أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

الثلاثاء 10 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 16 نوفمبر 2010 20:41

- شـرح كتـاب الحـجّ (36) فضـائل مـاء زمـزم 1

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

البـاب الثّــاني عـشـر: ( التّرغـيـب في شُـرب مـاء زمزم، وما جـاء في فضـلِه ).

· شرح التّبويب:

فقبل بيان فضل ماء زمزم لا بدّ أن نعلم المراحل الّتي مرّت بها هذه العينُ المباركة:

- البداية:

فأوّل ما خلق الله هذه العين كان يوم ترك إبراهيم عليه السّلام هاجر وابنها إسماعيل عليه السّلام، كما في الصّحيحين، فَقَالَتْ:

يَا إِبْرَاهِيمُ ! أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا. فَقَالَتْ لَهُ:

أَللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا.

ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ:{رَبِّ إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } [إبراهيم: من الآية37].

وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ، وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى-أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ- فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ.

فَوَجَدَتْ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا.

فَهَبَطَتْ مِنْ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْوَادِيَ، رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ، حَتَّى جَاوَزَتْ الْوَادِيَ.

ثُمَّ أَتَتْ الْمَرْوَةَ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا، وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا )).

فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ:

صَهٍ ! تُرِيدُ نَفْسَهَا. ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ.

فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ [في رواية: فإذا جبريل عليه السّلام] عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ.

فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ، وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنْ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:

(( يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنْ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا)).

قَالَ: فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ:

(( لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ )).

قال ابن الجوزي رحمه الله:

" كان ظهور زمزم نعمةً من الله محضةً بغير عمل عامل، فلمّا خالطها تحويطُ هاجر، داخلها كسبُ البشر فقصرت ".

· ثمّ كيف اختفى أثر هذه العين ؟

يُكمل ابن عبّاس رضي الله عنه قائلا:

" .. حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ .. فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا [وهو الّذي يحوم على الماء].

فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ ! لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ.

فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ [أي رسولا]، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ ! فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا، وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ، فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ. فَقَالَتْ: نَعَمْ وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ.

وعاشت هاجر مع ولدها إسماعيل عليه السّلام، وتزوّج منهم، ومرّت القرون، حتّى رحلت جرهم من تلك البقعة المباركة، فقام عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهميّ ورَدَمَ عينَ زمزم، فما عاد العرب يعرفون عنها إلاّ اسمها، تعظّمونها لأنّها من شعائر دين إبراهيم الخليل عليه السّلام.

· عودٌ على بدء:

ثمّ أراد الله عزّ وجلّ أن يجعل حفرَ بئر زمزم على يد عبد المطّلب جدّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

وكان ذلك الحدث فيه بيانٌ لفضل هذه العين المباركة، فإنّها كانت من الأمور الّتي جعلت العرب تَلفِت وجوهها إلى بيت عبد المطّلب، حتّى إذا بُعِث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، كان الشّيء من معدِنِه لا يُستغرب. لذلك رواها البيهقيّ وغيره في " دلائل النبوّة ".

ذكر المصنّف رحمه الله في هذا الباب جملةً من فضائل ماء زمزم، منها:

أ‌) أنّها خير مياه الأرض.

ب‌) وأنّه شفاء سقم، وطعام طعم.

ت‌) وأنّه لما شُرِب له.

· الحـديـث الأوّل:

1161-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( خَيْرُ مَاءٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مَاءُ زَمْزَمٍ، فِيهِ طَعَامُ الطُّعْمِ، وَشِفَاءُ السُّقْمِ، وَشَرُّ مَاءٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مَاءٌ بِوَادِي (بَرَهُوتَ بِقُبَّةٍ بِـ( حَضْرَمَوْتَ كَرِجْلِ الجَرَادِ، تُصْبِحُ تَنْدَفِقُ، وَتُمْسِي لاَ بِلاَلَ فِيهَا )).

[رواه الطّبراني في " الكبير " ورواته ثقات، وابن حبّان في " صحيحه "].

· شـرح الحـديـث:

- قوله: ( خَيْرُ مَاءٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مَاءُ زَمْزَمٍ ):

يكفي في الدّلالة على فضل ماء زمزم وأنّها خير مياه الأرض: ما جاء في الصّحيحين في حادثة شقّ الصّدر الثّانية ليلة الإسراء، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

" لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ، جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ ... فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ، فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ عليه السّلام، فَشَقَّ جِبْرِيلُ عليه السّلام مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ ".

- قوله: ( فِيهِ طَعَامُ الطُّعْمِ ): سيأتي بيان معناه في شرح الحديث الثّاني.

- قوله: ( بَـرَهُـوتُ ): ويقال ( بُرْهُوت )، كما قال ابن دريد.

وهو وادٍ بحضرموت باليمن، كما جاء مصرّحا به في هذا الحديث، وذكر ياقوت الحمويّ في "معجم البلدان" (1/405) أنّه قيل إنّها بئر، وقيل إنّها البلد الّذي فيه البئر.

وفي "لسان العرب ": هي بئر عميقة بحضرموت لا يستطيع أحد بلوغ قعرها ". اهـ.

وقد كثر كلام النّاس حول هذه البئر، حتّى قيل فيها خرافات، ورُوِيت فيها موضوعات، ممّا جعل الحافظ القيسراني رحمه الله ذكر هذا الحديث في " ذخيرة الحفّاظ " (3/2816).

من هذه الأخبار المكذوبة ما يُنسب إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: (( إِنَّ فِيهِ أَرْوَاحَ الكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ )) !

ومنها ما يُنسب إلى ابن عبّاس رضي الله عنه: " إنّ أرواح المؤمنين بالجابية من أرض الشّام، وأرواح الكفّار ببرهوت من حضرموت " !

ومنها ما يُنسب إلى عليّ رضي الله عنه أنّه قال:" أبغض بقعة في الأرض إلى الله عز وجل وادي برهوت بحضرموت، فيه أرواح الكفّار، وفيه ماؤها أسود منتن، تأوي إليه أرواح الكفّار " ! وقد ذكر هذا الأثر عبد الرزّاق في "المصنّف" (5/116).

ومنها ما نسبه الدّيلمي في " مسند الفردوس " (1/418) إلى أنس بن مالك رضي الله عنه.

ومنها حكايات تُحكى عن النّاس، وتناقلها بعضهم عن بعض، فقد حكى الأصمعيّ عن رجل من حضرموت قال: إنّا نجد من ناحية برهوت الرّائحة المنتنة الفظيعة جدّا، فأنبئنا بعد ذلك أنّ عظيما من عظماء الكفّار مات، فنرى أنّ تلك الرّائحة منه.

ومنها ما يروونه عن سفيان بن عيينة: أخبرني رجل أنّه أمسى ببرهوت، قال: فسمعت منه أصواتَ الحاجّ وضجيجهم.

ومنها ما ذكر أبان بن تغلب أنّ رجلا آواه المبيت إلى وادي برهوت، قال: فكنت أسمع طول اللّيل: ( يا دومة ! يا دومة !) فذكرت ذلك لرجل من أهل الكتاب، فقال: إنّ الملك الّذي على أرواح الكفّار يقال له (دومة) " !!

وقد ذكرها ابن كثير في تفسير سورة " الأحقاف " !

وقد ذكره ابن تيمية رحمه الله ناسبا إيّاه إلى أبي سعيد الخرّاز في (4/221).

وذكرها ابن القيّم في "الرّوح" (106-107) فقال:

" وأمّا قول من قال: إنّ أرواح المؤمنين بالجابية، وأرواح الكفّار بحضرموت ببرهوت، فقال أبو محمّد بن حزم: هذا من قول الرّافضة.

وليس كما قال، بل قد قاله جماعة من أهل السنّة. قال أبو عبد الله بن منده: وروي عن جماعة من الصّحابة والتّابعين أنّ أرواح المؤمنين بالجابية ...[ ثمّ ساق بسند واهٍ] عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنّه قال: ( إنّ أرواح المؤمنين تجتمع بالجابية، وإنّ أرواح الكفّار تجتمع في سبخة بحضرموت يقال لها برهوت...

[ثمّ ساق من طريق آخر واهٍ أيضا] أنّ كعبا رأى عبد الله بن عمرو رضي الله عنه وقد تكالب النّاس عليه يسألونه، فقال لرجل: سله أين أرواح المؤمنين، وأرواح الكفّار ؟ فسأله، فقال:" أرواح المؤمنين بالجابية وأرواح الكفار ببرهوت ".اهـ

ولا شكّ أنّ هذا كلّه ليس عليه دليل صحيح، وإن صحّت عن الصّحابة فيكون ممّا تلقّوه عن أهل الكتاب. وما حملهم على ذلك كلّه إلاّ كون حضرموت هي أرض عاد بالأحقاف.

مع ملاحظة أنّه ما رواه أحد من أصحاب الكتب المعتمدة إلاّ ابن حبّان في " صحيحه " (7/283) فقال:

" ذكر الأخبار عمّا يُعمل بروح المؤمن والكافر إذا قبضا " –فساق بسنده إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حديث قبض روح المؤمن المعروف، ثمّ قال: قال قتادة: وحدّثني رجل عن سعيد بن المسيّب عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: قال:" أَرْوَاحُ المُؤْمِنِينَ تُجْمَعُ بِالجَابِيَتَيْنِ، وَأَرْوَاحُ الكٌفَّارِ تُجْمَعُ بِبَرَهُوتَ: سَبْخَةٍ بِحَضْرَمَوْتَ "، والنّاظر في سند الأثر لا يشكّ في ضعفه.

- قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( كرِجْلِ الجراد )):

رواية الفاكهي في "أخبار مكّة" (2/41) أوضح، إذ قال:" عَلَيْهِ كَرِجْلِ الجَرَادِ مِنَ الهَوَامِّ، يُصْبِحُ يَتَدَفَّقُ، وَيُمْسِي لاَ بِلاَلَ فِيهِ ".

أي: على مائها هوامّ كثيرة، وتمثيله برجل الجراد أسلوب تعرفه العرب، ومنه ما رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( بَيْنَمَا أَيُّوبُ عليه السّلام يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ ! أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ )).

- وقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( لا بَلاَلَ فيها )):

قال في " لسان العرب ":" والبَلاَل: الماء، والبلل .. ويقال: ما في سقائك بَلال، أي: ماء، وكلَ ما يبلّ به الحلق من الماء واللّبن بَلال ".

- تنبيه: قول المصنّف رحمه الله:" ورواه ابن حبّان "، قال الشّيخ الألباني رحمه الله في تعليقه:

" قلت: لم أره في " الموارد "، ولا في " الإحسان "، ولا عزاه إليه السّيوطي في " جامعيه "، نعم، عزاه إليه الهيثمي في " المجمع "، وأظنّه تبع المؤلّف، وكنت استظهرت في "الصّحيحة" (1056) أنّه فاته أن يورده في " الموارد "، فلمّا طبع " الإحسان "، ولم نجده فيه غلب على الظنّ أنّ العزو لصحيح ابن حبّان وهم، والله أعلم ".

والشّاهد من الحديث هو فضل ماء زمزم، وهو أنّها خير ماء على وجه الأرض.

والله أعلم.

أخر تعديل في الأربعاء 11 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 17 نوفمبر 2010 13:22

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.