أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الأربعاء 17 صفر 1433 هـ الموافق لـ: 11 جانفي 2012 11:52

- شرح كتاب الذّكر (29) من مفاتيح الرّزق تسبيح الله تعالى

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

تابع الباب السّابع:" التّرغيب في التّسبيح، والتّكبير، والتّهليل، والتّحميد على اختلاف أنواعه ".

الحديث السّابع:

عنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّ النَبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( قَالَ نُوحٌ لِابْنِهِ: إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ، وَقَاصِرُهَا لِكَيْ لاَ تَنْسَاهَا، أُوصِيكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ:

أَمَّا اللَّتَانِ أُوصِيكَ بِهِمَا فَيَسْتَبْشِرُ اللهُ بِهِمَا وَصَالِحُ خَلْقِهِ، وَهُمَا يُكْثِرَانِ الوُلُوجَ عَلَى اللهِ:

أُوصِيكَ بِـ"لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُفَإِنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَوْ كَانَتَا حَلْقَةً قَصَمَتْهُمَا، وَلَوْ كَانَتَا فِي كِفَّةٍ وَزَنَتْهُمَا.

وَأُوصِيكَ بِـ"سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِفَإِنَّهُمَا صَلاَةُ الخَلْقِ، وَبِهِمَا يُرْزَقُ الخَلْقُ،{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً}.

وَأَمَّا اللَّتَانِ أَنْهَاكَ عَنْهُمَا، فَيَحْتَجِبُ اللهُ مِنْهُمَا، وَصَالِحُ خَلْقِهِ، أَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالكِبْرِ )).

[رواه النّسائي-واللّفظ له-، والبزّار، والحاكم، من حديث عبد الله بن عمرو، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد"].

شرح الحديث:

- ( قال نوحٌ ): أي: عند الوفاة، ففي رواية أحمد عن عبدِ الله بنِ عمْرٍو رضي الله عنهما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا عليه السّلام لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قالَ لابْنِهِ ...)).

- ( لابْنِه ): وفي رواية لأحمد: ( (دَعَا ابْنَيْهِ ...)) بصيغة التّثنية، ولا سبيل ولا حاجة في تعيينهما.

أمّا ما رواه التّرمذي عن سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( سَامٌ أَبُو الْعَرَبِ، وَيَافِثُ أَبُو الرُّومِ، وَحَامٌ أَبُو الْحَبَشِ )) فهو حديث ضعيف لا يصحّ.

- ( قَاصِرُها ): أي: لا أطيلُها حتّى يكون ذلك أدعَى لتذكّرها.

- ( الوُلُوج ): هو الدّخول، فليس شيءٌ يقرّب من الله تعالى مثل ذلك.

- ( أُوصِيكَ بِـ"لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ" ): وكان ذلك دأب الرّسل جميعاً، فإمام الحنفاء إبراهيم عليه السّلام يتعاهد أبناءه - وهم من الأنبياء - بكلمة التّوحيد، وتبعه يعقوب عليه السّلام على ذلك.

وكذلك كان من آخر وصايا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ !- يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا )).

ولا بدّ من أن نلحظ أنّ نُوحاً عليه السّلام يحذّر ابنَه من الشّرك مع أنّه قد عاين الطّوفان الّذي ما جعله الله عذابا إلاّ لأجل الشّرك !

- ( فَإِنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ): على عِظَم حجمهما ( لَوْ كَانَتَا حَلْقَةً ) أي: حديدة، وفي رواية قال: (( حَلْقَةً مُبْهَمَةً )) أي: مغلقة شديدة.

- ( قَصَمَتْهُمَا ): أي: كسرتهما ! فماذا فعل المشرك حتّى قصم حلقة بشدّة السّموات والأرض ؟!

- ( وَلَوْ كَانَتَا فِي كِفَّةٍ ): على ثِقلِهما ( وَزَنَتْهُمَا ) فماذا فعل المشرك حتّى طاش أمام شركه ما يزن السّماوات والأرض ؟!

- ( وَأُوصِيكَ بِـ"سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ" ): وقد مرّ معنا أنّهما من أثقل الأقوال في الميزان، لذلك حرص عليها جميع الخلق، فقال:

- ( فَإِنَّهُمَا صَلاَةُ الخَلْقِ ): أي: جميع الخلق يُثنِي على الله تعالى بهذه الكلمة. ومصداق ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} [الإسراء: من الآية44].

- ( وَبِهِمَا يُرْزَقُ الخَلْقُ ): أي: إنّ التّسبيح من مفاتيح الرّزق على العباد. والرّزق يشمل المال والأولاد وغير ذلك.

- ( وَأَمَّا ) الخصلتان ( اللَّتَانِ أَنْهَاكَ عَنْهُمَا، فَيَحْتَجِبُ اللهُ مِنْهُمَا ): أي هما من أعظم أسباب البعد عن الله تعالى وعن ( صَالِحُ خَلْقِهِ ).

- ( أَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ ): وهو أن يُصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله عزّ وجلّ، وهو أعظم الظّلم لله تبارك وتعالى.

-( وَالكِبْرِ ): وهو نوعان:

الأوّل: التكبّر على الخلق باحتقارهم، واستصغارهم. والثّاني: ردّ الحقّ بعد تبيّنه؛ لذلك قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ((الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ )).

ومن ردّ الحقّ استصغارا لقائله فقد جمع الشرّ كلّه.

الحديث الثّامن:

عن مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ قال: حَدَّثَنِي أَبِي رضي الله عنه قال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فقالَ:

(( أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ ؟)).

فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ ؟! قَالَ:

(( يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ )).

[رواه مسلم، والتّرمذي وصحّحه، والنّسائي].

في هذا الحديث فوائد:

- فيه فضل التّسبيح.

ويكفيه شرفاً أنّه يُطلق على الصّلاة الّتي هي أعظم العبادات، مع أنّ فيها التّهليل والتّكبير، والتّحميد، ولكنّ الله خصّ التّسبيح فسمّى به الصّلاة، قال تعالى:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)} [الرّوم].

وسمّى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم النّوافلَ سُبحةً؛ ففي سنن أبي داود عَنْ أَبِي الدّرْدَاء رضي الله عنه قالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلّى الله عليه وسلّم بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ لِشَيْءٍ: (( أَوْصَانِي بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَلَا أَنَامُ إِلَّا عَلَى وِتْرٍ، وَبِسُبْحَةِ الضُّحَى فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ )).

وجرى الصّحابة على تسمية النّافلة سبحة في كثيرٍ من الآثار.

- وفي الحديث أنّ التّسبيح من مكفّرات الذّنوب، فمن سبّح الله مائة مرّة كتب له ألف حسنة ومحا عنه ألف سيّئة.

- قوله: ( أو تحطّ ): ليست (أو) هنا للشكّ، وإنّما هي بمعنى الواو، بدليل رواية التّرمذي والنّسائي، فإنّهما قالا: (( وَتَحُطُّ )).

ونظير ذلك قوله تعالى:{وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان: من الآية24].

قال الشّيخ ملا عليّ القاري رحمه الله في "المرقاة" (3/49):

" قد تأتي الواو بمعنى (أو) فلا منافاة بين الرّوايتين، وكأنّ المعنى أنّ من قالها يُكتب له ألف حسنة إن لم يكن عليه خطيئة، وإن كانت عليه خطيئة فيحطّ بعض، ويكتب بعض، ويمكن أن تكون (أو) بمعنى (بلفحينئذ يُجمع له بينهما، وفضل الله أوسع من ذلك ".اهـ

الحديث التّاسع:

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( لَأَنْ أَقُولَ: " سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ للهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ " أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ )).

[رواه مسلم والترمذي].

شرح الحديث:

- قوله: ( أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشّمس ) أي: من الدّنيا وما فيها من الأموال وغيرها.

والمراد أنّ هذه الكلمات أحبّ إليّ من أن يكون لي الدّنيا فأتصدّق بها، والحاصل: أنّ الثّواب المترتّب على قول هذا الكلام أكثر من ثواب من تصدّق بجميع الدّنيا. 

والله الموفّق.

- شرح كتاب الذّكر (29) من مفاتيح الرّزق تسبيح الله تعالى

تابع الباب السّابع:" التّرغيب في التّسبيح، والتّكبير، والتّهليل، والتّحميد على اختلاف أنواعه ".

الحديث السّابع:

عنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّ النَبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( قَالَ نُوحٌ لِابْنِهِ: إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ، وَقَاصِرُهَا لِكَيْ لاَ تَنْسَاهَا، أُوصِيكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ:

أَمَّا اللَّتَانِ أُوصِيكَ بِهِمَا فَيَسْتَبْشِرُ اللهُ بِهِمَا وَصَالِحُ خَلْقِهِ، وَهُمَا يُكْثِرَانِ الوُلُوجَ عَلَى اللهِ:

أُوصِيكَ بِـ"لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُفَإِنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَوْ كَانَتَا حَلْقَةً قَصَمَتْهُمَا، وَلَوْ كَانَتَا فِي كِفَّةٍ وَزَنَتْهُمَا.

وَأُوصِيكَ بِـ"سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِفَإِنَّهُمَا صَلاَةُ الخَلْقِ، وَبِهِمَا يُرْزَقُ الخَلْقُ،{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً}.

وَأَمَّا اللَّتَانِ أَنْهَاكَ عَنْهُمَا، فَيَحْتَجِبُ اللهُ مِنْهُمَا، وَصَالِحُ خَلْقِهِ، أَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالكِبْرِ )).

[رواه النّسائي-واللّفظ له-، والبزّار، والحاكم، من حديث عبد الله بن عمرو، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد"].

شرح الحديث:

- ( قال نوحٌ ): أي: عند الوفاة، ففي رواية أحمد عن عبدِ الله بنِ عمْرٍو رضي الله عنهما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا عليه السّلام لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قالَ لابْنِهِ ...)).

- ( لابْنِه ): وفي رواية لأحمد: ( (دَعَا ابْنَيْهِ ...)) بصيغة التّثنية، ولا سبيل ولا حاجة في تعيينهما.

أمّا ما رواه التّرمذي عن سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( سَامٌ أَبُو الْعَرَبِ، وَيَافِثُ أَبُو الرُّومِ، وَحَامٌ أَبُو الْحَبَشِ )) فهو حديث ضعيف لا يصحّ.

- ( قَاصِرُها ): أي: لا أطيلُها حتّى يكون ذلك أدعَى لتذكّرها.

- ( الوُلُوج ): هو الدّخول، فليس شيءٌ يقرّب من الله تعالى مثل ذلك.

- ( أُوصِيكَ بِـ"لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ" ): وكان ذلك دأب الرّسل جميعاً، فإمام الحنفاء إبراهيم عليه السّلام يتعاهد أبناءه - وهم من الأنبياء - بكلمة التّوحيد، وتبعه يعقوب عليه السّلام على ذلك.

وكذلك كان من آخر وصايا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ !- يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا )).

ولا بدّ من أن نلحظ أنّ نُوحاً عليه السّلام يحذّر ابنَه من الشّرك مع أنّه قد عاين الطّوفان الّذي ما جعله الله عذابا إلاّ لأجل الشّرك !

- ( فَإِنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ): على عِظَم حجمهما ( لَوْ كَانَتَا حَلْقَةً ) أي: حديدة، وفي رواية قال: (( حَلْقَةً مُبْهَمَةً )) أي: مغلقة شديدة.

- ( قَصَمَتْهُمَا ): أي: كسرتهما ! فماذا فعل المشرك حتّى قصم حلقة بشدّة السّموات والأرض ؟!

- ( وَلَوْ كَانَتَا فِي كِفَّةٍ ): على ثِقلِهما ( وَزَنَتْهُمَا ) فماذا فعل المشرك حتّى طاش أمام شركه ما يزن السّماوات والأرض ؟!

- ( وَأُوصِيكَ بِـ"سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ" ): وقد مرّ معنا أنّهما من أثقل الأقوال في الميزان، لذلك حرص عليها جميع الخلق، فقال:

- ( فَإِنَّهُمَا صَلاَةُ الخَلْقِ ): أي: جميع الخلق يُثنِي على الله تعالى بهذه الكلمة. ومصداق ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} [الإسراء: من الآية44].

- ( وَبِهِمَا يُرْزَقُ الخَلْقُ ): أي: إنّ التّسبيح من مفاتيح الرّزق على العباد. والرّزق يشمل المال والأولاد وغير ذلك.

- ( وَأَمَّا ) الخصلتان ( اللَّتَانِ أَنْهَاكَ عَنْهُمَا، فَيَحْتَجِبُ اللهُ مِنْهُمَا ): أي هما من أعظم أسباب البعد عن الله تعالى وعن ( صَالِحُ خَلْقِهِ ).

- ( أَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ ): وهو أن يُصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله عزّ وجلّ، وهو أعظم الظّلم لله تبارك وتعالى.

-( وَالكِبْرِ ): وهو نوعان:

الأوّل: التكبّر على الخلق باحتقارهم، واستصغارهم. والثّاني: ردّ الحقّ بعد تبيّنه؛ لذلك قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ((الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ )).

ومن ردّ الحقّ استصغارا لقائله فقد جمع الشرّ كلّه.

الحديث الثّامن:

عن مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ قال: حَدَّثَنِي أَبِي رضي الله عنه قال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فقالَ:

(( أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ ؟)).

فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ ؟! قَالَ:

(( يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ )).

[رواه مسلم، والتّرمذي وصحّحه، والنّسائي].

في هذا الحديث فوائد:

- فيه فضل التّسبيح.

ويكفيه شرفاً أنّه يُطلق على الصّلاة الّتي هي أعظم العبادات، مع أنّ فيها التّهليل والتّكبير، والتّحميد، ولكنّ الله خصّ التّسبيح فسمّى به الصّلاة، قال تعالى:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)} [الرّوم].

وسمّى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم النّوافلَ سُبحةً؛ ففي سنن أبي داود عَنْ أَبِي الدّرْدَاء رضي الله عنه قالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلّى الله عليه وسلّم بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ لِشَيْءٍ: (( أَوْصَانِي بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَلَا أَنَامُ إِلَّا عَلَى وِتْرٍ، وَبِسُبْحَةِ الضُّحَى فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ )).

وجرى الصّحابة على تسمية النّافلة سبحة في كثيرٍ من الآثار.

- وفي الحديث أنّ التّسبيح من مكفّرات الذّنوب، فمن سبّح الله مائة مرّة كتب له ألف حسنة ومحا عنه ألف سيّئة.

- قوله: ( أو تحطّ ): ليست (أو) هنا للشكّ، وإنّما هي بمعنى الواو، بدليل رواية التّرمذي والنّسائي، فإنّهما قالا: (( وَتَحُطُّ )).

ونظير ذلك قوله تعالى:{وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان: من الآية24].

قال الشّيخ ملا عليّ القاري رحمه الله في "المرقاة" (3/49):

" قد تأتي الواو بمعنى (أو) فلا منافاة بين الرّوايتين، وكأنّ المعنى أنّ من قالها يُكتب له ألف حسنة إن لم يكن عليه خطيئة، وإن كانت عليه خطيئة فيحطّ بعض، ويكتب بعض، ويمكن أن تكون (أو) بمعنى (بلفحينئذ يُجمع له بينهما، وفضل الله أوسع من ذلك ".اهـ

الحديث التّاسع:

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( لَأَنْ أَقُولَ: " سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ للهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ " أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ )).

[رواه مسلم والترمذي].

شرح الحديث:

- قوله: ( أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشّمس ) أي: من الدّنيا وما فيها من الأموال وغيرها.

والمراد أنّ هذه الكلمات أحبّ إليّ من أن يكون لي الدّنيا فأتصدّق بها، والحاصل: أنّ الثّواب المترتّب على قول هذا الكلام أكثر من ثواب من تصدّق بجميع الدّنيا.

والله الموفّق.

أخر تعديل في الأحد 15 ربيع الأول 1434 هـ الموافق لـ: 27 جانفي 2013 07:08

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.