الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسولِ الله، وعلى آلِه وصحبِه ومن والاه، أمّا بعدُ:
فإنّ سجُودَ التّلاوةِ: سجدةٌ سببُها تلاوةُ أو سماعُ آيةٍ من آياتِ السّجودِ في القرآن.
والصّوابُ أنّ سَجَداتِ التّلاوةِ: 15 موضعاً، اتّفقوا على عشرةٍ منها، واختلفوا في خمسةٍ.
أ) أمّا المتّفقُ عليها:
1- الآيةُ (206) -وهي الأخيرةُ- من سورةِ الأعراف: {إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}.
2- الآيةُ (15) من سورةِ الرّعد: {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}.
3- الآيةُ (50) من سورةِ النّحل: {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50)}.
وقد جاء في «صحيح البخاريّ» أنّ عمرَ ﭬ قرأَها على المِنبرِ يومَ الجُمعة، ثمّ نزلَ فسجد.
4- الآيةُ (109) من سورةِ الإسراء: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109)}.
5- الآيةُ (50) من سورةِ مريم: {... إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً}.
6- الآيةُ (18) من سورةِ الحجّ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ ... إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.
7- الآيةُ (60) من سورةِ الفرقان: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَامُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً}.
8- الآيةُ (26) من سورةِ النّمل: {أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)}.
9- الآيةُ (15) من سورةِ السّجدة: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}.
10- الآيةُ (38) من سورةِ فصّلت: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ... وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ (38)}.
والجمهورُ على السّجودِ عند {لا يَسْأَمُونَ}، والمشهور عند المالكيّة عند {إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}.
ب) أمّا المواضعُ المختلفُ فيها والصّوابُ ثبوتُها:
11- الآيةُ (77) من سورة الحجّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
نعم، إنّه لم يصحّ عن النّبيِّ ﷺ فيها شيءٌ، وهناك حديثٌ رواه أبو داود عن عقبةَ قالَ: أفي الحجّ سجدتان؟ قال: نعم. وهو ضعيف لا يصحّ.
لكن قال به جمعٌ من الصّحابة رضي الله عنهم: عمرَ، وابنِه، وعليٍّ، وابنِ عبّاسٍ، وابنِ مسعودٍ، وأبي موسى، وأبي الدّرداءِ، وعمّارٍ، وجمٍّ غفيرٍ من التّابعين؛ لذلك قال ابن قدامة $: «لا نعرف لهم مخالفاً». [«المغني» (1/443)].
12- الآية (24) من سورةِ (ص): {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}.
وفي «صحيح البخاري» عن ابن عبّاسٍ ﭬ قالَ: «(ص): لَيْسَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَسْجُدُ فِيهَا». وثبت ذلك عنه ﭬ من فعلِه، وعن عثمانَ ﭬ، وغيرِهما.
13- الآية (61) -وهي الأخيرةُ- من سورةِ النّجم: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}.
وثبتَ في الصّحيحين عن ابنِ مسعُودٍ وزيدِ بنِ ثابتٍ رضي الله عنهما أنّ النبيَّ ﷺ سجد عند قراءتِها.
14- الآية (21) من سورة الانشقاقِ: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ}.
ففي «صحيح البخاري» عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ العَتَمَةَ، فَقَرَأَ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، فَسَجَدَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ ﭬ: «سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي القَاسِمِ ﷺ، فَلاَ أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ».
15- الآية (19) -وهي الأخيرة- من سورةِ العلق: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}.
وفي «سنن النّسائيّ الكبرى»، و«مسند الطّيالسيّ» عن أبي هريرة ﭬ قالَ: «سَجَدَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما وَمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمَا ﷺ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، وَ{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}».
تنبيه: قولُك في سؤالك: «الّتي يجِبُ على المصلّي أن يسجُدَ عند تلاوتِها»، فاعلم أنّ سجودَ التّلاوةِ سنّةٌ لها فضلٌ عظيمٌ، وليست بواجبةٍ.
والله تعالى أعلم.
261- مواضعُ سجودِ التّلاوةِ في القرآن.
نصّ السّؤال:
سلامُ الله عليكم ورحمته وبركاته، ووفّقكم الله لكلّ خير.
الرّجاءُ أن تبيّنوا لنا -حفظكم الله- عددَ الآياتِ الّتي يجِبُ على المصلّي أن يسجُدَ عند تلاوتِها، هل هي 14 موضعاً، أو 15 موضعاً؟ وبارك الله فيكم.
نصّ الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسولِ الله، وعلى آلِه وصحبِه ومن والاه، أمّا بعدُ:
فإنّ سجُودَ التّلاوةِ: سجدةٌ سببُها تلاوةُ أو سماعُ آيةٍ من آياتِ السّجودِ في القرآن.
والصّوابُ أنّ سَجَداتِ التّلاوةِ: 15 موضعاً، اتّفقوا على عشرةٍ منها، واختلفوا في خمسةٍ.
أ) أمّا المتّفقُ عليها:
1- الآيةُ (206) -وهي الأخيرةُ- من سورةِ الأعراف: {إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}.
2- الآيةُ (15) من سورةِ الرّعد: {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}.
3- الآيةُ (50) من سورةِ النّحل: {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50)}.
وقد جاء في «صحيح البخاريّ» أنّ عمرَ ﭬ قرأَها على المِنبرِ يومَ الجُمعة، ثمّ نزلَ فسجد.
4- الآيةُ (109) من سورةِ الإسراء: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109)}.
5- الآيةُ (50) من سورةِ مريم: {... إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً}.
6- الآيةُ (18) من سورةِ الحجّ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ ... إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.
7- الآيةُ (60) من سورةِ الفرقان: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَامُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً}.
8- الآيةُ (26) من سورةِ النّمل: {أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)}.
9- الآيةُ (15) من سورةِ السّجدة: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}.
10- الآيةُ (38) من سورةِ فصّلت: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ... وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ (38)}.
والجمهورُ على السّجودِ عند {لا يَسْأَمُونَ}، والمشهور عند المالكيّة عند {إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}.
ب) أمّا المواضعُ المختلفُ فيها والصّوابُ ثبوتُها:
11- الآيةُ (77) من سورة الحجّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
نعم، إنّه لم يصحّ عن النّبيِّ ﷺ فيها شيءٌ، وهناك حديثٌ رواه أبو داود عن عقبةَ قالَ: أفي الحجّ سجدتان؟ قال: نعم. وهو ضعيف لا يصحّ.
لكن قال به جمعٌ من الصّحابة رضي الله عنهم: عمرَ، وابنِه، وعليٍّ، وابنِ عبّاسٍ، وابنِ مسعودٍ، وأبي موسى، وأبي الدّرداءِ، وعمّارٍ، وجمٍّ غفيرٍ من التّابعين؛ لذلك قال ابن قدامة $: «لا نعرف لهم مخالفاً». [«المغني» (1/443)].
12- الآية (24) من سورةِ (ص): {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}.
وفي «صحيح البخاري» عن ابن عبّاسٍ ﭬ قالَ: «(ص): لَيْسَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَسْجُدُ فِيهَا». وثبت ذلك عنه ﭬ من فعلِه، وعن عثمانَ ﭬ، وغيرِهما.
13- الآية (61) -وهي الأخيرةُ- من سورةِ النّجم: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}.
وثبتَ في الصّحيحين عن ابنِ مسعُودٍ وزيدِ بنِ ثابتٍ رضي الله عنهما أنّ النبيَّ ﷺ سجد عند قراءتِها.
14- الآية (21) من سورة الانشقاقِ: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ}.
ففي «صحيح البخاري» عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ العَتَمَةَ، فَقَرَأَ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، فَسَجَدَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ ﭬ: «سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي القَاسِمِ ﷺ، فَلاَ أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ».
15- الآية (19) -وهي الأخيرة- من سورةِ العلق: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}.
وفي «سنن النّسائيّ الكبرى»، و«مسند الطّيالسيّ» عن أبي هريرة ﭬ قالَ: «سَجَدَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما وَمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمَا ﷺ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، وَ{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}».
تنبيه: قولُك في سؤالك: «الّتي يجِبُ على المصلّي أن يسجُدَ عند تلاوتِها»، فاعلم أنّ سجودَ التّلاوةِ سنّةٌ لها فضلٌ عظيمٌ، وليست بواجبةٍ.
والله تعالى أعلم.