أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

الثلاثاء 25 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 02 نوفمبر 2010 16:00

- السّيرة النّبويّة (16) بـدء الوحــي

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

 

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فقد بدئ الوحي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالرّؤيا الصّادقة.

فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصّبح في الوضوح والقرب، كما في حديث عائشة الطّويل في " بدء الوحي ".

ثمّ حُبّب إليه الخلاء والعزلة والتعبّد، وخاصّة  في غار حراء عند جبل النّور - الذي يستغرق الصّعود إليه أكثر من ساعة -.

فكان يتحنّث اللّيالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ثمّ يتزوّد لمثل ذلك، ويرجع ..

ولم يكن يقتصر في ذلك على مجرّد العبادة والتّأمّل، بل كان يُطعم من جاءه من المساكين، ويُواسي المعوِز الحزين ..

فإذا قضى أيّامه كان أوّل ما يبدأ به الصّلاة [أي: الدّعاء والتضرّع إلى الله] عند الكعبة.

فنلحظ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم  كان يتزوّد لخوته، لا كما يفعله المتصوّفة الّذين يتعبّدون ! منتظرين فتات النّاس يُتصدَّق به عليهم ..

كما نلحظ أن اعتزال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم  النّاس للعبادة لم يُعارِض به إعانة النّاس، وإغاثة الملهوف.

ونعود إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم  في تلك الأيّام ..

فقد كتب الله له مرّة أن يخرج في شهر رمضان، فتزوّد كما كان يتزوّد .. وبينما هو في خلوته تلك .. إذ حدث ما حدث ..

إذا به يسمع صوتا لم يكن قط بمثل الوضوح الذي هو عليه ..

وندع أمّ المؤمنين عائشة تحدّثنا عن بدء الوحي .. وذلك فيما رواه البخاري ومسلم أَنَّهَا قَالَتْ:

أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ[1].

ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ ،وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ.

ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ، فَقَالَ:

- اقْرَأْ.

- قال: مَا أَنَا بِقَارِئٍ ؟

قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي.

- فَقَالَ: اقْرَأْ.

- قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ.

فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي.

- فَقَالَ: اقْرَأْ.

- فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ ؟

فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي.

- فَقَالَ:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ}.

فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَرْجُفُ فُؤَادُهُ.

[وفي رواية قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي وَسْطِ الجَبَلِ، سَمِعْتُ صَوْتاً مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ:

يَا مُحَمَّدُ ! أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ.

قال: فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ فَمَا أَتَقَدَّمُ وَمَا أَتَأَخَّرُ، وَجَعَلْتُ أَصْرِفُ وَجِهي عَنْه فِي آفَاقِ السَّمَاء، فَما أَنْظُر فِي نَاحيَة مِنْها إِلاَّ رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ.

فَما زِلْت وَاقفاً مَا أَتَقَدَّمُ أَمَامِي وَما أَتأخَّر خَلْفي حَتّى بَعَثَتْ خَدِيجَة رُسُلَهَا فِي طَلَبِي ))].

فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ:

- زَمِّلُونِي ! زَمِّلُونِي !

فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ:

- لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي. فَقَالَتْ خَدِيجَةُ:

- كَلَّا ! وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ.

فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ، وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ.

- فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ ! اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ !

- فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى ؟

فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم خَبَرَ مَا رَأَى.

- فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا[2]، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ !

- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ ؟)).

- قَالَ: (( نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا )).

ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ.

وهكذا كانت هذه أوّل ليلة قرآنيّة .. تتّصل الأرض فيها بالسّماء بعد فترة دامت ما يقارب ستّة قرون.

وعندها أسلمت خديجة بنت خويلد، فكانت أوّل من آمن من النّساء.

وأسلم أبو بكر فكان أوّل من أسلم من الرّجال.

وأسلم عليّ بن أبي طالب فكان أوّل من أسلم من الفتيان.

وأسلم زيد بنُ حارثة فكان أوّل من أسلم من الموالي.

وأسلم ورقة بن نوفل فكان أوّل من أسلم من أهل الكتابين.

من الفوائد والعبر في هذه الحادثة.

- أوّلا: لا يحصّل العلم إلاّ بالمشقّة والتعب:

فهذا أحسن ما يعتبر به من هذه الحادثة: أنّه لا بدّ من الحرص الشّديد على معرفة الحقّ، وبذل أسباب معرفته، والسّعي إليه.

فإنّ الله قادرٌ على أن يبعثه وهو في مضجعه، ولكنّه يعلّمنا أنّه لا بدّ من المشقّة في طلب العلم وأيّ علم: إنّـه العم بالوحـي !!.

لذلك كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم  يسعى أيّاما وليالي وشهورا إلى غار حراء، ولم ينتظر الحقّ ليدقّ له بابه.

ثمّ تأمّل لماذا كان جبريل عليه السّلام يأخذ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم  ويغطّيه حتّى يبلغ من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم  الجهد ؟

ذلك فيه إعلام أنّه لا بدّ من المشقّة والتّعب الشّديدين لأخذ العلم.

- ثانيا: صنائع المعروف تقي مصارع السّوء:

فانظر كيف استدلّت خديجة رضي الله عنها  على أنّ الله تعالى ناصرٌ نبيّه ومؤيّدُه بحُسن أخلاقه ومعاملته للنّاس، فحريّ بالمسلم أن يستيقِن أنّ عوامل النّصر تكمن أوّل ما تكمن في إصلاح النّفس مع الخالق والخلق.

- ثالثا: الرّؤيا الصّادقة من الوحي:

وذلك ظاهر من قول عائشة رضي الله عنها: ( أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ ).

ويؤيّد ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن عبادة بن الصّامت رضي الله عنه عن النّبيّ  صلّى الله عليه وسلّمقال: (( رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ )) [متّفق عليه].

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال رَسُولُ الله ِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّهُ لَمْ يَـبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا المُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ )) [رواه مسلم].

رابعا: من أجل ذلك فينبغي الحذر كلّ الحذر من ادّعاء الرّؤيا !

قال الطّبري رحمه الله:

" إنّما اشتدّ فيه الوعيد لأنّ الكذب في المنام كذبٌ على الله أنّه أَرَاه ما لم يره، والكذب على الله أشدّ من الكذب على المخلوقين لقوله تعالى:{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } [هود:18] الآية..

وإنما كان الكذب في المنام كذبا على الله لحديث (( الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ )) وما كان من أجزاء النبوة فهو من قبل الله تعالى " اهـ.

وقد روى البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ وَلَنْ يَفْعَلَ )).

- قوله: ( مَنْ تَحَلَّمَ ) أي: من تكلّف الحلم.

- وقوله ( كُلِّف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل ) في رواية عند أحمد: " عُذِّب حتّى يعقد بين شعيرتين وليس عاقدا ".

- قال ابن أبي جمرة رحمه الله:" ومعنى العقد بين الشعيرتين أن يفتل إحداهما بالأخرى، وهو مما لا يمكن عادة ".

- وقال:" ومناسبة الجمع بين  الكاذب في منامه والمصوّر: أنّ الرؤيا خلق من خلق الله وهي صورة معنوية، فأدخل بكذبه صورة لم تقع، كما أدخل المصوّر في الوجود صورة ليست بحقيقية، لأنّ الصورة الحقيقية هي التي فيها الروح ...".

- وقال:" والحكمة في هذا الوعيد الشّديد أنّ الأوّل كذب على جنس النبوّة، وأنّ الثاني نازع الخالق في قدرته ".

- ومن اللّطائف ما قاله بعض أهل العلم:" إنّ اختصاص الشّعير بذلك، لما في المنام من الشعور بما دل عليه فحصلت المناسبة بينهما من جهة الاشتقاق " [انظر " فتح الباري "].

 


[1] في بعض الرّوايات في غير الصّحيحين أنّ رؤياه دامت ستّة أشهر.

[2] أي: شابا، فهو يتمنّى الشّباب للكدح لا للمتعة، للبذل والتّضحية لا للّهو والتّسلية، للعطاء والفداء، لا للّعب والسّمر والغناء..لرسالة جديدة ونبيّ يُتربّص به خلف أشجار مكّة.

 

أخر تعديل في الخميس 29 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 03 فيفري 2011 09:31

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.