أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

السبت 05 ربيع الأول 1436 هـ الموافق لـ: 27 ديسمبر 2014 21:47

- حظّ هذه الأمّة من العذاب.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ لعامّة النّاس أسئلةً لا تُحدّ، واستفساراتٍ لا تُعَدّ، وتتنوّع أسئلتُهم حسَب مستوياتِهم، وبما يوافق اهتماماتِهم، ولكن، منها ما هو مؤرِقٌ محرج، مقلِقٌ مزعج.

وأشدّها على الجَنَان، وأصخّها للآذان، قولهم: يا شيخ، ما بالُ أهلِ الحقّ قد تفرّق شملُهم، وتمزّق صفُّهم ؟!

- لماذا أُقِيمت بينهم الحواجز والحدود، وحالت بينهم المفاوز والسّدود ؟!

  - قلوبهم: شتّى .. عقولُهم: سُبِتَتْ سبتاً .. وألسنتهم سيوفٌ على بعضهم صَلْتَة ..

- ألم يتْلُ علينا قرّاؤُهم، ويُحفِّظْنا خطباؤُهم، ويسردْ علينا أدباؤُهم، قولَ الواحد الأحد:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} ؟[1] 

- ألم يُعلِّمْنا حكماؤُهم، ويشرحْ لنا علماؤُهم، قولَ الحبيب صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ تَحَاسَدُوا ... وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا ... وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ ... كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ ))[2]؟

- هل لبّسَ عليهم الشّيطان، وقيّدهم بالأغلال والأشطان، حتّى زَهِدُوا في ظلّ الرّحمن: (( أينَ المُتحابُّونَ بجلالي ؟ اليومَ أُظلُّهم في ظلِّي يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلِّي ))[3] ؟

أم صدق علينا قول ربّ العالمين:{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[4] ؟

إبليس الّذي (( يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى المَاء ثمَّ يبْعَث سراياه فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً ... يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكَتُهُ حَتَّى فَرَّقَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ! قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نَعَمْ أَنْتَ ! فَيَلْتَزِمُه ))[5].

فما أشدّ فرحتَه بفرقةٍ بين المسلمين عامّةً، والدّعاة خاصّةً !

- نعم .. إنّهم بشر لهم حقّ الاختلاف .. ولكن لِمَ نَبْذُ المودّة والائتلاف ؟!

نعم .. قد تختلف مداركُهم، وتتباينُ مذاهبُهم ومسالكُهم، ولكن لِمَ الشّقاق، وعلامَ الجفاءُ والافتراق ؟!

نعم .. قد يختلف الإخوان، ويتخاصم الخِلاّن، ولكن علامَ طول الهجر والقطيعة ؟ والتّنابز بالألقاب الفظيعة ؟!

نعم .. نسمع بالخلاف وتباين الأنظار، ولكنّنا لا نسمع بجلسةٍ للنّقاش والحوار ؟!

قال أحد الحكماء:" ستختفي كثير من المشكلات إذا تعلّم النّاسُ الحديثَ مع بعضهم أكثرَ من الحديث عن بعضهم ".

- ثمّ لماذا استبدلتم الفضيحة بالنّصيحة ؟ والغيبَةَ والبهتان بالذبّ عن الإخوان ؟ والتجسّس ابتغاء العثرات بالسّتر على الحرمات ؟ والنّميمة بالقرابة الحميمة ؟ وسوءَ الظنّ بإحسانه ؟ وكتمان الحقّ بنشره وإعلانه ؟!

أين مبادئ الإسلام العالية، وقيمُه الغالية ؟ تلكم المبادئ التي عرفناها فليست عنّا بغريبة، ولمسناها فليست لدينا بعجيبة ؟

أم أنّنا كبرنا ولم تكبُر معنا، فأضعناها بعد أن عرفناها، ودُسناها وما أقمناها ؟!

- لقد اختلطت علينا الأصوات، وصِرْنا نتمنّى مكانَ الأموات .. فبعد أن كنّا نشعر بحلاوة الغربة، اكتوينا بقساوة الكُربة ..

لم نعُدْ نمِيزُ بين قاطع الطّريق، والخليل الصّديق ! فكلّهم يُشيرُ إلى أخيه ! مناديا بين العباد:{إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}[6] !

بل كثيرا ما يتبنَّوْنَ التّهديد، ويجهرون بالوعيد، فقالوا: من لم يقل بقولنا فليس منّا:{لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}[7]! 

- ثمّ بعد كلّ هذا:{أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} ؟!

أين هم المصلحون بين النّاس ؟ الّذين رفع الله ذكرهم بين الأجناس ؟

أين سفراء المحبّة والإخاء، والمودّة والصّفاء، السفراء الّذين يرقعون ما وهى، ويرفعون ما أصاب ودهى ؟

أين هم من قول الحقّ سبحانه:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ؟[8]

وأين هم من قول رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ ؟)) قالُوا: بَلَى، قالَ: (( صَلاَحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ ))[9]. وما أدراك ما الحالقة ؟ هي الّتي تأتي على الدّين فتحلِقه، وعلى الإيمان فتُحرقُه.

- فمن شاء السّيادة، وطلب الرّيادة، فباب الإصلاح أمامك مفتوح، والخير بين يديك مفسوح: (( إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ))[10].

وإنّ العرب ما عظّمت هَرِمَ بنَ سِنَان، وخُلِّد ذكرُه في كلّ ديوان، إلاّ من أجل أنّه أصلح بين عَبْسٍ وذُبْيَانَ، وأطفأ الله به حربَهم الّتي دامت أربعين سنة !

يا شيخ، إنّ في الجعبة لكثيرا ممّا يقال، ولكن لكلّ مقام مقال، فأجبني جوابا كافياً، وصِفْ لي دواءً شافِياً.

*** * ***

في كلّ مرّة يُطرح عليّ هذا السّؤال، تراني مطرقا رأسي كاسِفَ البال، لعلّ لسان الحال يكون لديه أبلغَ من لسان المقال.

ولا أجد نفسي إلاّ واعداً إيّاه، بقرب الفرج والفتح من الله.

ولكن حتّى لا يملّ من الانتظار، وخيولُ الصُّلح لم تَبْدُ بعدُ في المضمار، فإنّي أعزّي نفسي وإيّاه، بأنّ المؤمن الصّابر مأجورٌ على بلواه:

فاعلموا أيّها الإخوة الأنجاب، أنّ هذه الفُرقة هي حظّ هذه الأمّة ونصيبها من العذاب:

فقد روى الحاكم في " المستدرك " - وصحّحه الألباني -[11] عن أبي بردة رحمه الله قال:

بينما أنا واقفٌ في السّوق في إمارةِ زِيَادٍ، إذ ضربْتُ بإحْدَى يدَيَّ على الأخرى تعجُّباً، فقال رجل من الأنصار - قد كانت لوالده صحبة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم -:

ممّ تعجب يا أبا بردة ؟

قلت: أعجب من قوم دينُهم واحدٌ، ونبيّهم واحد، ودعوتهم واحدة، وحجُّهم واحد، وغزوُهم واحد، يستحلّ بعضهم قتل بعض !

قال: فلا تعجب؛ فإنّي سمعت والدي أخبرني أنّه سمع رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ؛ لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا: الفِتَنُ، وَالزَّلاَزِلُ، وَالقَتْلُ )).

وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ، إِنَّمَا عَذَابُهُمْ فِي الدُّنْيَا الْقَتْلُ وَالْبَلَابِلُ وَالزَّلَازِلُ وَالْفِتَنِ )).

ألا فاصبِروُا؛ فإنّ نبيَّكم صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ )) قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ ؟ قَالَ: (( أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ ))[12].

وأنادي كلّ العقلاء، وأئمّتَنا ودُعاتَنا الحكماء، فأقول:

اذكروا نعمةَ الله عليكم، وبالخير الّذي لديكم: كيف كثّر الله أهل السنّة بعد قِلَّة، وكيف نشر دعوتَهم بعد أن كانوا ثُلّة، فإنّ فرقتنا قد صدّت عن السّبيل كثيرا من المؤمنين، وإنّما بُعِثتُم مبشّرين:{وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}[13].

إنّ الدّعوة فد توافرت أسبابها، وقد فُتِحت على مصراعيها أبوابها، ولكنّها ممحوقة البركة، عديمة الحركة، وكيف لا، وهذا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ ))[14] ؟! [تلاحى: تنازع وتخاصم].

فكم من خير مرفوع، ومن عمل مدفوع، بسبب الخلاف والشّقاق، والخصام والافتراق.

والله تعالى وحده الموفّق لا ربّ سواه.



[1] آل عمران من الآية 103

[2] رواه مسلم.

[3] رواه مسلم

[4] سبأ:20

[5] رواه مسلم

[6] غافر من الآية: 26

[7] إبراهيم من الآية:

[8] الحجرات: 10

[9] رواه التّرمذي وغيره عن أبي الدّرداء رضي الله عنه.

[10] البخاري ومسلم عن أبي بكرَةَ رضي الله عنه.

[11] في " السّلسلة الصّحيحة " (رقم: 959).

[12] أصل الحديث في مسلم، وهذا لفظ أبي داود وابن ماجه، انظر " صحيح أبي داود " للألباني رحمه الله.

[13] الأعراف من الآية: 86

[14] رواه البخاري.

أخر تعديل في السبت 05 ربيع الأول 1436 هـ الموافق لـ: 27 ديسمبر 2014 21:54

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.