التّبويب:

بعد ما ذكر المصنّف رحمه الله تعالى التّرغيب في ذكر الله عموما، ذكر بابا في الّترغيب في حضور مجالس الذّكر والعلم، وذلك للدّلالة على أنّ ذكر الله عزّ وجلّ لا ينحصر في مجرّد التّمجيد والتّهليل والتّكبير وغير ذلك، وإنّما هو يشمل مجالس مذاكرة العلم كذلك.

فعلى المؤمن - وخاصّة في هذه الأزمنة - البحث عن هذه المجالس، فهي من المعالي والنّفائس، وأنّ المعرض عنها معرض عن الله تعالى.

ففي الصّحيحين البخاري ومسلم عن أبي واقدٍ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه:

أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ )).

- الحديث الأوّل:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا.

قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: مَا يَقُولُ عِبَادِي ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ، وَيُكَبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، وَيُمَجِّدُونَكَ.

قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ لَا وَاللَّهِ يَا رَبُّ ! مَا رَأَوْكَ.

قَالَ: فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا.

قَالَ: يَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونِي ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ.

قَالَ: فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبُّ ! مَا رَأَوْهَا ؟

قَالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً.

قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: مِنْ النَّارِ.

قَالَ: فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبُّ ! مَا رَأَوْهَا.

قَالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً.

قَالَ: فَيَقُولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ.

قَالَ: يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ: فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ. قَالَ: هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ )).

[رواه البخاري- واللّفظ له - ومسلم].

شرح الحديث:

- قوله ( إنّ لله ملائكة ) في رواية مسلم: ((... فُضْلاً )): أي: زائدون على الحفظة، لا وظيفة لهم إلاّ التماس حِلَقِ الذِّكْر. قاله النّووي رحمه الله.

- قوله: ( يطوفون في الطّرق ): في رواية مسلم (( سَيَّارَةً ))، وفي رواية خارجَ الصّحيحين: (( سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ )).

- ( هلمّوا ) هي لغة أهل نجد بمعنى: أقبلوا.

وأمّا أهل الحجاز فيقولون للواحد والاثنين والجمع: ( هلمّ ) بلفظ الإفراد، وبه نزل القرآن سواء كانت بمعنى " أقبل " أو "أحضر"، قال تعالى:{قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا} [الأنعام: من الآية150]، وقال:{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: من الآية18].

- قوله: ( فيحفّونهم بأجنحتهم ): أي يدنون بأجنحتهم حول الذّاكرين.

لذلك رجّح ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى أنّ معنى قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( وَإِنَّ المَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضاً بِمَا يَصْنَعُ )) هو أنّها تجلس إليه وتحفّه بأجنحتها.

- قوله: ( إلى السّماء الدّنيا ): في رواية مسلم: (( قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُم بَعْضاً بِأَجْنِحَتِهِمْ، حَتَّى يَمْلَؤُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَمَاءِ الدُّنْيَا )).

- قوله ( فيسألهم ربّهم عزّ وجلّ، وهو أعلم منهم ): في رواية مسلم: (( قالَ: فَيَسْأَلُهُمْ اللَّهُ عزّ وجلّ وَهُوَ أَعْلَمُ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ ؟)).

وسبب سؤاله تبارك وتعالى أمران:

الأوّل: إشهادُهم على صلاح أمر الذّاكرين.

الثّاني: بيان حكمة الله تعالى من خلقِ الإنس، فتعترف الملائكة وتشهد أنّ هناك من العباد من يسبّح الله بحمده ويقدّس له، مع أنّ قلوب بني آدم محاطة بالصّوارف والشّواغل، وتتذكّر يوم قالوا:{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}، فقال:{إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة:30]..

- قوله: ( يسبّحونك، ويكبّرونك، ويحمدونك ) وفي رواية: (( مَرَرْنَا بِهِمْ وَهُمْ يَذْكُرُونَكَ ))، وعند البزّار: (( وَيُعَظِّمُونَ آلاَءَكَ، وَيَتْلُونَ كِتَابَكَ، وَيُصَلُّونَ عَلَى نَبِيِّكَ، وَيَسْأَلُونَكَ لِآخِرَتِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ )).

ويؤخذ من مجموع هذه الرّوايات أنّ المراد بمجالس الذّكر أنّها الّتي تشمل ذكرَ الله بجميع أنواعه :من تسبيح، وتكبير، وغيرهما، وعلى تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى، وعلى الدعاء، وقراءة الحديث النّبوي، ومدارسة العلم الشّرعي ومذاكرته.

- قوله: ( فيقول: هل رأوني ؟ فيقولون: لا والله، ما رأوك.. ): فيه دليل على أمور:

الأوّل: على أنّ الذّكر يتبع المعرفة، فالّذي لا يعرف الله تعالى بصفات كماله، ونعوت جلاله لا يذكره كثيرا، وكأنّه تعالى يقول: لا يمكن لأحد أن يذكرني على هذا النّحو إلاّ من رآني وعرفني.

الثّاني: فيه إثبات رؤية الله تعالى، ولو كان محالا ما سألهم: وكيف لو رأوني ؟

الثّالث: وفيه بطلان قول الزّنادقة أنّ اليقين مُسْقِط للتّكليف، إذ قال الملائكة: ( لو رأوك لازدادوا لك تعظيما وتمجيدا ).

- قوله: ( فما يسألوني ؟): فيه التّرغيب إلى أهمّ أنواع الذّكر وهو الدّعاء، وأعظم الدّعاء هو سؤال الله الجنّة.

فقد روى أبو داود وأحمد عن بعضِ أصحابِ النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: قال النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لرجُلٍ:

(( كَيْفَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ ؟)) قَالَ: أَتَشَهَّدُ، وَأَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ، أَمَا إِنِّي لَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ )).

والله تعالى لم يُكثِر من وصف الجنّة إلاّ ليسأله إيّاها عبادُه، وما ذكر وصف النّار إلاّ ليستجير به منها عباده.

- قوله: (( أشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ )) جاء في رواية مسلم:  (( قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَك، قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، وَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا )).

وهذا يشبه كثيرا قوله تعالى لأهل عرفة، وليس ذلك إلاّ لأنّ مجالس الذّكر فيه أجر الحجّ، وفي ذلك حديثان:

الأوّل: ما رواه الترمذي بإسناد حسن عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ )).

الثّاني: ما راوه الطّبراني في "الكبير" عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْراً أَوْ يُعَلِّمُهُ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ تَامٍّ حَجُّهُ )).

- قوله: ( يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لجاحة ) في رواية مسلم: (( قَالَ: يَقُولُونَ: رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ ؟)).

- قوله: ( هم القوم، لا يشقى بهم جليسهم ) هذه العبارة تنفِي عن جليسهم الضّرر فحسب، ولا تدلّ على أنّه انتفع بمجالستهم، فجاءت رواية مسلم تنفي هذه الاحتمال، فقال: ( وَلَهُ غَفَرْتُ ).

وقوله: ( هُمُ القَوْم ) وفي رواية: ( هُمُ الجُلَسَاء ): الألف واللاّم إشعار بالكمال، أي: هم القوم كلّ القوم.

فوائد الحديث:

- في الحديث فضل مجالس الذّكر والذّاكرين، وفضل الاجتماع على ذلك، وأنّ جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل الله تعالى به عليهم إكراما لهم، ولو لم يشاركهم في أصل الذّكر.

- وفيه محبّة الملائكة لبني آدم، وعنايتهم بهم.

- وفيه أنّ السّؤال قد يصدر من السّائل وهو أعلم من المسئول؛ لإظهار العناية بالمسئول عنه، والتنويه بقدره، والإعلان بشرف منزلته.

- وفيه أنّ الّذي اشتملت عليه الجنّة من أنواع الخيرات، والنّار من أنواع المكروهات فوق ما وُصِفَتا به.

- وفيه فضل سؤال الله تعالى، ودعائه، والرّغبة فيما عنده، وأنّ الإلحاح والمبالغة في ذلك من أسباب القبول.

- وفي الحديث بيان فضل الجليس الصّالح، حيث غُفِر للمُذنب من أجل مجالسته للصّالحين.

قال ابن القيّم رحمه الله في "الوابل الصّيب":

" فهذا من بركتهم على نفوسهم وعلى جليسهم، فلهم نصيب من قوله:{وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ}، فهكذا المؤمن مباركٌ أين حلّ، والفاجر مشؤوم أين حلّ .. ومجالس الذّكر: مجالس الملائكة، ومجالس اللّغو والغفلة مجالس الشّياطين، فليتخيّر العبدُ أعجبَهما إليه، وأولاهما به، فهو مع أهله في الدّنيا والآخرة ".

والله تعالى الموفّق لا ربّ سواه.

أخر تعديل في الأحد 24 رجب 1432 هـ الموافق لـ: 26 جوان 2011 06:51

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.