أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

السبت 14 جمادى الأولى 1443 هـ الموافق لـ: 18 ديسمبر 2021 08:40

- اليومُ العالَمِيّ للغة العرب !

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فمن سنن الله الكونيّة ترفّع السّفهاء، وانخفاض شأن النّبلاء، حتّى قال الشّاعر:

رَأَيْتُ الدَّهْرَ فِي خَفْضِ الأَعَالِي         وَفِي رَفْـعِ الأَسَافِلَةِ اللّئَـامِِ

   فَقِيهاً صَحَّ فِي فَتْـوَاهُ قَـوْلٌ          بِتَفْضِيلِ السُّجُودِ عَلَى القِيَامِ[1]

ومن مظاهر هذا الخلل، ومعالم هذا الخبل، أن يُجعل يومٌ عالميٌّ للغة القرآن، ولسان النبيّ العدنان صلّى الله عليه وسلّم !

فانضمّت بذلك لغتُنا إلى صفوف المعاقين، والبؤساء المحتاجين، والأطفال المعذّبين، يُذكَرون يوماً، ويُنْسَونَ أشهرا وأيّاماً، ويُبكَون ساعةً ثمّ يعودون أيتاماً.

إنّه الثّامن عشر من ديسمبر: اليوم العالمي للّغة العربيّة، واختير هذا اليوم؛ لأنّه اليوم الذي قرّرت فيه " الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة " إدخالَ اللّغة العربيّة ضِمنَ اللّغات الرّسمية ولغاتِ العمل في الأمم المتّحدة، وذلك بعد مساعٍ وطلبات، وجهودٍ وإلحاحات، دامت أكثر من خمسين سنةً !

وهكذا يضيع شرفُ المكانة، ويخيّم علينا الذلّ والمهانة !

وصدق حافظٌ رحمه الله حين قال على لسان لغة العرب:

رَمَـوْني بعُقمٍ في الشَّبابِ ولَيْتَنِـي         عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَـولِ عِداتي

وَلَدتُ، ولمَّـا لم أجِـدْ لعرائسـي         رِجـالاً وأَكفـاءً، وَأَدْتُ بناتِي

أيُطرِبُكُم من  جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ         يُنادي بِوَأدي فـي رَبيعِ حَيـاتي

أَيهجُرنِي قومِي - عفا الله عنهمُ -        إِلَى لغـةٍ لَمْ تـتَّـصـلِ برواة ِ

سَرَتْ لَوْثَة ُ الإفْرَنجِ فيها كمَا سَرَى      لُعـابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ

فجزى الله خير الجزاء إخواننا المغاربة، روّادَ هذه الخطوة المهمّة جدّا، ومن أعانهم من مفكّري الدّول العربيّة الأخرى.

ولكنْ، ليتهم رفضوا بالإلحاح نفسِه أن يُجعل للغة العرب يومٌ عالميٌّ ! فإنّه تسمين بعده الذّبح، وذمٌّ بما يشبه المدح.

وإنّها لفُرصةٌ أن نهمس في آذان إخواننا المؤمنين وأخواتنا المؤمنات، بل نصرخ؛ حيث لم تعُدْ تُجدِي الهمسات، بأن يقوموا - كلٌّ بحَسَبِه - بـ( حملةٍ تحسيسيّة )، بضرورة الرّجوع إلى تعلّم اللّغة العربيّة، وممارستها في الحياة اليوميّة، سواءٌ كانت فصيحةً أو عامّية، وأن يحذروا التحدّث بالألفاظ ( نصف الفرنسيّة )[2]، ويجتنبوا كتابتها في رسائلهم، وإحياءَها بمجالسهم.

نعم، إنّه جُهدُ مقلّ ضئيل، ولكنّه أفضل من مخلّ بالقليل، و{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}.

فلعلّ هذا المجهودُ يُكلّل بعدُ بندوات ومحاضرات، فدوْراتٍ ومؤتمرات، فإنشاءٍ لمدارسَ ومعاهد وجمعيّات.

وإنّ " العبرة بكمال النّهاية لا بنقص البداية "، وما كانت إنجازات الكبار، إلاّ مجرّد بنات أفكار.

إلى مَعشَرِ الكُتّابِ والجَمعُ حافِلٌ         بَسَطْتُ رجائِي بَعدَ بَسْطِ شَكاتِي

فإمّا حَياة ٌ تبعثُ المَيْتَ في البِلى         وتُنبِتُ في تلك الرُّمُـوسِ رُفـاتي

وإمّا مَمـاتٌ لا قيـامَة َ بَعدَهُ          مَمَاتٌ - لَعَمْرِي - لمْ يُقَسْ بمماتِ

إليكم كلمات انتقيتها من كتب الأعلام، لعلّها تكون لنا حافزا للسّير إلى الأَمام:

- يقول الإمام أبو منصور الثّعالبيّ رحمه الله (تـ: 429 هـ):

" فإنّ من أحبّ اللهَ تعالى أحبَّ رسولَه محمّداً صلّى الله عليه وسلّم، ومن أحبَّ الرَّسولَ العربيَّ أحبَّ العربَ، ومن أحبَّ العربَ أحبَّ العربيَّةَ الَّتِي بها نزلَ أفضلُ الكتبِ على أفضلِ العجمِ والعربِ، ومن أحبَّ العربيّةَ عُنيَ بها، وثابرَ عليها، وصَرفَ همَّتَه إليها.

ومن هداه الله للإسلام، وشرح صدره للإيمان، وآتاه حُسنَ سريرةٍ فيه، اعتقدَ أنّ محمّداً صلّى الله عليه وسلّم خيرُ الرّسل، والإسلامَ خيرُ المِلَل، والعربَ خيرُ الأمم، والعربيّةَ خيرُ اللّغات والألسنة.

والإقبالُ على تفهُّمها من الدّيانة؛ إذ هي أداةُ العلمِ، ومفتاحُ التفقّهِ في الدّينِ، وسببُ إصلاحِ المعاش والمعادِ، ثمّ هي لإحراز الفضائل والاحتواء على المروءة وسائر أنواع المناقب كالينبوع للماء والزِّندِ للنّار.[3]

ولو لم يكن في الإحاطة بخصائصِها، والوقوفِ على مجارِيها ومصارِفِها، والتبحُّرِ في جلائِلِها ودقائقِها إلاّ قوّةُ اليقينِ في معرفةِ إعجازِ القرآنِ، وزيادةُ البصيرة في إثبات النبوّةِ الّتي هي عُمدَةُ الإيمان، لكفَى بهما فضلاً يَحْسُنُ فيهما أثرُه، ويطيب في الدّارين ثمرُه، فكيف وأيسرُ ما خصَّها الله عزّ وجلّ به من ضروب الْمَمَادِح يُكِلُّ أقلامَ الكَتَبَة، ويُتْعِب أناملَ الحَسَبَة ؟!

ولِمّا شرّفها الله تعالى عزَّ اسمه وعظَّمها، ورفع خطرها وكرَّمها، وأوحى بها إلى خير خلقه، وجعلها لسانَ أمينِه على وحيِه، وخلفائِه في أرضِه، وأراد بقاءَها ودوامَها، حتّى تكون في هذه العاجلة لخيار عبادِه، وفي تلك الآجلة لساكني جنانِه، ودارِ ثوابِه[4]، قيَّض لها حفظةً وخزنةً من خواصِّه، من خيارِ النّاسِ، وأعيانِ الفضلِ، وأنجُمِ الأرضِ، تركوا في خدمتها الشّهواتِ، وجابوا الفلوات، ونادمُوا لاقتنائِها الدّفاتر، وسامرُوا القماطِر[5] والمحابِر، وكدُّوا في حصر لغاتِها طباعَهم، وأشهروا في تقييد شوارِدِها أجفانَهم، وأجالُوا في نَظْم قلائدِها أفكارَهم، وأنفقُوا على تخليد كُتبِها أعمارَهم، فعظُمَت الفائدة، وعمَّت المصلحة، وتوفّرت العائدة.

وكلّما بدأَت معارفُها تتنكَّر، أو كادت معالِمُها تتستَّر، أو عَرَض لها ما يُشبه الفترة، ردَّ الله تعالى لها الكرَّةَ، فأهبَّ ريحَها، ونفق سوقَها ".

["فقه اللّغة" (ص 15-16)].

**** *** ****

- " وذلك أنّ اللّسان الّذي اختاره الله عزّ وجلّ لسان العرب، فأنزل به كتابه العزيز، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

ولهذا نقول: ينبغي لكلّ أحد يقدر على تعلّم العربية أن يتعّلمها؛ لأنّه اللّسان الأَوْلَى بأن يكون مرغوبا فيه من غير أن يحرم على أحد أن ينطق بأعجميّة ".

[" اقتضاء الصّراط المستقيم " لابن تيمية رحمه الله 204)].

**** *** ****

- فإنّ: " للعربيّةِ شجاعةً صادقةً في تعبيرِها، وفي اشتقاقها، وفي تكوين أحرُفِها، ليست للغةٍ أخرى.

وإذا كانت اللّغة هي خزانة الفكر الإنسانيّ، فإنّ خزائن العربيّة قد ادّخرت من نفيس البيان الصّحيح عن الفكر الإنساني وعن النّفوس الإنسانيّة ما يعجز سائر اللّغات؛ لأنّها صُفِّيَتْ منذ الجاهليّة الأولى الْمُعْرِقَةِ في القِدَم من نفوس مختارةٍ بريئةٍ من الخسائسِ الْمُزْرية، ومن العِلل الغالبة، حتّى إذا جاء إسماعيل نبيّ الله، ابنُ إبراهيم خليل الرّحمن، أخذها، وزادها نصاعةً وبراعةً كرماً، وأسلمها إلى أبنائه من العرب، وهو على الحنيفيّة السّمحة دينِ أبيهم إبراهيم، فظلّت تتَحدّر على ألسِنَتِهم، مختارةً مصفّاةً مبرّأةً، حتّى أظلّ زمانُ نبيٍّ لا ينطق عن الهوى صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله بها كتابَه، بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ، بلا رمزٍ مبنِيٍّ على الخُرافات والأوهام، ولا ادّعَاءٍ لما لم يكن، ولا نسبةِ كذبٍ إلى الله - تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا - ..." ["أباطيل وأسمار" (ص 436) لمحمود محمّد شاكر رحمه الله].

**** *** ****

- " إنّ العربيّة لغةُ دينٍ قائمٍ على أصلٍ خالدٍ، هو القرآن الكريم.

وقد أجمع الأوّلون والآخِرون على إعجازِه بفصاحتِه، إلاّ مَن لا حفلَ له به مِن زِنديق يتجاهَل، أو جاهلٍ يتزندق.

ثمّ إنّ فصاحةَ القرآن يجب أن تبقى مفهومةً، ولا يدنُو الفهمُ منها إلاّ بالمِرَان والمداولة، ودَرسِ الأساليبِ الفُصحى، والاحتذاءِ بها، وإحكامِ اللّغة، والبصرِ في حقائقها وفنون بلاغتها، والحرصِ على سلامة الذّوق بها، وكلّ هذا يجعل الترخُّصَ في هذه اللغة وأساليبِها ضرباً من الفساد والجهل ...".

["تحت راية القرآن " (ص 16) لمصطفى صادق الرّافعيّ رحمه الله].

**** *** ****

- " فقد وضحَ لك أنّه: لولا القرآنُ وأسرارُه البيانيّة، ما اجتمع العرب على لغتِه، ولو لم يجتمعوا لتبدّلت لغاتُهم بالاختلاطِ الّذي وقع ولم يكن منه بد، حتّى تنتقِضَ الفطرةُ، وتخْتَبِل الطِّبَاعُ.

ثمّ يكون مصيرُ هذه اللّغات إلى العفاء لا محالة، إذ لا يخلُفُهم عليها إلاّ من هو أشَدُّ منهم اختلاطًا وأكثرُ فسادًا، وهكذا يتسلسل الأمر حتّى تَسْتَبْهِمَ العربيّة، فلا تبينُ - وهي أفصح اللّغات - إلاّ بضربٍ من إشارة الآثار ".

["تاريخ آداب العرب" (2/80) للرّافعيّ رحمه الله].

**** *** ****

- " فبقاءُ القرآنِ على وجهة العربيّ، ممّا يجعلُ المسلمين جميعًا على اختلاف ألوانِهم، من الأسود إلى الأحمر، كأنّهم في الاعتبارِ الاجتماعيِّ وفي اعتبار أنفسهم جسمٌ واحدٌ، ينطِق في لغةِ التّاريخ بلسانٍ واحد.

فمن ثَمَّ يكون كلُّ مذهبٍ من مذاهب الجنسيّة الوطنيّة فيهم قد زال عن حيِّزِه، وانتفى من صفته الطبيعيّة؛ لأنّ الجنسية الطبيعيّة الّتي تُقَدَّر بها فروضُ الاجتماع ونوافلُه، إنّما هي في الحقيقة لونُ القلب، لا سَحنة الوجه.

وقد ورِث المسلمون عن أوَّلِيَّتِهم هذا المعنى: فلا يُعلمُ في الأرض قومٌ غيرُهم يعتصمون بحبلِ دينِهم وأيديهم في الأغلال، ويجنحُون إليه بأعناقِهم وهي في رَبْقِ الملوك من الإذلال، ويَخُصّونه بقلوبهم، حتّى يكون أملكَ بها، وأغلبَ عليها، ولا يحتملون فيه سَخْطة، ولا يؤثرون عليه رِضًى، ولا يعدِلون به عدلًا، ويتبرّمُون بكلِّ ضيقٍ إلاّ ما كان من أجلِه، ويرضَوْن المِحْنة في كلّ شيء إلاّ فيه، ثمّ هم لا يرَوْن أنفُسَهم المؤمنةَ في إحساس الفطرة، ومذهب الطّبيعة إلا أنّها بقيّة سماويّة في الأرض ...".

["تاريخ آداب العرب" (2/59) للرّافعيّ رحمه الله].

**** *** ****

- " واعلم أنّ اعتياد اللّغة يؤثّر في العقل والخلق والدّين تأثيرا قويّا بيِّناً، ويؤثّر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمّة من الصّحابة والتّابعين، ومشابهتُهم تزيد العقل والدّين والخلق.

وأيضا فإنّ نفس اللّغة العربيّة من الدّين ومعرفتها فرض واجب، فإنّ فهم الكتاب والسنّة فرضٌ، ولا يُفهم إلاّ بفهم اللّغة العربيّة، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، ثمّ منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية ... "اهـ

[" اقتضاء الصّراط المستقيم " لابن تيمية رحمه الله207)].

أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَةً         وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغـاتِ

أتَوْا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّـناً         فيا ليتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَـاتِ

فلا تَكِلُوني للزّمـانِ فإنّنـي         أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي

هذه نُبذٌ من درر عمالقة هذه الأمّة، لعلّها تشحذ فينا شيئا من الهمّة، والله الموفّق لا ربّ سواه.



[1] الحقّ، أنّ الدّهر لا يخفض ولا يرفع، وإنّما الخافض الرّافع هو الله سبحانه، ولكنّه ضربٌ من المجاز، حيث أسند الفعل إلى ملابسه، وهو الزّمن.

وفي البيت إشارة إلى خلاف واقع بين الفقهاء فيما هو أفضل: أطولُ القيام في الصّلاة، أم كثرة السجود ؟ وفي المسألة أقوال خمسة، والصّواب هو التّفصيل.

[2] فإنّ قومنا - عفا الله عنهم - ما استوردوا إلاّ ما تصدّع وانكسر منها، فلا سيبويه ولا فولتير يفقه عنهم كلامهم !

[3] الزّندُ: هو العودُ الّذي يقدح به لإضرام النّار.

[4] هذا ممّا ليس فيه نصّ من الكتاب ولا السنّة، وما ورد من أنّ العربيّة هي لغة أهل الجنّة، فلا يصحّ سنده.

[5] جمع قِمَطْر، وهو ما تحفظ به الكتب.

أخر تعديل في السبت 14 جمادى الأولى 1443 هـ الموافق لـ: 18 ديسمبر 2021 09:19

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.