أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

الأحد 21 رمضان 1432 هـ الموافق لـ: 21 أوت 2011 10:33

- شرح كتاب الذّكر (16) لاَ إِلَهَ ِإلاَّ اللهُ: فضلها، وشروطها

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الباب الخامس: ( التّرغيب في قولِ لا إلهَ إلاّ الله، وما جاء في فضلِها ).

- شرح التّبويب:

بعدما ذكر المصنّف رحمه الله تعالى الأحاديث المرغِّبةَ في ذكر الله ومجالسه إجمالاً، ورهّب من الغفلة عن ذلك كلّه، شرع في ذكر بعض الأذكار العظيمة الّتي ندبنا إليها لنا نبيّ الرّحمة صلّى الله عليه وسلّم.

وقد بدأ رحمه الله بذكرِ الأذكار المطلقة، أي: الّتي يُشرع للمسلم أن يأتِيَ بها كلَّ وقت، ولم تُقيَّدْ بزمان، ولا مكان، ولا حال.

ثمّ أتى بالأذكار المقيّدة، وهي: الّتي تشرع في زمن خاصّ، أو مكانٍ خاصّ، أو حالٍ خاصّ.

فبدأ رحمه الله بأذكارَ الصّباح والمساء، ثمّ بالأذكار الّتي يقولها المسلم دبرَ الصّلوات، ثمّ بالذّكر المشروع عند الرّؤى والأحلام، ثمّ الذّكر المشروع لدفع الأرق أو الفزع ليلا، ثمّ أذكار الخروج من البيت، ودخول المسجد والخروج منه، ثمّ بالذّكر المشروع عند الوسوسة في الصّلاة.

ثمّ ختم كتاب الذّكر بالاستغفار اتّباعا للأصل المقرّر: أنّ خير ما يُختم به العمل الصّالح هو الاستغفار، من باب قوله عزّ وجلّ:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:199]، ومنه استغفارُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عقِبَ صلاتِه.

وقد قدّم المصنّف رحمه الله الأذكار المطلقة؛ لأنّها هي الأصل، فمن ادّعى مشروعيّةَ ذكرٍ من الأذكار في وقت معيّن، فهو مطالبٌ بالحجّة والبيّنة على ذلك، وإلاّ فإنّه يكون قد ابتدع بدعةً ضلالةً.

ثمّ نراه رحمه الله قد قدّم كلمةَ التّوحيد؛ لأنّها الكلمة الّتي قامت عليها السّموات والأرض، وخلقت لأجلها الجنّة والنّار، وانقسم النّاس بسببها إلى أبرار وفجّار، ومؤمنين وكفّار، ثمّ إنّه لا تصحّ أيُّ عبادة إلاّ بعدَ النّطق بها بإخلاص وصدق، وكفاها فضلاً أنّها تُنْجي صاحبَها من النّار.

ومعنى ( لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ) أي: لا يستحقّ العبادةَ إلاّ الله وحده؛ لأنّه وحده الّذي له صفات الكمال، ونعوت الجلال الّتي بها يستحقّ أن يُحبّ غاية الحبّ، ويُعظّم غاية التّعظيم.

والنّطق بها إمّا:

أ) واجب وشرط في الإسلام.

ب) وإمّا مندوب، يقولها العبد ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

فبدأ المصنّف بما هو أولى، وما شأنه أعلى، وهو أنّ النّطق بها شرط من شروط الإيمان ولا يصحّ إيمان أحد إذا ترك النّطق بها وإن اعتقدها.

- الأدلّة على أنّ النّطق بالشّهادة شرط في الإيمان والإسلام: من ذلك:

- قول الله تعالى:{قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: من الآية136]، وقال بعدها:{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} [البقرة: من الآية137]، فدلّ ذلك على أنّه لا يتمّ إيمانٌ إلاّ بقولها.

- وروى البخاري ومسلم عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ )).

- وروى مسلم عن أبي هريْرةَ رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ )). [انظر "المنهاج في شعب الإيمان" (1/26)].

وها هو أبو طالب، كان يعلم ويصدّق النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولكنّه أبى النّطق بها، فكان من الكافرين بالله سبحانه.

- شروط لا إله إلاّ الله:

فإنّ كلمة ( لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ) سببٌ لدخول الجنّة والنّجاة من النّار، ولكنّ وجودَ السّبب لا يكفي لذلك، بل ثمّة شروط لا بدّ من تحقيقها.

ونظائر ذلك أكثر من أن تُحصَى، فالبنوّة - مثلا - سببٌ من أسباب الميراث، ولكنّها لا تكفي لثبوته، حتّى تتوفّر الشّروط وتزول الموانع.

فكذلك الجنّة، فإنّه لا يرثُها أحدٌ حتّى تتوفّر الشّروط، وهي ما تتناوله بعض أحاديث الباب.

الشّرط الأول: الكفرُ بما يُعبد من دون الله عزّ وجلّ.

لما رواه مسلم عن طَارقِ بنِ أَشْيَمَ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: سمعْتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ: (( مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ ...)).

ومن أمعن النظر في الحديث وجد أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يجعل التلفّظ بها عاصماً للدّم والمال، ولكن لا بدّ أن يُضيف إلى ذلك الكفرَ بما يُعبد من دون الله، ومن ذلك دعاء الأموات، والذّبح لهم، والاستعانة بهم، وغير ذلك ممّا هو من مظاهر الشّرك.

لذلك قال تعالى:{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ} [البقرة من الأية: 256]، فقدّم الكفر بالطّاغوت على الإيمان بالله، فلا إيمان بالله إلاّ بعد الكفر بغيره، وهذا ما تشير إليه كلمة التّوحيد حيث بدأت بنفي الألوهيّة عن غير الله، ثمّ أثبتتها له وحده لا شريك له.

الشرط الثّاني: الإخلاص.

لما رواه البخاري عن عِتْبَانَ بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: ((... إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ ...)).

وفي أوّل أحاديث الباب بيانٌ لذلك، كما سيأتي شرحه إن شاء الله.

فالإخلاص هو أن يدخل في الإسلام وهو راضٍ بأنّ الله تعالى ربّه، لا يُجارِي النّاس في ذلك ولا يُداري.

وبهذا الشّرط خرج المنافقون.

الشرط الثالث: العلم بمعناها.

لما رواه الإمام أحمد عن عُثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه عنْ النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ )). [صحيح الجامع (6552)].

ولذلك تسمّى هذه الكلمة ( شهادة )، ولا يمكن أن تقبل شهادةُ أحدٍ لا يعلم ما يقول، قال تعالى:{إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف:86]، أي شهدوا أن (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) بقلوبهم وليس بألسنتهم فقط.

وقال سبحانه:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ} [محمّد 19]، وقال:{شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران 18]. ولمّا كان لفظ العلم يحتمل الظنّ، كان:

الشرط الرابع: اليقين.

لما رواه مسلم عن أبى هريرَةَ رضي الله عنه أنَّ النّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ لهُ: (( مَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لاَ اِلَهَ إِلاَّ اللهُ مُسْتَيْقِناً بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ )).

فاشترط اليقين الّذي يُنافي الرّيب والشكّ؛ لذلك قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15].

أمّا من أسلم من باب الاحتياط فلا يقبل منه ذلك، كمن قال:

قال المنجّم والطّبيب  كلاهـما *** لاَ تُبعث الأموات ! قلت إليكما

إن صحّ  قولكما، فلست بخاسر *** أو صحّ قولـي فالخسار عليكما

الشرط الخامس: الصّـدق.

لما في الصّحيحين عن معَاذٍ رضي الله عنه - وهو الحديث الثّالث في الباب - أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّار )).

فاشترط في نجاة قائلها من النّار أن يقولَها صِدقاً من قلبه، ومعلوم أنّ الصّدق هو بذل الجهد واستفراغ الوسع في تحقيقها، ومِصداق القول هو العمل.

وفى الصّحيحين من حديث أنسِ بنِ مالكٍ وطلحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ فِي قصّة الأعرابيّ - وهو ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه - لمّا سأل رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عن شرائع الإسلام فأخبره فقال: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟ قَال صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ ))، فقالَ: وَاللهِ لا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أَنْقُصُ. فقال صلّى الله عليه وسلّم: (( أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ )). فاشترط الصّدق المنافي للكذب فيما أخبر به.

هذا إلى جانب أحاديث كثيرة تشترط العمل أيضا بشرائع الإسلام، منها:

- ما جاء في الصّحيحين عن أبي أيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ ؟ فقالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ )).

- وفى المسند عن ابنِ الخَصَاصِيَّةِ رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم لأبَايِعَهُ، قالَ: فَاشْتَرَطَ عَلَيَّ شَهَادَةَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنْ أُقِيمَ الصَّلاةَ، وَأَنْ أُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ، وَأَنْ أَحُجَّ حَجَّةَ الإِسْلامِ، وَأَنْ أَصُومَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَأَنْ أُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَّا اثْنَتَانِ فَوَاللهِ مَا أُطِيقُهُمَا ! الْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ. فَقَبَضَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَدَهُ، ثُمَّ حَرَّكَ يَدَهُ، ثُمَّ قَالَ: (( فَلا جِهَادَ وَلا صَدَقَةَ، فَلِمَ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِذًا ؟! ))قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا أُبَايِعُكَ، قَالَ: فَبَايَعْتُ عَلَيْهِنَّ كُلِّهِنَّ.

وقيل للحسن رحمه الله: من قال لا إله إلا الله دخل الجنّة، فقال: من قال لا اله إلا الله فأدّى حقّها، وفرْضَها، دخل الجنّة.

وقال الإمام البخاري فِي كتاب "الجنائز" من "صحيحه": ( باب: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَقِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ : أَلَيْسَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِفْتَاحَ الْجَنَّةِ ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلَّا لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وَإِلَّا لَمْ يُفْتَحْ لَكَ ).

فلا يُعقَل أن يأتِي أحدٌ إلى أصل من الأصول - وهو التّوحيد - فيجعلَه مجرّد كلمة تقال، وحروفاً ينطقها اللّسان، مستدلاًّ بحديث واحد مجملٍ، غير عابئ بكلّ هذه الأحاديث المفصّلة.

ولو كان الأمر كما قيل، بلا مقتضيات ولا لوازم، ولا تبعات، فما الّذي دعا قريشاً إلى بذل الدّماء والأموال والأولاد في حربها ؟! وكان أسهل شيء عليهم قولها ؟

والله الموفّق لا ربّ سواه.

أخر تعديل في الأحد 21 رمضان 1432 هـ الموافق لـ: 21 أوت 2011 10:37

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.