الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فالموعظة بعد الدّفن أمر مشروع، لأنّ الأصل هو جواز وعظ النّاس وتعليمهم وتذكيرهم في كلّ وقت، لا سيّما في أوقات إقبال النّفوس على سماع الموعظة والذّكرى.
وزيادةً على الأصل، فإنّه قد ثبت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه وعظ أصحابه وذكّرهم يوم الدّفن، روى الإمام أحمد وأبو داود عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ، فَرَفَـعَ رَأْسَـهُ فَقَالَ: (( اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ )) – مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا - ثُمَّ قَالَ: (( إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ ،نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ ...)) الحديث.
إلاّ أنّ العلماء يُنكِرون المواظبة على ذلك في كلّ دفن، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما واظب على ذلك، وإنّما كان يتخوّل النّاس بالموعظة خشية السّآمة عليهم.
لذلك، فإنّ بقاءكم أثناء الموعظة ليس فيه محظور، بما أنّ أصل الفعل مشروع، ويبقَى أن تنبّهوا الأخ الواعظ إلى السنّة في ذلك، وهو عدم المواظبة.
والله تعالى أعلم.