الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد، وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
أمّا صفة العزم في حقّ الله تعالى فقد أثبتها السّلف رحمهم الله، استدلالا بقوله تعالى في قراءة:{فَإِذَا عَزَمْتُ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} [آل عمران: من الآية159]، وهي قراءة جابر بن زيد، وأبي نهيك، وعكرمة، وجعفر بن محمّد رحمهم الله.
[انظر: "الدرّ المنثور" (2/360)، و"المحرّر الوجيز" لابن عطيّة (3/281)، و" مختصر في شواذّ القرآن " لابن خالويه (23)، و" البحر المحيط " لأبي حيّان، و" إعراب القرآن " للنحّاس (1/416) وغيرها].
ويؤيّد ذلك ما رواه مسلم عنْ أمِّ سلمةَ رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ:
(( مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا )). قَالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ؟ ثُمَّ عَزَمَ اللَّهُ لِي فَقُلْتُهَا، قَالَتْ: فَأَخْلَفَ اللهُ لِي خَيْرًا مِنْهُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم.
وقد استعملها الإمام مسلم رحمه الله في خطبة كتابه (1/4)، واستدلّ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى " (16/304) بالآية، وبحديث أمّ سلمة، وبفعل الإمام مسلم؛ ليشير أنّ السّلف قد فعلوا ذلك.
وفي المقابل نفى هذه الصّفة الباقلاّنيّ، وأبو يعلى، والنّوويّ في " شرح صحيح مسلم "(1/46)، و(6/221) وذكر أقوالا في تأويلها.
والصّواب هو إثباتها؛ لأنّ العزم بمعنى الإرادة.
والله أعلم.