الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد، السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمّا الحديث، فصحيح، رواه مسلم عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي إِصْبَعِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ، فَأَوْمَأَ إِلَى الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا. وفي لفظ: .. وأشَارَ إِلَى السَّبَّابَةِ وَالَّتِي تَلِيهَا.
وأرشد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الرّجل إذا اتّخذ خاتما من الفضّة أن يجعله في الخنصِر، فعن أنسٍ رضي الله عنه قال:" كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فِي هَذِهِ " وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصِرِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى [رواه مسلم].
ولكنّ النّهي عن التختّم في الوسطى والسّبابة خاصّ بالرّجال دون النّساء، قال الإمام النّوويّ رحمه الله في " شرح مسلم ":
" وأجمع المسلمون على أنّ السنّة جعلُ خاتم الرّجل في الخنصر، وأمّا المرأة فإنّها تتّخذ خواتيم في الأصابع كلّها ".
وهو الّذي اختاره الحافظ ابن رجب الحنبليّ رحمه الله، ونقله عن الحنابلة في كتابه " أحكام الخواتيم " (ص 94).
ومستنَد الإجماع أمران:
1- أنّ الخطاب موجّه للرّجال، بدليل قول عليّ رضي الله عنه: ( نَهَاني )، ولم يقل ( نهى ) كما جرت العادة.
2- أنّ الأصل في المرأة التزيّن ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، قال تعالى:{ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزّخرف: 18].
قال ابن كثير رحمه الله:
" أي: المرأة ناقصة يكمل نقصها بلبس الحليّ منذ تكون طفلة ... فالأنثى ناقصة الظّاهر والباطن، في الصّورة والمعنى، فيكمل نقص ظاهرها وصورتها بلبسها الحليّ وما في معناه، ليجبر ما فيها من نقص، كما قال بعض شعراء العرب:
وما الحليّ إلاّ زينة من نقيصة *** يُتمّم من حُسنٍ إذا الحُسن قصّرا
وأمّا إذا كان الجمال موفّـرا *** كحُسنك لم يحتج إلى أن يزوّرا "
والله أعلم.