أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الأربعاء 28 محرم 1434 هـ الموافق لـ: 12 ديسمبر 2012 12:00

- لا صَـفَـر

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد روى البخاري ومسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ، وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنْ الْأَسَدِ )).

وهذا الحديث يتطرّق إليه العلماء في أبواب متعدّدة من أبواب الفقه، والعقيدة، ومشكل الحديث، وغير ذلك، وسنسلّط الضّوء ابتِداءً على ما يتعلّق بشهر صفر، ثمّ نشرح ألفاظ بقيّة الحديث إتماما للفائدة إن شاء الله.

المبحث الأوّل: معنى قوله: ( لاَ صَفَرَ ).

اختلف العلماء في معناه، على أقوال ثلاثة مشهورة:

1- أنّه مرض، قال البخاري رحمه الله في " صحيحه ": ( بَاب " لَا صَفَرَ " وهو داءٌ يأخذُ البطنَ ).

2- أنّها حيّة، فقد نقل أبو عبيدة معمر بن المثنّى في " غريب الحديث " له عن يونس بن عبيد الجرمي، أنّه سأل رؤبة بن العجّاج فقال: هي حيّة تكون في البطن تصيب الماشية والنّاس, وهي أعدى من الجرب عند العرب.

قال الحافظ رحمه الله:" فعلى هذا، فالمراد بنفي الصّفر: ما كانوا يعتقدونه فيه من العدوى "اهـ.

3- أنّ المراد به شهر صفر, وذلك أنّ العرب كانت تحرّم صفر، وتستحلّ الحُرُم، كما هو معروف في النّسيء, فجاء الإسلام بردّ ما كانوا يفعلونه من ذلك، وأنّ صَفر ليس من الأشهر الحرم؛ قال صلّى الله عليه وسلّم: ( لاَ صَفَرَ ).

قال ابن بطّال رحمه الله: وهذا القول مرويّ عن مالك.

فعلى قول من فسّره بشهر "صفر" وهو المشهور فلماذا سمّي بهذا الاسم ؟

ملخّص ما جاء في " لسان العرب " أنّ ( صفرا ) هو الشّهر الذي بعد المحرّم، وسمّي بذلك:

- إمّا لأنّهم كانوا يجمعون ويدّخرون فيه الطّعام، لأنّهم صفروا من الطّعام، أي: فقدوه، تقول العرب: صَفَرَ الإناءُ: إذا خلا من الطّعام، ومنه سمّي الصِّفر صِفرا.

- وقال بعضهم: سمّي بذلك لإصفار مكّة من أهلها إذا سافروا.

- وروي عن رؤبة أنّه قال: سمّوا الشّهر صفرا؛ لأنّهم كانوا يغزون فيه القبائل، فيتركون من لقُوا صفرا من المتاع، وذلك لأنّ صَفَراً بعد المحرّم الذي حُرّم فيه القتال، فقالوا: صفر النّاس منّا صفرا .اهـ

ولذلك كان العرب يتشاءمون به، وبعضهم كان يسمّيه (صَفَر الخير) تفاؤلا، ولا ريب أنّها لوثة جاهليّة.

[انظر:" معجم المناهي اللّفظية "(340)].

وقال العلاّمة الطّاهر بن عاشور رحمه الله:

" ومن الضّلالات التي اعتقدها العرب: اعتقاد أنّ شهر صفر شهر مشؤوم، وأصل هذا الاعتقاد نشأ من استخراج معنى ممّا يقارن هذا الشّهر من الأحوال في الغالب عندهم، وهو: ما يكثر فيه من الرّزايا بالقتال والقتل؛ ذلك أنّ شهر صفر يقع بعد ثلاثة أشهر حرم نسقا، وهي ذو القَعدة وذو الحجّة والمحرّم، وكأنّ العرب يتجنّبون القتال والقتل في الأشهر الحرم، لأنّها أشهر أمن، قال تعالى:{جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ} [المائدة:من الآية97]. فكانوا يقضون الأشهر الحرم على إِحَنٍ من تطلّب الثّارات والغزوات، وتشتّت حاجتهم في تلك الأشهر.

فإذا جاء صـفـر بادر كلّ من في نفسه حنقٌ على عدوّه فثاوره، فيكثر القتل والقتال ! ولذلك قيل: إنّه سمّي " صـفـرا " لأنّهم كانوا يغزون فيه القبائل، فيتركون من لقوه صفرا من المتاع والمال، أي: خلوا منهما..

ولذلك كان من يريد العمرة منهم لا يعتمر في صفر إذ لا يأمن على نفسه، فكان من قواعدهم في العمرة أن يقولوا:" إذا برأ الدّبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلّت العمرة لمن اعتمر".

وقد شاع بين المسلمين أن يصِفوا شهر صفر بقولهم: صفر الخير !

فلا أدري: هل أرادوا به الردّعلى من يتشاءم به ؟ أو أرادوا التّفاؤل لتلطيف شرّه، كما يقال للملدوغ: السّليم ؟ وأيّا ما كان، فذلك الوصف مؤذنٌ بتأصّل عقيدة التّشاؤم بهذا الشّهر عندهم.

بل بالغ بعضهم فنسبوا إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما لم يقلْه في فضل هذا الشّهر، من ذلك حديث: ( مَنْ بَشَّرَنِي بِدُخُولِ صَفَر، بَشَّرْتُهُ بِالجَنَّةِ )، وهو حديث لا أصل له.

[انظر: "الفوائد المجموعة"(1258)، "كشف الخفاء" (2418)، "اللؤلؤ المرصوع" (544)].

المبحث الثّاني: في دفع مشكل الحديث.

صدر هذا الحديث ينفِي العَدْوى، حيث قال صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ عَدْوَى ))، وظاهر آخر الحديث يثبتها، حيث قال صلّى الله عليه وسلّم: (( وَفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ )).

ويؤيّد أوّل الحديث - وهو ما ينفي العدوى - ما رواه البخاري ومسلم أيضا أنّ أبا هريرةَ رضي الله عنه قال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( لَا عَدْوَى، وَلَا صَفَرَ، وَلَا هَامَةَ )) فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَمَا بَالُ إِبِلِي تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيَأْتِي الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيُجْرِبُهَا ؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: (( فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ ؟ )).

ويؤيّد آخر الحديث - وهو ما يُثبت العدوى - ما رواه البخاري ومسلم كذلك عن أَبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ )).

والجواب المرتضى إن شاء الله في هذه المسألة أن يقال:

إنّ عرب الجاهليّة كانوا يعتقدون أنّ الأشياء مؤثّرةٌ بنفسها، وأنّ العدوى تنتقل بنفسها، فأراد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يصحّح لهم هذا الاعتقاد، وبأنّه ما من شيء إلاّ وهو حادث بإذن اللّه تبارك وتعالى، فقال: (( لاَ عَدْوَى )) أي: الّتي تعتقدونها؛ لذلك قال للأعرابيّ: (( فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ ؟)).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

" وهو جواب في غاية البلاغة والرّشاقة، وحاصله: من أين الجربُ للّذي أعدى بزعمهم ؟

فإن أجيب من بعير آخر، لزم التّسلسل.

أو سبب آخر فليفصح به.

فإن أجيب: بأنّ الّذي فعله في الأوّل هو الذي فعله في الثّاني ثبت المُدَّعى، وهو أنّ الذي فعل بالجميع ذلك هو الخالق القادر على كلّ شيء وهو الله سبحانه وتعالى "اهـ.

ثمّ نقل عن القرطبي رحمه الله قوله:

" وهذه الشّبهة الّتي وقعت للأعرابيّ، هي الّتي وقعت للطّبائعيين أوّلا، وللمعتزلة ثانيا، فقال الطّبائعيّون بتأثير الأشياء بعضها في بعض وإيجادها إيّاها، وسَمَّوا المؤثِّر طبيعة، وقال المعتزلة بنحو ذلك في الحيوانات والمتولّدات، وأنّ قدرتهم مؤثّرة فيها بالإيجاد، وأنّهم خالقون لأفعالهم مستقلّون باختراعها.

واستند الطّائفتان إلى المشاهدة الحسّية، ونسبوا من أنكر ذلك إلى إنكار البديهة، وغلط من قال ذلك منهم غلطا فاحشا.. "اهـ.

فالحاصل: أنّ العدوى لا تثبت بنفسها ولكن بإذن الله عزّ وجلّ، وإنّما أمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم باجتناب المجذوم أخذا بأسباب الخلاص والنّجاة.

المبحث الثّالث معنى الطّيرة.

الطّيرة هي التّشاؤم، والتطيّر: هو أن يردّه عن عمله أمرٌ من الأمور التي يراها، كلباس معيّن، أو رؤيته لشخص معيّن.

واختلفوا في أصل اشتقاقها على قولين:

القول الأوّل: أنّها من " التّطاير " وهو التفرّق والذّهاب، ولمّا كان قدر المرء قد فرّقه الله على العباد بعلم كامل وحكمة بالغة، أطلقت العرب على الحظّ من القدر " طائرا ".

قال أبو عبيد: الطّائر عند العرب: الحظّ، وهو الّذي تسمّيه العرب البخت.

وقال الفرّاء: الطّائر معناه عندهم العمل، وطائر الإنسان عمله الذي قلّده، وحظّه من الخير والشر، وفي حديث أمّ العلاء الأنصاريّة:" اقتسمنا المهاجرين، فطار لنا عثمان بن مظعون "، أي: حصل نصيبنا منهم عثمان؛ فطائر الإنسان: ما حصل له في علم الله مما قدّر له.

ومنه قوله عزّ وجلّ:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}، قيل: حظّه، وقيل: عمله.

القول الثّاني: إنّما قيل للحظّ من الخير والشرّ ( طائر ) لأنّ العرب كان من شأنهم عيافة الطّير وزجرها، فإذا أخذت ذات اليسار تشاءموا، وإذا أخذت ذات اليمين تفاءلوا.

وكانوا يقولون: جرى له الطّائر بكذا من الشرّ على طريق الفأل والطّيرة على مذهبهم في تسمية الشيء بما كان له سببا، فخاطبهم الله بما يستعملون، وأعلمهم أنّ ذلك الأمر الّذي يسمونه بالطائر يلزمهم.

وإنّ الطّيرة لذلك من الشّرك؛ لما رواه الإمام أحمد عن عبد اللهِ بنِ عمْرٍو رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ )) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ ؟ قَالَ: (( أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ )).

المبحث الرّابع: معنى قوله: ( ولا هامة ).

قال الإمام النّووي رحمه الله:

" قال الجزري في" النّهاية ": اسم طائر، وهو المراد في الحديث, وذلك أنّهم كانوا يتشاءمون بها، وهي من طير اللّيل، وقيل هي البومة.

وقيل: كانت العرب تزعم أنّ روح القتيل الّذي لا يدرك بثأره تصير هامة فتقول: اسقوني، فإذا أدرك بثأره طارت.

وقيل: كانوا يزعمون أنّ عظام الميّت - وقيل روحه - تصير هامة، فتطير ويسمّونه الصّدى, فنفاه الإسلام ونهاهم عنه " اهـ.

والله أعلم، وأعزّ وأكرم.

أخر تعديل في الأربعاء 28 محرم 1434 هـ الموافق لـ: 12 ديسمبر 2012 14:16

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.