أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الاثنين 27 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 31 جانفي 2011 11:00

- الآداب الشّرعيّة (15) الأدبُ مع العلماءِ.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الّذين اصطفى، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ور فع ذكرهم في الأرض والسّماء، فهم أئمّة الهدى، ومصابيح الدّجى.

لذلك كان الأدب معهم من أعظم القُرُبات، وتعظيمهم من تعظيم الحرمات، قال الله تعالى:{وَمَن يُعَظِّم حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ}.

ومن مظاهر الأدب مع العلماء:

1- حبّهم: فهم ورثة الأنبياء، وسادة الأتقياء، قال ابن المبارك رحمه الله: ( كن عالما أو متعلّما، أو محبّا لهما، ولا تكن الرّابع فتهلك ).

وصدق رحمه الله تعالى، وكأنّه استنبط ذلك من الحديث الّذي رواه التّرمذي بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ ما فِيهَا، إلاَّ ذِكرَ الله تَعَالى، وَمَا والاهُ، وَعَالِماً، أوْ مُتَعَلماً )).

وقد قرّر أهل الحكمة والحلم، أنّه لا يُنال السّؤدد ولا العزّ إلاّ بالعلم، لذلك رفع الله قدر الأنبياء والعلماء، فكانوا في درجاتٍ ما بينها كما بين الأرض والسّماء، فمن أخذوا علمهم ورثوا ما عندهم، ومن أحبّوهم رُضِخَ لهم، إلاّ من آذاهم وجعل عرضهم فيئا، فـ: (( لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا )).. فمحبّ أهل العلم مرحوم محبوب، ومبغضهم محروم محجوب.

وكيف لا يحبُّ المسلم من أحبّه الحوت في البحر، والنّملة في الجحر حتّى استغفروا له ؟! قال صلّى الله عليه وسلّم: (( وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ )) [رواه أبو داود والتّرمذي].

2-توقيرهم واحترامهم:

فما فضّل الله تعالى آدم عليه السّلام على ملائكته الكرام، إلاّ بالعلم، قال عزّ وجلّ:{وَعَلّمَ آدَمَ الأَسمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُم عَلَى المَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسمَاءِ هَؤُلاَءِ إِن كُنتُم صَادِقِينَ}، فلمّا عجزت الملائكة، نادى الله تعالى آدم نداء تعظيم وتشريف:{قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئهُم بِأَسمَائِهِم}، فكان جزاء العلم أن قال الله عزّ وجلّ:{وَإِذ قُلنَا لِلمَلاَئِكَةِ اسجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا}، فوالله ما كانت خيبة إبليس إلاّ من تركه لهذا الأدب، فكان من الملعونين إلى أبد الآبدين.

وقد روى الإمام أحمد والحاكم عن عبادة بن الصّامت رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ )).

- ولقد صحّ أنّ زيد بن ثابت رضي الله عنه صلّى على جنازة - وكان حاملا للقرآن -، فرآه ابن عبّاس رضي الله عنهما يريد بغلته، فسارع إليها، وأمسك بالرّكاب ليُعين زيدا على الرّكوب ! فاستحى زيدٌ من تواضع ابن عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - وهو أعلم الصّحابة بكتاب الله -، فقال زيد: " خلّ عنك يا ابن عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم". فقال ابن عبّاس:" هكذا يُفعل بالفقهاء والعلماء ". فقال زيد:" أخرج يدك !"، فأخرجها فقبّلها زيد، وقال:" هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبيّنا ".

- وكان الشّافعي رحمه الله يقول: لقد كنت أصفح الورق صفحا رقيقا لطيفا ومالكٌ بين يديّ؛ خشية أن يسمع وَقْعَه !

وكان رحمه الله لكثرة تواضعه للعلماء يُلام، فيقول:

( أهين لهم نفسي فيُكرمونها *** فلن تُكرم النّفس التي لا تهينها )

- ولصدقه في ذلك رحمه الله، سخّر الله له أمّة بأكملها تُجلّه وتُعظّمه، وتعرف له قدره، حتّى قال الرّبيع بن سليمان المرادي: والله ما اجترأت أن أشرب الماء، والشّافعي ينظر، هيبة له. ["الآداب الشّرعيّة " لابن مفلح (1/226)].

- وهذا إمام الدّنيا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: كان أدبه مع شيوخه فوق الوصف، يذكر الذّهبي رحمه الله عن أحمد بن سعيد الرّباطي قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول:" أخذنا هذا العلم بالذلّ، فلا ندفعه إلاّ بالذّلّ " [" السّير " (11/231)].

وقال رحمه الله:" لزمت هشيما أربع سنين أو خمسا، ما سألته عن شيء إلاّ مرّتين، هيبةً له " [" السّير " (8/290)].

وقال قتيبة بن سعيد:" قدمت بغداد وما كانت لي همّة إلاّ أن ألقى أحمد بن حنبل، فإذا هو قد جاءني مع يحيى بن معين فتذاكرنا، فقام أحمد بن حنبل وجلس بين يديّ وقال:أَمْلِ عليّ، فقلت:اجلس مكانك. فقال:لا تشتغل بي، إنّما أريد أن آخذ العلم على وجهه " [" مناقب الإمام أحمد " (ص82-83)].

وقال خلف بن الوليد: جاءني أحمد بن حنبل يسمع حديث أبي عوانة، فاجتهدت أن أرفعه فأبى، وقال:لا أجلس إلاّ بين يديك، أُمِرنا أن نتواضع لمن نتعلّم منه " [" الجامع لأخلاق الراوي وآداب السّامع " ص (474)].

- وهذا الإمام مسلم رحمه الله: يقول محمد بن حمدون بن رستم: دخل مسلم على البخاري، فقال: دعني أقبّل رجليك يا أستاذ الأستاذين، ويا سيّد المحدّثين، ويا طبيب الحديث في علله ".

- ودخل شيخ الإسلام أبو إسحاق إبراهيم الحربيّ، فبادر محمّد بن يوسف القاضي إلى نعله، فأخذهما فمسحهما من الغبار، فدعا له وقال: أعزّك الله في الدّنيا والآخرة. فلمّا توفّي محمّد بن يوسف، رُئِيَ في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك ؟ فقال: أعزّني الله في الدّنيا والآخرة بدعوة الرّجل الصّالح.

هذه صور مشرقة، وصفحات رائقة من صفحات سلف هذه الأمّة، وكيف كانوا يعظّمون ويوقّرون العلماء، وذلك ما زادهم إلاّ عزّا وتوفيقا، قال عبد الله بن المعتز رحمه الله:" المتواضع في طلاّب العلم أكثرهم علماً، كما أنّ المكان المنخفض أكثر البقاع ماء ".

ذلك، لأنّهم امتثلوا قول الله تعالى:{وَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}، وأوّل باب تحصيل العلم هو توقير العلماء كما يوقّر الآباء.

روى الحافظ ابن عبد البرّ عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال:" ذللت طالبا، فعززت مطلوبا " [" جامع بيان العلم " (231)].

3- ذكرهم بالجميل:

سواء مع الأموات منهم رحمهم الله، ومع الأحياء، وسواء طلب على أيديهم العلم أم لم يطلبه عليهم.

قال الإمام الطّحاوي رحمه الله تعالى وهو يبيّن عقيدة السّلف الصّالح رحمة الله عليهم أجمعين:" وعلماء السّلف من السّابقين، ومن بعدهم من التّابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنّظر، لا يُذكرون إلاّ بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير سبيل ". أي ضلّ عن سبيل المؤمنين الذي أوعد الله تعالى الحائد عنه قائلا:{نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً}.

فينبغي للمسلمين عامّة، وطلاّب العلم خاصّة، أن يحفظوا هذا الحقّ لهم، وإذا ذكروهم في مجالسهم أن يذكروهم بالجميل، لأنّه إذا كان حفظُ عرض المسلم الّذي هو من عامّة المسلمين فريضةً ينبغي حفظها، فكيف بالعلماء ؟!

وبمجرّد ما تحسّ من جليسك أنّه يريد أن ينتقص عالما، ففِرّ بدينك قبل أن يسلبك شيئا من حسناتك، وانج بنفسك لأنّه قد أعلن الحرب على نفسه: (( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ )).

وإذا لم يَغَرْ المسلم لله على العلماء، فعلى من يغار ؟! فهم صفوة الله وأحبّاؤه، وخيرة خلقه وأولياؤه.

4- ذكرهم بالإجلال والتّعظيم:

فتذكره بالعلم، والإمامة، وتشرّفه وتكرّمه، تقول:" قال الإمام رحمه الله، وقال الشّيخ، وتميّزه عند ذكره عن عامّة النّاس بهذه الألقاب، فإنّ الله أدّب أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال:{لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً}، والعلماء ورثة الأنبياء، فلا يقال: قال فلان وفلان ... يذكره باسمه مجرّدا !

5- الاعتناء بردّ الجميل لهم:

فمن نحن لولا الله عزّ وجلّ، ثمّ عِلْمُ هؤلاء العلماء ؟!

من نحن لولا الله تعالى، ثمّ هؤلاء الأئمّة الّذين فسّروا لنا كتاب الله، وبيّنوا لنا أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ؟

وقفوا عند كلّ كلمة من كتاب الله، وسنّة نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم، فبيّنوا حلالها وحرامها، وأوضحوا ناسخها ومنسوخها، وفصّلوا حدودها ومحارمها، فرحمة الله عليهم أحياء وأمواتا، ونسأل الله ربّ العرش الكريم أن يُسبغ عليهم شآبيب الرّحمات، وأن يوجب لهم علوّ الدّرجات، وأن يجمعنا بهم في رياض الجنّات.

فينبغي للمسلم إذا قرأ كتابا، أو استمع إلى كلام عالم أن يترحّم عليه ويدعو له، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( مَنْ صَنَعَ لَكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا فَادْعُوا لَهُ )) [رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما].

تمرّ عليك المسألة في الأحكام، ويمرّ عليك حديث من أحاديث المصطفى عليه الصّلاة والسّلام، لا تدري أهو صحيح أم ضعيف ؟! ثمّ لا تدري ما المراد منه ؟! أهو عامّ أم خاصّ !؟ أهو مطلق أم مقيّد ؟! فإذا وقفت أمام كلام العالم، أدركت حقيقة المراد، فما تملك إذا اطّلعت على هذا الخير إلاّ أن تقول: رحمة الله على فلان !

6- نشر فضلهم بين الأحياء:

وهذا من أوكد حقوق لعلماء، لأنّ فيه ربطا للنّاس بعلمائهم، وتعريفا لهم بأمجادهم، وهذا له صور متعدّدة:

أ‌) مطالعة سيرهم، ونشأتهم، ومعرفة مؤلّفاتهم، ورحلاتهم في طلب العلم، حتّى إنّ بعض المشايخ كان يذكر لنا دائما أنّ من الأمور الّتي ينبغي لطالب العلم معرفتها والاعتناء بها: تاريخ ولادتهم ووفاتهم.

وهذا الأدب أصبح اليوم آكد من أيّ وقت آخر، في زمن عُظّم فيه السّفهاء والماجنون، والبلهاء واللاّعبون.

ب‌) نسبة العلم إليهم: فإذا قرأت فائدة، أو نقلت علما نبّه عليه إمام من أئمة الدّين، كان من الحقّ له عليك أن تُنوّه بفضله في ذلك، فتقول: كما قرّره شيخ الإسلام فلان، وكما بيّنه الحافظ فلان، ولا توهم النّاس أنّ الفضل - بعد الله لك وحدك ! وإنّما عليك أن تُنصفهم، وتذكر مآثرهم، وتبيّن فضلهم.

هذا ما يعرّف النّاس قدر العلماء، ويجعلهم يدركون فضلهم، ويغارون عليهم من أن يُنتقص قدرهم، وأن تهان مكانتهم.

ومن حقوقهم: الاعتذار لهم في الأخطاء.

وهذا ما سوف نراه إن شاء الله تعالى لاحقا.

أخر تعديل في الأربعاء 28 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 02 فيفري 2011 19:16

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.