أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

السبت 05 محرم 1432 هـ الموافق لـ: 11 ديسمبر 2010 09:08

- شرح الأسماء الحُسنَى (18) الرزّاق، والرّازق عزّ وجلّ

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ من الأسماء الحُسنى الّتي تطرّقنا إليها ( الفتّاح )، ورأينا من معانيه أنّه نقيض الإغلاق والإمساك، فيفتح الله عزّ وجلّ لعباده أبواب النّصر، وأبواب الرّزق، من أجل ذلك ناسب أن نتحدّث عن الاسمين الكريمين:

25- الرزّاق عزّ وجلّ 26- الرّازق عزّ وجل

1- المبحث الأوّل: أدلّة ثبوت هذا الاسمين.

 

فقد اتّفق العلماء على إثبات الاسم الكريم (الرزّاق) لله سبحانه وتعالى لقوله:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذّاريات:58].

ولكنّهم اختلفوا في إثبات اسم (الرّازق) ؟

فقد ذكره الحافظ ابن منده، والحليميّ، والبيهقيّ، والقرطبيّ، وابن الوزير رحمهم الله.

وهناك من لم يذكره ضمن الأسماء، ولكنّهم عدُّوه من الصّفات، كالخطّابي، وابن حزم، وابن العربيّ، وابن القيّم، وابن حجر، والسّعديّ.

والصّواب إثباته، وقد استدلّ بعضهم على إثباته بقوله تعالى:{وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة: من الآية11]، وفي ذلك نظر.

وإنّما يُستدلّ لذلك بما رواه التّرمذي وأبو داود وابن ماجه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! غَلَا السِّعْرُ، فَسَعِّرْ لَنَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ )) ولفظ التّرمذي: ( الرزّاق ).

ومن ثمّ ثبتت له سبحانه صفة الرّزق، وذلك معلوم بالضّرورة.

2- المبحث الثّاني: شرح الاسمين الكريمين.

- المعنى اللّغويّ: الرّزق مصدر، وهو كلّ ما يُنتفع به، لذلك يُطلق على المال، والولد، والمطر، وغير ذلك. والرزّاق أبلغ من الرّازق؛ لأنّه من صيغ المبالغة.

- معناه في حقّ الله عزّ وجلّ:

قال ابن جرير في " تفسيره " لسورة الذّاريات (27/8):" هو الرزّاق خلقَه، المتكفِّل بأقواتهم ".

وقال الخطّابي في " شأن الدّعاء " (ص54) ومثله البيهقيّ في " الاعتقاد " (ص57):" هو المتكفّل بالرّزق، والقائم على كلّ نفس بما يُقيمها من قوتها، وسع الخلقَ كلَّهم رزقُه ورحمتُه، فلم يختصّ بذلك مؤمنا دون كافر، ولا وليّا دون عدوّ، يسوقه إلى الضّعيف الّذي لا حيْل له ولا متكسّب فيه، كما يسوقه إلى الجَلد القويّ، ذي المرّة السويّ، قال سبحانه:{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} [العنكبوت: من الآية60]، وقال:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: من الآية6] "اهـ.

وقال الحليميّ رحمه الله في "المنهاج" (1/203):" وهو الرزّاق رزقا بعد رزق، والمكثر الموسع له ".

وقال الهرّاس في شرح "نونية ابن القيّم"(2/101):" والرّزق كالخلق .. صفة من صفات الفعل، وهو شأن من شؤون ربوبيّته عزّ وجلّ، لا يصحّ أن ينسب إلى غيره، فلا يسمّى غيره رازقا كما لا يسمّى خالقا "اهـ.

3- أنـواع الرّزق.

رزق الله نوعان: عامّ وخاصّ.

أ‌) أمّا الرّزق العامّ: فهو ما يوصِله تعالى إلى جميع خلقه ممّا تحتاجه في معاشها وقيامها، فيسهّل لها أرزاقها، ويدبّر لها أقواتها.

وسمّي عامّا؛ لأنّه يشمل البرّ والفاجر، والمؤمن والكافر، ولأنّه أيضا يشمل الرّزق الّذي يُحصّله العبد من طريق مأذون، وما يحصل عليه من طريق غير مأذون فيه.

فإن حصّل عليه من الأوّل كان رزقا حلالا، وإلاّ كان حراما، ويسمّى رِزقا بهذا الاعتبار أي: إنّ الله هو الّذي أنعم به ابتداءً، وهذا هو الصّحيح، خلافا للمعتزلة الّذين قالوا: إنّ الرّزق الحلال ليس من الله تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

ولكنّ من يعلم أنّ الرّزق كالخلق يسهل عليه فهم ذلك، لأنّ الّذي يأتي بولد من حرام لا يمكن أن يقال إنّ الله لم يخلقه، فكذلك الرّزق من موضع حرام لا يمكن أن يقال لأجل ذلك إنّ الله لم يرزقه إيّاه.

ب) أمّا الرّزق الخاصّ: فهو الرّزق النّافع المستمرّ نفعه في الدّنيا والآخرة، وهو نوعان أيضا:

- رزق الأبدان: وذلك بالرّزق الحلال الّذي لا تَبِعة ولا إثم فيه، وربّما كان شاقّا، ولكن من ورائه راحة البال وسكون الحال، لا أن يكون متعةً تجرّ من ورائها العذاب والوبال. وهذا لا يوفّق إليه إلاّ خاصّة عباده.

- رزق القلوب: ووسيلته النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، بأن يرزق الله عباده العلم والإيمان، فإنّ القلوب مفتقرةٌ غايةَ الافتقار إلى أن تكون عالِمةً بالحقّ مريدةً له، وبذلك يحصل غِناها ويزول فقرُها، قال تعالى:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة:269]..

وقد روى البخاري ومسلم عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (( مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ، وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ )).

قال ابن القيّم رحمه الله في " النّونية ":

وكـذلك الرزّاق مـن أسمـائـه *** والرّزق مـن أفعـاله نوعــان

رزق على يـد عبـده ورسـوله *** نوعان أيضـا ذان معـروفــان

رزق القلوب العلم والإيمان والـ *** رّزق المـعـدّ لهـذه الأبــدان

هذا هـو الرّزق الحـلال وربّـنا *** رزّاقـه والفـضــل للمـنّـان

والثّاني سوق القوت للأعضـاء في *** تلك المجــاري سوقـه بِـوزَان

هذا يكون مـن الحلال كما يكـ *** ـون من الحـرام كلاهـما رزقان

والله رازقـه بـهـذا الاعـتـبا *** ـر وليس بالإطـلاق دون بيـان

4- ثمرات وآثار هذا الاسم.

- الثّمرة الأولى: اليقين بأنّ الرّزق كالخلق:

فكما أنّ العبد لا يشكّ أنّ الله خلقه، فينبغي له أن لا يشك أنّ الله يرزقه، لذلك قرن الله صفة الرّزق بالخلق في كثير من المواضع لتقرير هذه الحقيقة، قال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الروم:40]، وقال:{خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: من الآية6]، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)}.[البقرة]..

بل دعا الله تعالى إلى الاستدلال بخلقه على رزقه، فقال:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر:3] أي: كيف تصرفون عن ذلك ؟!..

واستدلّ على بطلان عبادة من دونه بنفي الرّزق عنهم، فقال:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ} [النّحل:73]..

ولكنّ أكثر النّاس سلّموا بخلقه لهم، وشكّوا في رزقه عزّ وجلّ لهم.. مع أنّ الرّزق من الأمور الّتي كُتبت قبل النّفخ في الرّوح.

روى البخاري ومسلم عن عَبْد اللَّهِ قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ ...)).

بل يدلّ اسم الرزّاق زيادة على كثرة العطاء أنّ ذلك بلا ثقل ولا مشقّة ولا كلفة، قال الطّحاوي رحمه الله:" رازق بلا مؤنة ".

بل لو سألوه جميعا فأعطاهم لم ينقص من ملكه شيئا، وسيأتي تفصيله عن شاء الله في شرح اسم الملك. 

- الثّمرة الثّانية: المسارعة إلى طلب العلم:

فإذا علمت أنّه لا رازق إلاّ الله، وأنّه لا مانع لما أعطى، ولا معطِي لما منع، فأيّ البابين نقرع ؟ وإلى أيّ النّوعين من الرّزق نهرع ؟

أنطلب الرّزق العامّ الّذي يستوي فيه المخلوفات كلّهم، أو الرّزق الخاصّ الّذي يعدّ حقّا الرّزق الحسن ؟

فغذاء الأرواح، وقوت القلوب هو العلم النّافع الّذي يُثمر العمل الصّالح، وإذا ما أطلق العلم فالمراد به العلم بالله عزّ وجلّ، وبأوامر الله، وبرسول الله، وسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.. فهذا الرّزق لا يعدله رزق .. ولا الأموال الطّائلة، والكنوز الهائلة:

النّاس من جهة التّمثال أكفــاء *** أبوهم آدم وأمّــهـم حـوّاء 

فإن يكن لهم في أصلهم نسـب *** يُفاخـرون به : فالطّـين والماء

ما الفضل إلاّ لأهل العلم إنّـهم *** على الهُدى لمن استهـدى أدِلاّء

وقدر كلّ امرئ ما كان يُحسنه *** النّاس موتى وأهل العلـم أحياء

وصدق من قال:

وفي الجهل قبل الموت مـوت لأهله *** وأجسـامهم قبـل القبور قبور

وأرواحهم في وحشة من جسومهم *** وليس لهم حتّى النّشـور نشور

وتوضيح ذلك من وجوه كثيرة جدّا، قد بلغت أكثر من مائة وثلاثين وجها ذكرها ابن القيّم رحمه الله في "مفتاح دار السّعادة".

لذلك بيّن الله تعالى حقيقة الرّزق الّذي يفرح له العبد، وهو ما كان من مشكاة النبوّة، فقال:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)} [يونس]، وروى مسلم عَنْ مُطَرِّفٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم وَهُوَ يَقْرَأُ: {أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ} قَالَ: (( يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي ! قَالَ: وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ )).

- الثّمرة الثّالثة: الرّزق ليس دليلا على صلاح المرء، ولا على رجاحة عقله:

أمّا أنّه ليس دليلا على صلاح الرّجل: فقد بيّناه من خلال حديثنا عن الاستدراج في شرح اسم الفتّاح.

ولو كان دليلا على صلاح المرء ما سقى من هذه الدّنيا كافرا شربة ماء، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( لَيْسَ أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ، إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ )).

ومن ظنّ أنّ سعة الرّزق دالّة على محبّة الله له فهو قد شابه الكفّار في معتقدهم، ألا ترى قول الله تعالى فيهم:{وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (36) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37)} [سبأ]..

فظنّ الكفّار والمترفون أنّ كثرة الأموال والأولاد دليل على محبّة الله لهم، وأنّه ما كان يُعطيهم هذا في الدّنيا ثمّ يعذّبهم في الآخرة، وقد ردّ الله عليهم ذلك قائلا:{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (56)} [المؤمنون].

أمّا أنّه ليس دليلا على عقله فلو كان دليلا على عقل الرّجل ما رزق بهيمة ولا دابّة، لكنّه جلّ جلاله:{اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ} [الرعد:26].

- الثّمرة الرّابعة: أنّ الرّزق متمّم للعبد رسالته.

قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)} [الذّاريات]. لذلك روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نَأْتِي النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَيُحَدِّثُنَا فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ:

(( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: إِنَّا أَنْزَلْنَا الْمَالَ لِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَلَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادٍ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِ ثَانٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَادِيَانِ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِمَا ثَالِثٌ، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ )).

ومن أهمّ الثّمرات للإيمان بهذين الاسمين الكريمين: معرفة مفاتيح الرّزق الحلال.

( يتبع إن شاء الله ).

أخر تعديل في الأحد 27 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 01 ماي 2011 21:50

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.