أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

الثلاثاء 21 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 25 جانفي 2011 17:49

- حقائق عن الصّوفيّة (2) عوامل ظهور التصوّف.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد رصدت لنا السنّة الصّحيحة أخبارا عن بعض الصّحابة الكرام رضي الله عنهم الّذين أرادوا الانقطاع عن ملذّات الدّنيا، فهمّ بعضهم باعتزال النّساء، وآخرون بصوم الدّهر، وآخرون بهجر النّوم، حتّى إنّ بعضهم استأذن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الخِصاء !

فكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوجّههم إلى الّتي هي أقوم، ويخطب في النّاس قائلا: (( مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا ؟! لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي )) [رواه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه].

وفي الوقت نفسه دعا صلّى الله عليه وسلّم صحابته، وندب أمّته إلى الزّهد في الدّنيا، وترك التوسّع في ملذّاتها، حتّى كانوا سادة الزّهاد، وقادة العُبّاد.

وسار على ذلك النّهج السّليم، والطّريق القويم، التّابعون وأتباعهم. فما الّذي حدث حتّى وصل التصوّف إلى ما هو عليه ؟

عوامل ظهور التصوّف.

فمن أهمّ عوامل ظهور التصوّف في هذه الأمّة:

1- الغلوّ: وهو مجاوزة الحدّ الّذي شرعه الله عزّ وجلّ في كلّ شيء.

وهو داء أتى على الملل الأولى من القواعد فخرّ عليهم دينهم من فوقهم؛ قال الله عزّ وجلّ:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)}.

وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا، وَقَارِبُوا )) [رواه البخاري].

يقول ابن الجوزي رحمه الله في " تلبيس إبليس ":

" كانت النّسبة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان والإسلام، فيقال: مسلم ومؤمن, ثمّ حدث اسم زاهد وعابد ! ثمّ نشأ أقوام تعلّقوا بالزّهد والتعبّد, فتخلّوا عن الدّنيا, وانقطعوا إلى العبادة, واتّخذوا في ذلك طريقة تفرّدوا بها ! وأخلاقا تخلّقوا بها !.."اهـ

والعلاج: هو تربية الأمّة على منهج الوسطيّة، وإظهار مزايا اقتفاء السنّة النّبويّة.

2- الجهل: فلسان قول وحال كثِيرٍ من النّاس هو: نحن لا نتجاوز الحدّ رغبة عن السنّة، ولكنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم اقتصر على ما ثبت عنه لأنّه مغفور الذّنب، وإمام الخلق ... الخ

وهذه الشّبهة قد أزالها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من صدور أصحابه الكرام، وعالج قلوب من علِقت بها، ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:

كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذَا أَمرهم، أَمَرهُم من الأعمال بما يُطِيقُون، قالوا: إِنَّا لسنا كهيئتك يا رسول الله ! إِنَّ اللهَ قد غَفَر لكَ مَا تقدَّمَ مِنْ ذنْبِك وما تأخَّر ! فيغْضَبُ حتَّى يُعْرَف الغضبُ في وجهه، ثمَّ يقولُ: (( إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمُكُمْ بِاللهِ: أنا )).

وكان صلّى الله عليه وسلّم لا يُقِرّ أحدا على مخالفة سنّته، فقد روى البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال: بَيْنَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يَخْطُبُ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ )).

وجرى على ذلك الصّحابة الّذين كانوا فِعلاً أمنةً للأمّة، ومن تطبيقاتهم رضي الله عنهم لهذا الأصل:

- ما رواه عبد الرزّاق في " المصنّف " عن ابن عمر رضي الله عنه أنّه رأى رجلا يُصلِّي بعد طلوع الفجر، وهو يكثر الصّلاة، فحَصَبه ابن عمر رضي الله عنه ونهاه، فقال له الرّجل: أترى الله يُعذِّبني على كثرة الصّلاة ؟ فقال: لاَ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُكَ عَلَى خِلاَفِ السُنَّةِ.

- وروى التّرمذي عن نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ! قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَأَنَا أَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَلَيْسَ هَكَذَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، عَلَّمَنَا أَنْ نَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

- وهذا ابنُ مسعود رضي الله عنه يُخبر عن أقوام جلسوا بالمسجد حلقًا، وبين أيديهم حصًى يسبّحون بها ويُهلّلون، فيقف عليهم قائلا مغضباً:

مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ ؟

قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ! حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ، وَالتَّهْلِيلَ، وَالتَّسْبِيحَ.

قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ ! فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ ! وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ! مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ ! هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صلّى الله عليه وسلّم مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ، أَوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ !

قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ! مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ !

قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم حَدَّثَنَا:

(( أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَايْمُ اللَّهِ، مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ )). ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ..

قال ابن الجوزيّ رحمه الله:

" وكان أصل تلبيسه عليهم أنّه صدّهم عن العلم، وأراهم أنّ المقصود العمل، فلمّا أُطْفِئَ مصباحُ العلم عندهم تخبّطوا في الظّلمات "اهـ.

العلاج: هو سدّ منافذ البدع، وتعليم الأمّة خطأ تقسيم البدعة إلى حسنة وسيّئة، فـ (( كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ )) وإن رآها النّاس حسنة.

وتربية النّشء على الاستغناء بالسنّة، وتعليمهم أصولها، مثل: ( كمال الدّين )، و( شموليّة السنّة )، ونحو ذلك.

ويلحق بعامل الجهل:

3- انتشار الأحاديث الموضوعة والمنكرة.

فقد ظهر في المجتمع الإسلاميّ من يُسمَّون بالقُصّاص، وهم طائفة يتتبّعون قصص الماضِين، وخصوصا ما ينقل عن بني إسرائيل.

فكان أكثرهم لا يتحرّون الصّواب، ولا يحترزون من الخطأ لقلّة علمهم.

وقد روى الطّبرانيّ في " الكبير "، وأبو نعيم في " الحلية " عن خبّاب رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا هَلَكُوا قَصُّوا )) [" الصّحيحة "(1681)]، أي: اهتمّ وُعّاظُهم بالقصص والحكايات، دون الفقه والعلم النّافع الذي يُعرّف النّاسَ بدينهم، فيحملهم ذلك على العمل الصّالح.

العلاج: لا ينبغي لولاة الأمر أن يعيّنوا كلّ من هبّ ودبّ فيسمحوا للجُهّال بالتصدّر لوعظ النّاس، فإنّهم بلا شكّ سيفسدون أكثر ممّا يُصلحون، والجاهل يعمل في الأمّة ما لا يعمله العدوّ.

لذلك روى أبو داود وغيره عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( لَا يَقُصُّ إِلَّا أَمِيرٌ، أَوْ مَأْمُورٌ، أَوْ مُخْتَالٌ )).

4- حركة التّرجمة والنّظر في كتب الملل المنحرفة.

فيوم دعا المأمون وكان مولَعاً بالاطّلاع على الكتب إلى ترجمة كتب اليونان والفرس والهند، واطّلع أهل الإسلام على ما لدى القوم من انحرافات وشطحات، حدثت بين المشتغلين بالعلوم ومصادر الوحي فجوة عميقة، ووقع كثير منهم في هُوةٍ سحيقة؛ فزُرعت في الأمّة أشواك علم الكلام، وحسك فلسفة الهنود واليونان، فحصدت من المفاسد في باب العقائد والإيمان ما لا يعلمه إلاّ الله.

وقد سبق أن نقلنا كلام أبي الرّيحان البيروني من كتابه " تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة ", ةقد نسب التصوّف إلى (صوفيا) اليونانية، ومعناها: الحكمة, وملخّص كلامَه:

( إن قدماء اليونان أي: الحكماء السّبعة مثل: سولن الأثيني، وطاليس المالطي، كانوا يعتقدون قبل تهذيب الفلسفة بعقيدة الهنود بأنّ الأشياء إنّما هي شيء واحد ! وكانوا يقولون: ليس للإنسان فضلٌ على الجماد والنّبات إلاّ بسبب القرب إلى العلّة الأوّلية في الرتبة ! وكان بعضهم يعتقد أنّ الوجود الحقيقيّ هو العلّة الأولى نفسها؛ لأنّها غنيّة بذاتها، وما سواها محتاج في الوجود إلى الغير، فوجودها في حكم الخيال، والحقّ هو الواحد الأوّل فقط !

ويقول بعد تفصيل ذلك: وهذا رأي الصّوفية وهم: الحكماء, فإنّ ( صوف ) باليونانية ( الحكمة ) وبها سمي الفيلسوف ( بيلا سوبا ) أي محب الحكمة )[1].

العلاج: ترسيخ عقيدة ( الاستغناء بالوحي ) في قلوب الأمّة:

فالله تعالى قد أتمّ علينا منّته، وأسبغ علينا نعمته، بأن اصطفى لنا هذا الدّين وأتمّه فقال:{الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة: من الآية3]..

لذلك روى الإمام أحمد والدّارمي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَتَى النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ، وفي رواية - بنسخة من التّوراة - فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فَغَضِبَ، فَقَالَ: (( أَمُتَهَوِّكُونَ[2] فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى عليه السّلام كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي )).

هذا حكم من نظر في التّوراة الّتي جاء بها موسى عليه السّلام ! والّتي يُعدّ الإيمان بها من أركان الإيمان ! يُلام عمر الفاروق من أجل النّظر فيها ! عمرُ الّذي قال فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَفْرَقُ مِنْكَ يَا عُمَرُ )) ! فكيف بغير التّوراة ؟! وكيف إذا كان النّاظر فيها غير عمر رضي الله عنه ؟!

5- انفتاح الدّنيا على النّاس: فإنّ التطرّف لا يقود إلاّ إلى التطرّف.

فمن أسباب ظهور الطبقة الّتي تسمَّت بـ( العُبّاد والزهّاد ) في القرن الثّاني الهجري هو: إقبال النّاس وتكالبهم على الدّنيا, فكان ردّ فعل بعض الصّالحين هو: البعد التامّ عنها.

ومن هؤلاء العباد في المدينة: عامر بن عبد الله بن الزّبير، الّذي كان يواصل الصّوم ! فيقول والده رضي الله عنه: رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ولم يكونا هكذا.

ومنهم صفوان بن سليم، الّذي كان يصلّي على السّطح في اللّيلة الباردة لئلاّ يصاب بالنّعاس ! بل نقلوا عنه أنّه أعطى الله عزّ وجلّ عهداً أن لا يضع جنبه على فراش حتّى يلحق بربّه !

وبالبصرة: طلق بن حبيب العنزيّ, وعطاء السّلمي.

وبالكوفة: داود الطّائي، والأسود بن يزيد بن قيس الّذي كان يجهد نفسه في الصوم والعبادة حتى يصفرَّ جسمه.

ومنهم كرز بن وبر الحارثي نزيل جرجان، وغيرهم.

فهؤلاء كانوا على بداية خطّ الانحراف، ومرّت الأيّام، وجرّت معها الشّهور والأعوام، حتّى أصبح الخطأ لديهم صوابا.

يقول ابن الجوزيّ رحمه الله:

" ثمّ جاء أقوام فتكلّموا لهم في الجوع، والفقر، والوسواس، والخطرات، وصنّفوا في ذلك، مثل: الحارث المحاسبيّ ...".

العلاج: تربية الأمّة على الجانب الرّوحي في الإسلام، وذلك عن طريق التّزكية بالقرآن والسنّة الصّحيحة، وتراجم الصّحابة والتّابعين لهم بإحسان، حتّى لا يطْغَى الجانب المادّي على الجانب الرّوحيّ، ومن ثمَّ لا يحدُ العكس.

6- اتّباع الهوى: فنهاية التّصوّف طريق إلى استحلال المحرّمات، والإغراق في الشّهوات.

وسيأتي توضيح ذلك في فصل خاصّ إن شاء الله تعالى، فما أسعدَ العاصي وهو يقترف الكبائر أن يقال له: إنّ على طاعة وإلى الله سائر !

والعلاج: وَعظُ ودعوة النّاس إلى تقوى الله تبارك وتعالى، فالمواعظ سياط القلوب، تقودها إلى علاّم الغيوب.

ومن لم يزعْه القرآن، فخير وازع هو السّلطان.

والله الهادي إلى الصّواب.

[يُتبع إن شاء الله]



[1] " تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة " (ص 16) طبعة ليبزك. نقلا عن " تاريخ التصوّف في الإسلام " ص (67 , 68) للدّكتور قاسم غنيّ، ترجمه إلى العربيّة: صادق نشأت.

[2] متهوّكون، أي: متحيرون ومتردّدون.

أخر تعديل في الأربعاء 28 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 02 فيفري 2011 19:40

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.