نصّ الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
فالأوقات المنهيّ عن الصّلاة فيها خمسة:
1- بعد صلاة الفجر حتّى ترتفِع الشّمس قِيدَ رُمح.
وقِيدُ الرّمح: حوالَي ربع ساعة بعد طلوعها.
2- بعد صلاة العصر حتّى تغرُب الشّمس.
والدّليل على هذين الوقتين ما رواه البخاري ومسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم (( نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ )).
ورويا أيضا عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ )).
وعلّة النّهي: أنّ الشّمس حال طلوعها وغروبها يسجد لها عُبّادُها، وحينها ينتصب الشّيطان في محاذاة مطلع الشّمس، حتّى إذا طلعت كانت بين جانبي رأسه.
ففي الصّحيحين قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ، وَلَا تَحَيَّنُوا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا؛ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ )).
3- عند استواء الشّمس في كبد السّماء. أي: قبل الظّهر بحوالَي ربع ساعة.
لما رواه مسلم عن عُقْبةَ بنِ عامرٍ رضي الله عنه قال:
( ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ ).
ومعنى ( قائم الظّهيرة ) إذا لم يكُن هناك ظلٌّ، وذلك عند استواء الشّمس في كبد السّماء.
وعلّة النّهي: أنّ جهنّم - أعاذنا الله وإيّاكم منها - تسجّر ذلك الوقت.
روى مسلم عن عمرو بنِ عبسةَ رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( ... ثُمَّ صَلِّ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّه حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ )).
إلاّ يوم الجمعة، فيجوز للمسلم التطوّع ذلك الوقت، حتّى يخرج الإمام ويصعَد على المنبر.
لما رواه البخاري عن سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رضي الله عنه قال: قالَ النّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:
(( لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى )).
4- إذا صعِد الإمام على المنبر يوم الجمعة.
فذلك لأنّ المسلم مأمورٌ حينها بالإنصات، فلا يشتغل بغير ذلك.
وللحديث السّابق: (( ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ )).
5- إذا أقِيمت الصّلاة المفروضة:
فقد روى مسلم عنْ أبِي هريرةَ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ )).
تنبيهان:
الأوّل: هذه النّصوص النّاهية كلّها تفيد التّحريم؛ لأنّه الأصل.
الثّاني: يُصلّي المسلم في هذه الأوقات إذا تذكّر الفريضة الفائتة، وكذا ذوات الأسباب من التطّوّع على الرّاجح، كتحيّة المسجد، وركعَتَي الوضوء، ونحوهما.
لأنّ النّصوص في ذوات الأسباب جاءت عامّة ولم يضعُف عمومها، من ذلك:
حديث بلال رضي الله عنه: حين قال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ ؟)) قالَ:" لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ " [متّفق عليه].
وحديث: (( إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ )) [متّفق عليه].
أمّا أحاديث النّهي فقد خُصَّت بجواز أداء الفريضة بها، وبحديث بلال رضي الله عنه، والنصّ إذا خُصّ ضعُف عمومُه.
هذا باختصار ما بتعلّق بهذه المسألة، والله الموفّق لا ربّ سواه.