أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- نشاط أهل الفتور !

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد يبدو عنوان هذه الكلمة لأكثرنا غريبا، ولِم لا، ونحن في زمن الغربة الثّانية ؟

وإن شئت فقل: ( عمل البطّالين ) الّذين لا ينهضون إلاّ للقعود، ولا يستيقظون إلاّ للرّقود، تعطّلت فيهم الحواس إلاّ اللّسان، وسلم منهم جميع النّاس إلاّ الخِلاّن.

وسنّة الله تعالى أنّ النّفس إن لم تشغلها بمحاسن الخلال شغلتك بمساوئ الفِعال، فهو عاطل إلاّ عن الباطل.

إنّهم ضحايا داء الفتور، وما أدراك ما الفتور ؟

- مظاهر التّزكية في التقرّب إلى الله بالأضحية.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّه لا تخلو عبادة من العبادات من الحكم الغالية، والمعاني السّامية، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. إلاّ أنّ معرفتها تُسبِغُ على القلب ثوب الطّمأنينة واليقين، وتحمل العبدَ إلى تحصيل ثمراتها في كلّ حين.

وإنّ في الأُضحية من الفوائد التّربويّة ما لا يمكن إحصاءه، ولا عدّه أو استقصاءه، ولكن بحسَب العبدِ من القلادة ما أحاط بالعنق.

فمن مظاهر تزكية النّفس من التقرّب إلى الله تعالى بالأضحية:

1- حياة الرّوح والقلب.

فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [لأنفال:24].

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

- وقـفـاتٌ مع أيّـامِ الطّاعـات

الخطبة الأولى: [بعد الخطبة والثّناء]

فقد بدأ نسيم أيّام الله تبارك وتعالى يختلج صدور المؤمنين، ونورها يضيء قلوب الموحّدين .. إنّها أيّام الفضائل والطّاعات، ما أعظمها عند ربّ الأرض والسّموات ! لذلك أهديكم هذه الكلمات، ملؤها العبر والعبرات، أسأل الله العظيم أن تكون خالصة من قلب أحبّكم في الله، لا يرجو إلاّ الاجتماع معكم على عبادة مولاه.

وخلاصة كلامنا اليوم في وقفات ثلاث:

أوّلا: أحوال النّاس هذه الأيّام .. ثانيا: بُشرى للصّادقين. ثالثا: فضل العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة.

-إِلَـى الَّذِيـنَ حَبَسَهُمُ العُـــذْرُ ..

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإلى الّذين حبسهم العُذر ..

إلى الّذين اشتعلت قلوبهم شوقا إلى بيت الله العزيز الغفّار، وحالت بينهم وبينه الصِّعابُ والأعذار ..

فليعلموا أنّهم غير محرومين، حالهم كحال من تعطّش للجهاد في سبيل ربّ العالمين، ولكن حبسهم العذر .. فقال الله تعالى في حقّهم:

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

- آدَابُ العِـيـدَيْـن.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ هذين اليومين من أيّام الله تبارك وتعالى، لذلك كان على المسلم أن يعلم الآداب الشّرعيّة، والأحكام العمليّة الّتي تتعلّق بهما. ومن ذلك:

1- وجوب تعظيمهما: وأنّهما يغنيان المسلمين عن كلّ عيد.

جاء في سنن النّسائي وأبي داود عن أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍرضي الله عنه قال:

كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ قَالَ: (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى )).

Previous
التالي

الجمعة 10 جمادى الثانية 1432 هـ الموافق لـ: 13 ماي 2011 04:54

- مداخل الشّيطان (3) التّـخـويـف (من الفقر، ومن الأذى)

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

3 جمادى الآخرة 1424هـ/ 1 أوت 2003 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاء متجدّد معكم معاشر المؤمنين، لنتحدّث عن مكايد العدوّ المبين، وحبائل الشّيطان الرّجيم .. فكم له في كلّ ساعة من صريع وجريح، وكم له في كلّ يوم من قتيل وذبيح ..

فيا من كُتِبْتَ في مُعَسْكر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، أترضَى لنفسك في كلّ يوم بهزيمة ؟! ثمّ تسارع في طلب الغنيمة ؟!

(( أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ ! أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ )).

أيّها الأحبّة في الله، إنّ من أعظم وأخطر مداخل عدوّ الله إبليس على العباد، ومن أفتك أسلحته المثيرة للفساد: التّخـويـف.

نعم أيّها المؤمنون، أن يُلقِي الشّيطان في قلبك الخوف، مصداقا لقول الله تبارك وتعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:175].

وينحصر موضوع خطبتنا هذه في ثلاث نقاط مهمّات:

1- بيان أنواع تخويف الشّيطان.

2- مظاهر تخويف الشّيطان لابن آدم من الفقر.

3- ما السّبيل للخلاص من هذا الخوف ؟

أوّلا: بيان أنواع تخويف الشّيطان.

ألا فاعلموا - عباد الله - أنّ تخويف الشّيطان نوعان: تخويف من الفقر، وتخويف من الأذى.

ولم تُهْدَم العقيدة والإيمان، ولم تُهجَر العبادة والإحسان بأكثر من هذين المِعْوَلَيْن ..

بذلك يقضِي الشّيطان على صفتين من أهمّ صفات المسلم التقيّ، ومن أحسن خصال المؤمن النّقيّ، وهما: الجود والإكرام، والشّجاعة والإقدام ..

فالجود والشّجاعة متلازمان، كما أنّ البخل والجبن متلازمان، فلا تجد أحدا بخيلا بمالِه إلاّ وهو يبخل بنفسه ! وقلّما تجد من يبخل بنفسه إلاّ وهو يبخل بماله !

لذلك كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتعوّذ من صفتي البخل والجبن، فقد روى أبو داود عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ له: (( قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ ))[1].

ولم يُعظّم شيءٌ في قلوب العرب - في الجاهليّة أو الإسلام - كما عُظّمت خصلتا الجود والشّجاعة !

وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سيّدها ومالك زمامها، روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَكَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم سَبَقَهُمْ عَلَى فَرَسٍ، وَقَالَ: وَجَدْنَاهُ بَحْرًا.

فبالجود والشّجاعة يستطيع المسلم أن ينقل كلمة الله في سائر البقاع: الجود يفتح القلوب والعقول، والشّجاعة تفتح البلدان والحقول ..

ولكنّ الشّيطان الرّجيم أبى إلاّ أن يقعد بطريق كلّ خصلة طيّبة، ليستبدل بها كلّ خصلة خبيثة.

وسنركّز اليوم حديثنا على:

التّخويف من الفقر ومظاهره.

يقول الله تعالى:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:268].

قال الإمام الثّوري رحمه الله:" ليس للشّيطان سلاح على الإنسان مثل خوف الفقر، فإذا وقع في قلب الإنسان مُنِع الحقّ وتكلّم بالهوى ".

وعلّمنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الاستعاذة بالله من الفقر كما نستعيذ بالله من الشّيطان الرّجيم لأنّه من أشدّ أسلحته فتكا؛ روى النّسائي وأبو داود وأحمد عن أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قال: إنّ رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ: (( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكُفْرِ، وَالْفَقْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ )).

ولكنّ الحقّ: أنّ الفقر ليس هو المصيبة العُظمى، فهو أمر قد يكتبه على ابن آدم، وما عليه إلاّ الرّضا والتّسليم، إنّما المصيبة أن يترك العبد فعل الخير، ويطرق أبواب الشرّ خوفا من الفقر، فقد روى البخاري ومسلم عن الْمِسْوَر بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( وَاللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ )).

وصدق الله القائل:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزّمر:36].

وإليكم بعضَ:

مظاهر تخويف الشّيطان من الفقر:

1-الكسب الحرام، فلم يعُد المرءُ اليوم يدري ولا يبالي من أين يكتسب المال، أمن الحلال أم من الحرام ؟ وما نشرت الرّشوة حبالها، وما فتحت المعاملات الرّبوية أبوابها، إلاّ خشية الفقر .. ولا تجد الرّجل اليوم يبيع الألبسة العارية، والسّلع المحرّمة إلاّ خشية الفقر، حتّى وصل ببعض المسلمين أن يؤجّر دكانه ومحلّه لأيّ شيء ! المهمّ هو الرّبح السّريع على حدّ زعمه.

{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:268].

فأيّ القولين أصدق، وأيّ الواعدين أوفى ؟ {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً} [النساء:120].

ألا فلنعلم .. ألا فلنستمع إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول: (( إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ )) [الترمذي والنسائي وأحمد].

2-ظاهرة تحديد النّسل، وهو في الحقيقة وأد وقتل للأولاد، وهو محرّم قطعا، وهو مرتبتان:

الأولى: أن يكون تحديد النّسل خشية كثرة الأولاد فلا يراقبهم، فهذا معارض لرغبة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقد روى أبو داود عن معقل بن يسار أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال له: (( تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ )).

والمرتبة الثّانية: أن يكون تحديد النّسل خشية الفقر، كأن يقول: من أين لي أن أطعمهم ؟ وأكسوهم ؟

فهذا يُتلَى عليه قول ربّ العزّة سبحانه وتعالى:{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [الأنعام: من الآية151]، فهذه الآية تتحدّث مع الفقير، لذلك بدأ الله بضمان رزقه قبل رزق الولد، وهناك آية أخرى تتحدّث مع الغنيّ يخشى الفقر:{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً} [الإسراء:31]؛ لذلك بدأ بضمان رزق الولد قبل رزقه.

أمّا تنظيم النّسل كأن يجعل مدّة وفترة بين الولادتين، فلا بأس به إن كان السّبب هو مراعاة صحّة الأمّ وقدرتها على التّربية، وغير ذلك.

المهمّ أنّ هذه الظّاهرة الجاهليّة وهي ترك الإنجاب خشية الفقر، فاشية في مجتمعاتنا، والله المستعان، وأصل الفكرة: بذرة غرستها الماسونيّة في ببلاد المسلمين؛ إذ من تعاليمهم ومبادئهم: تحديد نسل المسلمين.

3- عزوف الشّباب عن الزّواج: فترى أكثر شبابنا اليوم القادر على الباءة: له مسكن يؤويه، ومصدر رزق يقتات منه، ومع ذلك تسمعه يتردّد ويشكّ في رزقه غدا !

ويا ليت الأمر وقف عند هذا الحدّ ! فتراه بدلا من أن يحصّن نفسه بالزّواج، يلجأ إلى بنيّات الطّريق، فلا يغضّ بصره، وربّما قاده ذلك إلى الاستمناء المحرّم، وكأنّ الآية نزلت فيه:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ}.. يخوّفه الفقر، ويأمره بالنّظر المحرّم، وبالاستمناء المحرّم !

هذا فيما يخصّ الشّباب الحريص على الدّين، أمّا أولئكم الذين خرجوا عن طاعة ربّ العالمين، فتراهم لا يتورّعون من الوقوع في أوحال الزّنا واللّواط والعياذ بالله.

4- رفض الأولياء للخطّاب الصّالحين، فهذه ظاهرة نلحظ انتشارها وذيوعها؛ فصار جلّ الآباء والأمّهات لا همّ لهم إلاّ صاحب الدّرهم والدّينار.

وسيرتقي بهم الأمر إلى أن لا يقبلوا إلاّ بالتّاجر ذي الرّبح السّريع ! كما حدث في بعض البلدان العربيّة، حيث تقدّم شابّ لخطبة فتاة، فلمّا أخبر أهلَها أنّه موظّف في مؤسّسة حكوميّة، قيل له: لا بأس، الشّغل ليس عيبا !

وهذا ما صدّ الشّباب عن الزّواج حتّى أضحى لديهم من الأمور الغيبيّة التي يؤمن بها دون تمثيل ولا تكييف ..

وفي الوقت نفسه نلحَظ نسبة العُنوسة تزداد يوما بعد يوم !

فيا أيّها الوليّ .. أيّتها الأمّ .. إيّاكَ وإيّاكِ أن تكونا من جند إبليس الذين خوّفهم من الفقر، فأغلقا بابا من أبواب حصانة الشّباب ! واستمِعا إلى الحبيب محمّد صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول: (( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ )).

5- خروج المرأة للعمل، وهذه طامّة هذا العصر ! فصار أكثر المسلمين اليوم يسمحون لبناتهم بالعمل مطلقا دون قيد أو شرط !

وكان ينبغي على الأقلّ أن يختار لها عملا لا يتنافى مع شرفها وكرامتها، فإن أبى أحدُنا إلاّ أن تعمل ابنتُه، فلا بدّ أن يُجنّبها أماكن الاختلاط بالرّجال، وأن يصحبها إلى مقرّ عملها ذهابا وإيابا.

ولكنّه خوف الفقر وحبّ المال، أعمى الكثير من الرّجال !

روى الإمام أحمد عن ابن مسعود عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ تَسْلِيمَ الْخَاصَّةِ، وَفُشُوَّ التِّجَارَةِ، حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ، وَقَطْعَ الْأَرْحَامِ، وَشَهَادَةَ الزُّورِ، وَكِتْمَانَ شَهَادَةِ الْحَقِّ، وَظُهُورَ الْقَلَمِ )).

ولا يفلح قوم خرجت المرأة فيهم للعمل، فهو يدلّ على أمرين:

إمّا أنّ المرأة في حاجة للعمل، وانعدمت الرّجولة، وقلّت الفحولة، وما عادوا يعينون الأرامل والأيتام !

أو أنّ المرأة مفتونة بنفسها ترضى بالخروج، ولا رادع لها، ولا ممسك لعنانها.

المهمّ أنّ هذه مظاهر تراها أعيُنُنا كلّ يوم، وكلّها ناتجة من خوف الفقر، فصارت قرّة عين للشّيطان الرّجيم، ومن أعظم ما يُسخِط الله العظيم، نسأل الله العافية من كلّ سوء، والعفو عن كلّ إثم، إنّه غفور رحيم، عفوّ كريم.

الخطبة الثّانية:

الحمد لله على إحسانه، وعلى جزيل نعمه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلاّ هو وحده لا شريك له توحيدا له وتعظيما لشانه، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله الدّاعي إلى سبيله ورضوانه، اللّهمّ صلِّ عليه وسلّم وبارك وزِد وعلى أصحابه وآله، وعلى كلّ من اقتفى أثره وسار على منواله، أمّا بعد:

إخوتي الكرام ..

فإنّه قد بان لنا جليّا أنّ أعظم ما نراه من الفساد اليوم ناجم عن تعظيم المال، وخشية الفقر من دون الله ذي الجلال، فأضحى لزاما علينا أن نذكر أمورا تعيد الأمور إلى نصابها، ونأتي من خلالها البيوت من أبوابها، ألا وهي الأمور الجالية للرّزق الحلال، الطيّب العذب الزّلال.

فإنّ الله تعالى ما أنزل من داء إلاّ وجعل له دواء إلاّ الموت .. وإنّ الله تعالى ما سلّط الشّيطان إلا على من أعرض عن ذكره وتقواه، وأغفل نداءه ودعواه .. فاعلموا أنّ هناك أسبابا تجلب الرّزق الحسن والحلال، ونذكر بعضها:

1- الدّعاء: بل الإكثار من الدّعاء ..

فما عُبِد الله تعالى قط بمثل الدّعاء وهو القائل سبحانه:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: من الآية60]، وقال:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].

ومن الأدعية الثّابتة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

- ما رواه التّرمذي عن عليٍّ رضي الله عنه أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي ! قَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ ؟ قَالَ: قُلْ: (( اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ )). [جبل صير:هو جبل بطيء].

- وروى ابن ماجه وأبو بكر بن أبي شيبة في " الإيمان " عن أمِّ سلمةَ رضي الله عنها أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقول إذا صلّى الصّبح حين يسلّم: (( اللَّهُمّ إِنّي أَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً، وَرِزْقاً وَاسِعاً، وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً )).

2- التوكّل على الله: فالتوكّل رأس الأمر كلّه، لأنّه مبنيّ على الثّقة، وما أقبح أن تقلّ ثقتك بالله الواحد الأحد !

قال تعالى:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر:36]. وقال عزّ وجلّ:{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} [النساء: من الآية81]، وقال سبحانه:{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [هود:123]، وقال:{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً} [الفرقان:58]، وقال عزّ من قائل:{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} [الشعراء:217].

وكيف لا تتوكّل عل الله، وأنت تسمع قول الله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود:6] ؟!

كيف لا تتوكّل عل الله، وأنت تسمع قول الله عزّ وجلّ:{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)} [الذّاريات] ..

سمع أحد الأعراب هذه الآية فقال: من ذا الّذي أغضب الجليل حتّى ألجأه إلى اليمين ؟! ثمّ مات ..

فقضيّة الرّزق قضيّة مسلّمة كقضيّة الخلق، فكما أنّه لا يمكن أن يشكّ المرء في أنّ الله هو خالقه، فلا ينبغي أن يشكّ أنّ الله هو رازقه.

ولكنّ الله لم يجعل رزقنا فيما حرّم علينا ..

يقول إبراهيم بن أدهم رحمه الله: كان هناك هرّ ناولْتُه قطعة من اللّحم، فإذا به يذهب بها، فتبعته، حتّى رأيته قد وضعها أمام جحر ! فما لبث أن خَرَجَتْ منه أفعى قد ضُرِبَتْ عيناها فعميت، فقلت: سبحان من يرزق الأعداء بعضهم ببعض !

3- ومن أسباب الرّزق الحلال أيضا: صلة الأرحام، فهي من أعظم القربات لربّ الأرض والسّماوات.

روى البخاري ومسلم عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )).

4-طلب العلم، فقد روى التّرمذي عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم وَالْآخَرُ يَحْتَرِفُ، فَشَكَا الْمُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ )).

5-وجماع الخير كلّه: حسن الظنّ بالله، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: (( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ))، وفي رواية أحمد: (( فليَظُنَّ بِِي عَبْدِي مَا شَاءَ )).



[1] اختُلِف في صحّته، وأكثر العلماء على تحسينه، والله أعلم.

أخر تعديل في الجمعة 10 جمادى الثانية 1432 هـ الموافق لـ: 13 ماي 2011 04:58

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.