أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الثلاثاء 27 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 01 فيفري 2011 23:08

- شرح الأسماء الحسنى (26) ثمرات الإيمان بصفة الرّحمة 2

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد رأينا من ثمرات الإيمان بالاسمين الكريمين ( الرّحمن الرّحيم )، وإثبات صفة الرّحمة للمولى تبارك وتعالى: تحقيق محبّة الله عزّ وجلّ، وتحقيق الرّجاء فيه تعالى والطّمع في عفوه وكرمه، وحسن الظنّ به سبحانه، وتعظيم التألّي عليه. ومنها أيضا:

- الثّمرة الخامسة: التماس الرّحمة وطلبها:

فإنّه إذا علم العبد سعة رحمة ربّه عزّ وجلّ كان عليه أن يسارع إليها، ويقبل عليها، ويطرق أبوابها، ويطلب أسبابها، ومن هذه الأسباب:

1- تقوى الله عزّ وجلّ وطاعته:

فإنّ رحمة الله نوعان: رحمة عامّة شملت الخلق جميعهم، مؤمنهم وكافرهم، مطيعهم وفاجرهم، آدميّهم وإنسهم ودوابّهم، فما من شيء إلاّ وهو يتقلّب في رحمة الله تعالى.

وهناك الرّحمة الخاصّة، فلا ينالها إلاّ المؤمنون الطّائعون، قال تعالى:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)} [الأعراف]، وقال جلّ جلاله:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)} [آل عمران]، وقال: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)} [الأنعام]، وقال:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)} [النّور]، وقال:{ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} [الأعراف]، وغير ذلك من الآيات.

وتقوى الله عزّ وجلّ هي: فعل ما أمر، وترك ما نهى عنه وزجر، والصّبر على ما قدّره من المصائب، والتّوبة من الذّنوب والمعايب.

2- الدّعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر:

قال عزّ وجلّ:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)} [التّوبة].

ومن الأمور الّتي يلتمس بها رحمة الله:

3- الاتّصاف بالرّحمة:

فإنّ الاتّصاف بالرّحمة هو أحد وجوه تعبّد الله بأسمائه وصفاته، والرّحمة بالخلق من الأخلاق العظيمة الّتي حضّ الله تعالى على الاتّصاف بها، ولقد مدح سيّد الخلق صلّى الله عليه وسلّم بذلك فقال:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران من الآية: 159]، وقال:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء], وقال:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التّوبة]، ومن أسمائه صلّى الله عليه وسلّم: (( نَبِيُّ الرَّحْمَةِ )) كما في صحيح مسلم عن أبي موسى رضي الله عنه.

ومدح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر رضي الله عنه لاتّصافه بذلك، فقد روى الإمام أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه)).

فكان الجزاء من جنس العمل، فقد روى البخاري ومسلم عن أسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنه قال عن يوم توفّيت ابنة زينب: فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم الصَّبِيُّ .. فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدُ بن عُبادة رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا ؟ فَقَالَ: (( هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ )).

وفي الصّحيحين عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الْأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا ! فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ثُمَّ قَالَ: (( مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ )).

وروى أبو داود والتّرمذي عن عبدِ اللهِ بن عمْرٍو رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ-وفي لفظ التّرمذي:مَنْ فِي الْأَرْضِ- يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ )).

وانظر إلى من ذلك الّذي رحم كلباً أهلكه الظّمأ، كيف رحمه الله تعالى، فكيف بمن رحم بشرا ؟ كيف بمن رحم مؤمنا ؟

4- مجالس الذّكر: ففي صحيح مسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ )).

5- التماس الرّحمة حيث دعا بها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

فإنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أكرم العباد على الله، والدّعاء أكرم عبادة على الله، والمدعوّ هو أكرم الأكرمين، وأرحم الرّاحمين، لذلك كان دعاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أنفع ما يناله العبد، ولقد سجّلت لنا دواوين السنّة كيف كان الصّحابة يسألونه الدّعاء، فيدعو لبعضهم فيناله خير الدّنيا والآخرة.

وأهمّ أدعيته صلّى الله عليه وسلّم الّتي تنال أمّته دعاؤه لهم بالرّحمة، وقد عَلِم عِلْمَ اليقين فضلَ دعاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالرّحمة طائفتان:

الطّائفة الأولى: أهل الكتاب، فقد روى أبو داود والتّرمذي وغيرهما بسند صحيح عن أبي موسَى رضي الله عنه قال: كَانَتْ الْيَهُودُ تَعَاطَسُ [أي: تتعمّد وتتظاهر بالعُطاس] عِنْدَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ لَهَا: يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ، فَكَانَ يَقُولُ: (( يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ )).

الطّائفة الثّانية: الصّحابة رضي الله عنهم، لذلك لا ترى أحدهم يسمع بهذا الدّعاء إلاّ جاد بكلّ ما لديه، وأغلى ما بيديه:

فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَنِي الْجَهْدُ، فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا رَجُلٌ يُضَيِّفُهُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ ؟)).

فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: ضَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ! لَا تَدَّخِرِيهِ شَيْئًا.

قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدِي إِلَّا قُوتُ الصِّبْيَةِ ! قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ الصِّبْيَةُ الْعَشَاءَ فَنَوِّمِيهِمْ- وفي رواية: فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ، فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئْ السِّرَاجَ وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ- وَنَطْوِي بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ.

قَالَ: فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ، ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: (( قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ )) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}.

وهذا يجود بنفسه، قال ابن مسعود رضي الله عنه: لَمَّا خَالَفَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم وَعَصَوْا مَا أُمِرُوا بِهِ- أي:يوم أحد-كما في صحيح مسلم ومسند أحمد واللّفظ له-: أُفْرِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي سَبْعَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ عَاشِرُهُمْ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ[1]، قَالَ: (( رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا رَدَّهُمْ عَنَّا )) فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِن فَقَاتَلَ سَاعَةً حَتَّى قُتِلَ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ أَيْضًا قَالَ: (( يَرْحَمُ اللَّهُ رَجُلًا رَدَّهُمْ عَنَّا )) فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَا حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ.

ذلك لأنّهم علموا معنى رحمة الباري سبحانه، وسعتها، وعظمتها.

وإنّ ثمّة أعمالا يسيرة قد دعا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالرّحمة لمن قام وحرص عليها، منها:

6- صلاة أربع قبل العصر: 

فقد روى أبو داود والتّرمذي عن ابنِ عمَرَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا )).

وتصلّى أربعا بتسليمة واحدة يتشهّد بين الرّكعتين، ففي سنن التّرمذي ومسند الإمام أحمد عن عليٍّ رضي الله عنه قال:

كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ.

قال في " عون المعبود ": " والأحاديث المذكورة تدل على استحباب أربع ركعات قبل العصر، والدعاء منه صلّى الله عليه وسلّم بالرّحمة لمن فعل ذلك "اهـ.

7- إيقاظ الأهل لصلاة اللّيل:

ففي سنن أبي داود والنّسائي عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ. رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ )).

8- السّماحة في المعاملة:

فقد روى البخاري عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى )).

وأثر هذه الرّحمة هو ما جاء في صحيح مسلم أنّه: أُتِيَ اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَقَالَ لَهُ: ( مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا ؟)-قَالَ:{وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}- قَالَ: يَا رَبِّ ! آتَيْتَنِي مَالَكَ، فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ، فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ. فَقَالَ اللَّهُ: ( أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي ! ).

9- السّكوت إلاّ عن خير:

فقد روى القضاعيّ في " مسنده "، وابن المبارك في " الزّهد " وحسّنه الألباني في " الصّحيحة " عن خالدِ بن عمرانَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم أَمْسَكَ لِسَانَهُ طَوِيلاً، ثُمَّ أَرْسَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: (( أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ هَذَا؛ رَحِمَ اللهُ عَبْداً قَالَ خَيْراً فَغَنِمَ، أَوْ سَكَتَ عَنْ سُوءٍ فَسَلِمَ )).

10- حلق الشّعر في الحجّ أو العمرة:

روى البخاري ومسلم عن عبدِ اللهِ رضي الله عنه قال: حَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَحَلَقَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ )) مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: (( وَالْمُقَصِّرِينَ )).

11- صلة الرّحم:

وإنّ الله تعالى سمّاها الرّحم ووضع هذه العُلقة والقرابة ليتراحم النّاس بها، فمن ضيّعها فقد حجّر من رحمة الله تعالى.

ولقد روى الإمام أحمد عن عبد الرّحمَنِ بن عوفٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ:

(( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا الرَّحْمَنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ، وَشَقَقْتُ لَهَا مِنْ اسْمِي اسْمًا، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ )).

ولذلك تسمّى الله تعالى بأسماء أخرى عديدة كلّها تدلّ على رحمته الواسعة، منها: الرّؤوف.

وهذا ما سوف نراه لاحقا إن شاء الله تعالى.



[1] قال النّووي رحمه الله:" هُوَ بِكَسْرِ الْهَاء، أَيْ : غَشُوهُ وَقَرُبُوا مِنْهُ، أَرْهَقَهُ أَيْ غَشِيَهُ، قَالَ صَاحِب الْأَفْعَال: رَهِقْته وَأَرْهَقْته، أَيْ: أَدْرَكْته، قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِق: قِيلَ: لَا يُسْتَعْمَل ذَلِكَ إِلَّا فِي الْمَكْرُوه، قَالَ: وَقَالَ ثَابِت: كُلّ شَيْء دَنَوْت مِنْهُ فَقَدْ رَهِقْته، وَاَللَّه أَعْلَم.

أخر تعديل في الأحد 27 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 01 ماي 2011 21:54

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.