أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الأربعاء 04 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 10 نوفمبر 2010 20:25

- الآداب الشّرعيّة (6) مظاهر الأدب مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فهذه بقيّة الآداب الشّرعيّة، والأخلاق المرعيّة مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

3- الأدب الثّالث: ترك التّقدّم بين يديه.

قال ابن القيّم رحمه الله في " مدارج السّالكين ":

( ومن الأدب مع الرّسول صلى الله عليه وسلم: أن لا يتقدّم بين يديه بأمرٍ، ولا نهيٍ، ولا إذنٍ، ولا تصرُّفٍ حتّى يأمر هو وينهى ويأذن، كما قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللهِ وَرَسُولِهِ }.

 

وهذا باقٍِ إلى يوم القيامة، ولم يُنسخ، فالتقدّم بين يدي سنّته بعد وفاته كالتقدّم بين يديه في حياته، ولا فرق بينهما عند ذي عقل سليم.

قال مجاهد رحمه الله: لا تفتاتوا[1] على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وقال أبو عبيدة:" تقول العرب: لا تقدّم بين يدي الإمام، وبين يدي الأب، أي: لا تعجلوا بالأمر والنهي دونه ". وقال غيره: " لا تأمروا حتّى يأمر، ولا تنهوا حتّى ينهى ..")اهـ.

وفي سبب نزول هذه الآية روى البخاري عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ:

كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ.

فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا[2] بِالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِع. وَأَشَارَ الْآخَرُ[3] بِرَجُلٍ آخَرَ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: مَا أَرَدْتَ إِلَّا خِلَافِي. قَالَ: مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ. فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ الله:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ ...}. الْآيَةَ[4].

وقد بيّن ابنُ القيّم رحمه الله أنّ من مظاهر التقدّم بين يدي الله والرّسول صلّى الله عليه وسلّم هو:

العمل قبل معرفة حكم الله ورسوله، فقال:" أي لا تقولوا حتّى يقول، ولا تأمروا حتّى يأمر، ولا تُفْتُوا حتى يُفتِي، ولا تقطعوا أمرا حتّى يكون هو الّذي يحكم فيه ويمضيه ".

روى علي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال:" لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة ". وروى العوفي عنه قال:" نُهُوا أن يتكلّموا بين يدي كلامه ".

والقول الجامع في معنى الآية: لا تعجلوا بقول، ولا فعل، قبل أن يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو يفعل حتّى يستأذنوه.

فإذا جُعِل من لوازم الإيمان أنّهم لا يذهبون مذهبا إذا كانوا معه إلاّ باستئذانه، فأولى أن يكون من لوازمه أن لا يذهبوا إلى قول ولا مذهب علميّ إلا بعد استئذانه، وإذنه يُعرف بدلالة ما جاء به على أنه أذن فيه "اهـ.

4- الأدب الرّابع: ألاّ ترفع الأصوات فوق صوته صلّى الله عليه وسلّم.

فإنّ رفع الصّوت فوق صوته صلّى الله عليه وسلّم سبب لحبوط الأعمال.

وبعد حادثة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ. أي: حتّى يقول له: أعِد أعِد.

وروى مسلم في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ:

لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ..} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، جَلَسَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فِي بَيْتِهِ، وَقَالَ:

أَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَاحْتَبَسَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَسَأَلَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ:

(( يَا أَبَا عَمْرٍو، مَا شَأْنُ ثَابِتٍ ؟ اشْتَكَى ؟))، قَالَ سَعْدٌ: إِنَّهُ لَجَارِي وَمَا عَلِمْتُ لَهُ بِشَكْوَى.

قَالَ فَأَتَاهُ سَعْدٌ فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالَ ثَابِتٌ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْفَعِكُمْ صَوْتًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ !.

فَذَكَرَ ذَلِكَ سَعْدٌ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ )). وَزَادَ في رواية: فَكُنَّا نَرَاهُ يَمْشِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

قال ابن القيّم رحمه الله:" فما الظنّ برفع الآراء، ونتائج الأفكار على سنّته وما جاء به ؟".

5- الأدب الخامس: ألاّ يُجعل دعاؤه كدعاء غيره صلّى الله عليه وسلّم.

قال الله تعالى:{ لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً }، وفيه قولان للمفسّرين:

· أحدهما: المعنى: لا تدعونه باسمه كما يدعو بعضكم بعضا، بل قولوا: يا رسول الله ! يا نبيّ الله !

من أجل ذلك يقبُح عند الإخبار عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يقال: وقال محمّد ! وفعل محمّد ! بل لا بدّ من توقيره وتعظيمه عند الإخبار عنه.

ومن تأمّل القرآن الكريم، رأى رأي العين أنّه ما من نبيّ ولا رسول إلاّ ناداه الله تعالى باسمه:

فقال تعالى:{يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البقرة: من الآية33]، {يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا} [هود: من الآية48]، {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [هود: من الآية76]، {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} [الأعراف: من الآية144]، {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: من الآية55]، {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} [ص: من الآية26].. وغير ذلك..

إلاّ نبيّ الله محمّدا صلّى الله عليه وسلّم، فليس هناك موضع في القرآن يُنادى فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم باسمه، بل يناديه واصفا إيّاه بالنبوّة والرّسالة، قال تعالى في أكثر من آية:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ..}، وقال في عديد من الآيات:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ }.

قال العزّ بن عبد السّلام رحمه الله – بتصرّف –:" ولا يخفى على أحد أنّ السيّد إذا دعا أحد عبيده بأفضل ما وُجد فيهم من الأوصاف العليّة أنّ فيه تعظيما لمنزلة من دعاه، بخلاف من دُعي باسمه العلم " اهـ.

ولا يترك هذا الأدب إلاّ حقود حسود كالنّصارى واليهود، أو جاهل جاف كالأعراب الأجلاف، أو من ضعُف حبّه للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم فترك كثيرا من أوامره وهديه، كما تراه في كتب من يسمّون أنفسهم زورا وبهتانا بالمفكّرين الإسلاميّين.

· المعنى الثّاني: أي: لا تجعلوا دعاءه لكم بمنزلة دعاء بعضكم بعضا إن شاء أجاب وإن شاء ترك، بل إذا دعاكم لم يكن لكم بدٌّ من إجابته، ولم يسعْكم التخلّف عنه ألبتة.

وقد روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ:

كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي.

فَقَالَ: أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ { اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } ؟ ثُمَّ قَالَ لِي: (( لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ...)) الحديث.

6- الأدب السّادس: ألاّ يُترك مجلسه إلاّ بإذنه صلّى الله عليه وسلّم.

قال ابن القيّم رحمه الله:" ومن الأدب معه: أنّهم إذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ من خطبة، أو جهاد، أو رباط، لم يذهب أحدٌ منهم مذهبا في حاجته له حتّى يستأذنه، كما قال تعالى:{إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ }.

فإذا كان هذا مذهبا مقيّدا بحاجة عارضة، لم يوسَّع لهم فيه إلاّ بإذنه، فكيف بمذهب مطلق في تفاصيل الدين: أصوله وفروعه، دقيقه وجليله، هل يشرع الذّهاب إليه دون استئذانه ؟ {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}.

7- الأدب السّابع: ألاّ يُعارض قوله صلّى الله عليه وسلّم بشيء.

قال ابن القيّم رحمه الله أيضا:"ومن الأدب معه: ألاّ يُستشكَل قوله، بل تستشكل الآراء لقوله.

ولا يعارَض نصُّه بقياس، بل تُهدَر الأقيسة وتُلْقى لنصوصه. ولا يحرّف كلامه عن حقيقته لخيال يسميه أصحابه معقولا ... فكلّ هذا من قلة الأدب معه صلّى الله عليه وسلم، وهو عين الجرأة ..".

8- الأدب الثّامن: الصّلاة عليه كلّما ذكر صلّى الله عليه وسلّم.

كيف لا، وهو الذي بيّن لنا الطّريق إلى الله، وأرشدنا إلى كلّ ما يرضي الله، ونهانا عن كلّ ما يسخط الله ؟

لذلك روى الترمذي وأحمد عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( الْبَخِيلُ: الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ )).

ورويا أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ، إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً، فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ )).

ومعنى قوله ( ترة ): يعني حسرة وندامة.

ومن أخطاء الكُتّاب أن يكتبوا ( ص ) أو ( صلّعم ) بجانب اسمه صلّى الله عليه وسلّم، فهو ممّا ارتكبه الجاهلون، وأذاعه ونشره المستشرقون.

9- الأدب التّاسع: تعظيم أهل بيته صلّى الله عليه وسلّم.

فلا نعلم أحدا من الأنبياء ولا المرسلين عُظّم أهله المؤمنون كما عُظّم أهل بيت نبيّ الله محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

وآل بيته هم: قرابته المؤمنون من بني هاشم وبني عبد المطّلب، وأزواجه رضي الله عن الجميع.

فاللهمّ صلّ على محمّد، وعلى آل محمّد، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.



[1] ( افتات ) من الفوت، أي: سبق إلى الشيء واستبدّ به.

[2] هو أبو بكر رضي الله عنه، والأقرع: لقب، وإنّما اسمه: فِراس بن حابس.

[3] هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أشار بالقعقاع بن معبد، وكان يلقّب بتيار الفرات لجوده.

[4] وفي رواية أخرى للبخاري والنسائي:" فنزل في ذلك:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللهِ وَرَسُولِهِ }، حّتى انقضت الآية.

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 22:41

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.