أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

الأحد 16 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 24 أكتوبر 2010 19:25

- حـكـم لـعـن المـعـيّـن

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد اتّفق العلماء على جواز اللّعن المطلق العامّ، أي المتعلّق بالأوصاف لا الأعيان، كأن يقال: لعنة الله على الكاذبين، ولعنة الله على الظّالمين، ونحو ذلك.

أمّا لعن المعيّن – أي: شخص بعينه – فقد اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك على ثلاثة أقوال:

- القول الأول: المنع مطلقا.

فقالوا: لا يجوز لعن المعيّن سواء كان مسلما أو كان كافرا.

- ويُعزى هذا القول إلى الحسن البصريّ، وابن سيرين، وأحمد بن حنبل رحمهم الله. [" السنّة " ص (522) للخلاّل]

- وهو قول بعض الحنابلة، قال ابن مفلح رحمه الله في " الآداب الشّرعيّة " (1/206):

" قال القاضي: فقد صرّح الخلاّل باللّعنة، قال: قال أبو بكر عبد العزيز - فيما وجدته في تعاليق أبي إسحاق -: ( ليس لنا أن نلعن إلاّ من لعنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على طريق الإخبار عنه ) "اهـ.

ثمّ نقل ابن مفلح عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنّه قال:

" المنصوص عن أحمد الّذي قرّره الخلاّل اللّعن المطلق العامّ لا المعيّن، ... - إلى أن قال -: وكلام الخلاّل يقتضي أن لا يُلعن المعيّن من الكفّار، فإنّه ذكر قاتل عمر رضي الله عنه وكان كافرا،- أي: ذكره وأبى لعنه -، ويقتضي أنّه لا يلعن المعيّن من أهل الأهواء، فإنّه ذكر قاتل عليّ رضي الله عنه وكان خارجيا ". اهـ.

- وممّن قال بذلك أيضا: الغزالي، والنّووي، وابن المنير [" فتح الباري "(12/76)].

- وقال ملا عليّ القاري رحمه الله في " مرقاة المفاتيح " (1/45) عند شرحه لحديث البخاري عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا ))، قال:

" أي: باللّعن والشّتم، وإن كانوا فجّارا أو كفّارا، إلاّ إذا كان موته بالكفر قطعيّا كفرعون وأبي جهل وأبي لهب ".

- وقد ذكر ابن حجر الهيتمي تحت الكبيرة (299) من " الزّواجر " (2/49) أنّ لعن الدّابّة والذّمّي المعيّن كبيرة.

أدلّة هذا القول:

وعمدتهم في ذلك:

- الدّليل الأوّل: ما رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اُدْعُ عَلَى المُشْرِكِينَ، قَالَ: (( إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّاناً، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً ))، وهذا عامّ لا يجوز تخصيصه.

- الدّليل الثّاني: وروى البخاري عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِناً بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ )).

- الدّليل الثّالث: وروى مسلم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (( إِنَّ اللَّعَّانِينَ لاَ يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَلاَ شُفَعَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ )).

- الدّليل الرّابع: قالوا: إنّه ربّما تاب ورجع إلى الله، كشأن كثير من الكفرة والفسقة.

جاء في " مجموع الفتاوى " (22/63):" وسئل عن مسلم تارك للصّلاة ويصلّي الجمعة، فهل تجب عليه اللّعنة ؟ فأجاب:

الحمد لله، هذا استوجب العقوبة باتّفاق المسلمين، والواجب عند جمهور العلماء كمالك والشّافعي وأحمد أن يستتاب، فإن تاب وإلاّ قتل، ولعنُ تارك الصّلاة على وجه العموم جائز، وأمّا لعنة المعيّن فالأولى تركها، لأنّه يمكن أن يتوب، والله أعلم "اهـ.

ومن شواهد هذا القول ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه أنّه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ مِنَ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنَ الْفَجْرِ يَقُولُ:

(( اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا، وَفُلاَنًا، وَفُلاَنًا )) بَعْدَ مَا يَقُولُ: (( سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ )). فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ} إِلَى قَوْلِهِ:{فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}.

وفِعلا فقد تاب منهم كثيرون، وصاروا أسيادا في الإسلام.

لذلك روى ابن حبّان عن سَهْلٍ رضي الله عنه أنّه صلّى الله عليه وسلّم قال بعد ذلك: (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ))..

- الدّليل الخامس: ثمّ إنّه لا يعلم باطنه إلاّ الله، وبما سيُختم له إلاّ الله.

ومن شواهد ذلك: ما رواه البخاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَكَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم قَدْ جَلَدَهُ فِى الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: " اللَّهُمَّ الْعَنْهُ ! مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ تَلْعَنُوهُ فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ )).

 فمن قال بعدم الجواز ذهب إلى أنّ نصوص التّحريم وما جاء فيه من الوعيد أنّها في حقّ المعيّن، وأنّ نصوص الإباحة في غير المعين.

- تنبيه:

    ( ما ) في الحديث ليست نافية، وإنّما هي اسم موصول، والمعنى - والله أعلم -:  ( الّذي علمت: أنّه يحبّ الله ورسوله ).

ونظير ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَة ))، أي: الّذي تركنا: صدقة، وليس معناه النّفي.

- القول الثاني: أنّ اللّعن يجوز في حقّ الكافر دون الفاسق.

وممّن ذهب إلى هذا القاضي أبو يعلى، قال: " من حكمنا بكفرهم من المتأوِّلين وغيرهم فجائز لعنتهم، نصّ عليه – أي: الإمام أحمد –، وذكر أنّه قال في اللّفظية:" من جاء بهذا لعنة الله عليه، غضب الله عليه ".

وذكر أنّه قال عن قوم معيّنين:" هتك الله الخبيث :، وعن قوم:" أخزاه الله ". [انظر: " الآداب الشّرعيّة " (1/271)].

أدلّة هذا القول:

قالوا: قد ثبت عنه صلّى الله عليه وسلّم  أنّه لعن المشركين:

1- فقد روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:

كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِى أَهْلِهِ              وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ

وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:

أَلاَ لَيْتَ شِعْرِى هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً             بِوَادٍ وَحَـــوْلِى إِذْخِــرٌ وَجَلِـــيـلُ

وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًـا مِيَــاهَ مَـجَـنَّـةٍ             وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِى شَامَةٌ وَطَفِيلُ

قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ )).

2- ومن النّظر: أنّ ثمّة فرقا بين الكافر والمسلم، فاللّعن هو الطّرد والإبعاد من الرّحمة، والمسلم لا يستحقّ ذلك بحال، إذ تُرْجى له المغفرة والرّحمة، وإنّما يستحقّ ذلك الكافر والمبعدُ عنها.

- القول الثالث: أنّ اللّعن جائز مطلقا.

وممّن صرّح بذلك ابن الجوزي رحمه الله، فقد قال في لعنة يزيد:" أجازها العلماء الورعون منهم أحمد ابن حنبل ".

[انظر " الآداب الشّرعية " لابن مفلح (1/369)]، وسنرى بعض أقوال الأئمّة في ذلك.

أدلّة هذا القول:

أمّا الأدلّة على جواز لعن الكافر فهي أدلّة الفريق الثّاني.

وأمّا ما يدلّ على جواز لعن المسلم الفاسق الفاجر فهي:

- الدّليل الأوّل: ما رواه مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم  رَجُلَانِ فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ ؟ فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! مَنْ أَصَابَ مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا مَا أَصَابَهُ هَذَانِ ؟ قَالَ:

(( وَمَا ذَاكِ ؟)) قَالَتْ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا ! قَالَ: (( أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي ؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا )).

قالوا: فدلّ الحديث على وقوع اللّعن من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لبعض المعيّنين من المسلمين تعزيرا لهم.

وقالوا: إنّ هذا اللّعن وقع منه صلّى الله عليه وسلّم بالاجتهاد، لا بالوحي، بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ))، وقوله: (( لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ ))، فهذا يردّ على من زعم أنّه ليس لنا أن نلعن إلاّ بنصّ، فقد وقع اللّعن منه صلّى الله عليه وسلّم بغير نصّ.

- الدّليل الثّاني: ما رواه أبو داود عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم يَشْكُو جَارَهُ، فَقَالَ: (( اذْهَبْ فَاصْبِرْ )). فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَقَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ فِى الطَّرِيقِ )).

فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِى الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ، فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ: فَعَلَ اللَّهُ بِهِ، وَفَعَلَ، وَفَعَلَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ جَارُهُ فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ لاَ تَرَى مِنِّى شَيْئًا تَكْرَهُهُ.

- الدّليل الثّالث: عمل السّلف:

قالوا: إنّ القول بجواز لعن المعيّن المستحقّ للّعنة هو ظاهر مذهب عامّة السّلف، فقد لعنوا بعض أئمّة أهل البدع والضّلال بأعينهم، ولا يعلم لهم مخالف من الأئمّة المتقدّمين، من ذلك:

- ما رواه نصر المقدسي في " مختصر الحجّة على تارك المحجّة " عن عبد الرّحمن بن مهدي قال:" دخلت على مالك بن أنس رضي الله عنه وعنده رجل يسأله عن القرآن والقدر، فقال: لعلّك من أصحاب عمرو بن عبيد، لعن الله عمْرا، فإنّه ابتدع هذه البدعة من الكلام ".

- وقال البخاري في " خلق أفعال العباد ": وقال وكيع: المرّيسي لعنه الله، يهودي هو أو نصراني ؟ قال رجل: كان أبوه أو جدّه يهوديا أو نصرانيا. قال وكيع: عليه وعلى أصحابه لعنة الله ".

- وروى عبد الله بن أحمد في " السنّة " (1/167) عن يزيد بن هارون أنّه قال:" لعن الله الجهم ومن قال بقوله ".

- وروى عبد الله أيضا عن شاذ بن يحيى عن يزيد بن هارون قال:" من قال القرآن مخلوق فهو كافر "، وجعل شاذ بن يحيى يلعن المريسي.

التّرجيح:

إنّ المتأمّل في أقوال أهل العلم وأدلّتهم، ليعلم يقينا أنّ المسألة اجتهادية يُستساغ فيها الخلاف.

ولكنّ الظّاهر أنّ القول الثّالث في المسألة هو الرّاجح – والله أعلم –، فيجوز لعن المعيّن سواء كان كافرا أو مسلما فاسقا؛ لأنّ أدلّة هذا القول أقوى وأصرح في الدّلالة.

ولكن لا بدّ من توفّر شرطين اثنين:

الأوّل: أن يكون مستحقّا للّعن، فلا يحلّ لعن من لم يرد النّصّ بلعنه.

الثّاني: أن يكون مصرّا على ما يستوجب اللّعن، أمّا الّذي تصدر منه المعصية الموجبة للّعن لزلّة أو غفلة فلا يستحقّ.

أمّا ما يُروَى عن بعض أتباع الأئمّة كأصحاب الإمام أحمد وغيره، فهؤلاء رحمهم الله ربّما ظنّوا نهيهم عن اللّعن أو توقّفهم أحيانا في لعن المعيّن، ظنّوه أصلا لهم, وهو ليس كذلك.

فقد يتوقّف العالم أحيانا في لعن معيّن لمانع، فلا يُجعل ذلك أصلا.

وهداية هذا البحث المختصر: تعظيم أمر لعن المسلم، وأنّ على المؤمن أن يحفظ لسانه عن اللّعن ما أمكنه ذلك، وكما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ((خَيْرُ دِينِكُمْ الوَرَعُ )).

والله الموفّق لا ربّ سواه.

عَلِمْتُ: أَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ )).[1] 



[1]   ( ما ) في الحديث ليست نافية، وإنّما هي اسم موصول، والمعنى  : الّذي   علمت: أنّه يحبّ الله ورسوله.

ونظير ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَة ))، أي: الّذي تركنا: صدقة، وليس معناه النّفي. 

أخر تعديل في الخميس 20 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 28 أكتوبر 2010 09:20

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.