الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فالأصل أنّ للجنّ عالَمَهم، وللإنس عالَمَهم.
والّذي أدين الله به أنّه لا تحلّ الاستعانةُ بالجنّ ليدلّنا على مكان السّحر ونحو ذلك؛ لأنّه لا يُوثَق به ولا بخبره: فقد يكون كافرا أو فاسقا.
وقد حدثت حوادثُ كثيرةٌ في صدرِ الإسلام لم نسمع عن أحدٍ من الصّحابة ولا عن التّابعين أنّهم استعانوا فيها بالجنّ !
نعم، يرى فريق من أهل العلم جواز الاستعانة بالجنّ في معرفة مكان السّحر، بشروط قد أشرْتَ إليها.
لكنّ الصّواب ما قدّمت ذكرَه؛ وإنّ فتح مثل هذا الباب - خاصّة في زمن كثُر فيه الجهل وقلّت فيه الدّيانة - يعود على الأمّة بشرّ مستطير، وفساد كبير.
وما أكثر ما سمعنا من الحوادث يَعتمِد الرّاقي فيها على خبر الجنِّي، فكان من وراء ذلك قطعٌ للأرحام! وزرع للفتنة والشّحناء بين الأنام!
ولا شكّ أنّ هذه المسألة تدخل تحت الأمور الاجتهاديّة لسببن اثنين:
1- لانعدام النصّ المانع لها، أو الإجماع المنعقد على تحريمها.
2- أنّ هناك علماء ثقاتٍ أجلاّء لا توزن بهم أمّة بكاملها قالوا بجواز ذلك، فأدنى درجات القائل بالجواز أنّه متّبع لهؤلاء العلماء.
أمّا من يتكلّم ويطعن، فقد قال الله عزّ وجلّ:{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ}.
والله تعالى أعلم.